اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• عام التحديات

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

مقالات اخرى للكاتب

عام التحديات

 

إذا كان العام 2011 عام التحديات والخيارات الوطنية، فمن الواجب أن يكون 2012 عام النهوض باستحقاقات هذه التحديات

جاء العام 2011 بما لم يأت به غيره من الأعوام التي مرت على المنطقة العربية. ورحل دون أن يغلق حساباته المتراكمة بل حولها إلى «رصيد» العام الجديد الذي سيرث حكما ما اختزنته العقود الماضية من إخفاقات وانجازات.. ومآس خففت من وطأتها الآمال التي انبثقت مجددا..

وربما من باب الاعتصام بالتفاؤل، نرى في مستجدات الأوضاع الفلسطينية في خاتمة العام بارقة أمل في استعادة الوحدة بعد أن تكلل اجتماع الهيئة الوطنية الفلسطينية العليا بالنجاح مع ولادة خارطة سياسية جديدة في منظمة التحرير تفتح الباب على توحيد الطاقات وتثمرها من أجل انجاز الأهداف الوطنية واستعادة الحقوق.

العام المنصرم زخر بالتحديات التي طرحت أمام الحالة الفلسطينية على أصعدة مختلفة، ويمتاز عن الذي سبقه ـ على الأقل ـ بأن مشهد المفاوضات العبثية قد غاب وإن كانت الضغوط من أجل إحيائها قد تصاعدت وخاصة في سياق المسعى الفلسطيني نحو الأمم المتحدة.

منذ بداية العام المنصرم كثفت حكومة نتنياهو جهودها في قطاف ثمار تراجع مواقف الإدارة الأميركية على امتداد العام 2010، واستغلت اتهام واشنطن للجانب الفلسطيني بأنه عطل عملية التسوية عندما غادر قاعة التفاوض احتجاجا على استمرار الاستيطان. ورأت هذه الحكومة في إشهار الفيتو الأميركي في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يدين الاستيطان (19/2) ضوءا أخضر يتيح لها الانفلات في توسيع الاستيطان وهو ما فعلته تماما.

وواصل نتنياهو مناوراته السياسية التي تمحورت حول إدعاء امتلاكه خطة سياسية للتسوية، إلا أن ما طرحه أمام مجلسي الكونغرس في واشنطن لم يتجاوز تكرار الشروط الإسرائيلية المعروفة وزاد عليها بأن شن هجوما على ما ورد في خطاب باراك أوباما (17/5) من ذكر لحدود العام 67 عندما تحدث عن الدولة الفلسطينية الموعودة. وكانت الحصيلة أن تراجع أوباما عن هذا في خطابه الثاني بعد نحو يومين أمام «الأيباك».

وإذا كانت واشنطن قد شهدت خريف العام 2010 (11/11) الخوض في صفقة أمنية مع تل أبيب خلال اجتماع مشترك بين كلينتون ونتنياهو، فإن العام 2011 قد شهد تواطئاً مكشوفاً من قبل مجلسي الكونغرس الأميركيين مع الخطاب العنصري الذي ألقاه نتنياهو هناك، واستتبع ذلك إقرار عقوبات بحق السلطة الفلسطينية عقابا لها على تحركها تجاه الأمم المتحدة.

من هذه الزاوية وغيرها، يمكن القول أن مجريات العام 2011 على جبهة التسوية السياسية شطب عمليا أي أثر إيجابي كان قد ولده خطاب أوباما في القاهرة في صيف العام الذي سبقه.

· على ذلك كان من الطبيعي والضروري أن يستخلص الجانب الفلسطيني الدروس المفترضة جراء هذه التطورات، وكان من الصواب اتخاذ قرار في إطار القيادة الفلسطينية بالتوجه نحو الأمم المتحدة بمؤسساتها المختلفة وتقديم طلب عضوية دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 67 في المنتدى الدولي.

ويسجل للجانب الفلسطيني في هذا المجال نشاطه الدؤوب سياسيا وديبلوماسيا في سياق حشد المواقف الإقليمية والدولية لإنجاح هذا المسعى، وصموده في مواجهة الضغوط الأميركية وغيرها التي تكثفت مصحوبة بتهديدات مكشوفة بقطع المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية، وبإجراءات سياسية أخرى.

