اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• علام هذا الإصرار على خرق الدستور وهدر المال العام

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

عادل حبه

مقالات اخرى للكاتب

·        علام هذا الإصرار على خرق الدستور وهدر المال العام

 

أحد مظاهر الصراع الجاري في العراق منذ الإطاحة بالاستبداد هو الصراع حول السلطة والمناصب، وجاء تشريع القوانين طبقاً لمقاس هذا السياسي أو ذاك. وتبعاً لذلك تصبح الديمقراطية وتفسيرها يتناسب مع هذا المقاس وكأن هذا السياسي باق في موقعه أبد الدهر. وبالنتيجة يصبح  خرق القوانين والدستور، الذي صوّتت عليه غالبية العراقيين والنخب السياسية، سمة مميزة لعهد يُراد له أن يقلب صفحة على عهد تميز باللاقانون الذي كان يخرق يما فيها تلك القوانين التي شرعها ذلك العهد. لا شك أن الثقافة التي ورثناها عن العهد السابق ألقت وستظل تلقي بظلالها السلبية على عقلية وسلوك النُخب السياسية سواء عند صياغة الدستور العراقي أوالتشريعات التي وافق عليها مجلس النواب السابق التي هي تشريعات ملتبسة وحمالة أوجه، وهذا هو أحد أسباب المطبات التي تجابه العملية الديمقراطية الوليدة في العراق.

المشكلة في غالبية النُخب السياسية أنها لا تمارس الديمقراطية في غالبيتها داخل أحزابها، ولذا فهي تنظر إلى القوانين والتشريعات والسلطات نظرة ضيقة وشخصية ومجرد أوراق ولا تنظر إليها كعقد اجتماعي وطني يغطي فترة تاريخية من عمر الدولة الديمقراطية، ولا علاقة لها بوجود هذا الشخص أو ذلك في مناصب الدولة. ولكن للأسف فإن ما يغلب على مسيرة الديمقراطية وبناء الدولة في واقع العراق الحالي لا ينسجم تماماً مع الثقافة الديمقراطية في بناء الدولة العصرية ، رغم أن الجميع يعزف على وتر الديمقراطية. فالنخب السياسية تسعى إلى إصدار التشريعات لترضية وإشباع طموح البعض لمناصب أوتشويهات أزلية في الدولة، وليس بناء كيان عصري ديمقراطي مستقر للدولة.

وهنا يلفت الانتباه إلى ما اتفقت عليه هذه النخب الفائزة في تشكيل ما سُمي بالمجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية!!. هذا الاقتراح الذي طرح على الأطراف العراقية الفائزة وحظي بقبولها، حسبما تسرب من الصحافة المحلية، من قبل نائب الرئيس الأمريكي بايدن الذي لم يتعض من اقتراحه الفاشل بتقسيم العراق إلى دويلات طائفية وعرقية ثلاث، وراح يجرب حظه بإقتراح لتكوين ثلاث مجالس تنفيذية!. وهو اقتراح يزرع الألغام في طريق العملية الديمقراطية الفتية في بلادنا. إنه باعتقادي طريقة "دستورية" لعرقلة عمل السلطة التنفيذية وليست على غرار الطريقة الفجة للدورة السابقة، واتفاق خطير تتحمل تبعاته الكتل التي وافقت عليه لأنه يتناقض مع الدستور الذي ينص على وجود ثلاث سلطات...تنفيذية واحدة وتشريعية واحدة وقضائية واحدة منفصلة الواحدة عن الأخرى في صلاحياتها ومهامها. وهذا هو جوهر البناء الديمقراطي الذي شهدته البلدان المتحضرة في العالم. والغريب أن يتفق ساستنا الأكارم على تشكيل سلطة هي فوق كل السلطات الثلاث أي سلطة رابعة لا يعرف العالم الديمقراطي مثيلاً له بهدف إرضاء مشاعر بعض ساستنا لا غير. فالمجلس المقترح حسب تصورات القائمة العراقية هو لفسح المجال لها كي تساهم بالعملية السياسية ولا تهدد بالخروج منها ، و ينص على أن للمجلس ميزانيته الخاصة، وأن يضع ويقترح السياسات العليا للدولة في مختلف المجالات ومتابعة تنفيذها من الجهات المكلفة ذات العلاقة ، وتنظيم علاقة العراق بالمجتمع الدولي، إضافة إلى صلاحيات بلورة القوانين وكل السياسات الخارجية والداخلية والشؤون العسكرية والنقدية والأمن الغذائي والبيئة وو...إلخ!.

