كـتـاب ألموقع
مشروع قانون الموازنة العامة للسنوات 2023-2025: ملاحظات وتساؤلات ومقترحات// احمد موسى جياد
- المجموعة: احمد موسى جياد
- تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 28 نيسان/أبريل 2023 18:53
- كتب بواسطة: احمد موسى جياد
- الزيارات: 1291
احمد موسى جياد
مشروع قانون الموازنة العامة للسنوات 2023-2025:
ملاحظات وتساؤلات ومقترحات
احمد موسى جياد
استشارية التنمية والأبحاث/ النرويج
تجري حاليا مناقشة مشروع القانون أعلاه من قبل أعضاء مجلس النواب وخاصة اللجنة المالية. وللمساهمة في الحوار الوطني في هذا الموضوع المهم فقد قمت بإعداد هذه المداخلة، التي تركز بشكل أساسي على الشأن النفطي مع إشارات موجزة لمواضيع مؤثرة أخرى.
ترتب عن مراجعتي هذه العديد من الملاحظات التي شخصت كثيرا من العيوب والهفوات والاشكاليات والنواقص، وأثارت تساؤلات مؤثرة ومشروعة لا بد من توضيحها والاجابة عليها، ثم قدمت المقترحات العملية الممكنة التطبيق لمعالجة ما تم تشخيصه.
ارجو مخلصا ان يطلع أعضاء مجلس النواب على هذه المداخلة، واعتقد انه من الضروري والعاجل جدا ان يقوم مجلس النواب باستضافة المسؤولين المتخصصين (وليس الوزراء او وكلائهم) من كل من وزارات النفط والمالية لتوضيح ومناقشة والتأكد من دقة المعلومات والبيانات (على قدر تعلق الامر بالشأن النفطي) قبل إقرار مشروع قانون الموازنة.
اعتمتُ في اعداد هذه المداخلة على ما ورد في الوثائق التي تضمنها وأشار اليها كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء- دائرة شؤون مجلس الوزراء واللجان رقم 13075 في 16 اذار 2023؛ وهذه الوثائق هي قرار مجلس الوزراء ومشروع قانون الموازنة والاوليات ذات العلاقة (وهي بيان الموازنة العامة، وتقرير الدين العام، والحساب الختامي لغاية تشرين ثاني 2022 وجداول الانفاق الفعلي، والايرادات الفعلية لسنة 2022، والامن الغذائي والجداول الاحصائية. النسخة الالكترونية لكتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء تتكون من 161 صفحة.
وقد استرشدت في تحليلي بالمواد ذات العلاقة في الدستور العراقي وقانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 والبيانات الإحصائية الرسمية لشركة سومو/وزارة النفط وقانون ضريبة الدخل على الشركات النفطية الأجنبية رقم (19) لسنة 2010 والى التجارب السابقة لقوانين الموازنة السنوية وغيرها.
الإقرار "الشكلي" لمشروع قانون الموازنة من قبل مجلس الوزراء، غير قانوني
التسلسل الزمني يثير تساؤلات مهمة ومشروعة عن مدى جدية، او عدمها، لكل من الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومجلس الوزراء ذاته في مناقشة ومراجعة ما ورد في مشروع قانون الموازنة والوثائق المتعلقة بها. فكتاب وزارة المالية الى الأمانة العامة كان بتاريخ 12 اذار وكتاب الأمانة العامة الذي أحال مشروع قانون الموازنة الى مجلس النواب كان بتاريخ 13 اذار؛ أي يوم واحد فقط! فهل يعقل ان وثيقة يبلغ عدد صفحاتها 161 صفحة وتتضمن معلومات كثيرة وبيانات وجداول عديدة ونصوص قانونية يفترض التأكد من دقة وصحة صياغتها وتناسقها .. يتم إقرارها بهذه الطريق! المنطق والممارسات العملية تشير بدون شك الى ان معالجة كل من الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومجلس الوزراء كانت شكلية وبأبسط اشكالها وتنحصر في "استلام وتسليم" دون ان يكون لاي منهما دورا فاعلا في مناقشة مضامين ومحتويات تلك الوثائق واهمها مشروع قانون الموازنة. هذا، بنظري المتواضع، خلل اجرائي جوهري وخاص ما يتعلق بمشروع قانون الموازنة لثلاث سنوات!!
