قصة قصيرة..

                    ألأول من نيسان

عيناه الضاحكتان وجدتهما اليوم حزينتان  الدمع يدور فيهما ..وجه عابس بكآبة غير مألوفة سابقا وهو يشيح بوجهه عني وأنا ألقي عليه تحية الصباح .. حتى كلبه أخذ ه النباح وهو يهاجم سيارتي منبها إياي بوقوع سوء تفاهم معي دون أن أعلم حقيقة ألأمر لأنه حتى ساعة متأخرة من ليلة أمس كان يتسامر معي  ونحن نتجاذب النوادر والكلام الطيب . أم أن مكروها وقع له دون  أن أعلم ؟ صحيح هو من الطبقة الميسورة وأنا ممن يحصل على لقمة عيشه بشق ألأنفس إلا أن علاقتنا كجارين لم تشوبها شائبة مذ قدمنا إلى المنطقة هذه منذ حوالي 25 عاما . أوقفت محرك السيارة محاولا التأبط منها التي سوف تأبى السير ثانية ( إلا بالدفعة )أو الجطل كون البطارية أعياها الزمن والعين بصيرة واليد قصيرة لا يمكنها تبديلها إلا بقدرة مجلس النواب إن حن علينا وغير سلم رواتب المتقاعدين أو تأتيني هبة من السماء تنزل علي (بالزنبيل )) كما يقول المثل ... متوجها إليه مباشرة مديرا وجهه نحوي لأعلم ما الخطب  سائله بلطف ومرارة عن السبب إلا أنه دفعني بقوة دون أن ينبس ببنت شفة حتى الكلب اللعين الذي كان يهز ذيله لمجرد مشاهدتي لأكافأه بقطعة جكليت ويرقد بالقرب مني ملتهمها تراه اليوم أكثر عدائية من صاحبه .. تعجبت أشد العجب وهو ما زال على وضعه متصنعا سقيه زهوره خارج سياج داره ..............

عاودت الكرة معه قائلا تفضل ياسيدي يا من يتصنع الحزن والدلال ساعدني في دفع السيارة كي أٍستطيع اللحاق بعملي في الشركة وإلا كانت العاقبة ؟ وأنت أعلم بمزاج مدير الشركة ومعاونه ومعاملتهما للعاملين أمثالنا لأنهم أصحاب رؤوس أموال ونحن المحتاجين  اذهب ا لى الجحيم يا ناكر الجميل أنت وسيارتك يا من لا يصون حق الجيرة ؟؟!! وينكر الخبز والملح . ما هذا يا جاري العزيز ؟ وكيف تقول ما قلته ؟ وأنت أعلم الناس بما نكنه لبعضنا من ود وإحترام ........................

إغرب عن وجهي وإلا علمتك معنى ألأحترام ؟؟ تقهقرت ا لى الوراء مطأطأ الرأس مهموما وأنا أسأل نفسي ما الذي بدا مني أو من عائلتي الغائبة حاليا تجاههم كي يجابهني بهذا التصرف ؟ الغير المقبول منه دافعا سيارتي القديمة ببطا لأن لاأحدا يساعدني سوى الكلب الذي عاد إلى رشده وهو يهز ذيله سائرا بجانبي .. بقيت على هذه الحالة مدة لا يستهان بها ومحرك اللعينة هو ألآخر يأبى الحركة إلى أن تجمع صبيان الزقاق وهم في طريقهم إلى مدرستهم التي لا تبعد سوى مائتا متر عن نهاية الزقاق ومع بدأ المحرك اللعين العمل تقافزوا إلى داخلها وكعادتهم بدأو ألأنشاد....

سيارتي سيارة صاروخ بالسما ما يلحكَها

                                        بالصعدة أنزل أدفع وبالنزلة أحط حجارة

والمارةيضحكون وحين هموا بالنزول كان سؤالهم بفم واحد (عمو شبيك اليوم مدلغم ) ومو على بعضك ؟..

عمو ما بية شيء

لا عمو لا اليوم بيك شيء لازم متعارك بالبيت ؟

عمو ويا من أتعارك وماكو أحد باليت

عمو قولها من ألأول !!!!!! يالله أبنائي مع السلامة وهتف الجميع مع السلامة  مع السلامة ..............................

طوال الطريق وأنا أضرب أخماسا بأسداس عن سبب (زعل جاري ) حتى الليلة الفائتة كنا نتسامر ونتبادل النوادر حتى أنه قال لماذا لا تتزوج بثانية حتى لو كان زواج المتعة .. الفرند أو المسيار لأسئله وهل تستطيع فعل ذلك؟ لنعود الى مسامرتنا

لم يمضي على دخولي الشركة ووقوفي وراء الماكنة المكلف بمراقبتها  سوى دقائق معدودة وأناارتدي تلك الصدرية الرصاصية وإذا بفراش معاون مدير الشركة يأمرني بالمثول امام مدير الشركة .. اللعنة على هذا الصباح المشؤوم وأنا أدندن مع نفسي حتما سيناولني ورقة إنهاء عملي لديهم وهو يقول نحن متأسفين كونك كبير السن لاتصلح للعمل لدينا

ألقيت عليه تحية الصباح وهو يحدجني بنظرة يتطاير منها الشرر دون ألأجابة مشيرا ان اجلس على كرسي امام طاولته الفخمة المكدسة عليها ألأوراق معد سابقا لهكذا حالات وألأضواء المختلفة ألألوان تثير البهجة في غرفته عدا تلك الصورة لأمرأة في متوسط العمر بنظرات شاردة حقا إنها المرة ألأولى التي أدخل فيها تلك الغرفة لكنه يتفضل يوميا بمتابعتنا ونحن نعمل وراء الماكنة والعرق يتصبب من أجسادنا لاعنين قانون التقاعد الذي ألجأنا إلى هذه الحالة !!!

