اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعـظمي (137)- قالت لي أمّي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعـظمي

يوميات حسين الاعـظمي (137)

 

قالت لي أمّي

       وانا اخطو خطواتي الاولى في عالم موسيقى وغناء المقام العراقي منذ مطلع العقد السبعيني من القرن العشرين. حيث كانت اول هذه الخطوات في مشاركتي الاولى بالحفلات الاسبوعية للمتحف البغدادي، ثم توالت الاحداث الفنية سريعا في تقدم مستمر لبناء شخصيتي الفنية، انظمامي الى معهد الدراسات النغمية العراقي بصفة طالب، ودخولي الى دار الاذاعة والتلفزيون كمطرب معتمد في غناء المقامات العراقية، ولقائي بالموسيقار منير بشير الذي غير مجرى حياتي، وفرقة التراث الموسيقي العراقي التي فتحت لي الافاق الدولية على مصراعيها، والزيارة الشهيرة لاستاذنا محمد القبانجي الى معهدنا واستماعه لي بمقام الحجاز ديوان وامتداحه لي في جريدة الثورة زمنذاك، واخيرا تخرجي من المعهد ثم معيدا فيه، وغير ذلك من احداث فنية اخرى متتالية وسريعة كوَّنت مني مطربا جديدا في غناء وموسيقى المقام العراقي على صعيد مميز بين اقراني المعاصرين من مغني المقامات العراقية، ونحن لم نزل في العقد السبعيني..!

 

       كل هذه الاحداث وغيرها، زادت من اتساع اسمي بين الجماهير، حتى اخذ اسمي يذكر في مصاف المغنين المقاميين المشاهير الكبار..! بحيث انهالت عليّ الكثير من الحفلات واحياء الاماسي المقامية الجميلة في الاندية الاجتماعية والبيوتات البغدادية العريقة، ومن جانب آخر كثرة الحفلات الخاصة والرسمية التي يرعاها بعض المسؤولين السياسيين من رجال الدولة..! كل ذلك وانا لم ازل في بداياتي..! الامر الذي ادى الى انتباه والدتي الى هذه التطورات في مسيرتي الفنية، خاصة اهتمام المسؤولين الرسميين والسياسيين من رجال الدولة والجماهير بقابلياتي وحضوري الفني في الاوساط الفنية، واستمرار هذا الحضور الفني في الاتساع والنمو والتطور..!

 

       لم تكن والدتي إمرأة ذات شهادة اكاديمية، ولم تكن ذات ممتلكات وافرة في العلوم الاكاديمية. انها انسانة بسيطة من هذا المجتمع، فهي من مواليد 1910 حسب رواية اهلي في هذا الشأن، اذا ما علمنا ايضا ان مواليد والدي هي 1898 ..! فانا صغير اخواتي واخوتي، اي آخر العنقود، وعليه كنت مدللاً من الجميع دون استثناء رغم بساطة الحياة. الكل يخاف عليّ من اي طارئ يحدث، واكثر اخواتي واخوتي اكبر مني سنا بكثير..! ولكن من ناحية اخرى، كانت والدتي تمتلك حساً ووعيا فكريا عفويا وفطريا كبيرا جدا..! أي أن إدراكها وتجربتها ومعرفتها بسير امور الحياة، بمستوى يفوق الكثير من اصحاب العلم والمعرفة والشهادات الاكاديمية..! فهي تقيس امور الحياة بمنظار ومقياس دقيق للغاية، حتى لقـّـبها الناس والمعارف بـ صاحبة المقياس..!

       على كل حال. لاحظت والدتي هذا النمو في تطوري الفني، ومن ثم اهتمام الآخرين بي، وعلى الاخص رجال الحكومة والدولة. وهي تلاحظ ايضا زهوي وإنتشائي من هذا التطور المستمر، مما حدا بها ان توجه لي بعض المحاذير والنصائح المهمة.

