كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (847)- الحافظ خليل اسماعيل

تقييم المستخدم:

/ 0

المجموعة: حسين الاعظمي

تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 02 أيلول/سبتمبر 2022 10:11

كتب بواسطة: حسين الاعظمي

الزيارات: 1440

حسين الاعظمي

عرض صفحة الكاتب

يوميات حسين الاعظمي (847)

الحافظ خليل اسماعيل

1 / مايس 1997.

في عام 1971 حيث لم ابلغ العشرين من عمري بعد. اشتريت جهاز تسجيل صوتي صغير كي استمع من خلاله الى المقامات العراقية والموسيقى وباقي الامور التي ارغب بسماعها..! وفي مرة من المرات سجلت بالمصادفة مقطعا قرآنيا قصيرا بصوت القارئ الكبير الحافظ خليل اسماعيل وانا وسط ضجيج من الاصوات الاخرى، لكن المقطع كان واضحا، ورغم كل ذلك كان هذا المقطع القرآني الكريم من اروع ما سمعت من تلاوة قرآنية حتى يوم الناس هذا..! وبعد حين سمعه مني الناقد المقامي المرحوم احمد شاكر سلمان وشاطرني هذا الرأي بان هذا المقطع بصوت الحافظ خليل هو اجمل ما سمعه من الحافظ رحمه الله..! والغريب في الامر، انني لم اعثر حتى اليوم على التلاوة الكاملة لهذا المقطع القرآني، لانني لم اتذكر اية سورة كان يقرأ في حينها الحافظ خليل، وضاعت مني تلاوة اعدها من اجمل ما سمعت اذناي من تلاوة قرآنية في مجمل حياتي كلها..! ومن هنا بقي صوت الحافظ خليل اسماعيل جرسا يرن في اذني وفكري ومشاعري واهوائي حتى يومنا هذا، بجمال صوته وجمال ادائه وتعابيره الخاشعة وتنوع مساراته اللحنية وادراكه في التنقلات النغمية واتقانه لها..!

من ناحية اخرى، توطدت علاقتي الشخصية بقارئنا الكبير المرحوم الاستاذ الحافظ خليل اسماعيل في السنوات العشر الاخيرة من حياته تقريبا. عندما كنا نلتقي في تسعينات القرن العشرين في البيت الكريم لاخينا وصديقنا الاستاذ العميد محمد فاضل الادهمي ومجلسه الثقافي اليومي، الكائن على كورنيش الاعظمية، فكان المرحوم الحافظ خليل اسماعيل يحضر اكثر من مرة في الاسبوع، وهو على علاقة وطيدة بالاستاذ محمد فاضل الادهمي الذي استطاع ان يسجل ساعات كثيرة للحافظ خليل اسماعيل بصورة خاصة ترتيلا للقرآن الكريم، ويقال ان وقتها قد وصل الى(60) ستين ساعة زمنية من تلاواة الترتيل القرآني الكريم..!

خلال هذه اللقاءات المستمرة بشيخ القراء الحافظ خليل اسماعيل وعلى الاخص في بيت الاستاذ محمد فاضل الادهمي، طلبتُ من الحافظ خليل اسماعيل رحمه الله، ان يحضر الى ملتقانا الثقافي الاسبوعي الذي اعقده في بيتي صباح كل خميس، فوافق على ذلك وكانت محاضرته قد كرسها عن تجربته الاقرائية في صباح الخميس الموافق الاول من شهر مايس 1997. وقد اكتظ الملتقى بكثرة حضور رواده الذين استمتعوا ايما استمتاع بحديث شيخ القراء الكبير الحافظ خليل اسماعيل مع تطبيق بعض الآيات من تلاواته القرآنية. ومما اتذكره ان شقيقه كان قد حضر معه الى ملتقانا وسلمني ورقة كبيرة تضمنت نبذة عن حياة المرحوم الحافظ خليل اسماعيل اعدت الى دار الاذاعة من قبل كما يبدو.

لقد كان المرحوم الحافظ خليل اسماعيل شخص يتمتع بحضور جميل بين المجتمعات التي يرتادها، لذيذ المجالسة، سهل النقاش لاينفعل، بالتالي فاخلاقه على مستوٍ رفيع. واتذكر من لقاءاتنا في بيت الاستاذ العميد محمد فاضل الادهمي، اذ كان يشكو لي دائما من فلان ابن فلان الذي مسح ما يقارب الاربعين تسجيلا من تلاواته القرآنية في دار الاذاعة والتلفزيون..! ويطلب مني ان انقل ذلك الى السيد وزير الاوقاف الاستاذ الدكتور عبد المنعم احمد صالح باعتباري قريبا له. ولكنني لم انقل ذلك الى السيد الوزير خاصة وان القضية تكاد تكون معروفة لدى الكثير من المعنيين والاوساط الجماهيرية.

