اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• متى تعود الطيور المهاجرة .... ؟؟؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعديــة ألعبــود

مساهمات اخرى للكاتبة

·        متى تعود الطيور المهاجرة .... ؟؟؟

 

     (   دعوة لإعادة الحياة إلى الاهوار  )   

                                   

رسالة للوطن من عمق الاهوار

                        رغم كل الحقد نبقى إحنا أنصار

 

 

 

سالم يا وطنا        يا شمعة أهلنا       سالم يا وطنا    يا شمعة أهلنا

 

وقفت معلمة  مادة الجغرافية تدرس موضوع عن العراق لطالبات  المرحلة المتوسطة وهي تشير على الخارطة المثبتة على الجدار مسترسلة بالحديث عن العراق :

يعد  العراق من أغزر المناطق في العالم , حيث يتميز بوفرة خيراته ومياهه ولا يوجد بلد في العالم له نهرين عظيمين كنهري دجله والفرات وروافدهما  , بالإضافة إلى الينابيع والعيون والآبار .كما يوجد في العراق بحيرات كالرزازة وساوه والحبانية كما يتميز بوجود الاهوار.

 

والهور منخفض مائي أزلي منذ  العصور الجليدية ,ويستمد مياهه من تجمع مياه الأنهار العذبة .ومن أشهرها هور الحويزة الذي تبلغ مساحته 8879كم2 ويقع في جنوب العراق عند مدينة العمارة وهور الحمٌار والذي مساحته بحدود 5000كم2 ويقع عند مدينة الناصرية .تبسمت الصبية ذات الأربعة عشر ربيعا وتمتمت كنت اقرأه الحمار بدون التشديد ,تابعت المعلمة ويمكن ملاحظة ذلك (وأشارت بيدها على الخارطة)حيث يتكون من مناطق ضحلة (وأشارت إلى المنطقة المؤشرة باللون الأزرق منقط) وهذه عمقها عدة أقدام والمنطقة العميقة (وأشارت إلى المنطقة الملونة بالأزرق الغامق).وتنسحب المياه في فصل الصيف عن المناطق الضحلة مما يدعو إلى زراعتها بالرز. وتتميز هذه المناطق بزراعة الرز .بطريقه تسمى الشتال لتنتج صنف العنبر الذي يعد من أطيب أنواع الرز بنكهته المكتسبة من طيبة هذه الأرض ونقاء سكانها  .  يقترن  تاريخ هذه المنطقة بتاريخ العراق حيث سكنها السومريين والأكديين وفيها كان الطوفان وكانت ملحمة كالكامش ويمكن ملاحظة أشكال وهندسة البيوت في  الآثار السومرية .وقد قال احد الباحثين أن سحنة أهلها تشبه إلى حد  كبير أشكال السومريين . حافظ السكان على تقاليدهم وعاداتهم ومورثهم  منذ 5000 سنة .

ينمو نبات القصب والبردي في هذه المنطقة وبشكل طبيعي وقد طوع السكان الطبيعة لصنع كل ما يحتاجوه في الحصاد وبناء البيوت حيث يتم بناء البيت فوق القصب وعلى ارتفاع أربعة  أو خمسة أمتار الذي يسمى جبشه, ويبنى بيت القصب فوقها ,ومنها جاءت الجبايش وهذه ترتفع بارتفاع الماء وتنخفض بانخفاضه أي إن بيت القصب في الهور لا يتعرض للغرق .كما يتم صناعة  العدد المنزلية وأدوات الصيد والنقل من القصب , حيث لا يخلو كل بيت من قارب يستخدم للتنقل والصيد و يسمى بالشختور أو  المشحوف .

تناهى إلى سمعها صوت ريفي يصدح يابو المشحوف تانيني ---------,وصوت آخر مشحوفي طر الهور والفالة بيدي ------.يومها سألت جدتها ما الفالة؟اخبرتها بأنها تصنع من الخشب وتعمل على شكل شوكة الطعام   يستخدمها سكان الهور في صيد السمك أثناء مروقها أمام الصياد وذلك بوخزها بقوة وسرعة, تعجبت من مهارة هذا الصياد ودقة تصويبه إلى الهدف وكم من مرة حلمت برحلة صيد السمك  وهي تستخدم المشحوف.

عاودت الاستماع إلى الدرس :يعتمد السكان على صيد الأسماك والطيور الوفيرة وخاصة في فصل الربيع ,بالإضافة  إلى صناعة منتجات الألبان ويصنع القيمر بالدرجة الأساس نسبة لكمية الدهن الموجود في حليب الجاموس حيث تصل إلى 9%مقارنة بنسبة الدهن في حليب البقر المقدرة ب 3,5%وهذا ما يمنح السكان القوة والصلابة نتيجة تناول هذا الحليب ,حتى انه يوصف للمصابين بالكسور حيث يسرع عملية ألتآم الكسر .

