اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• رحيل الصديق هاني ناجي و 166 شهيد يدخل عامه الثلاثين!

تقييم المستخدم:  / 5
سيئجيد 

أمير أمين

مقالات اخرى للكاتب

رحيل الصديق هاني ناجي و 166 شهيد

يدخل عامه الثلاثين!

 

 في  يوم 23 | 12 | 1982 تم تنفيذ مجزرة مروعة على يد أزلام النظام الصدامي البائد ، إذ تم إعدام كوكبة رائعة من أشرف بنات وأبناء شعبنا العراقي ، ومن مختلف الأطياف العراقية ديناً ومذهباً وقومية ومنطقة  سكن في محافظة ، بدعوى ما ذكر في الوثيقة ، التي عُثر عليها بعد سقوط النظام ، من (كونهم ينتمون للحزب الشيوعي العراقي العميل !!) حيث ذُكرت أسماؤهم وأماكن سكناهم في وثيقة رسمية صادرة من (مديرية أمن بغداد) ومؤرخة في 5 | 12

| 1983أي بعد عملية تنفيذ  الجريمة بسنة , تطلب إبلاغ ذويهم بإعدامهم  ، ولم يستلم ذوي المغدورين جثث أبنائهم  أو بناتهم حتى هذه اللحظة وبعد دخول الجريمة عتبة العام الثلاثين ، بل لم يهتدوا حتى اللحظة لقبورهم أو أماكن دفنهم ! أو أي أثر لأسماء القتلة المشرفين على تنفيذ الجريمة . إذ من المحتمل أن يكون  الشهداء  ضمن المقابر الجماعية المنتشرة في عموم الوطن ! والتي كشف النقاب عن العشرات منها لحد الآن ولا زال العثور على  البقية جارياً  حيث يتم الكشف عن واحدة أو أكثر بين فترة وأخرى..  وكان عدد الشهداء  التي ضمت أسمائهم الوثيقة 167 شهيداً ، بينهم  15 رفيقة شهيدة  بعمر الزهور النضرة . كانوا خليطاً عراقياً حقيقياً من الشبيبة  , الكتاب والفنانين ورجال العلم ومن طلبة الجامعات  بفروعها  وتخصصاتها المتنوعة , كانوا يذهبون الى كلياتهم حالمين بغد جميل وزاهر لهم ولعوائلهم التي تنتظر لحظة تخرجهم على أحر من الجمر .! بعد أن قطعوا أشواطاً مضنية في الدراسة والتعلم ووصلوا الى نهاياتها التي كانوا يطمحون من خلالها  لخدمة وطنهم كل في مجال إختصاصه بعد تخرجه الذي صار يقترب كثيراً من سعيهم الجاد والحثيث في دوامهم الجامعي اليومي ..ولكن  يد الحقد الأعمى ونزعة الدم السادية  إمتدت اليهم  لتعدم أجسادهم بعد محاولاتها اليائسة بتفريغ  رؤوسهم من الأفكار التقدمية والوطنية التي تشربت بها حتى النخاع ! ، لقد كان  الحزب الشيوعي العراقي ، ومن خلال علاقاته الأممية الواسعة ، يطالب بالكشف عن مصير رفاقه المفقودين والمخطوفين من قبل أجهزة أمن السلطة  وخاصة خلال عقد الثمانينات ، والتي كانت ترد على مذكرات المنظمات العالمية المدافعة عن حقوق الانسان  مثل منظمة العفو الدولية واللجنة البريطانية ضد القمع ومن أجل الحقوق الديمقراطية في العراق والتي تعرف بإسم كاردري ، بعدم معرفتها بمصير هؤلاء ! ردود مبتسرة ومعروفة مسبقاً لطمر آثار ومعالم الجريمة ينطق بها أزلام النظام البائد من خلال ممثليه المرتبطين بشبكة المخابرات المرتبطة أصلاً بوزارة الخارجية العراقية  ويتنكرون للكشف عن مصيرهم المجهول والمغيب وخاصة مطالبة الجهات العالمية وبشكل صريح بأسماء الشهيدات ,  لقد أراد القتلة بإعدامهم ، وفي يوم واحد ، تنفيذ وهمهم المريض بالقضاء على الحزب الشيوعي العراقي ، ولكن ويا لسخرية القدر ، فقد ذهب الفاشيين وذهبت أجهزتهم الإجرامية الى مزبلة التأريخ ، في حين بقي الحزب الشيوعي العراقي في قلوب وضمائر شعبنا ، مواصلاً نضاله الثابت والجسور من أجل  مصالح شغيلة اليد والفكر من بنات وأبناء الشعب والوطن . وظلت أسماء هؤلاء الأبطال الميامين محفورة في قلوب وضمائر كل العراقيين النجباء  في عموم مدن العراق  وخارجه ...كان رفيقي وصديقي وإبن محلتنا إسكان الناصرية الشهيد ( هاني ناجي فيصل ) يحمل الرقم (91) في القائمة المذكورة ، والتي إستطاع  الشيوعيين الحصول عليها بعد سقوط  نظام حزب البعث ، لقد كنت وخلال  السنوات السابقة أسأل عن صديقي هاني وكنت كثيراً ما أسمع جواباً واحداً ، وهو أنه مفقود ! لكن أين ..! لا أحد يعرف سواء كان في داخل العراق أم في خارجه , إذ قيل أنه لم يعد للناصرية منذ عام 1978 ، ولم يتضح مصيره لي ولأهله ولأصدقائه ومعارفه ، إلا بعد 9 | 4 | 2003  حينما هرب صدام باحثاً عن حفرة يختبأ فيها عن أنظار الشعب العراقي والقوات الأمريكية التي أطاحت عرشه  ودخلت عرينه في القصر الجمهوري وعبثت بمحتوياته وصوره وهدايا الرؤساء والملوك والأمراء له .. كنت أقرأ أسماء الشهداء الواحد تلو الآخر وحينما وصلت الى الرقم الحادي والتسعين ..توقفت لكي أعيد القراءة بعد التفكير عبر الوثيقة التي وقعت بيد الحزب ونشرها في صحافته ! والتي توضح أن النظام المقبور قد أعدمهم بدم بارد  تأكد لي أنه هاني  صديقي  لكن عنوان سكنه كتب في الوثيقة أنه من أبناء مدينة الثورة في بغداد ..!! وهذا يعني أنه  أخفى عن عيون المجرمين القتلة هوية مدينته ومنطقة سكنه الحقيقية  ! ولد الشهيد ( هاني ناجي ) في مدينة الناصرية عام 1955 ، وكانت عائلته تسكن في (حي الإسكان) الذي تعيش فيه عائلتي أيضاً، كانت عائلة متوسطة الحال ، حيث أن  والد الشهيد موظفاً في دائرة تقاعد الناصرية ، وبالإضافة الى إبنه  هاني عنده أيضاً إبنه الثاني  سعد وعدد من  البنات ، وكان الشهيد هاني أكبرهم سناً. أكمل الشهيد دراسته الإبتدائية في مدرسة (أبو تمام) وكنت أزامله الدراسة في نفس المدرسة فنحن أبناء محلة واحدة ، كنا ننجح سوية ونرسب معاً ! وحين عبرنا الإبتدائية الى (متوسطة سومر) الصاخبة بطلبتها وهم في سن المراهقة  إجتزنا المتوسطة دون رسوب ! وحين أكمل (هاني) الثانوية التحق بكلية الآداب - جامعة بغداد - قسم اللغة الإسبانية ، وفي الصف الثاني إضطر لترك الدراسة مرغماً لأسباب سياسية وإقتصادية ، وعاش في غرفة صغيرة في منطقة (الكسرة) في الباب المعظم ، وبدأ يعمل ليلاً كعامل في أحد المطاعم ، ثم إلتحق بالخدمة العسكرية ، وعمل كساعي بريد أثناء خدمته العسكرية في بغداد ، ومنذ ذلك الوقت (أي أواخر السبعينات) ضاعت أخباره عن الجميع ، ولم يعرف أحد عنه أي شيء ، حتى أنه عندما القي القبض عليه من قبل عناصر أمن السلطة ، يبدو أنه لم يعطِ أي شيء عن نفسه وعائلته في الناصرية خوفاً عليهم من الملاحقة ، لذلك جاء سكنه (في وثيقة الأمن) كونه من سكنة مدينة صدام (الثورة) وهو أمر غير صحيح ، إذ لم تغادر عائلته سكنها في حي الإسكان  بالناصرية .