قرار مجلس الوزراء ذاته المتخذ يوم 13 اذار ينص على "اقرار" و"احالة" فقط، وليس فيه اية إشارة الى استعراض ومناقشة ما ورد في مشروع القانون والاوليات ذات العلاقة او اية ملاحظات عليها. وهذا يخالف المادة (11) من قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 التي تلزم مجلس الوزراء "مناقشة" مشروع القانون قبل اقراره واحالته.
وفي الوقت الذي اقر فيه مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة في يوم واحد فقط، احتاجت الأمانة العامة لمجلس الوزراء ثلاثة أيام لإحالة الموضوع الى مجلس النواب في 16 اذار؛ أي العمل والمهام الروتينية الاعتيادية تستغرق ثلاثة اضعاف الوقت الذي خصص لما يفترض ان يكون مهام أساسية حساسة ومؤثرة. فهل الاولويات مقلوبة الى هذا الحد الغريب؟؟
يضاف الى ما تقدم وجود تباين كبير وغريب ومؤثر وغير قانوني: يشير كتاب وزارة المالية بتاريخ 12 اذار الى "مسودة مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام/2023 " بينما يشير كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء بتاريخ 16 اذار الى "مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية ... للسنوات المالية 2023 و2024 و2025 "، علما ان المادة (65) من مشروع القانون حدد ضوابط شمول موازنات 2024 و2025. وفي هذا المجال اود تسجيل الملاحظات التالية:
1- ان إضافة سنتين من قبل مجلس الوزراء يعد مخالفة صريحة للمادة (1- ثانيا) في قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 التي حددت الموازنة العامة الاتحادية "لسنة مالية واحدة".
2- كيف يمكن إضافة سنتين ماليتين دون حتى مناقشة مسودة مشروع القانون لسنة واحدة.
3- لم يذكر كتاب الامانة العامة الى مجلس النواب بتاريخ 16 اذار أي شيء عن مبررات ومتطلبات وقانونية هذه الإضافة المؤثرة.
4- تشير المادة (3) من قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 الى قيام وزارتي المالية والتخطيط في كل عام باعداد توقعات وتنبؤات لثلاث سنوات قادمة او أكثر للاسترشاد وإعادة النظر بها عند اعداد الموازنات السنوية المستقبلية. وهذا يعني ضرورة التمييز بين الصفة الالزامية للفقرات التنفيذية في مشروع الموازنة السنوية والفقرات الاسترشادية، وعليه من غير المقبول إضفاء الصفة الإلزامية على الفقرات الاسترشادية؛ وهذا هو الخطأ في قرار مجلس الوزراء المشار اليه أعلاه.
يعتبر قانون الموازنة الاتحادية من اهم الأدوات الدستورية والقانونية والمالية المؤثرة بشكل مباشر وكبير وفعال على الاقتصاد والمجتمع العراقي، ولا يجوز ان يتم التعامل معها بهذه السطحية والشكلية من قبل الأمانة العامة لمجلس الوزراء والمجلس ذاته، وانه من المستغرب جدا ان يوافق اعضاء مجلس الوزراء والمعنيين في الأمانة العامة، من خبراء ومستشارين، على هذا الموضوع دون اية مناقشة جدية؛ اهي قناعة ام خنوع ام عدم اكتراث ام ماذا؟؛ وأين ذهب الالتزام باليمين الدستورية التي اداه رئيس وأعضاء مجلس الوزراء (حسب المادتين 50 و79 من الدستور)؟!!
