اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• كيف ينبغي أن يكون الناقد الجيد؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

عبدالرزاق اسطيطو

 

  الناقد الجيد

 

كيف ينبغي أن يكون الناقد الجيد؟

 

فالتجريب إذن سابق بقرون في الثقافة العربية الشعرية ومنها القصائد الصوفية، عن جماعة الشعر المنثور وعن جماعة قصيدة النثر وعن تبني أدونيس وأصدقائه يوسف الخال وأنسي الحاج وشوقي أبو شقرا والماغوط... وسابق عن الكتاب المترجم لسوزان برنار<قصيدة النثر من بودلير إلى الوقت الراهن> وسابق عن دواوين بودلير <أزهار الشر > <وسأم باريس> <والبقايا> مع فرق في الإنتشار والقبول عند الشعراء والجمهور والنقاد، فقديما ظل التحديث بطيئا ومحاصرا ومنبوذا،لطبيعة النسق الثقافي والسياسي والأخلاقي المحافظ، لكن مع جماعة شعر وجد نسقا  وبيئةمتحررة، أي وجد انبهارا بكل ما يأتي من حضارة وثقافة الآخر خاصة الفرنسية،ووجد الغطاء الإعلامي له خارجيا وداخليا بداعي الحداثة والتقدم الذي يواكبه ويمجده وينظر له عبر الدراسات والمقالات ،مجلة شعر كمثال وطباعة الدواوين وتشجيعها مثال دواوين أنسي الحاج وتشجيعها عبر حفلات التوقيع وكذا خلق أنشطة ثقافية موازية وأمسيات شعرية عبر ربوع الوطن العربي وخلق جوائز تقديرية وطباعة الدواوين الفائزة.

وسوزان برنار نفسها قبل أدونيس تعرضت للنقد، وما زالت تنظيراتها لحد الآن تتعرض للنقد ،بالسقوط التدريجي لمرتكزات قصيدة النثر ولإستسهال الكتابة الشعرية تحت يافطة التجريب أو بوجود قصيدة النثر في الكتابة الروائية والمسرحية والرسائل الأدبية،وأدونيس نفسه عاد بعد الدعوة إلى الثورة والقطيعة مع الثراث الشعري العربي إلى البحث عبر الثقافة الشعرية العربية عن جذورلقصيدة النثر فيها،لإثبات هويتها  العربية،

فالتجريب لم يكن سبقا ولا ثورة امبريقية في الثقافة الشعرية العربية.

ففي رواية لأبي حاتم السجستاني أنه سأل الأصمعي عن أي الشاعرين أشعر بشار ابن برد أم مروان ابن أبي حفصة؟ فقال الأصمعي ،بشار وعلل الأصمعي ذلك بقوله <لأن مروان أخذ بمسلك الأوائل سلك طريقا كثر سلاكه ،فلم يلحق بمن تقدمه وأن بشارا سلك طريقا لم يسلكه أحد فانفرد به وأحسن فيه> .

فبالثورة على المقدمة الطللية الغزلية ومحاولة خلق أشكال إيقاعية جديدة سينقسم النقاد إلى طائفتين ومعهم جمهور القراء حول ماهية الشعروحدوده الفنية وهل هو موهبة أم صناعة وهل هو تقليد أم تجديد وكيف تحقق القصيدة  شعريتها  وهل العروض هو المقياس والقاعدة المطلقة في بناء إيقاع الشعر باعتبارأن الأذن العربية أذن مموسقة، أم هي قاعدة نسبية وقوالب قد لا تستحمل أحيانا فوران وحرارة الأحاسيس أثناء البوح الشعري ،وهل كل الأشكال المستحدثة هي خروج عن الشعر وعن المعيار فيه،كما قال الآمدي في الموازنة بخروج أبي تمام بغموضه إلى المحال وأن شعره هذا ما نطقت به العرب وإذا كان ما يقوله أبو تمام شعرا فكلام العرب باطل.

ما الشعر إذن؟ يقول ابن خلدون في المقدمة ص 422< اعلم أن لعمل الشعر وأحكام صناعته شروطا أولها الحفظ من جنسه أي من جنس الشعر حتى تنشأ في النفس ملكة ينسج على منوالها> .

فالتحديث في الشعر هو أساس التحديث في النقد وهو أساس انقسام الجمهور والنقاد إلى طوائف ،وكل طائفة تعلل رفضها او قبولها ،وفي التعليل كان الإجتهاد ،والخروج بمفهوم النقد من الإنطباعية ،إلى المنهج الثابث المعلل الذي يتعمق في حيثيات القصيدة ومكوناتها. فصارت قواعد فنية وعلم بالشعر ،وصار النقد صناعة متعارف عليها .

فالنقد إذن ليس هو ذكر المحاسن دون المساوئ أو العكس أو الحكم على القصيدة أو النص دون تعليل،فالنقد هو ذكر محاسن ومساوئ القصيدة أو النص أو أي عمل إبداعي من أي جنس كان، مع التعليل, فالنقد الأدبي هو الذي يميز  الجيد من الرديء وليس إلباس الرديء زينة الجيد وإضفاء طابع الشرعية عليه وإدخاله مملكة الشعر.

النقد هو طول نظر الناقد وعمق فكره ورويته وتذوقه ونزاهته بعيدا عن المجاملة والإطراء البرغماتي ،النقد دراسة وعلم ومنهج وبحث واستقصاء وعشق وإبحار في عمق العمل الأدبي لإضاءته ولتبيين جيده وتمييز صحيحه من زائفه ، وتحديد مكامن الجمال  الذي يسمو به أو علامات القصور الذي تحط من قيمته الجمالية والفنية.

والناقد هنا  ينبغي أن يكون عاشقا ومبدعا وذواقا ونزيها وعالما بالنصوص الشعرية والنثرية وبحدودها الفنية،وملما بتاريخ تحولاتها عبر التاريخ متمكنا من الأدوات والمناهج والمدارس النقدية ويعرف كيف ومتى يستثمرها ويطبقها على المتون ،فالناقد هو مبدع للنص وللقصيدة وللديوان الشعري من جديد،لذلك لا بد له من شرط الموهبة والمعرفة الشمولية والقدرة على السباحة في أعماق بحر الشعر.

يقول أدونيس في كتابه زمن الشعر ص59< الإبداع لن يمكن تقويمه بمقياس الماضي وأن الطريقة التقليدية في فهم الشعر الجديد وتقويمه ستكون باطلة لا تجدي ،فلكل إبداع جديد تقويم جديد ،فلكل رؤية جديدة فهم نقدي جديد، ستكون قيمة النقد متعلقة بقدرة الناقد على الغوص في التجربة الجديدة بحد ذاتها ،وضمن حدودها ،وفهمها،واستخلاص معناهاوتقويمها>.

فهل كل ما ينشرحاليا من قراءات نقدية ينطلق من هذا الفهم لا أظن ذلك فهناك بعض القراءات منطلقاتها فاسدة  هذا ما سأتناوله لاحقا.

يتبع

 

عبدالرزاق اسطيطو

المغرب  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.