اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعـظمي (136)- نصيحة أبويـّـة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعـظمي

 يوميات حسين الاعـظمي (136)

 

نصيحة أبويـّـة

تحدثت سابقا في اكثر من حلقة من حلقات موسوعتنا هذه، في شأن بداياتي الفنية والمنعطفات السريعة التي مررت بها في العقد السبعيني من القرن العشرين. حيث كنت شابا يافعا مملوءاً بالطموحات الجامحة وعنفوان الظهور واثبات الوجود بين زملائي الهواة المعاصرين لهذه الفترة الزمنية من السبعينات. ولعل النزعة العفوية التي كنا نتحلى بها جميعا كزملاء هواة ناشئين في ولوجهم عالم غناء وموسيقى المقام العراقي، كانت هي السمة البارزة لدى البعض منا. ونظرا للظروف الايجابية التي واجهتني في بداياتي الفنية، والمنعطفات المتتالية التي عشتها خلال فترة زمنية قياسية في منظور بدايات اي فنان. فقد كنت اتجرأ في الاعلان عن تصوراتي واهدافي الفنية المستقبلية في كل مكان اكون فيه..! وعلى الاخص من خلال اللقاءات الصحفية، وابرز كل تلك التصريحات كانت حول الابداع والتحديث في غناء وموسيقى المقام العراقي، منتقدا الجمود والركود في مسألة تطوير هذا الغناء والموسيقى التراثية المقامية..! منطلقا من شعوري بتواجدي الفني المعنوي في الساحة الفنية، الذي تتزايد ثقتي بنفسي من خلاله باستمرار. ورغم ان هذه الحالة تعود الى نزعتي الطبيعية والعفوية في التطلع الى التجديد والابداع والتحديث، وربما التغيير..! إلا ان مثل هذه الحالات في الواقع ترصد وتراقب من قبل فئات كثيرة، سواء نقاد او متخصصين، بل حتى الجماهير. وعليه كان لابد ان يحدث شيء من هذا القبيل..!

 

       في عام 1975 كنت متواجدا كدوام رسمي في دائرتي الاثيرة (دائرة المستشار الفني) التي تغير اسمها الى دائرة الفنون الموسيقية. وفي ضحى احد الايام، جاء الى الدائرة الفنان التراثي المقامي، المؤلف وعازف السنطور حمودي الوردي، لزيارة المدير العام الموسيقار منير بشير، او ربما لعمل فني اخر. وكانت غرفتي في الدائرة في بداية البناية ومقابل الكراج الطويل في مساحته لسيارات الدائرة. فشاهدت قدوم الاستاذ حمودي الوردي فنهضت سريعا لاستقباله والترحيب به، ثم جلسنا في غرفتي بعض الوقت نتحدث في بعض المواضيع وعلى الاخص منها شؤون المقامات العراقية طبعا..! وخلال الاحاديث قال لي شيئا مهما.

-    اخ حسين، هل تسمح لي بقول شيء نقدي فني يفيدك وانت في بواكير بداياتك الفنية..؟

-    طبعا استاذ، اتمنى ذلك وانا صاغ لكلامك.

-    ابني حسين، ارى انك تستعجل بعض الامور، فبالرغم من انني اتفق معك في كثير مما تطرحه في الصحافة في شأن التحديث والتطوير والتجديد في طرق اداء المقامات العراقية. الا ان اختيارك هذا الطرح في هذا الوقت من بداياتك غير مناسب الان..! لانك مازلت في المهد، ولم يكتمل نفوذك المعنوي في الساحة المقامية بحيث تتحدث بهذه الاحاديث الخطيرة، وانك في الحقيقة تتيح مجالا واسعا للنقاد والمتخصصين والجماهير ان يقضوا عليك بسهولة وانت في بدايتك الفنية الفتية..!

-    بماذا تنصح اذن يا استاذ حمودي ..؟

-    عليك ان تهتم اولا بتطور فنك المقامي الادائي، وبناء اسما فنيا اعلاميا قويا في الساحة المقامية، يتيح لك بما تريد ان تصرح به للجماهير. ولا تقل شيئا وانت لم تفعله بعد..! لان ذلك يفقدك ثقة الجماهير بقدراتك. فعليك ان تعمل وتنجز، ثم اعلن ذلك وانت مرتاح تماما، وبه تكتسب ثقة النقاد والمتخصصين والجماهير..!

واقع الحال، انني تأملت كثيرا بنصيحة الاستاذ حمودي الوردي هذه..! لانها كانت نصيحة ابوية بامتياز، نقية صادقة متأملة. وبما انني اعتقد في نفسي، باني اتعض واستفيد من النصائح والتجارب وبصورة تكاد تكون نزعة عفوية طبيعية، عليه فقد شكرت الاستاذ حمودي كثيرا على نصيحته الابوية هذه، ومن وقتها لم اعلن عن اي انجاز فني، الا بعد ان اكمل انجازه واتاكد من جدوى الاعلان عنه والحمد لله على كل شيء.

       رحم الله استاذنا الفنان التراثي، حمودي الوردي، المؤلف والعازف والخبير المقامي. وانا لله وانا اليه راجعون.

وللذكرى اثر كبير 

 

اضغط على الرابط

مقام الخنبات ج 1  حسين الاعظمي

https://www.youtube.com/watch?v=3za3I_IZuxc

مقام الخنبات ج 2

https://www.youtube.com/watch?v=5QXNmi9xW1c

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.