اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• ضغوط اللحظات الأخيرة..

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

مقالات اخرى للكاتب

ضغوط اللحظات الأخيرة..

 

رسمت واشنطن منحى تصاعديا لضغوطها من أجل انتزاع موقف فلسطيني يقبل بالعودة إلى المفاوضات... ولو في اللحظة الأخيرة.

ممثل الرباعية الدولية توني بلير، المبعوث الأميركي ديفيد هيل، دينيس روس مستشار الرئيس أوباما، جميعهم في المنطقة من أجل ثني الجانب الفلسطيني عن مسعاه نحو الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود حزيران/ يونيو 67.

وقبل وصول هؤلاء هاتفت وزيرة الخارجية الأميركية كلينتون الرئيس عباس وطلبت منه بأن يستمع «بروح منفتحة» إلى ما يحمله إليه المبعوث هيل من اقتراحات ربما تكون كفيلة برأيها بإقناع الفلسطينيين بالعدول عن مسعاهم والانخراط مجددا في المفاوضات.

تتكثف هذه التحركات على أبواب افتتاح دورة أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي من المفترض أن تكون ميدان معركة سياسية ودبلوماسية مفصلية بالنسبة للفلسطينيين الذين قرروا خوضها على الرغم من سيل التحذيرات والإنذارات الصريحة.

فهل تنجح الإدارة الأميركية فيما فشلت فيه على امتداد الأشهر الماضية، وقد كثفت أدوات ضغطها في اللحظات الأخيرة... أم أن الوقت قد فات فعلا على هذه الضغوط، وسنشهد بالتالي ترجمات عملية لموقف الأطراف ذات الصلة بجهود الاعتراف بالدولة الفلسطينية.. وكذلك مواقف مناوئي هذا المسعى؟

المؤكد بالنسبة لمعظم المراقبين أن واشنطن قد رسمت منحى تصاعديا لضغوطها على الجانب الفلسطيني بهدف انتزاع موقف يقبل بالعودة إلى المفاوضات، ولو جاء إعلان هذا الموقف عشية افتتاح دورة أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي (واشنطن) تمضي في تمرير محاولاتها على إيقاع جبهات ثلاث:

* الجبهة الأولى، تضع الجانب الفلسطيني أمام عرض إحياء المفاوضات ضمن الإطار الذي أعلن عنه أوباما في خطابه (19/5) والذي ذكر فيه حدود العام 1967، مع تعديلات في حدود الدولة الفلسطينية. على اعتبار أن الجانب الفلسطيني كان يطالب بذلك كمرجعية للمفاوضات، وهو الأمر الذي رفضه بنيامين نتنياهو في لقاء نيويورك الثلاثي (20/9/2009) الذي جمعه مع الرئيسين أوباما وعباس، كما رفضه مجددا بعد خطاب أوباما المذكور بأقل من 24 ساعة على إلقائه.

ويحاول المبعوث الأميركي هيل في جولته مؤخرا أن يضع الجانب الفلسطيني أمام مستجدات تفصيلية في الاقتراح الأميركي، وهي الحديث عن جدول زمني لهذه المفاوضات.. ولكن غير ملزم.

وتوقعت مصادر مطلعة أن «تعزف» الإدارة الأميركية على وتر «المؤتمر الدولي»، لكنها تطرحه على غرار «أنا بوليس» (خريف 2007)، الذي افتقد الإشارة إلى إطار قانوني عند الحديث عن إطلاق المفاوضات. كما انتهت صلاحيات ذلك المؤتمر ومكوناته بمجرد انفراط عقده، لتتولى الإدارة الأميركية إدارة إيقاع المفاوضات، التي هرب منها الجانب الإسرائيلي بعد أقل من عام من خلال شن عدوانه على قطاع غزة أواخر العام 2008.

لكن اللافت في العرض الأميركي «المستجد» هو ما تردده بعض الأوساط السياسية الفلسطينية من أن قبول الجانب الفلسطيني العودة إلى المفاوضات وإعلان هذا الموقف، سيقابل من قبل الإدارة الأميركية بالمساعدة على دخول الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة باقتراح يعدل جوهر المسعى الذي أعلنوه، وتضيف هذه الأوساط بأن المقصود من ذلك هو استبدال عضوية الدولة الفلسطينية برفع مستوى تمثيل منظمة التحرير في المنظمة الدولية، وفق صيغة تمكنها من المشاركة في المنظمات الدولية المتفرعة عن الأمم المتحدة.

