سعديه العبود

                  ألآجيــر

سمع البواب صوت انين مكبوت قرب الباب الخارجي , دنا من الباب وتلفت لم يرَ احد ,عاد ادراجه لكن ..؟

عينيه سقطت على كتلة سودا ء  دنا منها وهو يبسمل بايات كان قد حفظها في صغره يستخدمها للخلاص من الجن أواي َ مخلوق غريب , تعوذ بالله وهو يدنو منها , ما هذه ؟

 مستفهما عله ان يجد جواب ، او يساعده احد، اوتفصح الكومة عن نفسها  ،.سمع سعال متقطع ومتكرر, كانت المرة الاخيرة اطول من سابقاتها اعقبها ارتفاع طرف العباءة  من تلك الكومة ليفصح بأنها تمثل كائن بشري. صاح بذعر ---مظلومة ,لم تستطع ان تكلمه ، بل اومأت برأسها معلنة الايجاب , لكن نوبة السعال عاودت لتكن القاضية والاخيرة .

كانت مظلومة  عندما تقدمت للعمل لم تزل صبية حيث التحقت وهي ذات الستة عشر ربيعا ، لم تكن بعد قد بلغت السن القانوني للعمل الا ان حاجتها هي التي اجبرتها  ,فقد توفى والدها في ضروف غامضة حين كان يرقد في احد المستشفيات العقلية . ولما كان الوضع الاقتصادي سئ لم تكلف العائلة نفسها مشقة البحث عنه اما والدتها فقد كانت تعاني من مرض مزمن اقعدها ,حيث كانت تعمل اجيرة في هذا المعمل , ولتعاطف مدير المعمل وافق على ان تعمل مظلومة محل والدتها لاسيما وأن شقيقتها الكبرى  كانت  كفيفة لاتستطيع العمل . وكرد جميل لمقر العمل  كانت تمنح جل طاقتها في العمل .تعود في المساء تحمل لهم بقايا طعام ما جاد به  الموظفين او ما تشتريه في طريق العودة من اكل جاهز رخيص وبما يكفي لسد الرمق مع بعض الاحتياجات الاخرى .

تباشر  مظلومة في العمل عند  الساعة السابعة , فعليها ان تنظف الغرف والحمامات قبل مجيء الموظفين , لتذهب بعد ذلك الى داخل المعمل حيث تقوم بتنظيف اجزاء المعمل مع رفع النفايات المتراكمة جراء العمل الليلي , وتستمر في اعمال التنظيف لغاية الساعة الرابعة ، ثم تعود برفقة صاحباتها الى دورهن .

كان ذلك العمل يسعدها لانها تعود منه بشئ يستر حاجة العائلة بالاضافة الى انها كانت تمني نفسها بكسب رضا مسؤولها كي تحضِ بالتعيين .

قرأت كل قرارات العمل وعرفت ان خدمتها هذه محسوبة وان لديها نقابة تدافع عن حقوقها. لكنها تفاجأت عندما عرفت انها غير مضمونة , فالتنظيم النقابي يكن  للعمال العاملين في القطاع الخاص حيث ان قانون العمل  يجبر صاحب العمل على دفع الضمان لما كان عددهم ثلاثه فأكثر ,اما هي  فتعمل في احد معامل الدوله ، وكانت تتوقع ان العمل فيها مضمون, لذا تحملت الاجر القليل على هذا الاساس . ولم يدر في خلدها ان القرار رقم 150 لسنة 1987 قد حول العمال الى موظفين ,بذلك لم تشفع لها سنواتها السبع عشرة التي قضتها في المعمل وسط ضجيج الالات والنفايات, والغازات المحترقة و التي باتت تسبب لها سعال. كم مرة طلبت منهم ان يحولوها الى عاملة مؤقتة بعقد كي تضمن فرصة في التعيين , لكن لم تفلح..تشبثت هنا وهناك وترجت كل قادم الى المعمل دون نتيجة .تنظر برجاء الى المسؤول الاعلى فالعمر قد سبقها وفرصها في العمل في مكان اخر باتت ضعيفة .لم تعرف احد ممكن ان يؤثر على المسؤول .نذرت وتأملت ولكن دون جدوى .