 يبلغ عدد السكان نصف مليون نسمة  ويسمونهم المعدان ,واصل التسمية مشتقه من ميدي أو ميديا وهم سكان عيلام   من المناطق الشرقية لإيران  أو هم المعدن الأصلي لسكان العراق, وقسم يوعزون التسمية إلى المُعادين, نسبة إلى التجاء الثوار إلى هذه المنطقة لما فيها من  متاهات ومناطق مضللة وصعبة ,تجعل المقاومين  فيها بمأمن عن المداهمة, وقد التجأ إليهم قسم من أهل البيت أيام معاركهم مع العباسيين ..

سرحت ثانية وتنهدت المقاومة ----------- الهور-------- لقد فقدت فيه قبل سنتين احد أعمامها ,قيل لهم لقد أضلوا الطريق في  الهور في منطقة تابعه الى الشطرة تسمى الغموكة .كان ورفاقه في الهور عندما كانا مقتنعين بأن الكفاح المسلح هو  طريق التغيير ,لكن النتيجة  ان فُقد في الهور, وقد حضر رجال الأمن إلى دارهم للتحقيق والبحث عنه ,التزمت حينها  جدتها الحداد ,كانت مدركة بأنه لن يعود. وكل الذي حصل أن السلطة ألعارفيه اهتزت وسلمت القيادة إلى حكومة أخرى ,وبقت علامات الاستفهام والمراقبة حصتهم من كفاحهم هذا.

 

 

دعاها شقيقها ذات يوم ,عندما كان يعمل في معمل الورق ,لزيارة الهور,وكم شوقها لرحلة الهور هذه ,خاصة في هذا الفصل من السنة حيث يجد الناظر بأن الهور مطرز بألوان الطيور الزاهية . وينصب  الصيادون شباكهم بطريقة توهم الطيور وترغبهم  بتناول الطعام, ويتم الصيد بكل هدوء وسرعة .دعاها أن ترى الطيور المهاجرة من سيبريا إلى إفريقيا وبالعكس حيث تلتجئ هذه الطيور إلى هذه المنطقة منذ الأزل وهي منطقة استراحة طبيعية عرفتها الطيور المهاجرة كجزء من نظام رباني ينظم هذه الرحلات .وسوف يتناولون السمك من يد صياده مباشرة  الذي يطلق عقيرته ويبدع في مواويله وغناءه وهو يلم شباكه ,تجدين الكل يدعوحبيبه حتى الحيوانات ,اصوات الجنادب واصوات الضفادع تعزف لحن الوحده والوحشه في ليل يحتضن القمر سطح الماء,كما أردف ,لقد زرت فينيسا في ايطاليا إلا أني أجد هذه المنطقة أجمل بكثير من تلك . يسمونها فينيسيا الشرق لسحرها وجمالها .حتى ضنت أن معزوفة بحيرة البجع عزفت لهذا المكان ,وأن الشاطر حسن خطف ريش احد البجعات التي هام بها  حبا كي يؤخر رحلتها إلى جزيرة ألواق واق  ويتزوجها .حتى صديقتها المندائية عندما دعتها لحضور مراسيم الزفاف لاحظتهم بملابسهم البيض وهم يغمرون في الماء وبقية الأصحاب يبنون بيت القصب إلى العريس, يمارسون طقوس تحكي ارتباطهم بالماء والقصب .لا تعلم ما الذي جعلها تؤجل سفرتها هذه ربما الحرب أو خاطر آخر مر في ذهنها .

هذا الآخر فقد في حملة جند لها السكان بالإكراه  لحصاد القصب أيام الحرب العراقية - الإيرانية .فقدت, وفقدت, وفقدت .سنوات مرت وهي تعيش في دوامتها وإحزانها .لم تعد تعنيها الطبيعة ولا السفر ولا الهور ولا حتى جزيرة ألواق واق .

الهور مرة أخرى كان ذلك المنظر المثير والمؤثر  يوم جئ بشيخ كبير يكنى أبو سوده مكبلا بالأغلال وتم رميه بعدة أطلاقات ناريه ,أمام  مقر الفرقة الحزبية واجماع الناس, في تلك الناحية التي تطل على هور الصليجيه. وفي سيارات  أخرى جلبت نساءه وجواميسه لتقدم نهبا لكل من يرغب  ولولا وجود بقية حياء عند الناس لكانت الكارثة اكبر. .وكانت تهمته ضيافته إلى هاربين من الجيش مروا في مضيفه ومن ثم أبحروا في الهور .