وهنا يطرح سؤال مشروع: ما هو إذن جدوى وجود مجلس للنواب ومجلس للوزراء والقضاء إذا كانت مهمات هذا المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية تتحدد في بلورة كل الأمور التي تدخل ضمن مهام السلطات الثلاث، حسبما جاء في الورقة التي قدمتها القائمة العراقية ونشرت في الصحف العراقية؟. وتبعاً لذلك يطرح سؤال آخر عن جدوى وجود  رئاسة الوزراء والوزراء ورئاسة الجمهورية إذا كان لهذا المجلس كل هذه التشكيلة والصلاحيات والمستشارين؟ فكيف بإمكان أية دولة أن تقوم بعملها بشكل انسيابي إذا ما وجد مثل هذا التعدد المتناقض في السلطة التنفيذية؟. إنه لا يعني إلا أمراً واحداً هو شل الدولة كما سعى البعض إلى شلها في مجلس النواب السابق. كما يتساءل المرء لو أن السيد أياد علاوي قد كُلف برئاسة الوزارة فهل كان سيوافق على هذا المجلس وبصلاحياته التي تقترحها القائمة العراقية لشخص المالكي مثلاً؟ أشك في ذلك، فالاقتراح بتشكيل المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية مفصل لأياد علاوي وجاء نتيجة لانعدام الفرصة لتشكيل الوزارة من قبله فقط، وليس لبناء دولة ديمقراطية دستورية حديثة في العراق.

إن القائمة العراقية ورئيسها لو كانا حريصين على تطوير الديمقراطية في العراق وعلى معالجة الوضع المالي للبلاد لبحثا في الدستور العراقي عن مهام تتناسب مع مقاس السيد أياد علاوي بدلاً من خرق الدستور واقتراح كيانات غير دستوري يشل عمل الدولة، كما تشلّه الآن بعض مواد الدستور الملتبسة والمتناقضة بين صلاحيات السلطة التنفيذية والسلطة القضائية على سبيل المثال. فالدستور العراقي الحالي ينص على ما يلي:

مجلس الاتحاد

المادة (65):

اولاً ـ يتم انشاء مجلس تشريعي يدعى بـ"مجلس الاتحاد" يضم ممثلين عن الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في أقليم، وينظم تكوينه وشروط العضوية فيه واختصاصاته، وكل ما يتعلق به بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب.

وهنا يترتب إصدار قانون لهذا المجلس من قبل مجلس النواب دون البحث عن مجالس جديدة وصلاحيات جديدة تتطلب تغيير الدستور، ثم طرح التغيير للتصويت على الشعب ليصبح هذا المجلس المنتظر ذي صفة دستورية. وفي هذا الإطار لا نعرج على الكلفة المالية الباهضة لهذا المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية بموظفيه ومستشاريه. ففي الاقتراح الذي قدم من قبل القائمة العراقية ينص على ميزانية لهذا المجلس تفوق ميزانية الوزارات وحتى مجلس الوزراء في الوقت الذي يحتاج فيه العراق إلى الفلس لبناء ما خرب خلال الأعوام لسابقة وما بعد إنهيار الاستبداد.

ويبدو إن الهدر في المال العام أصبح ملازماً لمذاق كثرة من السياسيين العراقيين. فرواتب المسؤولين في السلطات الثلاث تفوق نظيراتها في الدول الغنية. كما يتلاعب حتى بعض المسؤولين بعدد حمايتهم ويستلمون رواتب وهمية لحرس غير موجودين في الحماية المخصصة لهم. هذا المشهد الخطير له عواقب أخطر تتمثل في زعزعة ثقة المواطن العراقي بالساسة والمسؤولين. إن الساسة عندنا بدلاً من السعي لتخفيض رواتبهم كما يفعل العديد من المسؤولين في دول العالم نتيجة للأزمة المالية التي تعصف بالعالم، فإنهم يتفقون كما يبدو الآن على زيادة عدد نواب رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، الذين لا عمل ملموس لهم سوى التصريحات النارية. ويسعى البعض الآخر إلى إضافة وزارات جديدة لإرضاء طموح بعض الساسة في الجاه والمال على حساب قوت الشعب ودون مراعاة للوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به العراق.

إن من واجب مجلس النواب ورئاسة المجلس بالذات بحث هذه الظاهرة المدمرة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً والعمل على وقف الانتهاكات للدستور العراقي، ووضع حد للهدر في المال العام تحت واجهة الرواتب الضخمة للمسؤولين أو التضخم في أجهزة الرئاسات الثلاث وما يترتب عليها من نفقات باهضة. إن هذا الهوس الطاغي على النخب السياسية لا يؤدي إلى وضع العراق على سكة الديمقراطية الحقيقية ومكافحة والفساد الذي يشكل خير منبع للعنف والإرهاب الذي يودي بحياة العراقيين ويدمر بلدهم، ولا يجلب ثقة العراقيين بالمسؤولين.

30/11/2010

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.