اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (1034)- المصور الشهير آمري سليم/ 2

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (1034)

 

المصور الشهير آمري سليم/ 2

     نعود مرة اخرى في حلقتنا هذه مع الفوتغرافي الشهير آمري سليم واحاديثه المشوقة عن مسيرة حياته في التصوير الفوتغرافي والشخصيات التي عاصرها وصورها وارخها توثيقا لحياة جوانب كثيرة للشعب العراقي بكل طبقاته الاجتماعية وفئاته الدينية والقومية. ومن الاحداث الطريفة في حياته يقول السيد آمري.

 

(بعد اشتغالي في مجلة «قرندل» التي كان يديرها الصحفي الراحل صادق الأزدي، كلفني في أحد الأيام بالذهاب الى(القشلة) التي كانت مقراً لديوان الحكومة في الخمسينيات من القرن الماضي لالتقاط صور لنوري السعيد الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء في العهد الملكي. دون أن ينبهني الأزدي لشخصيته بشكلٍ واضح وكنت اجهل من هو نوري السعيد وما هو موقعه في الدولة وعندما وصلتُ الى هناك سألتُ أحد الموظفين هناك قائلاً: أين أجد(نوري) و(سعيد) عندكم. فأخبروني بأنه لا يوجد شخص باسم سعيد..! ولكن نوري موجود وهو يعمل(جايجي)(هامش1 ) فذهبت اليه وصورته، ولاحظ استغرابي حين سألته عن صديقه «سعيد» محاولاً أن يستوضح الأمر مني ولكني قاطعته بأن صورته ستنشر في المجلة في العدد المقبل. وكانت المفاجأة عند اطلاع الأستاذ الازدي على الصورة وزاد استغرابه عندما قلت له: لقد وجدت نوري ولكني لم أعثر على سعيد. فقال لي: لقد أرسلتك لتصوير رئيس الوزراء نوري باشا السعيد فتأتيني بصورة جايجي..!! وهنا أدركتُ أنني وقعتُ بخطأ قاتل، فاعتذرتُ له مع استعدادي للذهاب ثانية الى(القشلة لتصوير الباشا) وفي اليوم التالي اصطحبني الأستاذ صادق الى القشلة لتصوير رئيس الوزراء نوري السعيد وقد تعالت ضحكاته عندما أخبره الأزدي بالخطأ الذي حصل يوم أمس، فرد عليه قائلاً: -تالي عمرنا صرنا جايجية- ومن المواقف الأخرى التي لن أنساها أيضاً هي: ما حصل خلال اجتماع مهم لمجلس الوزراء والأعيان والنواب وكان حينها المرحوم تحسين قدري رئيساً للديوان الملكي. فصعدتُ الى المسرح للتهيؤ لالتقاط الصور المناسبة بعد دخول الملك فيصل الثاني الى القاعة، وكان الفلاش المستخدم آنذاك بالتقاط الصور هو عبارة عن فلاش فودر (مغنسيوم) الذي يولد ضوءاً قوياً مع وهج عالي. وصادف أن لامست نيران الوهج ستارة المسرح مما أدى الى نشوب حريق فيها، ولكن سرعان ما تمت معالجته بإطفاء النيران من قبل الأشخاص الموجودين في القاعة.

 

      ان حقيقة احاديث المرحوم آمري سليم احاديث مشوقة وجميلة وظريفة. فهو كنز من المعلومات والتواريخ الرسمية والشعبية ويقول ايضاً.

 

(لقد كنت أقيم معرضاً فوتوغرافياً كل شهر في حديقة الأمة التي كانت تسمى بـ(حديقة غازي) كما شاركتُ في المعرض البريطاني في بغداد خلال فترة الستينيات، فضلاً عن العديد من المعارض الشخصية والمشاركات الأخرى في اغلب المعارض الفنية التي أقامتها الجمعية العراقية للتصوير التي أعدُّ واحداً من مؤسسيها. وآخر معرض تكريمي إقامته لي الجمعية تم افتتاحه من قبل وزارة الثقافة. وضم أكثر من سبعين صورة لمعالم بغداد وموضوعات فنية أخرى. الى جانب تعاوني مع أمانة بغداد خلال احتفالاتها بيوم بغداد بإقامتي للعديد من المعارض المتخصصة عن عاصمتنا الجميلة وأبنيتها التراثية وأسواقها وحرفييها. وقد نلتُ العديد من الجوائز والشهادات التقديرية التي افخر بالاعتزاز بها).

 

      يسترسل المرحوم آمري سليم بحديثه للصحافة بالقول.

(في عام 1945 انتقلتُ مع والدي الى بغداد في سبيل دخولي المدرسة .وقد ترك والدي التصوير خلال تلك الفترة، فقررتُ أن أتواصل مع هذه المهنة والاعتماد على إمكاناتي الذاتية، حيث قمتُ بتأجير أحد البيوت في منطقة العاقولية قرب جامع الحيدرخانة، فبهرتني ذلك الوقت شناشيل البيوت البغدادية والأزقة القديمة مما دفعني لتصويرها وتوثيقها فضلاً عن قيامي بتصوير العديد من الشخصيات السياسية والوجوه الاجتماعية المعروفة والبارزة، كالوزراء والتجار والشعراء والأعيان الى جانب الأدباء والفنانين كيوسف عمر و ناظم الغزالي وعفيفة اسكندر وسليمة مراد وغيرهم خلال الحفلات التي كانت تُقام آنذاك. وكان سعر الصورة لا يتجاوز الخمسين فلساً وبالأسود والأبيض، وفي عام 1946 افتتحتُ أستوديو خاصاً بي في ساحة التحرير مقابل حديقة الأمة حيث لم يكن حينها في بغداد سوى ستة مصورين فقط وأذكر من بينهم: -آرشاك وعبوش وجعفر الحسيني وأوانيس والدورادو- الذي يعدّ من أكثر المصورين الذين تأثرت بهم وبأعمالهم الرائعة وهو يعدّ أيضاً من المصورين المبدعين الأوائل في تصوير التراث والفولكلور البغدادي. ولكن مع شديد الأسف لم يبقَ من أرشيفه الصوري وأفلامه المهمة شيء بعد وفاته لتعرضها للتلف والضياع..! وفي تلك الفترة من أواخر الأربعينيات عملتُ في الصحافة العراقية آنذاك في مجلة «قرندل» مع الصحفي المرحوم صادق الأزدي، ثم عملتُ في صحفٍ أخرى منها -العراق والأخبار وفنون- وغيرها والتي كان من بينها أيضاً جريدة –الراصد- ثم جريدة –العراق- حتى عام 2000).

 

     في شهر تشرين الثاني عام 2008 رحل عنا واحد من رواد التصوير الفوتوغرافي والوثائقي المعروفين –آمري سليم- ممن ذاعت شهرتهم وعبرت الأفاق في عالم فن الفوتوغراف على مدى سنوات طوال، حتى غدا علماً بارزاً من إعلامه ومحترفيه المرموقين لما حققه من إبداعات وانجازات فريدة نالت إعجاب المهتمين والمتابعين للمسيرة الفوتوغرافية في العراق.

 

    رحم الله الاستاذ آمري سليم ابا رافي، واسكنه فسيح الجنان وانا لله وانا اليه راجعون.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

هوامش

1 – هامش1: المتعارف على صفة مفردة –الجايجي- انه ذلك الذي يخدر الشاي(الجاي) ويوزعه على رواد المقهى، او انه يفتح كشكاً خاصاً به يتيح للناس في رواحهم ومجيئهم شرب الشاي على وجه السرعة.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.