اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• اللحية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

عصام شابا الكلداني

مساهمات اخرى للكاتب

           اللحية

 

لحية..كلمة قد ننطقها يوميا عشرات المرات ، مرة نحلف بها  واخرى نحذر وجودها وثالثة نشمئز من ذكرها  .. الخ من الاوصاف التي قد تراود خواطرنا في مناسبة وغير مناسبة ، وقد نغالي احيانا في وصف المصطلح ، اذ قد نعتبره من القدسية بحيث لا يمكن مسه( مصطلح اللحية ) باية كلمة خارجة عن نطاق الطهارة والعفة ،واحيانا اخرى نغالي في ذمه( المصطلح ) ونعتبره رمزا للأذية والقذارة الفاحشة وربما منبعا للسوء والرذيلة . ولست ادري هل فكر الأقدمون بمثل ما نفكر به الان ونحن في قرن نعتبره قمة في التطور الثقافي والتكنولوجي ..؟ فحين نقرأ التاريخ مثلا او نطلع على اثار القدماء نلاحظ بان هناك الكثير منهم بلحى طويلة واخرين دون لحى .. يا للعجب .. ترى كيف كان الانسان القديم يحلق لحيته واية شفرة كان يستعمل وخاصة  في العصور  الحجرية .. هل كانت شفرة مصنوعة من حجارة الصوان مثلا.. ؟ ام انه كان ينتفها شعرة شعرة.. ؟؟ ولو تمعنا قليلا في صور المنحوتات القديمة للاحظنا بان الفراعنة كانوا يحلقون شعر رؤوسهم ويطلقون لحية رفيعة جدا في اسفل ذقونهم ،وهذا كان رمز لفرعون ، فيما كان ملوك العراق السومريين والبابليين والاشوريين والكلدانيين يطلقون لحاهم ويعتنون بتزيينها ويعتبرونها رمزا لعزتهم وفخرهم ..  ولكن الشيء الملفت للنظر ان اللحية كان ولا يزال لها رمز ديني بحت منذ اقدم العصور ولحد هذا اليوم .. فالكاهن البوذي والهندوسي والقس المسيحي والامام المسلم لابد لهم من اطلاق لحاهم وليظهروا للعالم بانهم رجال دين لا اكثر .. اذن هي عند هؤلاء السادة رمز للطهارة والنقاء .. ولكن والمثير ان نرى هذه الايام ان اللحية اخذت منحى اخر غير المتبع .. فلو كنت تسير في شارع ما وقابلك عدد من شبابنا الاحبة للاحظت شيئا غريبا فعلا .. فلو نظرت الى لحاهم لياخذك عجب العجاب من انواع واشكال من الخرائط مرسومة على اوجههم .. ولست ادري هل تحقق ما قلته في مسرحيتي الكوميدية التي كتبتها عام 1990 والتي استقيتها من حكاية للكاتب الكبير مصطفى لطفي المنفلوطي  والتي اسميتها بالحلاق الثلاثار .. حيث ذكرت فيها حلاقة الخارطة .. علما باني لم اعرض تلك المسرحية سوى مرتين فقط.. فهل يا ترى كيف تحققت تلك الاحداث ليقوم شبابنا اليوم بتطبيق حلاقة الخارطة حرفيا   .. فلو كانوا هؤلاء الشباب من الذين يعملون في السياسة لقلنا بانهم يرسمون خارطة طريق على وجوههم كي يتمكنوا من حل مشكلة الوطن الاساسية وهي البطالة القاتلة التي يعاني منها هؤلاء  ، او ربما كانوا يخطون برسوم بيانية مستقبل شعبنا الكلداني السرياني الاشوري على ارض الوطن بسبب ما يعانيه من اضطهاد اضافة الى نزيف الهجرة القاتل ..( رحمك الله يا منفلوطي ) .. ان الذي دعاني لكتابة هذه الاسطر هو ما حصل ليلة عيد الميلاد المجيد .. ففي تلك الليلة السعيدة والعائلة جميعا منهمكة بتحضير ما لذ وطاب استعدادا ليوم العيد ، فالذي يهيئ ملابسه الجديدة والذي يعد نقوده لغاية ما ،والتي تهيئ مستلزمات جلسة السمر الليلية من المأكل والمشرب ( والكل يعلم ماهي تلك المستلزمات وخاصة ابناء شعبنا الكريم )  .. وفجأة يقرع جرس الباب ..