بدأت صحتها تتردى وبانت علامات الضعف والوهن عليها  حتى باتت حركتها بطيئة وضعيفة ,الاجر الذي تستلمه لايكفي لتسديد ايجار الغرفة ومصاريف البيت .اهملت صحتها لان ذلك يعني زيارة طبيب ودفع اجور المعاينة , طلب منها الطبيب في احد المرات  اخذ علاج لمده طويلة لغاية ما يظهر عليها التحسن ,لكنها لم تستطع ان تنفذ التوصية .

مظلومة : هكذا نودي عليها بصوت مرتفع ,كان ذلك الصوت يطلب منها تنظيف الغرفة , حاولت ان تبدو قوية كي لاتظهر ضعفها وتستمر في المحافظة  على عملها, ربما تطرد اذا تهاونت , تحاملت على نفسها ,احست بآلام في البطن حاولت القيام كانت اضعف من ان تحمل نفسها كان الشحوب يبدو على محياها تراءت لها الغرف متلاصقة ,رفعت يدها لتفرك عينها لانها احست ان نظرها ليس على ما يرام .بالكاد استدلت على الغرفة ,

ما هذا ما بك : هكذا صاحت بوجهها الموظفة التي نادتها ,كان الشحوب والضعف يمنعها من القيام بالعمل .وقبل ان تجيب اخذتها نوبة سعال نفثت على اثرها  بلغم فيه خطوط حمراء   ماهذا ؟ اخرجي اذهبي الى دارك ولا تأتي بعد .

انهارت باكية بنشيج مسموع تلعن حظها الذى اتى بها الى هذا المكان .رمت لها احد الموظفات مبلغ بسيط من المال وطلبت منها ان تعالج صدرها ولا تأتي بعد .

ذهبت الى العيادة الشعبية قال لها الطبيب :

هذه اعراض التدرن انت مصابة مرضك معدٍ ,لا يوجد دواء في صيدلية المركز الصحي ,بأمكنك شراءه من الصيدلية الخارجية  . تحتاجين الى فترة راحه, وغذاء جيد  , وسكن صحي , فترة العلاج اكثر من ستة اشهر عليك بالالتزام بالتوجيه و------

لم تستوعب ما قاله المهم عرفت انها مطرودة من العمل ولا يوجد لديها اي مبلغ للعلاج وكل ما قاله الطبيب غير ممكن تنفيذه .

اين تذهب حتى الضمان ابلغها بان العاملين في دوائر الدوله غير مشمولين ,ووو؟؟؟؟؟؟ اسئلة كثيرة تدور في راسها  وليس لديها جواب .  عادت الى البيت لم تستطع النوم  ......لتذهب في هذه الساعة الى المعمل وتنتظر قدومهم لعلهم يشفقون عليها ويرمون اليها اي مبلغ .فقد خدمتهم خارج اوقات  عملها المكلفة به وجاء الوقت الذي يسدون اليها الجميل  ولربما يدفعون لها اي مبلغ تقيم به اودها اوتشتري علبة دواء . بالكاد وصلت المعمل وتمسكت ببابه المغلقة فلم يحن موعد الدوام الصباحي  بعد , لم تستطع ان تقاوم  احست باطرافها تخونها ,قبضت على الباب وبكل ثقلها لكن قواها خارت وفقدت قدرتها على الوقوف و سقطت على الارض .

ما بك ما هذا ؟ : هكذا صاح اول قادم للمعمل موجها كلامه الى الحارس

انها مظلومة :

ما بها

لا اعلم ولكنها لا تتحرك

ابعدها عن الباب واتصل بالاسعاف

لم يلتفت اليها الرجل  المصاحب الى سيارة الاسعاف لانها فارقت الحياة ولا ضرورة لاسعافها         

  سعديه العبود