اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• أقصوصة : على عتبة الباب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

عبدالرزاق اسطيطو

 

 أقصوصة :

                على عتبة الباب

 

الباب نصف مغلق وعلى حافته الرخامية جلست تلك القطة الشقراء بعينيها اللامعتين الخضراوتين ترنو إلى صمت الدرب.... لم يكن ثمة أناس يذهبون أو يجيئون ، فالليل امتلك بلونه الأسود كل شيء والأطفال استسلموا لدفء أحلامهم الصغيرة،

كانت تعرف مواقيت مروري خاصة أول الليل لذلك لم تكن تخفي شيئا من وجهها الساحر وهي تقف على عتبة الباب، أو وهي تطل  من شرفة البيت كأميرة يونانية، يتدفق سحر الكلام من عينيها غير مبالية بوعيد أبيها الشيخ السي الصالحي فقيه حينا... ولتتألق أكثر كانت ترتدي فستانا بلون البنفسج وتضم إلى صدرها الناهد قطتها الباريزية، حتى إذا ما سبقني ظلي على رأس الدرب وبدا وقع خطواتي  واضحا لها ، والتقت العيون وتولد ذاك الإ حساس الغامض المستعصي على الفهم ، تركت الفرصة لقطتي لتنفلت من بين أصابعها وربما بتحريض منها  كانت القطة الشقراء تعدو باتجهي بكل ما تملك من قوة لتقتفي هي بعد ذلك أثرها متمتمة بكلمات أفهم منها أنها تحذرها من مغبة الهروب ثانية.

كنت إذا ما تأخرت عن موعد مروري قرب بيتها أجد القطة الباريزية وحدها في انتظاري وربما كانت سيدتها في تلك اللحظة منشغلة بطلبات والدها الشيخ السي الصالحي، حتى إذا ما تأكدت القطة من وجودي وتشممت رائحتي جيدا وتمسحت بي تسللت بخفة ممزوجة بفرح طفولي إلى داخل البيت لتخبر سيدتها.

وكطلعة الشمس تطل فاتنتي تسبقها  قطتي بخفتها وهي ترفل في ثوب نومها،وبكل كبريائها وروعتها تنحني على القطة الشقراء فتحملها بين ذراعيها كما تحمل الأم وليدها وتدفنها في صدرها وتشرع في تقبيلها وملاعبتها وتتمطى قطتي بغنج وتجعل من صدرسيدتها وسادة مخملية مطرزة بعبق العطر الباريزي الفواح. وبداخلي كنت أحسدها ، كنت أتمنى لو كنت مكانها.

كنت أريد أن أقول لها ذلك ، كنت أريد أن أقول لها كلمات بحجم جنوني بها وحبي لها، وقبل أن أراها كنت أختار من بطون الدواوين أجمل القصائد الغزلية وأرددها بداخلي كما تردد الأدعية ساعة الفجر وفي قرارة نفسي كنت أعرف أنه إذا ما التقت  عيني بعيني تلك القطة الساحرة فستهجرني القصائد كالحمائم البرية وينتفض من جديد ذاك النبض الصارخ وأنشغل بها.

 

عبدالرزاق اسطيطو

من المغرب

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.