اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

متابعة للتوجهات الأخيرة في قطاع تصفية النفط// احمد موسى جياد

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

احمد موسى جياد

 

عرض صفحة الكاتب 

متابعة للتوجهات الأخيرة في قطاع تصفية النفط

احمد موسى جياد

استشارية التنمية والأبحاث/ النرويج

 

كثرت في الآونة الأخيرة الإعلانات الرسمية عن توسيع وتطوير العديد من المصافي، وقد تواصل معي بشأنها بعض الاخوة من داخل الوطن وخارجه. منها ما وردني من الأخ المهندس الاستشاري فارس يوسف ججو، وزير العلوم والتكنولوجيا في حكومة العبادي، رسالة متابعة الكترونية اشار فيها الى تلك المشاريع وطرح بعض الاسئلة حولها ويطلب بيان الراي بشأنها. والاخ فارس من المتابعين الجيدين ويطرح باستمرار افكارا قيمة تتعلق بالمواضيع المطروحة سواء بالتواصل المباشر او من خلال المشاركة بالحلقات الحوارية التي أقدمها. فله مني كل الشكر والتقدير والعرفان.

 

فيما يلي، أدرج اولا نص رسالة الاخ الفاضل ثم اتبع ذلك بما اراه حول الموضوع، دون ذكر عبارات المجاملة والتحيات المعهودة في المراسلات.

اولا: نص رسالة الاخ فارس    

وصلني هذا الخبر صباح اليوم ٧/٧/٢٠٢٥

 رئيس الوزراء: استيراد البنزين سينتهي خلال هذا العام.

- بعد إكمال مشاريع المصافي في ميسان والديوانية والنجف الأشرف سننتقل إلى تصدير المنتجات النفطية.

-مصفى الديوانية سيعالج الغاز السائل بطاقة 180 طناً يومياً وتحسين البنزين بسعة 10 آلاف برميل يومياً.

- تحولنا من بلد مستورد للمنتجات النفطية إلى بلد يسد حاجته باستثناء استيراد كمية قليلة من البنزين.

  ………انتهى الخبر ………

مشاريع المصافي في المحافظات المذكورة في الخبر أعلاه وهي الديوانية والنجف والعمارة … هو خبر مفرح بشكل عام لكن السؤال الاهم ومعرفة جوابه هو :

- من هي الشركات التي قامت بإنشائها وتنفيذها؟

- هل شروط التنفيذ واضحة لصالح المحافظات أعلاه والدولة العراقية ام هناك قيود مكبلة وحيل مالية واستغلال غير مرئي للموارد؟

- ادارة المصافي من حيث القوى التشغيلية الفنية والعاملة هل هي بيد الكادر العراقي ام هناك أجانب ونسبتهم كم في هذه الادارة؟

- اسعار المنتوج من البنزين او الغاز هل ستبقى نفسها ام تتغير بتغير الظروف المحلية والاقليمية والدولية؟

لا سيما ان ر. م . الوزراء يلمح في كلمته ان العراق سيوقف استيراد البنزين إلا في حالات قليلة؟ مما يعني ان المصافي موجهة للاستهلاك المحلي من وقود البنزين، هل تتغير الاسعار نحو الانخفاض ام الاستقرار على نفس الاسعار ام الارتفاع نحو الاكثر ارتباطاً بالأوضاع القلقة المحيطة بالعراق؟

اظن ان الجواب على هذه الاسئلة ستعطي مؤشر حوّل مدى التوجهات الوطنية او غير الوطنية السليمة لهكذا مشاريع؟

٧/٧/٢٠٢٥

https://t.me/alsyasehnews

وفي متابعة لاحقة بين الأخ فارس انه كان في الوزارة، في وقته، قسم يختص بالبتروكيماويات والصناعات النفطية وقد قدم مقترح لتصميم وتنفيذ مصفى بقدرات وطنية في عام ٢٠١٥ وكان للوزارة ايضاً تنسيق مع وزارة النفط في بعض البحوث المشتركة حول النفط.