وعليه اقترح على مجلس النواب التدقيق جيدا بمتطلبات وصياغة المادة (65) من مشروع القانون، خاصة وان الظروف الدولية غير مستقرة مما يجعل احتمالية ومخاطر اللايقين مرتفعة في هذا العام والعام القادم على وجه الخصوص.
الشأن النفطي في مشروع قانون الموازنة
تناول مشروع قانون الموازنة الشأن النفطي في اكثر من مادة سأناقشها بإيجاز.
أولا: عوائد الصادرات النفطية.
تم احتساب هذه العوائد على أساس سعر التصدير بواقع 70 دولار للبرميل ومعدل تصدير قدره 3.5 مليون برميل يوميا بضمنها 0.4 مليون برميل من نفط الإقليم، وسعر صرف 1300 دينار للدولار (المادة-1- ب).
في ضوء المعلومات والبيانات الإحصائية يمكنني القول ان بإمكان العراق (عدا الاقليم) تصدير 3.1 مليون برميل يوميا وهذا ما تؤكده بيانات شركة سومو منذ شهر تشرين اول/أكتوبر 2021 ولحد الان. اما ما يتعلق بنفط الإقليم فجميع الشواهد السابقة تشير الى عدم التزام حكومة الإقليم ببنود قوانين الموازنات السنوية السابقة. فهل تلتزم هذه المرة؟ الأيام بيننا.!
وفيما يتعلق بمعدل سعر النفط المصدر البالغ 70 دولار للبرميل فانه اقل بقليل من معدل سعر التصدير الفعلي خلال الربع الاول من هذا العام. ولكنني احذر بان الاتجاه العام لسعر تصدير النفط العراقي كان تنازليا وباستمرار منذ شهر حزيران 2022 ولغاية تاريخه، مما يعني ارتفاع عنصر اللايقين في تحقق 70 دولار للبرميل خلال بقية هذا العام. يضاف الى ذلك ان سعر تصدير نفط الإقليم يقل عن سعر تصدير سومو بواقع 7.05 دولار للبرميل (خلال الفترة المحصورة بين شهري كانون الثاني لعامي 2017 و2020)، ومن المهم في هذا السياق الاخذ بنظر الاعتبار كلفة النقل العالية لنفط الإقليم الى موانئ التصدير التركية. وهذا يقود باحتمالية عالية الى عدم تحقق سعر 70 دولار للبرميل لكل النفط العراقي المصدر بضمنه نفط الإقليم، مما يعني انخفاض عائدات التصدير عما هو مذكور في قانون الموازنة بشكل كبير. وأخيرا هل قامت وزارة المالية الاخذ بنظر الاعتبار الخلاف بين حكومة الإقليم والشركات النفطية الدولية العاملة في الإقليم بشأن أسس ونفط الإشارة المعتمد في تسعير نفط كردستان واحتساب حصص الأطراف المعنية بعقود المشاركة في الإنتاج.
اضافة لكل ذلك من المهم التأكيد على ان أسعار النفط الدولية تتعرض باستمرار الى التأثر بمجموعة من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية الدولية، وما اكثرها في الامدين القصير والمتوسط.
وما يتعلق بسعر صرف الدينار مقابل الدولار بواقع 1300 دينار فهذا، بنظري، قرار "رسمي"، ستبين الأيام مدى تطابقه او تباينه مع سعر الصرف الفعلي في السوق الداخلية. فكلما ازدادت الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق باتجاه الأخير كلما ازداد حجم العجز الفعلي في الموازنة، مالم تكون الزيادة في اسعار النفط عالية بما فيه الكفاية للتعويض عن تأثير تلك الفجوة. لم أجد في مشروع قانون الموازنة ولا في بيان الموازنة العامة الاتحادية لوزارة المالية معالجة لهذا الموضوع المهم.
ثانيا: حصة الإقليم من الموازنة العامة
تناولت المادة (12) هذه الحصة في ضوء فقرات "النفقات الحاكمة" و"النفقات السيادية"، ويدرج جدول المذكرة الداخلية في وزارة المالية (ص 53) تفاصيل مهمة تتضمن مفردات وكيفية احتساب حصة الإقليم.
