اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (316)- المقام العراقي في حقـبة التحول/ جزء1

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

يوميات حسين الاعظمي (316)

 

المقام العراقي في حقـبة التحـول/ جزء1

قلتُ في امكنة سابقة، بأن حقبة التحول(هامش1) الواقعة في بدايات القرن العشرين، تعني ولادة جديدة للمقام العراقي..! وهي الحقبة التي كان من ابرز ظواهرها ان لم يكن ابرزها فعلاً، ظهور جهاز التسجيل الصوتي وتطور اجهزة الحفظ والنشر والتوزيع والتسجيل. ففي هذه الحقبة احتوى هذا التراث الغناسيقي - المقام العراقي - حدودا اساسية، كان قد تم تطورها وتبلورها بمضي الزمن، خاصة بعد سقوط الدولة العباسية(656هـ _ 1258م) واحتلال العراق من قبل المغول التتر وقائدهم هولاكو ومن ثم تتابع الاقوام الغازية اكثر مما كان من تأثيرات في زمن الدولة العباسية او قبلها، ليصبح المقام العراقي بمرور الزمن والقرون حتى القرن العشرين وهو في ذروة تبلوره وتطوره ونضوجه الاصولي، فورما غناسيقيا تراثيا متحضرا باعتباره تراثا مدنيا تبلور في بغداد العاصمة، وصل الى حد النضوج والوضوح النسبي في شكله ومضمونه بواسطة ما وصلتنا من اصول تاريخية وتجارب متراكمة مخضرمة وعريقة.

 

      لكن اذا استثنينا بعض الرموز الغنائية ما بعد المغني الكبير عبد الرحمن ولي، الذي كان ظهوره في النصف الاول من القرن الثامن عشر، والمغني الكبير رحمة الله شلتاغ الذي كان ظهوره في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، او الرموز التي ظهرت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر او في اواخره مثل احمد الزيدان وخليل رباز وحمد بن جاسم ابو حميد المتميزون في غنائهم واساليبهم الادائية، اذا استثنينا هؤلاء فسنرى ان الاغلبية من المغنين في هذه الحقب غير ناضجين بالمعنى المطلوب ليحصلوا على اهتمام المتخصصين والمؤرخين والنقاد في الشأن المقامي في بغداد على وجه الخصوص..!

 

فليس هناك علاقة ما في القصور او عدم القصور في الرؤية الجمالية والذوقية، سواء اكانت كلاسيكية او رومانسية او واقعية او غيرها، لأن النموذج المقامي بصورة عامة حصل على اهتمام كبير من لدن الجماهير، وقد تم تثبيت هذه الحدود وهذه الاسس الجمالية المقامية خلال حقبة التحول التي تميَّزت بالتطور الصناعي لاجهزة الصوت والتسجيل والنشر والتوزيع والاتصال.

 

حقاً، كان المغنون المقاميون الابداعيون المتميزون في غنائهم للمقام العراقي احـــد

 الاسباب الرئيسة في ظهور الطرق الغنائية الكبيرة في الغناء المقامي الدنيوي..! اضافة الى ان بروز التيارات الجمالية وتأثيرها على الواقع الادائي وتكوين تيارات ادائية غنائية جماعية، من شأنها ان تساعد على ظهور مغنين كبار يشار لهم بالبنان، فقد حاول العديد من المغنين والعازفين على الآلات الموسيقية التراثية (الجالغي البغدادي)(هامش2) تحسُّسْ طريقهم للوصول الى لغة اسلوبية اصيلة يؤدون بها، لغة اسلوبية يحسُّون انها لغتهم الغنائية الخاصة. إلا أنهم لم يتمكنوا كلهم من الوصول لهذا الهدف سوى البعض القليل منهم ممن استطاع تأسيس طريقة انفرادية جديدة تبعها اكثرية المغنين الآخرين في عصره، وبذلك فإننا لم نزل حتى هذا الحين نعيش حالة عبادة الفنان الفرد كما يعبَّر عنها في الكتابات الاكاديمية المختلفة، أي ان هناك رمزا غنائيا ابداعيا يتميز بطريقته، والغالبية يتبعوه متأثرين به وقد يظهر اكثر من رمز غنائي في فترة متقاربة.

 

      لقد حاول الجميع تنظيم لغة اسلوبية منفردة لهم في محاولة لوضع الاسس لغناء وطني اصيل. ولقد كانت اداءاتهم الغنائية للمقام العراقي، تحسنا كبيرا في مجالات اللغة الاسلوبية الكلاسيكية الحديثة التي ورثوها. إلا أن محاولاتهم لم تكن كلها واعية بالقدر المطلوب،بالرغم من محاولاتهم بجهود اكبر، تقليد لغة اسلوبية لم يعرفوا التحدث عنها بصورة وافية، وبالنتيجة اصبح غناؤهم في معظمه تقليد، ولم يعبِّر سوى القليل عن ذواتهم وشخصياتهم الحقيقية..!

 

والى حلقة الجزء الثاني من الموضوع ان شاء الله.

 

اضغط على الرابط

يوسف عمر مقام الحديدي

https://www.youtube.com/watch?v=fbP2dWzX-MY

 

هوامش

1 – هامش1: حقبة التحول- في كل كتبي الصادرة وكتاباتي السابقة فيما يخص غناء وموسيقى المقام العراقي، كنت قد اوضحت على ان العقود الاولى من القرن العشرين كانت مليئة بالتطورات والتحولات، الامر الذي جعلني اطلق عليها– حقبة التحول – وفي كتابي المخطوط – المقام العراقي في مئة عام – قسمت القرن العشرين الى ثلاث حقب حسب الاحداث والتطورات والتحولات التي حدثت، وهي حقبة التحول من بداية القرن حتى منتصف الثلاثينات و- حقبة التجربة –من منتصف الثلاثينات حتى منتصف الستينات و- حقبة النضوج - من منتصف الستينات حتى نهاية القرن العشرين، وهذه الحقب متداخلة مع بعضها وتقريبية.

 

2 –هامش2: الجالغي البغدادي- اعتاد المؤدون المقاميون ان ترافقهم فرقة موسيقية عند غنائهم للمقامات العراقية تدعى بفرقة الجالغي البغدادي. التي تتكون من اربعة آلآت موسيقية وهي آلآت السنطور والجوزة والرق والطبلة.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.