اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

همس القش- الترنيمة الثالثة// سميرة الوردي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سميرة الوردي

 

همس القش- الترنيمة الثالثة

سميرة الوردي

 

مفترقات

في أيام الحصار التي امتدت لأكثر من عقد من الزمان، أصبحت لقمة العيش حسرة علينا، بالرغم من كد آبائنا وكدنا، فما يأتي من موارد لا يسد إلا النزر اليسير من قوت يومنا، بعنا كل ما يمكن بيعه من أثاث البيت فلم يبق الا ما هو ضروري لنسد رمق أبنائنا بينما كان هناك أناس استغلوا جوع الآخرين وأثروا وهم قلة!

 

كنا ننتمي للطبقة المتوسطة الدخل أو أعلى، وفي زمن الحصار لم نعد سوى من الفقراء الذين لا يستطيعون العيش الا على النزر اليسير مما توفره مواردنا، لم يعد راتبي من التدريس يكفي لوجبة طعام واحدة.

 

سقط النظام الدكتاتوري على يد المحتلين الأمريكان ترافقهم شلة من المهاجرين واللاجئين الذين أصبحت لديهم علاقة بالمحتل، وجاءت سنوات التغيير التي كان المؤمل منها أن تنقل البلد الى حال أفضل، بل بدأت الحياة تسوء عاما بعد عام ليصبح العهد السابق أفضل من العهد الحالي من وجهة نظر بعض فئات المجتمع التي أصبح حنينها لماضٍ لم يكن أفضل من الحاضر ... الماضي الذي تأسس عليه الحاضر!!!

 

ماضي الملاحقات لمختلفي الأفكار وتصفيتهم، ماضي تسفير الكرد الفيلية وحرمانهم من هويتهم الوطنية، ماضي الحصار الذي حرم الأطفال من لقمة الخبز ، و و و

 

ضج الوطن العربي من تونس (بحرق بو عزيز لنفسه احتجاجاً على السلطة) ولتسري الى مصر وليبيا وسوريا مظاهرات أدت الى تغيير كبير، وسقوط أنظمة حكم، ولكنه لم يكن للأفضل، وقد سبق هذه الدول احتلال العراق من قبل الأمريكان وتغلغل عملاء ايران في الحكم، وصعود التطرف الديني والمذهبي والقومي والذي لم يكن معروفا بشكله الفاقع والدموي كما ظهر بعد الاحتلال.

 

في خضم هذه الأخبار الموحشة حول ما يجري في أوطاننا بعد ربيعنا الدموي والذي ظلما وبهتانا سموه الربيع العربي، وانتهاكات القاعدة وداعش ومسميات أخر قتل فيها الآلاف وهجرت الملايين واغتصبت النساء وبعن في أسواق النخاسة، تذكرت (روز) جارتنا التي تزوجها ( رمضان ) بعد هروبها معه من ديارها، لقد عارض أهلها زواجها من رمضان فهو مسلم وهي المسيحية المؤمنة بدينها، رمضان القادم من المنطقة الغربية والتي أراد أبوه تزويجه رغم أنفه من ابنة عمه الوحيدة، فلم يجد نفسه الا راكبا سيارة أجرة تقله الى العاصمة تاركا مدرسته وأهله خلفه ليشتغل سمكريا للسيارات في شارع الشيخ عمر وليدخل مدرسة مسائية في بغداد وبعيدا عن عيون الأهل أحب (روز) وأحبته وتزوجا وأنجبا ثلاثة أولاد وهما يهربان من مكان لآخر وأخيرا قررا السكن في منطقة بعيدة لا يجدهما أهليهما فيها، فلم يجدا أأمن من الكاظمية ملجأ لهما. . وفي تفجيرات الكاظمية اختلطت دماء أبناء ( روز ورمضان ) وأحفادهما..

...........

الجيرة...

كان لابد لي من العودة الى الوطن، بعد الاحتلال شعرت أن من حقنا أن نهيئ ظروف عودتنا ولذا قطعت تذكرة السفر محاولة الرجوع للوظيفة لاحتساب مدة خدمة سبع وعشرين عاماً واستكمال ما تبقى لي من سنوات الخدمة.