انني اعتقد بان الجدول بحاجة الى توضيحات للمفردات الواردة فيه، لان تحليل ما ورد فيه من ارقام تقود الى مزيد من الأسئلة والنتائج المختلفة. فمثلا تقود ارقام الجدول الى زيادة حصة الإقليم بواقع 3.134 نقطة مئوية لتصبح 15.8 % وليس 12.67%، وانني اعتقد بان حصة الإقليم ستصبح بالمحصلة النهائية اكثر من 15.8%!!!.
يضاف الى ذلك، انني اعتقد ان تفاصيل المذكرة المذكورة بحاجة ماسة الى التدقيق للتأكد من صحة التقديرات ذاتها وما يترتب عليها.. فمثلا من خلال ما ورد بفقرة "كلفة انتاج الإنتاج والتصدير للنفط الخام من قبل الاقليم" ان كلفة البرميل تبلغ 12.9 دولار، على أساس تصدير 400 ألف برميل يوميا وسعر صرف 1300 دينار للدولار. ولكن ماهي المتغيرات التي اعتمدتها وزارة المالية في تقديراتها: كلفة الإنتاج وحصة الشركات الأجنبية من "نفط الربح" لعقود المشاركة في الإنتاج، كلفة النقل (بالانبوب والشاحنات) من الحقول الى الحدود العراقية التركية، رسوم المرور المدفوعة الى تركيا (وتعادل تقريبا ضعف ما يدفعه العراق بموجب اتفاقية الانبوب مع تركية) وكلفة النقل بالانبوب الى ميناء التصدير. وهل ايدت وزارة النفط الاتحادية صحة هذه التقديرات وصواب منهجيتها؟؟ ان قبول واعتبار كلفة البرميل 12.9 دولار، او جزء منها، ضمن النفقات السيادية مخالفة صارخة لا يجوز مطلقا قبولها او السكوت عنها وادعو أعضاء مجلس النواب الى رفضها بشكل مطلق خلال مناقشاتهم الحالية لمسودة مشروع قانون الموازنة.
كذلك وردت في الجدول فقرة "المساهمة في كلفة انتاج النفط الخام المصدر"، فما المقصود بكلمة المساهمة، وهل المبلغ المخصص لهذه الفقرة يتعلق بكلفة انتاج وتصدير 3.5 مليون برميل يوميا (بضمنها نفط الإقليم، وعندها تكون الكلفة 1.62 دولار/برميل) او انتاج وتصدير 3.1 مليون برميل يوميا (بدون نفط الاقليم، وعندها تكون الكلفة 1.82 دولار/برميل)؟؟ ثم ما هو المقصود بتعبير "كلفة انتاج وتصدير" الكميات المذكورة أعلاه؟؟ وما الفرق بينها وبين فقرة "كلفة انتاج الإنتاج والتصدير للنفط الخام من قبل الاقليم" المذكورة أعلاه والفرق الهائل بين تقديرات كلا الفقرتين!!
انني ااكد جازما ان كلفة انتاج البرميل، سواء كانت في الحقول الموجودة في الإقليم او في المحافظات العراقية الأخرى المنتجة للنفط أكثر بكثير من المعدلين المحسوبين أعلاه. فكلفة انتاج وتصدير البرميل في الإقليم تتحدد بأربعة عوامل أساسية: الكلفة الراسمالية، حصة الشركات الأجنبية من "نفط الربح"، كلفة النقل ورسوم المرور الى موانئ التصدير والكلفة التشغيلية. وكلفة انتاج نفط جولات التراخيص الأربعة لوزارة النفط الاتحادية تتحدد بالكلفة الراسمالية واجور الخدمة للشركات الأجنبية والتكاليف التشغيلية. اما كلفة الانتاج بالجهد الوطني فتتحدد بالكلفة الراسمالية والكلفة التشغيلية. وتوجد منهجيات في احتساب كلفة الإنتاج في حالة توفر البيانات المطلوبة والدقيقة. فهل تملك وزارة المالية هذه البيانات وان كانت كذلك فلماذا لم تستخدمها ولم تنشرها!!!؟؟؟
يتضح مما تقدم ان التلاعب في فقرات "النفقات الحاكمة" و"النفقات السيادية" قد أدت، او كان هدفها الضمني، هو إخفاء الحصة الفعلية للإقليم. وكما نبه اليه الأخ الأستاذ المهندس ماجد علاوي في هذا الخصوص، هو تحميل مواطني المحافظات الأخرى أعباء ما يحصل عليه الإقليم من إعفاءات في فقرات “النفقات الحاكمة" و"النفقات السيادية" وهذا يتعارض مع الدستور الذي ضمن المساوات بين العراقيين دون تفضيل بعضهم على حساب البعض الاخر.
