اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• قساوة الدنيا ومآسي الحياة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اكرم يوسف تمرو

قساوة الدنيا ومآسي الحياة

 

كل مدينة كبيرة تزعج سكانها بضجيج سياراتها وهوائها العفن المليء بثاني اوكسيد الكربون والاتربة .. كان علي يسكن مع زوجته زينب  في احد احياء هذه المدينة وفي دار قديم صغير ورثه عن ابيه ، كان لعلي اطفال ثلاثة ، اكبرهم حيدر ومن ثم ياتي سلمان واخيرا حميد ، كانوا صغارا ،كان علي يعمل مع صديق له شريكا في دكان صغير في سوق المدينة ، كان الاثنان يربحان من عملهم ربحا لا باس به ، تعلم علي احتساء المشروبات الروحية مع بعض من الاصدقاء ، فاخذ يصرف على اصدقائه كل يوم اموالا  ، ويدفع حساب الطاولة يوما بعد يوم ، فترك اطفاله وزوجته دون نقود ودون ملابس .. ثم اخذ بالغياب ولم يكن يتردد علىالبيت الا اياما معدودة في الشهر ، وحينما كان ياتي الى البيت وكانت زوجته تطالبه بالمال ، كان ينهال عليها بالضرب المبرح وامام اطفالها .. اما زينب زوجة علي فكانت تعمل في احد معامل الخياطة ومن ثم ترك ابنه الكبير حيدر مدرسته واخذ يعمل حمالا يحمل الامتعة في السوق ، ومرت عدة سنوات على هذا المنوال افلس علي وصرف كل ما لديه وما كان يملك ، وحصل شجار بينه وبين شريكه واثناء الشجار اتهم علي شريكه بالخيانة ، فقال له الشريك( انت صرفت كل ما تملك ولا تعرف كيف صرفته ، ونصحتك عدة مرات ولم تاخذ بنصيحتي .. وهذه هي نتيجة كل من لا يعرف التصرف في هذه الحياة ) . واشتد الشجار بينهم بالكلام وتطور الى استعمال الايدي ، وهنا ضرب علي شريكه بسكين كا يحملها معه دائما قتله في الحال ن وتم القاء القبض على علي وحكم بالاعدام شنقا لأنه من القتلة والمجرمين .. اما حيدر فكان يساعد امه بجمع المال ويصرف على اشقائه سلمان وحميد كي يستمرا بدراستهما ويكملا تعليمهما ،وحين اكمل حيدر سنه القانوني تم سوقه الى الخدمة العسكرية الالزامية وسيق الى احد مراكز التدريب ،وتم تدريبه على استعمال مختلف صنوف الاسلحة .. وبعد انتهاء فترة التدريب سيق الى  الى احدى الفرق العسكرية التي تقاتل  شرق العراق ابان الحرب مع ايران انذاك والتي استمرت ثمان سنوات بالتمام والكمال ، اخذ حيدر يقاتل كباقي الجنود ودخل عدة معارك ، وبعد مضي ثلاث سنوات تمت ترقيته الى رتبة رئيس عرفاء ..وفي احدى المعارك سقطت قذيفة مدفع ثقيل على موضع حيدر مع بعض زملائه الجنود ، وحين وصلت فرق الانقاذ وجدوا حيدر ينزف بشدة وهو صامت وغائب عن الوعي ، فتم نقله الى احدى المشافي العسكرية ، وهناك بترت ساقه اليسرى ، واجريت له في الحين عدة عمليا اخرى ..وبعد حين فتح عينيه ليجد نفسه في المشفى وبساق واحدة .. فاخذ بالبكاء ..وبعد ان شفي من جراحه احيل على التقاعد وتم تصمصم ساق اصطناعية له ،وفي احد الايام كان جالسا في منزله مع امه زينب واشقائه ، نظر اليهم وقال .. ادرسوا واحصلوا على الشهادة وانا ساعمل واجلب لكم المال الكافي لإكمال دراستكم وسوف اعمل بساق واحدة ، فقرر شراء سيارة اجرة ، اذ كان يملك بعض المال واستدان البعض الاخر من بعض الاصدقاء ،فاخذ يعمل بسيارته ليلا ونهارا وسدد ديونه التي كان عليه تسديدها خلال فترة قصيرة ..