 

سرتُ في شوارع مدينتي بعد غربة أكثر من عقدين من الزمان، أتطلع لأحيائها، كنت أتوقع رحيل الخوف عند العودة، لم أشم من تلك الأحياء التي بان عليها التعب والإهمال سوى الخوف من موت الفجأة بطلقة غادرة أو مفخخة رُكنت في زاوية امتلأت بالأزبال.

 

 لم يتغير الحي كثيرا، بل تغيرت الوجوه، بعضها كبر ونساني وآخرون شاخوا وقسم غيبهم الموت.

 

زرت المدرسة التي تركتها مرغمة، عسى أن أجد من يعينني على استرداد وتصوير نسخ من وثائقي التي تثبت انتمائي وخدمتي في التعليم فوجدت التدمير والحرائق التي أحرقت وثائق مديرية التربية الثانية في البياع، قد سرت الى الوثائق المدرسية، ولم أدرك سبب وجدوى إتلاف هذه الوثائق؟؟؟!!!

 

ولم أحصل الا على شهادة موقعة من المدرسة مما تبقى من الكادر التدريسي الذي زاملني ولم يتعدَ أصابع اليد الواحدة، بل أقل. ولم أصل لنتيجة في مسعاي

رحلتُ سراعا وكأني سورت بذلك الخوف والرعب الذي انتابني ليلة سماعي بمقتل أخي، فالموت يترصد كل عابري الطرقات دون تمييز.

 

جارتي لم تنساني، لم تغيرها الأحداث فهي كعهدي بها طيبتها كرمها حبها للجيرة، تحدثني ودمعها يجري على خديها... اغتيل زوجها لأنه كان محسوبا على البعث بالرغم من عدم أذاه لأحد وعدم استغلاله لمنصبه الحزبي، فعدوى تفشي التقارير السرية بين الناس المرفوعة للجهات الأمنية والتي لم تكن صادقة في أغلبها، لم تكن ضمن مهامه، وقد أعادها لنا المخبر السري تحت ظلال (سياسيي الغفلة والأحزاب المتأسلمة) بعد الاحتلال..

 

في 2006 وفي ظل النعرة الطائفية وتحت ظلال الاحتلال اختطف أولادها الثلاث كانوا صغارا عندما تركنا الحي وهاجرنا، مازال صوت الصغير يملأُ آذاننا بالسؤال عن كرته التي طفرت منه الى الشارع أو عابرة سياج بيتنا، كان بالكاد يلفظ اسم الكرة عندما يدق الباب صائحا عسى أن أسمعه (حالة اللعلوبة عدكم) أي (خالة الطوبة عندكم) وكثيرا ما كان يجلب الضحكة الى أفواهنا التي أحزنتها سنوات مقتل أخي والحرب الطويلة...حرب البوابة الشرقية كما سماها مفتعلوها والتي لم ترحم أي عائلة عراقية لديها أولاد في سن التجنيد بل شملت جميع الرجال شيباً وشباباً .

 

 لم نلمس منهم أي أذىً رغم اختلاف معتقداتنا كانوا أُناس مسالمين، يتفقدونا ما إن نغيب وخاصة عندما اضطررنا إبان حرب بوش الأب على العراق عام 1991 الى ترك دارنا، فابنتهم ما أن سمعت صوت مزلاج بابنا عند عودتنا للدار بعد غياب ثلاثة أشهر حتى أطلت من سياج الدار كي تعرف إذا كنا نحن العائدين أم هناك ما يريب في الدار، ما أن تحققت من وجودنا حتى أسفر وجهها عن فرح كبير فقد ضنوا أننا قد أُصبنا بتلك القاذفات التي لم ترحم صغيرا أو كبيرا...زودتنا بخبز وما بقي لديهم من طعام حتى منتصف تلك الليلة، تزوجت الابنة الكبرى لجارتنا ،

وعندما أُحتلت بغداد قُتل أبوهم وأُختطف اخيها ابراهيم هو وأخويه صدام وسلمان الذي لم يسلم من غائلة الموت عندما كان صغيرا تعرض لحادث سيارة، ولكنه نجا من الموت بأعجوبة ليبقى مصيره مجهولاً في زمن الاحتلال وبعده...