اقترح على أعضاء مجلس النواب التنبه الشديد وتحديد قيم الفقرات التي تمثل تخصيصا ماليا للإقليم في جميع فقرات "النفقات الحاكمة" و"النفقات السيادية" واحتسابها ضمن حصة الإقليم البالغة 12.67% .
ثالثا: معالجة انتاج وتسويق نفط الاقليم
تتناول المواد (13) و(14) من مسودة مشروع قانون الموازنة القضايا الأساسية المتعلقة بالعلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم. بعد تدقيق ما ورد في المادتين أعلاه اود تسجيل الملاحظات التالية قبل البدء بتناول مضامين وتبعات ما ورد في هذين المادتين.
ان ما ورد في مشروع قانون الموازنة يشكل استمرارا فعليا للممارسات السابقة التي تتسم بالإذعان والترضية لمصلحة اوليكاركية الإقليم؛ العائلات الحاكمة ومن حولهما. وهذا جزء من "حوكمة اللصوصية- كلبتوكراسي" لنظام المحاصصة الذي بدد عوائد صادرات النفط ولم يحقق التنمية المستدامة المنشودة.
وما ورد يعتبر تجاهلا لقرارات المحكمة الاتحادية العليا الأخيرة التي تقر بعدم دستورية تشريعات وممارسات حكومة الإقليم وعدم شرعية عقود الإقليم النفطية. وبما ان قرارات المحكمة باتة ونهائية وملزمة التنفيذ، فان تجاهلها او الالتفاف عليها يعتبر مخالفة دستورية يجب الوقوف ضدها بحزم وبأسرع وقت.
كما يشكل ما ورد في مشروع قانون الموازنة اضعافا للنجاح الجزئي الذي حققه العراق من خلال قرار التحكيم الدولي لغرفة التجارة الدولية في باريس في القضية المرفوعة ضد تركيا والمتعلقة باتفاقية أنبوب النفط العراقي التركي. يجب ان لا يسمح بتمرير ما يؤثر سلبا على المصلحة العراقية ويشكل سابقة خطيرة ستكون لها تبعات سلبية كبيرة وكثيرة؛ الم تتعظ الحكومة من دروس وتجربة قضية التحكيم الدولي لغرفة التجارة الدولية في باريس!!
اعود الان لمناقشة مضامين المواد (13) و(14) من مشروع قانون الموازنة
التزامات غير متماثلة وغير متبادلة. في الوقت الذي تلتزم فيه الحكومة الاتحادية بتسديد مستحقات الإقليم شهريا (المادة 13-ج) لا تلتزم حكومة الإقليم بتسديد أي من عوائد صادراته النفطية الى الحكومة الاتحادية، ولكن تلك العوائد "تقيد دفتريا" لصلح الخزينة الاتحادية (المادة 13-ا). هذا تكرار لالتزامات سابقة اثبتت الوقائع عدم وفاء حكومة الإقليم بها، الم تتعلم الحكومة الاتحادية الدرس. وعليه اقترح تغيير هذه الفقرات لتؤدي الى الالتزام الفعلي التام المتبادل وفق إطار زمني محدد شهريا او فصليا عملا بمبدأ "ادفع – ندفع/ او سدد- نسدد" ويشمل العوائد النفطية والغازية وغير النفطية والغازية المتحققة للإقليم . وكفى مماطلة!