وربما كانت من المرات القليلة أن يستمع المجتمع الدولي ممثلا في الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى خطاب فلسطيني متماسك يعيد الاعتبار لأساسيات الصراع مع الاحتلال وسياساته التوسعية، وهو خطاب قوبل بالترحيب والتأييد من الغالبية العظمى في الجمعية العامة. والجانب الهام في هذا الأداء الفلسطيني أنه وضع الشارع الفلسطيني أمام صورة واضحة ليلتف حول هذا الموقف ويدعمه بتحركات جماهيرية داخل الأراضي المحتلة وخارجها مما أعطى زخما سياسيا للمسعى الفلسطيني.

كما شهد العام المنصرم خطوة هامة على صعيد استعادة الوحدة المفقودة، وتجلى ذلك بتوقيع اتفاق المصالحة في القاهرة (4/5) ووضع آليات لتنفيذ الاتفاق خلال عام من توقيعه، وقد انعكس هذا الأمر إيجابا على الأوضاع الفلسطينية على المستويين السياسي والشعبي وخاصة إنه جاء قبل أشهر قليلة من افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي اصطلح عليه «استحقاق أيلول». وعلى الرغم من أن واشنطن وتل أبيب اتخذتا موقفا عدائيا من هذا الاتفاق، إلا أن زخم الجهد السياسي والديبلوماسي الفلسطيني والالتفاف الجماهيري حوله، وكذلك تزايد الأصوات الدولية المؤيدة لحق دولة فلسطين بنيل عضويتها في الأمم المتحدة، كل ذلك مكن الجانب الفلسطيني من تجاوز الموقفين الأميركي والإسرائيلي وباتت المؤشرات جميعها تدل على أن الحالة الفلسطينية مؤهلة لخوض معركة سياسية وديبلوماسية مفتوحة طالما توافرت الإرادة السياسية لدى جميع مكوناتها في خوض هذه المعركة حتى نهايتها.

ارتكز الموقف الفلسطيني إلى حوامل ثلاث في موقفه السياسي وكان ذلك وراء الزخم الذي حققه: الموقف الرافض للمفاوضات العبثية في ظل استمرار شروطها المجحفة، والإنعتاق من أسر الشروط الأميركية والإسرائيلية بقرار التوجه إلى الأمم المتحدة، والحامل الثالث تجلى في توقيع اتفاق المصالحة وموجة التفاؤل التي تبعت ذلك.

وبقدر ما يمكن القول عن العام الماضي بأنه عام التحديات، إلا أنه من الصحيح القول أيضا بأنه كان عام الخطوات الناقصة:

· فالجهد الديبلوماسي والسياسي الفلسطيني توقف عند حدود الفشل في مجلس الأمن حول عضوية دولة فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، ولم يتم اللجوء إلى الجمعية العامة على الرغم من وجود غالبية من أعضائها تؤيد المسعى الفلسطيني وإن كانت بعضوية مراقبة، وأشر نيل العضوية في اليونسكو على ذلك. وهذا يعني بأن بوابة الضغوط الأميركية لم تغلق بعد، وأن هذه الضغوط وعوامل أخرى تدخل في الحسابات لتقييد الحركة الفلسطينية ضمن منسوبها المنخفض.

· واتفاق المصالحة راوح عند حدود الحبر الذي طبع به، وانحسرت موجة التفاؤل بقرب استعادة الوحدة الوطنية مع فشل المفاوضات المتكررة بين حركتي حماس وفتح للتوصل إلى توافقات عملية بشأن تطبيق بنوده المختلفة. وكان من شأن استمرار هذا الواقع أن يلغى أية إيجابية في توقيع الاتفاق لولا أن الحالة الفلسطينية استجمعت نفسها مرة أخرى والتقت مكوناتها في القاهرة مجددا خلال الشهر الأخير من العام المنصرم. وهذا ربما ما يعيد التفاؤل بعودة الأمور إلى مسارها الطبيعي وخاصة مع اجتماع الهيئة الوطنية الفلسطينية العليا بمشاركة حركتي حماس والجهاد وتفعيل عضوية الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة ومنظمة الصاعقة، بما يؤشر لبداية مرحلة جدية من العمل الوطني المشترك نأمل ونريد أن تقطع مع التجربة الانقسامية السابقة وتعيد توحيد الجهود الوطنية مرة أخرى.

عام التحديات انقضى، وما حصل في أواخره على الصعيد الفلسطيني يفتح الآفاق أمام الفلسطينيين. لكن ذلك يشترط تطبيق القرارات التي اتخذت في اجتماعي 20 و22/12. وهذا يعني أن عام التحديات الذي مضى، إنما فسح المجال للعام 2012.. الذي نعتقد بأن يجب أن يكون عام النهوض بالاستحقاقات التي فرضتها هذه التحديات.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.