وبعد عدة سنوات اصبح  سلمان طالبا جامعيا يدرس في كلية الطب  وحميد في كلية الهندسة ،اما زينب امهم فقد داهمها المرض فاخذ حيدر بعلاجها ويشتري لها الدواء مهما كان ثمنه . وبعد سنين تخرج سلمان من كلية الطب ومارس مهنته كجراح كبير جدا، ثم تخرج حميد ايضا واخذ بممارسة مهنته كمهندس .. فرحت زينب كثيرا وفرح حيدر ايضا لأنه كان المعيل لهم ، وبعد ذلك قرر سلمان الزواج من احدى الطبيبات التي كانت زميلته ايام الدراسة ، تزوج سلمان وبعد الزواج استاجر سلمان له شقة في احد الاحياء الراقية وترك اخوه حيدر وامه زينب ،لأن زوجته تقول بانها لا تقبل العيش معهم لأن البيت صغير اولا وثانيا كون امه زينب مريضة ولديه شقيقين غير متزوجين في نفس المنزل .. حزنت زينب كثيرا وتالم حيدر بسبب هذا القرار من سلمان وبعد ما فعله لأخوانه .. ومن ثم جاء دور حميد والذي تزوج من شابة لا يعرفونها ودون استشارة اخيه حيدر وامه زينب وانتقل بها الى محافظة اخرى ولم يترك خلفه أي خبر .. تالمت زينها واشتد عليها المرض  ووصلت بها الحالة الى عدم اقتدارها للوقوف حتى على مساند ، ومن ثم اصبحت قليلة الكلام والطعام والشراب .. كان حيدر يواسيها ،ولكنه كان يتالم ويقول مع نفسه ( انني تركت الدنيا وكل ما فيها وضحيت من اجل اخوتي ولم اتزوج ..وفي النهاية حين احتجت اليهم تركوني بهذه الحال وامي مريضة )..كان يفكر دائما وكان فكره مشغول ..وفي احد الايام تعرض حيدر الى حادث  سيارة ، فتم نقله الى المشفى وتمت معالجته من قبل الاطباء ، وهنا نصحه الاطباء بعدم العمل لأنه قد تم رفع نصف كبده وان ساقه المبتورة سابقا قد اقتحمها الكنكرينا .. وحين خرج من المشفى شاهد سيارته التي كانت في حكم المنتهية ، قام ببيعها بمبلغ زهيد  لا يكفي لشراء سيارة اخرى ،كما ان حالته الصحية لا تسمح له بالعمل مرةاخرى .. فكلن يجلس عند امه ويبكي ويصرف المال الذي بحوزته لشراء الادوية والمستلزمات الاخرى الى ان نفذ جميع ما عنده .. قاطعه الجميع ولم يقم احد بزيارته سواء من اخوته او اقاربه .. فاشتد عليه المرض ايضا ،واصبحت حركته محدودة جدا ، ولم يستطع ايجاد العلاج الشافي له ، كما انه لا يملك المال لشراء الادوية ولم يجد بعد حين شيئا ياكله .. ففكر ثم قال لأمه ..امي يجب ان نسافر .. بكت زينب بمرارة وقالت لحيدر ..الى اين نسافر ونحن في هذه الحال لا نستطيع الحراك كما لا يوجد لدينا مال لشراء الادوية فكيف نسافر يا بني .. قال حيدر انا اعرف طريق اسهل للسفر وسوف تاتين معي يا امي  .. قالت الام .. كما تشاء يا حيدر ..فقام حيدر وجلب اناء فيه نفط ابيض ورشه على فراش امه وعلى نفسه وعلى كل البيت الذي اصبح خاويا من اثاثه ..تذكر حيدر وقال لأمه .. استعدي للسفر يا امي وبكل هدوء اشعل عود ثقاب واندلعت النيران من كل صوب لتلتهم كل ما موجود في البيت من الاخضر واليابس ..وبعد لحظات سافر حيدر مع امه زينب الى دار الاخرة بعد كل ذلك التعب والحزنو العمل المضني في هذه الدنيا التي لا ترحــــم

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.