-    ابني الحبيب حسين، اني الاحظ انك اصبحت قريبا من اهتمام مسؤولي الدولة ودعواتهم المتكررة لاقامة الكثير من أماسيهم الساهرة، فأنا لا أمنعك من ذلك، ولكن عليك ان لا تجعل من هذا الامر هدفاً وطريقاً للتقرب إليهم لتفخر بذلك..! بل إذهب لتأدية واجبك الفني فقط، حين تـُـكلف ويطلبك بعض رجال الدولة، وعد الى بيتك دون أن تفكر أو تسعى أنت الى العودة إليهم، لان هذا الجانب والتعامل بكثرة مع السياسة والسياسيين غير آمن ابدا..! وعليك أن تأخذ الحذر من هذا الامر..!

-    شيء آخر أود أن انبهك عليه. هو قضية المرأة في حياتك، فأنا أرى أنك مقبل على إقامة المزيد من الحفلات والاماسي الليلية سواء في الاندية الاجتماعية او في الحفلات الخاصة، وفي كل الحالات تكون المرأة هي العنصر البارز في الحضور والتأثير. فهذه الاوساط ليس فيها رجلاً، فالمرأة هي الاقوى دائما..! فعليك أن تنتبه الى هذه الامور ولا ترتمي في مزالقها، وحدد أهدافك الاجتماعية بصورة دقيقة، رغم انك في عنفوان تطلعاتك وأهوائك ورغباتك، فحاول ان تكون صائبا في اختيارك لمرأة مناسبة تكون ربة بيتك لتكوين عائلة صالحة ان شاء الله، ولا تجعلني قلقة ومضطربة عليك دائما من هذه الامور..! وانت تعرف يا ابني، إننا عائلة دينية محافظة لم يمر في حياة أحد منها ان ولج عالم الموسيقى والغناء الدنيوي..! وان يكن ذلك غناء المقامات العراقية ذات الاصل الديني..! فنحن لا نتعامل مع الموسيقى والغناء بصورتهما الدنيوية..!

-    ابني الحبيب، انك مقبل على معرفة الكثير من كوامن افكار وسلوكيات المجتمع. نتيجة حياتك القادمة في صلب المجتمع بشتى فئاته وطبقاته. فاختر بدقة من هو المناسب لك كاخ وصديق تعتمد عليه، واجعل من الجميع اصدقاء بصورة عامة، وتجنب خصومك ولا تخلق عدواً لك..!

-    من خلال نجاحاتك المستمرة ان شاء الله، سيكون لك أعداء في الساحة التي تعمل بها. فلا تخشى من ذلك، فالنفس أمّـارة بالسوء كما قال الله تعالى، وهؤلاء الاعداء هم الذين خلقوا من انفسهم أعداء لك، ولم تسعى أنت الى وجودهم، فنجاحك هو مصدر حسدهم وغيرتهم منك، وفي هذه الحالة كأنهم يقولون لك انك ناحج بما لا نستطيع أن نصل الى قيمة نجاحك. فعامل الناس جميعا بما فيهم الحساد، باللطف والمودة والهدوء والاحترام. واترك امر حسدهم وغيرتهم وعداوتهم الى الله.

-    تعلم الاعتذار سريعا ولا تتردد في ذلك، اذا احسست انك مخطئ في حق الاخر، فالاعتذار ينجيك من تطور الامور السلبية، والاعتذار بالخطأ فضيلة.

-    تعلم الصبر، وابتعد عن الشكوى. واعتمد على الله العلي القدير.

-    ولا انسى ان اوصيك بالتسامح، فان ديننا الاسلامي الحنيف، بل كل الاديان توصي البشر بالتسامح مع اخوتهم البشر.

 

      اخوتي واصدقائي الاعزاء. كي لا اطيل الكلام في التعليق على هذه النصائح الصادقة الامينة، واترك ذلك الى مناسبة اخرى ان شاء الله، فاني والله قد التزمت بكل أعماقها ومفاهيمها الانسانية في الفكر والسلوك والشعور. خاصة انها من أعز الناس، انها من والدتي. رحم الله والدتي، ورحم الله اموات الناس جميعا، والحمد لله على كل شيء.

 

وللحديث شجون

حسين الاعظمي ابتهال اعلمت من ركب البراق غنيما  

https://www.youtube.com/watch?v=lfPEfFk_NFk

حسين الاعظمي قصائد دينية حلقة 29 قصيدة الامام الشافعي

دع الايام تفعل ما تشاء

https://www.youtube.com/watch?v=RwYkls_t9aY

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.