 

ثانيا: اجابتي على ما ورد في الرسالة

البيانات الاحصائية الرسمية وما متوفر في قاعدة المعلومات قد لا تدعم ما ذهب اليه ر.م. الوزراء ولا وزارة النفط بشأن انهاء استيراد البنزين خلال هذا العام.

1- استورد العراق خلال الربع الأول من هذا العام ما مجموعه 562445 طن متري، منها 62% بنزين (كازولين) و%38 كازاويل. هذه كميات ليست قليلة كما يدعي ر.م. الوزراء. فمن اين تأتي الزيادة لتعويض الاستيرادات خلال الأشهر المتبقية من هذا العام؟ يضاف الى ذلك وجود استيرادات "أخرى" لم يتم ذكرها في البيانات الرسمية هذه ومنها زيوت المحركات والدهون وغيرها، وهذه، حسب بيانات منظمة JODI تشكل نسبة عالية جدا في حجم الطلب الداخلي على المنتجات النفطية ومنخفضة جدا في انتاجها المحلي.    

2- كان مجموع صادرات العراق من المنتجات النفطية خلال نفس الفترة 2795013 طن متري، يشكل زيت الوقود/النفط الأسود 91% والنفثا 8.7% والبقية النفط الأبيض/وقود الطائرات.

هذه الأرقام تشير الى استمرار معضلة المصافي العراقية التي تنتج المنتجات الثقيلة، أي النفط الأسود بشكل كبير، التي تتسم بقلة الطلب المحلي عليها. فهل يمكن تغيير تقنيات المصافي القائمة والجديدة لتغيير نمط مكونات انتاجها خلال هذا العام! اشك في ذلك.

أقول هذا خاصة بعد متابعة تجربة تنفيذ مشروع استخدام تقنيات  FCC(التي تعالج نفط الوقود لإنتاج منتجات نفطية خفيفة) في مصفى البصرة لعدة سنوات ولم تنجز لحد الان رغم توفر القرض الياباني لهذا الغرض. وحسب اخر تصريحات وزير النفط سيتم انجازه خلال هذا العام، وسيساهم بإضافة طاقة إنتاجية بمعدل 55 الف برميل يوميا. فهل إضافة 55 الف برميل يوميا تكفي لتغطية استيرادات 6164 طن متري يوميا من البنزين والكازاويل!!؟؟؟

كما ان تجربة مصفى كربلاء (الذي صمم على أساس يورو 5 المعياري) تشير الى انه لم يتم تنفيذه لتحقيق نفس نسب المواصفات التي حددتها دراسة الاستشاري الأساسية FEED المعدة من قبل شركة TECHNIP  الايطالية في تشرين الاول عام 2010، وتم التعاقد على أساسها مع ائتلاف الشركات الكورية. حيث اشارت العديد من متابعات ما بعد التنفيذ الى إشكالات تقنية ونوعية وكلفوية وتعاقدية مقلقة للغاية، لم تنشر وزارة النفط اية نتائج تحقيقية بشانها!!!! وانني احتفظ بقاعدة معلومات واسعة عن هذا المصفى.

3- فيما يتعلق بالأسعار وحسب اخر البيانات الرسمية (التي توقف نشرها وكان اخرها تتعلق بعام 2022) فان سعر الطن للنفط الأسود (التصدير) كان 525 دولار في حين كان سعر استيراد البنزين 1049 دولار/طن والكازاويل 1058 دولار/طن. ومن الجدير بالذكر ان تتاثر هذه الأسعار باسعار النفط الخام، ولكن العلاقة التفاضلية بين أسعار المنتجات النفطية المذكورة تبقى، نسبيا، على حالها ان كان استيرادها من مصدر واحد وذلك لاعتبارات كلفة النقل والتامين. علما ان اسعار البيع للمستهلك المحلي مدعومة رسميا. كما لم تنشر الوزارة الكلف السنوية لاستيرادات المنتجات النفطية ولا أعباء الدعم الرسمي لها في الداخل.