ثم كان الهور في عام 1991الكارثه الأكبر الذي فقد فيه خمسون إلف من شبابه بين قتيل ومفقود ولاجئ, وشردت مئات ٌالألوف ورميت المنطقة بأسلحة محظورة  دوليا .ثم كانت الرسالة التي أرسلت  لمشايخهم عن كيفية صيد سمكة في حوض كبيرملئ بالماء ,حيث لا تتم إلا بتفريغه  من الماء ,وبذلك اُبتلع الهور في المصب العام الذي كان مخططا له أن يكون مبزل ببين نهري دجلة والفرات منذ خمسينات القرن الماضي. تم ربطه بنهر الفرات مما أدى إلى ضياع مياه الفرات والهور في المصب العام .و تحول إلى ماء مالح من الناصرية وحتى خور البصرة .تلك  كانت اكبر كارثة بيئيه خلقت عدم التوازن  البيئي في الطبيعة ,في منطقة كانت من أرطب البقاع.حيث درجة الحرارة في اغلب أيام السنة (250 يوم )لا تتجاوز ال25م .

وبعد أحداث2003 سمعت بمشاريع إنعاش الاهوار, وتعيين وزيراً للاهوار من أهالي المنطقة , وعودة الطيور المهاجرة ودعوة السكان الأصليين للعودة إلى مرابعهم.وتجدد شوقها لزيارة المنطقة . كانت هذه المرة  للاطلاع على الحياة الجديدة التي أعيدت لسكان الهور هيبتهم وفاءً لمواقفهم في المقاومه.

وفي أعقاب تشرين الثاني كان ذلك. أذن  ستكون فرصة مناسبة  لها لرؤية الطيور المهاجرة ,وستبحر في الهور , وقد تم إخبارها بأنهم سيعدون مشحوف لكل وافد, وستنظم  لهم زيارة إلى العوائل للاطلاع على كيفية تسخير الطبيعة ووووو .

أقلت السيارة من الناصرية وكان الإدلاء يتغنى بالطور الشطراوي لناصر حكيم ولم يغب عنهم صوت حضيري وداخل حسن  ويأس خضر الذي قلده احدهم . حتى رأت بعيون الحاضرين السعادة و هم يستعيدون شبابهم في فقشات ومرح اختزل ثلاثون عاما من أعمارهم , ضاعت دون إرادتهم .ورغم ألكهوله التي بانت على مظهرهم  ألا أن للذكريات الحلوة وقع على النفوس تعيدهم  شباب رغما عنهم .

سارت الحافلة على طريق طويل يتوسط منخفض و يرتفع بحدود 5-6 أمتار عنه  من الجانبين  في شارع مرصوف ومعبد يقترب عرضه من 15 م ,تمتمت ما أجمل هذا الطريق في الريف.فقد وجدته  خالي من المطبات قيل انه يصل الى البصرة .توقفت الحافلة وأتجه الوافدون إلى سرادق يبعد بمسافة   اكثر من 500 م.و يصطف على جانبي الطريق  أطفال   ناحية الفهود,احد النواحي التابعة إلى الحمار  تتقد مهم الطفلة خديجة التي رأت من ملابس الحداد أجمل لون عايشته في قريتها  يحملون الأعلام العراقية ويرحبون بالقادمين وينشدون :

سالم يا وطنه    ياشمعة أهلنا

رسالة للوطن من عمق الاهوار

 صعقت وفغرت فاها  ,أهذا الهور الذي جعلتمونا نحلم به ؟ هل هو هذا المنخفض الذي  على مد البصر هو من تمنونا به ؟ وهذا الطريق هو السكين  الذيوضع على نحر  الهور, ومنع وصول ماء الفرات أليه .وهذه الأطفال البائسة من عوائل الشهداء هم من  عاش مأساة الحياة  في الهور ومشاريع إنعاشه البائسة ؟لقد كانت مفاجأة مذهلة قضت على كل الصور المرسومة في خيالها .

احتضنتهم وكانت تذرف دموعا لو قدر لها أن تعيد الهور لذرفتها  لهم .وتساءلت:

ألا زلتم تتغنون بالوطن وتعاهدوه ولم يحاول قادتكم أعادة البسمة إليكم

لقد صُرفت ثمانية  إلى عشرة  مليارات من الدنانير لبناء مرسى للسفن في منطقه لا يوجد فيها شبر ماء .

واُنفق أربعة عشر مليار في نصب تخليد شهداء الهور  في منطقه لاتصل أليها زوار .

 وبقى أبناء الهور بدون مدرسة ,أو مراكز تسويق الحليب أو معامل البان .

ووقف معمل قصب السكر يناغي معمل  الورق وينظران  إلى الأفق لعله يلمح قصبة يصنع منها ناي ينوح على ليلاه.

وراحت الجاموسة تبحث عن مكان لعلها تجد بقيعة ماء تأخذ قيلولتها فيها .

وسخر الخضيري والحجل والدراج لأنهم  وثقوا من عدم التمكن من صيدهم.

اذن هذه السرادق نصبت للمعزين,وهذه الوفود حضرت للتشييع ولم يبق الا ان تذر بعض التراب لوداع الحمار ويسدل الستار على شاهد على التاريخ والجريمة كان  اسمه الهور .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.