اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• التصفيق المبرمج

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

عصام شابا الكلداني

مقالات اخرى للكاتب

  التصفيق المبرمج

 

التصفيق ظاهرة يتميز بها الخلق البشري وفي جميع اصقاع الارض تعبيرا عن الغبطة والسرور وكرد فعل على عمل ينجزه المقابل لغرض تشجيعه .. لقد اتخذنا التصفيق عنوانا لموضوعنا اليوم كي نعبر نحن ايضا وربما نصفق للذي يحصل في بلداننا العربية والشرق اوسطية عموما من حالات المطالبة بالديمقراطية وحرية التعبير من خلال المظاهرات الغاضبة التي تشهدها العديد من دولنا العربية على وجه الخصوص مطالبة بانهاء حالة الديكتاتورية المقيتة التي جثمت على صدور المواطنين لسنين طويلة والتي توارثها اب عن جد ومن ثم يورثها لأولاده من بعده حتى وان اقتضى الامر التلاعب بدساتير تلك البلدان ، وهذا ليس الا حق من حقوق الشعوب العربية المضطهدة بيد قادتها الاشاوس. المهم تذكرت كيف كانت شعوب تلك البلدان تصفق لقادتها قبل ايام من قيام تلك التظاهرات ، وتذكرت كيف كانت الحناجر تصدح بالقصائد الجميلة تمدح الرؤساء والقادة.. ولم يكن يدر في خلدي يوما ان اسمع او حتى ان أتكهن بان كل ذلك كان مبرمجا من قبل القادة أنفسهم اجلهم الله .. ولا اخفيكم سرا بانني كنت اعتقد جازما بان تلك الشعوب التي تعرف بالتصفيق الحار تكن الحب الكبير لقائدها ولا يمكن ان تقف ضده يوما من الايام.. وقد طرحت ذلك على احد زملائي الصحفيين والذي يعمل معي بنفس المؤسسة الصحفية .. فرأيته قد غرق في الضحك من وجهة نظري معتبرا إياي ضعيف الرؤيا لما يحصل .. اذ قال لي .. يا زميلي العزيز ان الذين تراهم يصفقون ويتلون القصائد تمدح الرئيس والمسؤول ليسوا  كما تتصور انت ، بل ان ذلك المسؤول او الرئيس قد جند مجموعة من الناس لغرض فعل ذلك وباجور خاصة .. فقلت له انك مخطئ .. أجابني سأبرهن لك ذلك.. وفعلا وفي غمرة التحضير للانتخابات البرلمانية العراقية ، كان أحباؤنا المرشحين من ابناء شعبنا يأتون كل بقائمته الإصلاحية التي تصنع من البحر الميت بحيرة اسماك من نوع الزبيدي الطيب اللذيذ وكذلك كان يبني قصورا جميلة وكانها برج الامارات الكبير والعديد من الانجازات المهمة الاخرى والتي تصنع من شخصية المرشح ذلك الانسان الوطني الذي تهمه مصلحة المواطن والوطن وليس مصلحته الشخصية ( وهذا ما لمسناه فعلا بعد الانتخابات فالعمارات ملأت الشوارع والكهرباء اصبحت اجود واحسن من كهرباء السويد ، والبطاقة التموينية زيدت مفرداتها الى 25 مفردة ورواتب الرعاية الاجتماعية اصبحت تعج بها المصارف ولم يبق خريج واحد في العراق دون وظيفة حكومية ، وكل ساعة نصيح ونصرخ كما صرخ الفنان عادل امام في مسرحيته المشهورة شاهد ما شفش حاجة حيث يقول فكوا الحزام .. فكوا الحزام ،  والاكثر من هذا كله هو الاهتمام الكبير بالتعليم والمعلم ، ولكون المعلم صبورا جدا فقد شبهه احدهم بـ .. المطي ..  وكلمة المطي للذي لا يعرف معناها وخاصة أشقاؤنا في الدول العربية تعني ابو صابر او الحمار ..