 

 ابنهم صدام لم يكن قد تجاوز السادسة عشرة في عام 2000. ولم نكن نعلم أن كان لهم عداوة مع أحد، سكنت زوجة سلمان وأطفالها الثلاث في دارنا الذي هجرناه مرغمين، لم يكن بيت (أبي صدام) هو الوحيد الذي وقعت عليهم مصائب الاحتلال والمليشيات التي انتشرت في الوطن انتشار النار في الهشيم.

 

(جنان) مدرسة التربية الإسلامية، عندما كنت في الوطن وفي التدريس ، كنا نخرج سوية عند انتهاء الدوام نقطع المسافة بين البيت والمدرسة مشيا على الأقدام، لتجاور بيتينا... نثرثر بشتى المواضيع، انصبت جل أحاديثنا على الحرب العراقية الإيرانية وكيف دمرت العراقيين واختطفت الشباب الذين استشهدوا أو أسروا، فقد كانت تحدثني عن حلمها بعودة زوجها الأسير مدرس الرياضيات من إيران كما كانت تعتقد، لأنه جُند ولم يعد سوى مرة واحدة في إجازته وها قد مرت سنوات وانتهت الحرب وبدأت حرب بوش على العراق ولم يبلغها أحد بمصيره، ولذا استكانت إلى أحلامها في تأميل نفسها بكونه حيا وفي الأسر، استمرت صداقتنا سنوات طويلة امتدت من قبل نهاية الحرب مع إيران ولم تنته الا بعد سنوات الاحتلال الأولى وكان سفرنا قبل احتلال الوطن بثلاث سنوات، بعد الاحتلال انقطعت الرسائل بيني وبينها وكلما حاولت الاتصال بها عن طريق التلفون لا يأتيني الرد.

 

في عودتي الثانية الى بغداد...

عندما زرت مدرستي في 2015 لم أجد سوى مدرستين أعرفهما من الكادر التدريسي الذي رافقنني، أما بقية المدرسات فقد أُحلن على التقاعد، ومنهن من وافاها أجلها، ولكن (جنان) لم تكن بينهن فقد اختاروا لها الموت قتلا بالرصاص وهي خارجة من المدرسة بعد انتهاء دوامها ولم يسلم من هذا المصير ولدها إذ اغتيل بعد عام من اغتيالها ولم يتبق من عائلتها سوى ابنتها الصغرى.

 

سكنت أختاي دارنا، ولكن ما حدث في شارع 60 من تطاحن مذهبي أجبرهما على ترك الدار الذي هو ملاصق لدار بيت أبي صدام، وكما روت لي ام صدام عندما زرتها عام 2009 أن دارنا أصبح ملاذا للإرهابيين الذين قتلوا كلبتنا واستباحوا الدار وأثاثها وجعلوا فيها قناصا قُتل الكثيرون على يده، الى أن هاجمها الأمريكان وأخرجوهم منها، فلم تر (أم صدام) ضيراً في أن تسكنها ابنتها وزوجها وأطفالها بعد أن تُركت خاليةً، ولكن الابنة تعرضت لمضايقات، فتركت الدار لزوجة أخيها المختطف والذي لم يعرفوا عنه ولاعن أخويه شيئا الى يومنا هذا.

........

صباح يوم جديد...

أيام جديدة عشناها ما إن وطأت أقدامنا هذه الأرض الغريبة عنا والتي لم أسمع بها من قبل، إنها جنتنا الصغيرة التي لم نختارها، لم نخطط لها وإنما وجودنا بها كان محض صدفة.   

