اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• قوانين التحول وناقوس الخطر!

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

جاسم الحلفي

قوانين التحول وناقوس الخطر!

ان حاولنا الاتفاق على ان المرحلة التي يمر بها العراق، والتي سيمت العملية السياسية، هي مرحلة تحول ديمقراطي، من حقبة الحكم الدكتاتوري، وتسلط الحزب الواحد والفكر الواحد الى فضاء الديمقراطية والتعددية السياسية والفكرية، فالتحول لا يفضي بالضرورة الى بناء الديمقراطية وترسيخها كنظام للدولة العراقية الجديدة، فاحتمال الارتداد نحو الاستبداد والتفرد هو احتمال غير مستبعد. وسبق ان برهن التاريخ السياسي على ذلك. هذا إذا تم فهم البناء الديمقراطي على انه ليس انتخابات فقط، وإنما هو عمليه صيرورة متواصلة، تتطلب مستلزمات أساسية. لخصها لنا الفكر والممارسة السياسية عبر التاريخ البشري، حيث لا يمكن تصور نظام ديمقراطي دون تشريع قوانين ديمقراطية، يهدف جوهرها الى توفير الأمن والاستقرار والخدمات للمواطن، ويوفر له إمكانيات المشاركة السياسية في الشأن العام. كي يتم الاطمئنان على ان عملية التحول الديمقراطي تسير بخطى واثقة نحو الديمقراطية.

ان القوانين الأساسية للتحول الديمقراطي هي القوانين التي تؤمن فصل السلطات الثلاث وتأمين مرونة التعاون بينهما، الى جانب قانون الانتخابات، وقانون الإدارة الانتخابية، وقانون حرية الإعلام، وقانون منظمات المجتمع المدني، وقانون الأحزاب. واذ شرع البرلمان قانون لمنظمات المجتمع المدني، والذي لاقى ترحيب واسع من لدن القوى الديمقراطية والمدنية، رغم بعض النواقص التي وردت فيه. فقد اخفق المشرع امام قانون حرية التعبير والتجمع والتظاهر السلمي، اما مشروع قانون جرائم المعلوماتية فمن شأنه تقييد حرية التعبير، ويشكل خرق للقانون الدولي. فيما لم يشرع لغاية الآن قانون للأحزاب ينظم الحياة الحزبية ويؤمن نشاطها، ويلزمها بتبنى المواطنة والديمقراطية في برامجها وعلاقاتها مع المجتمع وحياتها الداخلية. ويدور الصراع اليوم محتدما حول قانون المحكمة الاتحادية والخشية من تمرير مرض الطائفية والانقسام الى داخل القانون، حيث سيشل عمل القضاء ويمس استقلاليته، ويجعله معطلا عن دورة الأساسي في حماية الدستور. اما القانون الذي يخص الإدارة الانتخابية فلازال يترنح أمام غول المحاصصة كي يعمق هواجس عدم الثقة باستقلالية وحيادية ومهنية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وعلامة الشؤم في كل ذلك هو تشريع قانون "سرقة الأصوات" كما أطلقت عليه منظمات المجتمع المدني في حملتها العامة للدفاع عن الدستوري تحت شعار " لا تسرقوا صوتي"

ساهم النواب الذي وصلوا الى مجلس النواب باسم الديمقراطية والتمدن، الذين اشبعونا خطابات تحذر من عودة الاستبداد والتفرد، ساهم النواب الذين كثيرا ما تبجحوا بالليبرالية وحقوق الإنسان، واحترام الحرية الفردية، وساهم معهم النواب الذين تشدقوا بالتزامهم في أحكام المحكمة الاتحادية، ساهموا جميعهم وبأوامر قادتهم المتنفذين، الساعين على تأبيد وجودهم في الحكم، عبر صناعة الأزمة وتعميقها، ساهموا جميعا في وضع حاجز كبير أمام أهم مستلزمات التحول، هو تشجيع مشاركة المواطن وتأمينها من اجل التأثير في الشأن العام.

محاولة المتنفذين في الالتفاف على جوهر الديمقراطية، وتشريع قوانين تستهدف تأبيد وجودهم، وبقاء أزمة نظام الحكم المستفحلة، وإعاقة تشريع قوانين ديمقراطية، ورهانهم على تحويل المواطن من مشارك ايجابي في تقرير مصير بلده، الى رقم سلبي في المعادلة، عبر تغييب الوعي، وشل الإرادة الوطنية. قد يربحون المتنفذون اليوم مكتسبات ومنافع شخصية، لكنها بالتأكيد ستكون وقتيه، اما المواطن، وكما هي تجارب الشعوب، لن يقف متفرجا سلبيا طوال الوقت، فحين يتم التجاوز على حريته وكرامتهن ولم يترك له المتنفذون، خيارا ديمقراطيا، يعبر من خلاله عن ذاته، وحينما تغلق أمامه شيئا فشيئا أبواب التعبير السلمية الديمقراطية والتي أمنها له الدستور، فسيقول كلمته بالطريقة التي يختارها واضحة قوية مدوية، كما قالتها الشعوب التي سدل عليها الظلام ولفتها خيمة الظلم.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.