إنظم الشهيد (هاني ناجي) للحزب الشيوعي العراقي بقناعة ووعي صيف عام 1973 ، وعمل ضمن خلايا الحزب الطلابية في الناصرية ، وكان هادئاً وخجولاً  ومتحمساً للعمل الحزبي وبصدق  ومبدئيه ، وقد جسد الشهيد هاني بطولته وثباته في الوفاء للقيم والمباديء التي نذر نفسه من أجل تحقيقها ، في صموده أمام جلاديه ، وفي تقديمه حياته الغالية ثمناً  لأفكاره التي يحملها بقناعة وثبات .. 

تحية لروح رفيقي وصديقي الشهيد البطل (هاني ناجي فيصل) وتحية لأرواح الشهداء الأبطال ال (166 ) الذين إعدموا معه في نفس اليوم ، والذين وثقهم كتاب مديرية أمن بغداد (بدقة وحرفية  عالية !! ) على الرغم من فقدان رفاتهم كما ضاع في عموم العراق  رفات مئات الألوف من الأبرياء.

تحية لروح الفنان  المسرحي الشهيد (دريد إبراهيم مفيد ) والشهيدات الرائعات اللواتي إستشهدن معهم  في نفس الوجبة واللواتي نذرن أنفسهن من أجل حرية الشعب والوطن المبتلى بالمصائب والنكبات والأحزان . وهن مي علي صدقي وتماضر يوسف متي  ونهاد هادي عبد الحسين الشرع وسهاد هادي عبد الحسين الشرع من بغداد حي البنوك وسحر عبد المجيد عبد الجبار من حي أور وفريال عباس هادي ونادية كوركيس حنا من بغداد الجديدة ورجاء مجيد محمد الشمري  من حي الأكراد وسامية عبد الرزاق محمد صالح وفوزية جبار حسن البياتي وكريمة محمود إبراهيم من حي جميلة وإعتماد  لطيف محمد    من حي الشعب وزينب أحمد حسين الآلوسي من شارع فلسطين  و فخرية جمعة عباس ونادية لعيبي عجلان  من مدينة الثورة ..

(الموت يتخطى الرعيع وياخذ الماجد) هكذا قال الشاعر المبدع عريان السيد خلف ، وهؤلاء كانوا فعلاً  شهداء  أماجد  لذلك إستحقوا الذكر  الطيب والخلود . مجداً لكم أيها الخالدون في ذكرى إستشهادكم البطولي ، والخزي والعار  للمجرمين  القتلة .

 

*ملاحظة : إذا أراد ذوي الشهداء مراجعة الجهات الرسمية حول شؤون تخص شهداءهم ، فأن وثيقة الآمن التي تتضمن أسماء الشهداء ال167 صادرة من مديرية أمن محافظة بغداد في 5 |12 | 1983 بكتاب مديرية أمن بغداد | س 52 | 62946 تؤكد إعدامهم بتاريخ 23 | 12 | 1982 العدد | ص 19 | ق3 | 6453 .

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.