نعم هكذا شبه المعلم ومن قبل مسؤول كبير في الدولة .. مبروك لك يا سيدي المعلم ان كانوا وصفوك بـ ( ابو صابر) لأنك علمتني وكبرتني وصنعت مني ومن زملائي كُتّاب وصحفيين واعضاء مجلس نواب . لا بل وزراء وربما رؤساء جمهوريات ايضا .. ولكن ارجوك لا تزعل .. اتدري لماذا.. لأنهم جميعا تخرجوا على يديك انت.. فلولاك كما وصفوك لما صعدوا على اكتافك واعتلوا المناصب السيادية في الدولة ..؟؟).. نعم بدأت اللقاءات والزيارات وعقدت عدة ندوات، وهنا اود ان اوضح للسادة القراء بأنني لست ممن يحضرون تلك التجمعات ، ولكن لكون احدهم وهو السيد ( ... ) سيكون من يحاضر .. حضرت الندوة ومعي زميلتي الاعلامية (  ل.. د ) والتي تعمل في صحيفة ( ط .. س ) وبدأت الندوة بتزويق الكلام ومن ثم توزيع المشروبات الغازية التي اثلجت صدورنا لفترة وجيزة . ومن ثم بدأ استاذنا المحاضر بالقاء المحاضرة .. كان هناك شخص جالس امامنا وقد لفت نظري الى شيء غريب فعلا .. اذ كان منكس الراس .. فكلما يتكلم صاحبنا كلمة كانت التصفيق ينطلق من بين يديه بحرارة وكأنه مبرمج فعلا على ذلك.. وكان الجمهور يصفق خلف المبرمج خجلا فقط .. وبعد ان أنهى سيدنا السلطان محاضرته القيمة التي لم نفهم منها شيئا سوى مدحه لشخصه الكريم ونضاله ( السري في عهد النظام السابق .. كما كان يدعي  ) الكبير الذي قضاه متربعا على أكتاف الآخرين ، انهالت الأيادي بالتصفيق الحار . بعد ذلك والحق يقال ترك الرجل لنا فسحة من النقاشات وطرح الأسئلة.. فقامت زميلتي اعلاه وطرحت على سيدنا السلطان سؤالا محرجا جدا.. وانتم تعلمون كيف تكون اسئلة الصحفيين حيت يريدون إحراج المقابل .. وبعد انتهائها من طرح السؤال لم نجد الا وصاحبنا المبرج ينطلق بتصفيق حار جدا متناسيا بان الذي طرح هو سؤال وان سيده الكريم لم يجب بعد.. والمسكين  يصفق فقط ( شنو الموضوع ما يدري .. اشديصير ما يدري .. شنو القضية مايدري).. المهم وبعد انتهاء المحاضرة وذهب كل في سبيل حاله.. سحبت المبرمج على جنب وقلت له.. ماشاء الله تصفيقك كان كلش زين.. والله يابه انت تستاهل التكريم.. اجابني بسذاجته وفطرته.. طبعا كرمونا وانطونا كل واحد خمسين دولار كبل الندوة وكالولي كلما يحجي الاستاذ انت بعد شوية تصفك حيل وبعدين الجماعة يصفكون وراك )  .. حينها أخذت ألوم نفسي لأني لم اصدق زميلي الصحفي حين افصح لي عن ذلك .. وحينها تيقنت من ان تسمية شعبنا بشعب الصفكة لم يأت من خلو او فراغ .. وهكذا الحال بالنسبة الى شعوبنا العربية ( رحمة الله على اللي سمانا شعب الصفكة).. فقبل ايام كانوا يهتفون بحياة زين العابدين بن علي وحسني مبارك ومعمر القذافي وبشار الاسد وعلي عبد الله صالح وغيرهم من الرؤساء والملوك ويصفقون لهم بحرارة وكأنهم حرروا فلسطين من براثن الاحتلال .. وها هي نفس الشعوب الان تلوم قادتها.. وليس ادل تشبيه لذلك الا ما فعله الشعب بيسوع المسيح له المجد حين كانوا معه يوما بيوم وساعة بساعة . وكانوا يتوسلون منه الشفاء من الامراض والعلل التي تصيبهم وتصيب اقاربهم، وكيف كان دخوله الى اورشليم قبل اسبوع من صَلبه ، حيث استقبل من قبل الشعب بالتصفيق والتهليل واغصان الزيتون . ولكن بعد اسبوع كان نفس الشعب الذي شيعه بحرارة في يوم اوشعنا هو نفس الشعب الذي طالب بصلبه وموته .

 

 عذرا من سادتي القراء الكرام من هذا التشبيه الغير المنطقي..لأنه لا يمكن ان نصف قادة الدول العربية بصفات المسيح الطاهرة .. فهم ليسوا الا ديكتاتوريين قاتلين لشعوبهم.. فهو يستحقون الازاحة عن الكراسي ..وها هم يسقطون واحدا تلو الاخر وينتهي دور الديكتاتورية والى الابد ولا زال الحبل على الجرار  ، رغم تأخر الانتفاضات ، اذ كان من المفروض ان يحصل هذا منذ زمن بعيد.. فهل سنشهد في القريب العاجل خروج شُرّاء التصفيق الاخرين خارج كراسي الحكم والاستبداد بكرامة شعوبهم..؟؟.. تحياتي 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.