اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

البيت على قد أحلامنا.. والعيشة على قد الحال (1)// أمير أمين

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

أمير أمين

 

عرض صفحة الكاتب 

البيت على قد أحلامنا.. والعيشة على قد الحال (1)

أمير أمين

 

في شتاء عام 1962 حصلت عائلتنا على بيت صغير في صوب الشامية ضمن بيوت اسكان الناصرية وكان هدية من حكومة ثورة 14 تموز عام 1958 لذوي الدخل المحدود من المدنيين والعسكريين حيث كان والدي متقاعد في الجيش وراتبه كان 27 دينار صار يدفع منه اربعة دنانير للبيت الجديد كاقساط حتى يصير ملكاً لنا وكان يدفع باستمرار اربعة دنانير في كل شهر كقسط سلفة يستلمها في كل مرة فيبقى لنا 19 دينار يأخذ منها والدي مصروفاً له ثلاثة دنانير لجميع أيام الشهر فتبقى مع والدتي 16 دينار يجب عليها تدبير معيشة العائلة بها لكن أمي كانت شاطرة فصارت تقوم بخياطة البجامات للاطفال والدشاديش والقمصان لبعض المعارف ثم تعلمت زرق الابر فكانت تمارسها لبنات وابناء المحلة وبسعر منخفض قياساً بأسعار الآخرين .. كنا اربعة اولاد واثنان من البنات ثم أنجبت أمي بنتين فصار عددنا عشرة مع الوالد والوالدة.. كنت طفلاً صغيراً وفي الصف الاول الابتدائي ففرحت كما بقية أفراد أسرتي بالبيت الجديد على الرغم من أنه كان يحتوي على غرفة واحدة وصالة وكانت فيه حديقة خلفية واخرى أمامية وكانت مجمل مساحته 135 متر مربع.. كنت حينها ادرس في مدرسة الشرقية التي تقع في الصوب الكبير لكني حينما نجحت الى الصف الثاني صرت اداوم في مدرسة ابو تمام الخاصة بابناء محلة الاسكان والمناطق القريبة منها.. بعد مدة قصيرة ازدانت حديقتنا بأشجار السدر الجميلة الشاهقة حيث كان لنا منها ثلاثة ولا أتذكر اننا زرعناها بل هي نبتت لوحدها وكنت أتسلق الكبيرة والباسقة منها وأضع وسادة صغيرة أجلس عليها وأقوم بالدراسة وبشكل يومي فكانت إحدى بنات الجيران ومن بعيد تطلب مني أن أرمي لها بضعة حبات من النبق الناضج , فأنتزع ورقة من دفتري المدرسي وأكتب لها.. أنت حلوة وحبابة او كلمات لطيفة غيرها وأضع فيها حبات الثمر الطيبة وأرميها لها.. فتفتحها وتضحك وتشكرني وتقوم بتناول الثمار بشهية كنت حينها في الصف الخامس الابتدائي.. كانت حديقتنا جميلة واهتمت بها والدتي فزرعت فيها الرمان والعنب والبرتقال بالاضافة الى بعض الخضروات .. عشنا في بيتنا الجميل الجديد بإلفة وسعادة وكنا سعداء أيضاً مع جيراننا وإستمرينا على هذه الحالة الى عام 1979 حينما شنت أجهزة السلطة القمعية حملة شعواء لتصفية تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي حيث كنا كإخوة جميعنا شيوعيين وكذلك الوالدة بالاضافة الى عملنا جميعاً في المنظمات الديمقراطية القريبة من الحزب وكان والدنا قد توفي في الاول من تشرين الاول عام 1977.. كانت السماء ملبدة بغيوم سوداء قاتمة وكان الخطر قريب جداً من بيتنا علماً أن أخي الاكبر حينما تزوج عام 1975, جلب زوجته للعيش معنا ورزقوا بطفلتين وكانت حينها حاملاً بالثالثة التي ولدتها في الاول من ايار عام 1979 في بلغاريا حينما استطاعت الفرار من البيت والمدينة قبلنا والتوجه اولاً الى بغداد.. بدأنا بالتسرب من البيت بشكل تدريجي فبعد زوجة أخي, هربت أختي الكبرى المعلمة موناليزا ومعها اختي الوسطى كوثر ثم هرب أخي سمير واختفى أخي جمال وصادف وفاة جدتي لأمي يوم 15 أذار من نفس العام فحضرت الفاتحة ثم هربت الى بغداد وبقيت فقط الوالدة وأختي انتصار واختي الصغرى الشهيدة الباسلة سحر مع طفلة أخي الاكبر روزا والتي لم يستطيعوا من أخذها معهم الى بغداد ومن ثم الى خارج العراق فبقيت مع والدتي أكثر من 16 عاماً بظروف سرية في بغداد والذين هربوا سراً الى بغداد وكانت الوالدة ترعاهم جميعاً.. توزعنا بعد ذلك على بلدان العالم الاوربية, بعد أن شاركنا ضمن قوات أنصار الحزب الشيوعي العراقي في كردستان, ( أنا وأختي الكبرى واثنين من اخوتي ..) فتم إستقراري في الدنمارك مع أخي الاكبر واستقر أخي سمير مع أختي انتصار في السويد بعد أن فقد مقعده في الكلية وكان متفوقاً بالدراسة ولم يبقى له غير شهرين للتخرج لكنه واصل دراسته في السويد وحصل على الماجستير وصار استاذاً في الثانوية وفي قوات الانصار استشهدت أختي الكبرى المناضلة الباسلة موناليزا واعدمت أختي الصغرى سحر مع زوجها صباح طارش تاركين طفلهم الوحيد والحديث الولادة مجهول المصير.. وحاولنا وبجهد كبير من سحب إبنة أخي روزا الى النرويج لتلتحق مع أمها هناك فبقيت لنا من العائلة والدتي فقط والتي سكنت في بيت صغير وقديم في مدينة الحرية ببغداد وماتت فيه في العاشر من تموز عام 2010 ولا نعرف أي شيء عن مصير بيتنا الذي اضطرينا الى تركه مع كامل أثاثه وفيه حتى صورنا الشخصية التي لم نراها بعد ..! وللآن والتي تحمل ذكرياتنا وذكريات طفولتنا واصدقائنا ومعارفنا الكثر ..! .. وتوجد لنا الآن فقط عائلة أخي جمال المتكونة منه ومن زوجته ومعهما بنت وولدين.. وهو الذي عليه متابعة وضعنا وصلتنا بالوطن.. وكان يعمل كمعاون طبيب وهو الآن متقاعد , لكن زوجته تعمل كمديرة روضة ومدرسة أهلية ببغداد ...

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.