حساب مصرفي واحد مبهم. يتم بموجب المادة (14) فتح حساب مصرفي واحد تودع فيه "جميع الإيرادات المتأتية من تصدير او بيع النفط الخام ومشتقاته.."، "للنفط المنتج من حقول الإقليم". توجد لدي ملاحظات عديدة على ما ورد في هذه المادة السيئة والمتعلقة بالحساب المصرفي المقترح. ولكن اسوء ما فيها هو عدم ممارسة الحكومة الاتحادية أي دور في قرارات السحب او الصرف او الاعتراض على السحب من الحساب المقترح. وعليه اقترح على مجلس النواب الطلب من البنك المركزي العراقي دراسة هذا الموضوع وفتح الحساب المصرفي الموحد الذي تودع فيه عائدات الإقليم المالية وتحديد اليات الإيداع والسحب من الحساب وان يكون للحكومة الاتحادية دورا في اقرار الصرف من الصندوق بحدود معينة.
استمرار التنفيذ لحين "نفاذ قانون النفط والغاز". يستمر تنفيذ الفقرات أولا الى خامسا من المادة (14) لحين تشريع وتنفيذ قانون النفط والغاز!! يبدو ان من زج قانون النفط والغاز في مشروع الموازنة السنوية لا يعلم ان المسودة الاولى لقانون النفط والغاز قدمت في شهر تموز 2006، ولحد تاريخه توجد على الأقل أربع مسودات مختلفة، وان تطورات كثيرة ومهمة ومؤثرة منذ لك التاريخ عقدت وبشكل كبير جدا إمكانية التوصل الى القانون المعني او حتى الحاجة اليه. ومن الجدير بالذكر ان حكومة الإقليم لعبت دورا مهما في عرقلة تشريع القانون في حينه؛ الشواهد عديدة وموثقة وكتب عنها الكثير. فلملذا تكرار نفس التجربة وتوقع نتائج مختلفة!!!!!!!! اقترح الغاء الفقرة خامسا.
عودة "سلطوية الرجل الواحد"، غير دستورية. تشير المادتين خامسا وسابعا من المادة (14) الى تشكيل لجنتين مختلفتين بين الحكومتين الاتحادية والاقليم لمناقشة القضايا السابقة والعالقة ويتخذ رئيس مجلس الوزراء الاتحادي القرار بشأن تلك القضايا. بقناعتي يعتبر هذا الامر خطيرا للغاية ويفتح الباب واسعا لتسلط الرجل الواحد واستغلال موقعه لأغراض سياسية-مصلحية، وفوق كل ذلك يعتبر تجاوزا صارخا على الدستور الذي يخول مجلس الوزراء ولم يخول رئيس المجلس (الفصل الثاني- الفرع الثاني: مجلس الوزراء). كما وانه يعتبر تجاوزا على اختصاص وصلاحيات المحكمة الاتحادية العليا التي خولها الدستور حسم الخلافات في تنفيذ القوانين (المادة 93) من الدستور. وعليه يجب الغاء الاشارة الى دور رئيس مجلس الوزراء والاستعاضة عنها بإحالة الموضوع الى المحكمة الاتحادية العليا لحسمه.
رابعا: مستحقات البترودولار
تناول مشروع قانون الموازنة هذه المستحقات في المادة (-2- اولا) الفقرات (5-ا، ب، ج) و(7)؛ وقد ربط هذه المستحقات بسعر النفط الخام المحدد بهذه الموازنة- أي 70 دولار للبرميل او البرميل المعادل.