4- مشروع تطوير وتوسعة مصفى الديوانية، بكلفة 800 مليون دولار وبطاقة 70 ألف برميل يوميا (منها 10 الف برميل فقط لتحسين البنزين حسب بيان المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في 25 شباط 2025 لكن الوزارة غيرت الرقم في تصريحها بتاريخ 7 تموز 2025 الى 18 الف برميل!! فهل تم تغيير العقد الموقع؟)ـ احيل المشروع في شهر شباط الماضي الى شركة البرهان (المرتبطة بقيادات وعوائل متنفذة في الإقليم).

لم يذكر أي شيء عن توقيت انجاز المصفى في بيان توقيع العقد، ولكن تصريح الوزارة في 7 تموز الحالي يحدد فترة الإنجاز بخمسة سنوات. ويبدو ان يمول المشروع رسميا وليس بالاستثمار. فهل تملك شركة البرهان الامكانيات الفنية والتقنية والخبرة لتنفيذ هذا المشروع!؟

ومن الجدير التذكير بإعلان وزارة النفط في شهر أيار الماضي عن مشروع توسعة الطاقة الإنتاجية لمصفى الشنافية (في الديوانية!!) من 20 ألف برميل يوميًا إلى 90 ألف برميل يوميًا، وينفذ بالجهد الوطني. لم تذكر الوزارة اية معلومات أخرى عن هذا المصفى ام انه نفس مصفى الديوانية!! أرى من المهم قيام الوزارة توضيح الامر.  واذا كان مشروعا اخر، فسيستغرق إنجازه 5 سنوات على الأقل وعلى افتراض توفر التمويل الحكومي، وهذا مشكوك فيه.

5- أعلنت الوزارة في بداية شهر آذار الماضي المباشرة بالمرحلة الاولى لتطوير مصفى ميسان بالجهد الوطني والتمويل الحكومي وبطاقة 70 الف برميل يوميا. لم تعلن الوزارة اية معلومات عن كميات ونوعيات المنتجات النفطية او توقيت الإنجاز او الكلفة وغيرها من الأمور الاساسية. وعلى افتراض توفر التمويل الحكومي، وهذا مشكوك فيه، سيستغرق إنجازه 5 سنوات على الأقل.

الغريب في هذا المجال ان الوزارة لم تعد تذكر أي شيء عن مصفى ميسان الاستثماري (150 الف برميل يوميا) الذي احيل تعاقديا الى الشركة السويسرية المفلسة ساتاريم عندما كان عادل عبد المهدي وزيرا للنفط في حكومة العبادي.

6- كما لم تعد وزارة النفط تنشر اية معلومات عن مصفى الفاو (300 الف برميل يوميا) الذي روج له وأحيل في وقته وزير النفط جبار لعيبي في النصف الثاني من حكومة العبادي، بعد ان ألغى مشروع الناصرية المتكامل (الذي يربط تطوير حقل الناصرية بمصفى حديث/يورو5 بطاقة 300 الف برميل يوميا). أرى من المهم قيام الوزارة بيان مدى التقدم المتحقق في تنفيذ مصفى الفاو.

7- وقد بداء مؤخرا إعادة الترويج لبناء مصافي عراقية في دول أخرى، نسبت الى مدير عام سومو، نزار الشطري، بان العراق يدرس خططاً للاستثمار بمصافٍ خارجية بسعات عالية التكرير لضمان تسويق النفط وتعظيم العائدات، مع التركيز على أسواق آسيا سريعة النمو (25 ايار 2025).

تحليليا، لا أجد أي جدوى اقتصادية او هيكلية لإعادة طرح مثل هكذا افكار في الوقت الذي يعاني العراق من المحدودية المزمنة في طاقات التصدير من الموانيء الجنوبية، والتعثر في تطوير طاقة انتاج النفط.  