 

 ما إن استقرينا في موطننا الجديد حتى استطعنا انتشال أنفسنا مما كنا فيه، تحسنت ظروفنا كثيرا منذ أن حللنا على هذه الأرض الطيبة، جئناها خالي الوفاض من كل شيء الا ما حملناه من عقل وفكر، استطعنا أن نبدأ من الصفر، لقد سبقنا الأب اليها بستة أشهر، واستطاع بقدراته أن يوفر ما كنا نحلم به في أوطاننا التي هربنا منها مجبرين، بعد سنوات استأجرنا داراً، صلحنا ما كان قد تآكل وتخرب منها، دار جميلة لم يكن يعوزها الا تواجدنا معاً كعائلة، فقد شتتنا الهجرة فولداي بعيدان كل منهما رمت به الأقدار في مدينة من مدن الغرب ولكل منهما طريق وحياة تختلف عن الآخر.

أبحث عن مكان التجئ اليه من الصمت المحيط بي، لمن هذه الدار التي سكناها في الغربة.

التكيف للظروف ليس سهلا لي كفرد ولم يكن سهلا علينا كعائلة..

 

 كلما خرجت وابنتي الكبرى للتسوق والتمشي في شوارعها تنتابني أحاسيس شتى بمتعة الغريب في أماكن آمنة غير مكتشفة، إنه الذهول والاندهاش بعالم جديد نحاول اكتشافه والإمساك بهويتنا التي قد نفقدها.

 

اتذكر بغداد الضاجة بالحياة بشوارعها الطويلة وأماكن التسلية العامرة بمسارحها وسينماتها وحدائقها الواسعة والتي ما إن أُحتلت حتى فقدت بريقها وبهاءها.

 

نعيش في مدينة كباقي مدن الإمارات نشعر بتطورها وانتقالها من حال الى الأفضل بوتائر متسارعة في عمر المدن والمجتمعات، وهناك في الطرف الآخر في بلادنا مدن تسرق وتهدم تحت راية الديمقراطية.

 

تركت كل شيء ورائي حتى صور طفولتي وشبابي ولم أحمل معي سوى بعض لوحات زوجي التي أخفيتها عن عيون مفتشي حقائب السفر، تحت ملابس الأطفال والتي عانيت المتاعب في إخفائها عن عيون الرقباء.

 

أهو الندم لفراق وطني وأهلي وكيف يمكنني الحفاظ على أولادي في تلك الظروف المريرة، ما لذي يجعلني أجتر هذه الذكريات، أهو السكون الذي يحيطني منذ سنوات بعد ضجيج الحياة بألوانها، أأنا من خذلت نفسي أم الخوف المستكين في النفس والعقل والذي فرضته السلطات المتعاقبة في وطني، أم غياب القانون الذي يحمي الفرد من السلطة ويحمي السلطة من نفسها، أم سوء التخطيط في حياتنا وغياب منهجية التخطيط والتنفيذ على صعيد الحكومات، والمجتمعات، والدول، والأفراد، أم كل هذه الظروف وغيرها هي من رسمت خذلاننا وخذلان معظم الناس.

 

بالرغم من كل سنوات العمل والحرمان منه أكتشف أننا نعيش فوضى عارمة على كل الأصعدة كأفراد وكمجتمعات وكحكومات.

 

الصدفة هي من أوجدتنا في هذه الحياة وما تلقيناه ونتلقاه من تعليم وتعلم من مناهج وضعها الأوائل وسار عليه الخلف دون تمحيص ودراسة دقيقة ومواكبة، الحياة تتطور كمحصلة لتطور العلوم التطبيقية والإنسانية ومناهجنا مازالت كما هي، بل قد تتغير وفقا لما يراه المسؤولون وبما يخدم مصالحهم وما يرسخ حكمهم، وبالرغم من الطفرات في العلوم والمفاهيم مازلنا نراوح في أماكننا.

.............

أصبح سيري على الطرقات مهمة صعبة وحلم بعيد المنال، أنا التي كنت أقطع المسافات الطوال من باب المعظم الى الكاظمية وأحيانا من باب الشرقي الى الكاظمية، أخرج وصديقتي من الكلية بحثا عن عبارة في كتاب قديم تفيدنا في بحوثنا، نمر على العديد من المكتبات.