توقعت ان يكون احد من الجيران جاء ليقضي ليلة العيد معنا او جاء ليستعير جحاة ما قد نسي شرائها ..وحين فتحت الباب .. واذ بولدي الاصغر يدخل الى البيت متبخترا وكانه وزير الكهرباء الاسبق الذي استطاع وبكل جدارة ان يحل مشكلة انقطاع التيار نهائيا بحيث اصبح لا ينقطع الا مرة واحدة فقط ولكن لمدة ( 23) ساعة متتالية .. دخل دون سلام.. لم استوضح الحالة اول الامر لكون نظري ضعيف جدا وخاصة في الليل بسبب الاضاءة الكثيفة التي نستعملها في المنزل .. وحين نظر شقيقه الاكبر اليه قال له ممازحا.. نعيما .. ماشاء الله خوش حلاقة .. فرد عليه نعم الله عليك.. ولكني حين تمعنت النظر الى وجهه.. ماذا لاحظت باعتقادكم .. يا حبذا لو كانت مرسومة على وجهه خارطة كما نوهت سابقا  ..ولكن دهشت حقا حين وجدت على خده مجموعة من المربعات كمربعات الشطرنج تتخللها العديد من الشوارع منها الرئيسية ومنها الفرعية  وجميعها مبلطة تبليطا حديثا وليس كشوارعنا التي تركت دون تبليط رغم المراجعات العديد والاتصال بالمسؤولين وخاصة شوارع حيينا الحديث .. والله وحده يعلم ما نشهده من معاناة وخاصة ايام الشتاء الماطرة .. وبعد جلوسنا واحتسائي قدح شاي مصنوع على الطريقة البغدادية الاصيلة ، وبعد تفكير عميق  علمت بان ولدي قد رسم على وجهه حيينا الجديد بكامل شوارعه وفروعه ، وقد بلطه حسب مخيلته ورؤيته لمستقبل ذلك الحي .. بعد ذلك جلسنا نتسامر ونحن نلفح بكل ما لذ وطاب الى ان غلبنا النعاس وغطنا في نوم عميق ، وفي الصباح الباكر توجهنا الى الكنيسة كي نشارك في الذبيحة الالهية .. وبعد القداس قمنا بجولة لزيارة الاقارب والاصدقاء لتقديم تهاني العيد  ، حينها  والحق يقال انتابني الذهول حقا.. اذ لاحظت بان لحية ولدي ليست الا نزرا يسيرا مما على وجوه الشباب الاخرين.. فهذا رسم عشرات الخطوط والاخر عشرات الدوائر والثالث خطوط متعرجة ( زكزاك) الى اخره من الابتكارات والانكسارات .. هذا اضافة الى انواع حلاقة الراس وانواع التسريحات التي لا تعد ولا تحصى .. حينها تحسرت كثيرا على ايام شبابنا الذي ولى منذ عهد السبعينيات من القرن الماضي حين كنا نعتز ونفتخر بطول شعرنا،اذ كنا نتباهى واحيانا نتبارى باطالة الشعر ، بل وكنا نعيب على اصحاب الشعر القصير ، وكنا نصرف عليه ما في جيوبنا وخاصة على انواع الدهون والملمعات التي كانت تباع في قنينة البيبسي او الكوكا كولا ،واحيانا كنا نغسله بالبرتقال والليمون المستورد ، علما باننا كنا نحصل على تلك المواد من دون البطاقة التموينية ودون استعمال بطاقة السكن الخضراء  ، ولا اخفيكم سرا بانني كنت من هؤلاء وقد احرقت في شبابي مالا يقل عن ستة سيشوارات اضافة الى انواع الامشاط الغريبة والعجيبة ، الخشبية منها والمعدنية والمستوردة من بوركينافاسو وموزنبيق او زيمبابوي،.. ولكننا لم نكن نترك للحية او الشارب اثر ما .. فهل من حقنا الان انتقاد هؤلاء الاحبة على سلوكهم هذا ،او ننقد انفسنا اولا لكوننا نحن نعيش في عصر غير عصرهم .. وهل يا ترى كيف كنا سنتصرف نحن لو كنا شبابا في هذا العصر ، الم نكن نحن نتصرف مثلهم..؟؟ وفي الختام.. اطلب من الله ان يطيل عمر شبابنا وان يجعلهم شبابا دوما ولا يمس شبابهم شيب السنين مثلما داهمنا نحن وان يحفظهم من كل مكروه ..وان تكون لحاهم رمزا للحكمة والكبرياء ... تحياتي 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.