 

في ضوء ما تقدم يمكن القول ما يلي:

1-     في الوقت الذي يكون فيه توسيع طاقة التصفية من السياسات الاقتصادية والتنموية المطلوبة لتصحيح هيكلة القطاع النفطي (استراتيجيات تعويض الاستيراد او/و تنشيط التصدير، علما ان الاولى اسهل من الثانية)، فان ذلك يتطلب اعتماد دراسات جدوى رصينة وضمن أولويات تنفيذية متناسقة وتغطية الاعتبارات الأساسية المتعلقة بالكفاءة والكلفة وهيكلة المنتجات النفطية والاعتبارات التسويقية والطاقات البشرية-المهنية والتنافسية الدولية -في حالة اتباع استراتيجية تنشيط التصدير وغيرها. مع الأسف، لا اعتقد ان وزارة النفط قد تبنت مثل هكذا استراتيجيات رصينة متناسقة. كما يبدو ان الوزارة وحكومة السوداني تتجاهل التاثيرات على اسعار النفط الدولية وطاقة العراق لانتاج وتصدير النفط وانعكاساتها على تخصيصات الموازنة السنوية!!!!

2-     أصبح انعدام الشفافية وعدم متابعة/التواصل مع ما يطرح بشان القطاع النفطي من ابرز سمات حكومة السوداني ووزير النفط حيان عبد الغني السواد. وانعدام الشفافية، رغم ان وزير النفط هو رئيس هياة الشفافية، لا يقتصر على مشاريع المصافي وعقودها، بل يسري على مجمل نشاطات القطاع النفطي، وخاصة ما يتعلق منها بالاسعار والكلف والعوائد والشروط المالية للعقود والبيانات الأساسية الأخرى التي كانت وزارة النفط تنشرها بشكل منتظم، ولكن تم ايقافها بعد ثلاثة اشهر من تعيين جبار لعيبي وزيرا للنفط في عام 2016. وفي هذا المجال او التنبيه الى تأكيد صندوق النقد الدولي IMF في تقريره عن العراق المؤرخ في 8 تموز 2025  على ضرورة التزام العراق التام بمعايير الشفافية في الصناعات الاستخراجية EITI.

3-     أجد من الضروري قيام وزارة النفط بيان الموقف الرسمي الواضح جدا بشان عقد ميسان الاستثماري مع شركة ستاريم. كما ان على الوزارة تقديم تقرير تقدم العمل عن مصفى الفاو.

4-     ان كثرة تصريحات رئيس مجلس الوزراء السوداني ووزير النفط قد يكون خلفها اعتبارات انتخابية، واعتبار توقيع العقود إنجازات، وهي ليست كذلك.

 

ملاحظة ختامية لابد منها

سبق لي ولعدة مرات ان تناولت موضوع قطاع التصفية تم نشرها باللغتين العربية والإنكليزية، واحتفظ بقاعدة بيانات تفصيلية أحدثها باستمرار. كما افردت فصلا خاص بتطورات قطاع التصفية في كتبي المتعلقة بتوثيقية القطاع النفطي.

يتواصل معي مباشرة وباستمرار العديد من المتابعين والمختصين والعاملين حاليا في القطاع، استقي منهم الكثير من المعلومات واحصل كذلك على الوثائق التي اعتمدها كأدلة مادية ثبوتية. ولاعتبارات تتعلق بسلامتهم ومواقعهم الوظيفية لا أستطيع ذكر أسمائهم او الإشارة الى مواقعهم الوظيفية بشكل مباشر، خاصة انني علمت مؤخرا بإحالة أحد المهندسين المعروفين في محافظة البصرة الى التحقيق، بتوجيه من الوزير الحالي، بسبب تصريحاته لوسائل الاعلام حول موضوع المصافي.

لقد وافق، مشكورا، الأخ فارس على نشر نص رسالته واجابتي عليها.

 

ارجو نشر وتوزيع هذه المداخلة تعميما للفائدة وتوسيعا المشاركة وتشجيعا للشفافية وابداء الراي.

 

النرويج

10 تموز 2025

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.