 

لم أعد أستطع تسلق درج واحد من السلم الا بشق الأنفس بفعل المرض... أين أنا من ذلك السلم الرفيع في بناية تبدو من الخارج مهجورة، قبل اربعة عقود ونيف، حيث كنا ما ان نتسلق سلمها الرفيع حتى نطل على قاعة مكتظة بالمطالعين من كلا الجنسين، وقد حلت عليهم سكينة وصمت لا مثيل له، انه البحث عن المعرفة.

.........

أسرة سعيدة جداً

بعد مضي أكثر من أربعين عام أدركت سر بكاء أمي الصامت، تخفي حزنها الدفين كي لا يشوب شبابنا وحياتنا شيئا من الحزن، كلما دخلت عليها وهي تعمل في المطبخ تشيح بوجهها عني كي تمسح دموعها، وكلما حاولت استنطاقها بما يكدرها تحاول التملص من الجواب، فقد كان من صفاتها كبت معاناتها، وعدم اشغالنا بما يدور في أعماقها.

 

لم تكن طفولتها سعيدة بسبب وفاة امها وهي في السادسة من العمر وبسبب زوجة أبيها التي استغلت طفولتها لتحميلها مسؤولية البيت وأطفالها، ومقتل أبيها ولتكتمل معاناتها بمقتل أخي، سعت بكل ما أوتيت من قوة وعاطفة أن تعوضنا عما فاتها، ولكن مقتل أخي أصابها بالصميم فلم تستطع تحمل الآمها.

 

بكت لفراق ولديها الكبيرين، أخويَ وفقدان أصغر اخوتي وهو على أعتاب حياة جديدة بعد تخرجه حالما بإكمال دراسته وبوظيفة تناسب اختصاصه بالفيزياء الى أن يد الغدر والموت الذي طال الكثيرين في عهد البعث طالته.

 

امتد فارعاً أمامي سائراً بخطوات سريعة، غير ملتفةٍ لمسيري خلفه، كل ما يعنيه أن لا أسير جنبه، هاربا من شيءٍ يخشاه، ساورني قلق طاغٍ عليه، تركته يبتعد عني... تباطأت خطواتي... لم تهدأ ذاكرتي أو ترتاح إنه أخي الأصغر لم أستطع أن أدرك مخاوفه وقلقه، لم يهدأ ذلك الحزن منذ أطفأت رصاصة من رصاصات ذلك النظام الدكتاتوري الغادر وهج حياته بكل خسة وسفالة، لم يكن من معارضي النظام لا سابقا ولا في حاضره بل كان يحمل إرث أب ناضل في عهود سابقة، وعندما تولى الحكم حزب البعث ثانية في عام 1968، كانت العائلة بعيدة عن الطغاة أزلام حزب البعث لما عانته عند مجيئهم الأول عام 1963 من بطش، وبعيدة عن كل ما هو سياسي.

 

لم أعرف ما مر به الا عند قراءتي لرسالة له بعد مقتله موجهة لزميل له في خارج العراق، لم يرسلها، يوحي بها لصديقه ما تنتابه من مخاوف وشعور بعدم الاطمئنان على حياته وحياة عائلته وان الجدران تبث عيونها عليه... والى آخر الرسالة.

 

لماذا لا تستقر نفسي وييأس عقلي من وَهْمِ مجيء أناس وطنيين عادلين محبين لوطنهم ساعيين لبنائه وتخليصه مما علق به من دمار خلال عقود طويلة من الدمار والتهميش؟!

 

حلم بتسلم بُناة وطن للبلد، هذا الحلم الذي اصبح وهماً دمر كل حياتنا، ولم نر في سدة الحكم سوى الخونة والعملاء وسالبي لقمة الشعب.

 

أدركت ألم أمي الدفين بعد أن طواها الموت، وبعد عشرات السنين، عندما فارقت ولديَّ مرغمةً، إنها محنة الخوف على الأبناء من الأنظمة المستبدة... فراق فلذات الأكباد اضطراراً وليس اختياراً.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.