أوقعت جسدي النحيف على ذلك الكرسي الوفير الفراء منتظرا ما سينطق به سيادته متهيأً لترك الصدرية الرصاصية على الكرسي وبعد فترة صمت ليست بالقليلة سألته عن سبب إستدعائي ؟ إن سمحت وأرشدتني إليه ................

تكرر تأخرك عن اللحاق بالعمل لمرات عديدة وأموال الناس ليست هينة عليهم كي تبدد من قبل أمثالك !

لم أتأخر أي يوم وبأمكانك مشاهدة كارت الحضور والعداد لا يخجل من احد ..

لا يهمني كلامك لذا لا أصدقك ..إذن المطلوب مني ترك العمل في شركتكم وقفت .. مرددا شكرا على الفترة التي قضيتها معكم راميا الصدرية على الكرسي مضيفا اللعنة على قانون التقاعد الذي أجبرني على العمل وأنا في أرذل العمر ............

نهض ممسكا بيدي وهو يقول بنبرة تختلف عن ألأولى إنك مطلوب يوم واحد عليك تعويضه وبما أن اليوم هو ألأول من الشهر إذن اكمل عملك هذا اليوم كتعويض وتفضل غدا صباحا العاشرة صباحا لأستلام مستحقاتك .................

خرجت من غرفته والهم والحقد يتأججان في صدري الحنق على قانون التقاعد ومن شرعه البغض لأصحاب رؤوس ألأموال ومن أين لهم ذلك ؟ ووقفت مرة أخرى وراء الماكنة جسديا والفكر في وادي آخر ناعتا قانون التقاعد والبطاقة التموينية (بطاقة ألأستجداء ) سوية ولولا الحروب لما كنا وصلنا على ما نحن عليه من جوع واحتلال !!!!!!!!!!!!!!!! في الرابعة عصرا وانا واقف في الطابور مع زملاء العمل في غرفة ألأستعلامات أمرني الموظف بالخروج عن الطابور كوني مطرودا من العمل وعلي الحضور غدا كما امرني المدير ...دارت همهمة بين الزملاء متأسفين لكنني ودعتهم وأنا ضاحك منصرفا إلى سيارتي ليساعدني الموجودون في المرآب لدفعها بفكر مشتت ...................

رميت نفسي على حصيرة مصنوعةمن البردي أكل الدهر عليها وشرب حتى لونها أصبح أصفر غامق لقدمها مفكرا كيف ٍاسدد نفقات البيت بعد اليوم والمدام لا تعرف إلا كلمة (جيب كذا مبلغ ) إلى من سألتجأ بعد اليوم وجاري العزيز الذي كان أوجد العمل الذي طردت منه شاح بوجهه عني دون أن أعلم السبب كون مدير الشركة صديقه وزميله في الوضيفة سابقا .... لالا غدا سأذهب لعند شقيق زوجتي عله يرأف بحالي ويساعدني في إيجاد عمل جديد وغبت في سبات عميق دون مأكل أوشراب ولم أستيقظ إلا والشمس في كبد السماء والساعة تشير على التاسعة صباحا وعلى عجالة من أمري مررت بعض الماء على وجهي مرتديا ملابسي والى الشركة مباشرة ... في غرفة ألأستعلامات طال إنتظاري وعندما طرقت باب المدير سمعته يقول تفضل بالدخول وعلى عكس ألأمس نهض مادا يده للمصافحة والضحكة لا تفارق فمه وفي صدري يغلي الحقد على كل دجال وكل قانون لم ينصف مظلوما أمسك بيدي بقوة وأجلسني جانبه على الكنبة تعجبت أشد العجب والفراش يقدم لنا قهوة الصباح !!قلت مع نفسي أأنا في حلم أم يقضة ؟ رجوته ألأمر بمستحقاتي ؟ استغرب ألأمر قائلا أية مستحقات؟ تطلب وانت لازلت عاملا في الشركة ؟ ألم يأمر سيادتك يوم أمس بطردي من العمل ؟

صحيح صحيح طردت من العمل كعامل ولكنك لم تطرد كموظف !! سيد المدير لا تتلاعب بأعصابي فلي كرامتي ولن أقبل بأن يمسها كائن من كان ولولا الحاجة لما وجدتني هنا !! ضحك من جديد قائلا لست ممن يتلاعب بكرامة البشر فأنا مثلك موظف أعمل كما تعمل أنت براتب شهري محدد ولكنك بألأمس وقعت في مصيدة أسألك ماذاكان يوم أمس؟ كان ألأربعاء ..........وكم كان تسلسله اليومي ؟ ألأول من الشهر ...وأي شهر ؟ عندها عدت إلى رشدي متذكرا عودة ألأحتفال [اكذوبة نيسان ولكن على الطريقة الشعبية وجاري العزيز كان ممثلا مشهورا وهويربت على كتفي ضاحكا ومشيرا إلى باب غرفته لأنظر جاري العزيز رافعا يده مهوسا نعيما المقلب والبوري فما كان مني إلا ولطمته على مؤخرته بكل ما أوتيت من قوة ...........

وبعد أن عاد الهدوء والسكينة إلى نفسي أخذني المدير وجاري العزيز إلى غرفة الذاتية وأجلسني على منضدة جديدة قائلا للموظفات الثلاث هذا هو مديركم من اليوم رددت عليه وهل هذه إكذوبة نيسان أخرى أخرج من جيبه أمرا مختوما وموقعا قبل إسبوع من ألآن داعيا لي التوفيق في عملي الجديد مع دعوة للغذاء أنا وجاري العزيز أبو المقالب على مائدته.................................................2\4\2009