ولد شيخ القراء الحافظ خليل إسماعيل العمر الجبوري في عام 1338هـ 1920م في منطقة سوق حمادة بجانب الكرخ من بغداد، وفي وقت مبكر من حياته فقد بصره..! وتربى في بيئة دينية اتاحت له حفظ سور القرآن وتلاوتها، ورغم فقدانه البصر إلا أن ذلك لم يمنعه من مواصلة تعليمه وحفظه للقرآن الكريم، فتابع دراسته في مجال العلوم الشرعية في عدد من المساجد والمدارس الدينية. حتى دخل الاذاعة العراقية عام 1941. ونال لقب الحافظ عام 1942.

حانت وفاته في 5 يوليو/ تموز عام 2000، وخرجت بغداد لتودعه، وسار في جنازته الالاف من محبيه إلى مثواه الاخير في مقبرة الكرخ من غرب بغداد. وبقي مرجعا حتى يومنا هذا لكل القراء الجدد الذين تأثروا بطريقته الادائية التي لاتمل ابداً..! تُـلمذ الحافظ خليل اسماعيل على يد الملا محمد ذويب الذي كان إمام مسجد السويدي القريب من مسكنه في محلة خضر الياس. وتعلم وأتقن علوم التلاوة والتجويد على يد الملا جاسم سلامة الذي اشرف عليه واحتضنه كثيراً لذكائه المتميز. وقد كان ملتزما بتوجيهات شيخه السديدة، وكذلك درس على يد الملا رشيد ثم الملا عبد الله عمر ثم الملا إبراهيم العلي ثم الملا عواد العبدلي وقد كانوا من كبار القراء في بغداد، وتأثر الشيخ الحافظ خليل إسماعيل بالملا جاسم محمد سلامة الذي كان مدرسا بارعا لجميع القراء زمنذاك.

حضر هذا الصباح الكثير من رواد الملتقى ومنهم السادة. الحاج عبد المعين الموصلي والاديب جمال الخياط والناقد المقامي احمد شاكر سلمان ومحمد رضا كاظم والمحامي محمد جواد الغرابي وحمدان العبيدي والفنان ابراهيم السالم والمقامي حسين العامري والاديب محمد واثق العبيدي والشاعر الغنائي حامد العبيدي والفنان فاضل السعدي و د.عماد الصالحي ووسام محمد الشالجي وآزر عبد الكريم وكافي الاعظمي ونديم بغداد الشاعر جاسم العبيدي وصلاح المحياوي والقارئ يحيى معتوق وغيرهم. وكان السادة سالم امين والقارئ محمد النعيمي وجاسم محمد قد حضروا الى الملتقى لاول مرة. وقد تم تسجيل جلسة اليوم في شريطين كاسيت بالرقمين 178 و 179.

رثاه الشاعر الكبير أ.د.رشيد عبد الرحمن صالح العبيدي بقصيدة مؤثرة هذه ابياتها.

خلفت قالاً في الجموع وقيــــــــلا / لما رحلت ولم تعـــد بديــــــــــلا

اني لاشهد ان بفقدك قد هــــــــوى / جبل اناف على صحابك طــــولا

فبكتك مدرسة اقمت صروحــــــها / فاذا رحلت فمن يقود الجيــــــلا

ياسيد القراء من نشد الهــــــــدى / بقراءة فقد اصطفاك (خلـيـــلا)

حبرتــــه (كالاشعري) تغنيــــــاً / ونضدت حُسن ادائه ترتيــــــــلا

والى (ابن ام العبد) شدت سبيله / بتلاوة سمعت هدى واصــــــولا

وضربت اطناب الشموخ (لعاصم) / وجعلت ماتتلو عليـــه دليـــــــلا

لو ان (سبعتهم) دروا بك مبدعاً / عدلوا اليك (بسبعتهم)عـــدولا

تبعوا خطاك لتستقيم لحونـــــــهم / وانرت كيما يهتدوا قنديــــــــــلا

واعدت في العشرين ما قد امتعوا / قدماً فعادوا جملة وتفصيــــــــلا

زاوجت في نهجين حلـو تنغــــــم / وفصاحة تحكي القرون الأولــى