وهو الأمر الذي حذرت منه جهات سياسية فلسطينية عدة ونبهت إلى ضرورة عدم الخوض بمثل هذه المقايضات لأن القصد السياسي من نيل الاعتراف بالدولة على حدود العام 67 يتجاوز في مدلوله المعنى البروتوكولي ضمن المنظمة الدولية ويتصل جوهريا بحق قيام الدولة الفلسطينية على جميع الأراضي المحتلة بعدوان العام 1967، بما فيها القدس، ويعني أيضا نزع الشرعية عن الاستيطان بنية ومستوطنين في جميع هذه الأراضي. ومن شأن هذا الاعتراف ـ بالتالي ـ توحيد الخطاب الدولي تجاه مستقبل هذه الأراضي وهويتها الوطنية عند أي حديث عن تسوية سياسية جدية للصراع.

الجبهة الثانية: وهي رزمة التحذيرات والإنذارات المعروفة في حال أصر الجانب الفلسطيني على مسعاه. وتتركز على عقوبات مالية وسياسية على السلطة الفلسطينية وكذلك منظمة التحرير بما يمكن أن يمس استمرار الاعتراف بها وبمكانتها من قبل الولايات المتحدة وما تستطيع أن تضعه في دائرة مواقفها من الأطراف الدولية الأخرى، بما فيها دول من الاتحاد الأوروبي، ومن المعروف أنه سبق للرئيس الأميركي أوباما أن وجه مثل هذه الإنذارات في رسالته الشهيرة إلى الرئيس عباس (17/5/2010) عندما اعترض الجانب الفلسطيني على الانتقال إلى المفاوضات المباشرة دون أن يحصل أي تقدم في المفاوضات التقريبية. وقد كررت الوزيرة كلينتون هذه التهديدات في محطات مختلفة.

ولا تجد السلطة الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير أي نافذة متاحة للتعامل مع هذه الضغوطات، في ظل انحياز الإدارة الأميركية الواضح للشروط الإسرائيلية في سياق المفاوضات التي جرت العام الماضي في شكليها، التقريبية والمباشرة. كما أن الضغط «الزائد» على السلطة الفلسطينية ماليا، على سبيل المثال، سيضع إسرائيل ومعها الولايات المتحدة أمام استحقاقات لا ترغبان بها.

* الجبهة الثالثة: وهي ما تعمل في إطارها واشنطن وحلفاؤها منذ وقت ليس بالقصير، وقد أوضحت على كل حال الناطقة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نونالد (5/9) بأن إداراتها أطلقت حملة دبلوماسية واسعة لدى شركائها لثنيهم عن دعم المسعى الفلسطيني، واللافت أنها أشارت بأن الإدارة الأميركية تبذل جهودا في هذا المجال أكبر من تلك الجهود التي تبذلها من أجل إحياء المفاوضات بين الجانبيين الإسرائيلي والفلسطيني (!).

ويتوقع المراقبون أن تشهد الأيام القليلة القادمة على أبواب انعقاد دورة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة تحركات أميركية ضاغطة تجاه أعضاء كثر في الأمم المتحدة من أجل هذا الغرض، ومن الممكن أن تنتقل لهجة الإنذار والتهديد إلى خطاب التعامل مع هذه الدول في حال حافظت على موقفها بتأييد المسعى الفلسطيني. كما أنه من المتوقع بنظر العديد من المراقبين أن تسعى واشنطن لاقتراح تعديلات على جوهر المسعى الفلسطيني بما يضع بعض أعضاء الأمم المتحدة الذي يدعمون التوجه الفلسطيني أمام موقف ملتبس ربما يصل حد التردد.

أمام هذه الضغوط القائمة المتوقعة، نود الإشارة إلى أن نجاح واشنطن وتل أبيب في محطات عدة في حمل الجانب الفلسطيني على الدخول إلى المفاوضات بالشروط المعروفة، إنما استند في نجاحه إلى توافر مجموعة من المواقف المساعدة، دوليا، وإقليميا، وعلى المستويين العربي وحتى داخل الجانب الفلسطيني. وعلى أبواب هذه المعركة أعلنت لجنة المتابعة العربية عن دعمها للمسعى الفلسطيني، وحافظ الجانب الفلسطيني على تمسكه بهذا المسعى برغم الضغوط، كما يقف طيف واسع من أركان المجتمع الدولي وأعضائه إلى جانب هذا التوجه. وهذا يعني أن أمام الضغط الأميركي عقبات كبيرة... في حال استطعنا الحفاظ على خريطة هذه المواقف من خلال مواجهة تصاعد الضغوط بتصعيد النشاط السياسي والدبلوماسي بالشراكة مع من يؤيدنا دوليا وإقليميا... وعربيا.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.