اعتقد ان ربط مستحقات البترودولار بسعر النفط "المعتمد-المخطط" وليس بسعر النفط "الفعلي-المتحقق" غير صحيح ويساهم في خلق التزامات مالية في حالة انخفاض الأسعار الفعلية عن الأسعار المخططة ومما يساهم في تضخيم العجز الفعلي في الموازنة. إضافة الى ان عدم ذكر احتمالية عدم تحقق الاسعار التخطيطية يولد إشكالية قانونية/ تشريعية تتمثل بالسؤال هل يجوز تخصيص مستحقات البترودولار ان كانت الاسعار الفعلية اقل من الأسعار التخطيطية للنفط الخام.
وعليه اقترح حذف العبارة (بالسعر المحدد بالموازنة العامة) الواردة في المادة (-2- أولا-فقرة- 5-ا)
خامسا: ضريبة الدخل على شركات النفط الأجنبية. أشار مشروع قانون الموازنة الى هذا الموضوع في المادة (51)، واعتقد ان ما ورد في هذه المادة غير دقيق على قدر تعلق الامر بالشأن النفطي:
ان الإشارة الى قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 2008 المعدل غير صحيح والمفروض هو الإشارة الى قانون ضريبة الدخل رقم (19) لسنة 2010.
ان قانون رقم (19) لسنة 2010 ينطبق على "شركات النفط الأجنبية" وليس فقط على "شركات التراخيص النفطية"، كما نصت عليه المادة (51) من مشروع قانون الموازنة المقترح.
وعليه اقترح إعادة صياغة المادة (51) توخيا للدقة في صياغة النص القانوني وتجنبا لما يترتب عن عدم الدقة في النص من تباين التفسيرات والإشكالات التنفيذية.
سادسا: ملاحظات ومقترحات مقتضبة أخرى
يتضمن مشروع قانون الموازنة العديد من "الصناديق" الجديدة والقائمة فعلا لأغراض عديدة وتخصيصات مالية متباينة. اقترح قيام وزارة المالية والوزارات المعنية ذات العلاقة باعداد دراسة تفصيلية تشمل جميع تلك الصناديق لتقييم جدواها وكفاءة عملها وضمان عدم سوء استخدامها وتشخيص فجوات الفساد في نشاطاتها والتزامها بمعايير الشفافية بنشر تقرير دورية منتظمة عن إنجازاتها وغيرها من المسائل المتعلقة بهذه الصناديق.
الوثائق المرفقة والمرسلة من قبل وزارة المالية تكرر الإشارة الى "بعبع 2030- نهاية دور النفط في موازنة الطاقة الدولية!!"، الذي اعتمدته حكومة الكاظمي وخاصة وزيري النفط، احسان إسماعيل، ووزير المالية د.علي علاوي، رغم ان التطورات الدولية تشير الى افق زمني ابعد من 2050. اقترح إعادة النظر في تحليلات تلك الوثائق بما يعكس التطورات والواقع الحالي وافاقه المستقبلية والتي تطغى عليها الكثير من اللايقين.
من الغريب ان تخلط وزارة المالية بين الصندوق العراقي للتنمية (وهو صندوق جديد -المادة 54 من مشروع قانون الموازنة والصندوق العراقي للتنمية الخارجية- وهو صندوق قديم يعود تأسيسه الى عقد سبعينات القرن الماضي- صفحة 149). كما انه من غير العملي عدم إعطاء ارقام للجداول التي تضمنتها مذكرة وزارة المالية اعتبارا من الصفحة 53 والى الصفحة 161. واعتقد ان العديد من الفقرات الواردة في تلك الجداول بحاجة الى توضيح وتدقيق. واعتقد ان المقارنات، وخاصة في جدول "حساب السلعية"-صفحة 86، تتجاهل الفرق في سعر صرف الدينار (1450 مقابل 1300) مما يؤثر على واقعية وصحة تلك المقارنات. معنى ومبررات الزيادة الهائلة في "كلف انتاج النفط الخام المصدر" من (0.3238) الى (2.689) ترليون دينار (صفحة 131)، وغيرها من الملاحظات المهمة التي لا يتسع المجال لذكرها ومعالجتها الان.
النرويج
28 نيسان 2023
المتواجون الان
397 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع