اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• مشهد فلسطيني قائم

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

مقالات اخرى للكاتب

مشهد فلسطيني قائم

 

مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي في عمَّان؛ وتجاذبات مستجدة بين حركتي فتح وحماس. مشهد سياسي يفترق عما ختم فيه الفلسطينيون عامهم المنصرم، وقد اتخذوا في نهايته قرارات متقدمة على طريق إنهاء الانقسام والنهوض بأوضاع منظمة التحرير والإجماع على الموقف الرافض للمفاوضات دون وقف الاستيطان وتحديد مرجعيتها.

وعلى الرغم من محاولات الإيحاء بأن خلفية تكثيف الاجتماعات التفاوضية مع الجانب الإسرائيلي تقوم على إصرار دولي وإقليمي على إحراز تقدم فعلي في تقريب مواقف الجانبين تمهيدا للانتقال إلى المرحلة الثانية من خريطة التسوية، إلا أن ما اتضح في نهاية الاجتماعين أن الموقف الإسرائيلي بقي كما كان متوقعا يتمترس ضمن الشروط الأمنية والتوسعية المعروفة، مما يدفعنا للتساؤل عما استجد أمام المفاوض الفلسطيني كي يغادر بهذه السهولة موقف الإجماع الوطني ويلتحق باجتماعات عمان؟

المصادر الإسرائيلية كانت الأسبق في كشف الأهداف الإسرائيلية المتوخاة من إدارة عجلة المفاوضات المفاجئة هذه، على الرغم من أن أوساطا سياسية فلسطينية عدة حاولت إلغاء صفة التفاوض عما جرى واستبدالها باختراع «الاستكشاف» وبأن مهمة المفاوض الفلسطيني استطلاع إمكانية حصول تغير في الموقف الإسرائيلي تجاه مسألتي الاستيطان ومرجعية المفاوضات.

فأولا، لم يقدم الجانب الإسرائيلي أية إجابات تجاه القضايا الرئيسية المطروحة واكتفى بتقديم ورقة عامة تحمل عناوين هذه القضايا دون توضيح موقف تل أبيب أو تصورها تجاهها، فيما طرحت وبالتفصيل الممل 21 بندا أمنيا يترجم الرؤية الإسرائيلية الفعلية لمستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967. وبهذه البنود يغلق الجانب الإسرائيلي الباب على ما تقدم به المفاوض الفلسطيني في وقت سابق من تصور تجاه الحل، تحدث فيها عن حدود الرابع من حزيران 67 كأساس لقيام الدولة الفلسطينية مع نسبة تبادل أراضٍ بلغت 1،9% وطرح رؤيته بوجوب حضور طرف ثالث يتولى ملف الأمن بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي.

وثانيا، «تفاعل» نتنياهو مع مطالب اللجنة الرباعية وأطراف إقليمية بتقديم جرعة تشجيع للمفاوض الفلسطيني تقنعه بالخوض مجددا في غمار المفاوضات، وهي المرة الثالثة التي يتحدث فيها نتنياهو بالتنسيق مع أطراف أخرى عن مثل هذه «الحوافز». وهي تتعلق بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، وتوسيع رقعة صلاحيات السلطة الفلسطينية إلى جانب التخفيف من وطأة الحصار داخل الضفة عبر إزالة بعض الحواجز. لكنها المرة الأولى التي يضعها نتنياهو في معادلة جديدة ربطا بالتطورات على الجبهة الفلسطينية فهو يشترط للبدء في هذه الخطوات المشجعة أن يعلن الجانب الفلسطيني بشكل قطعي «توبته» عن التوجه مرة أخرى نحو أبواب الأمم المتحدة بكافة مؤسساتها من أجل نيل عضوية فلسطين في المنتدى الدولي. فيما كانت هذه التقديمات المفترضة تطرح سابقا كتعويض للفلسطينيين عن إقلاعهم عن مطلب تجميد الاستيطان وتحديد مرجعية المفاوضات مقابل العودة إلى طاولة التفاوض.

وتلتقي على تخوم هذه المفاوضات المستجدة مجموعة رؤى تعبر عن مصالح وحسابات إقليمية ودولية وإسرائيلية دون أن تلمس جهدا حثيثا من قبل هذه الأطراف في دفع سكة المفاوضات على أسس تؤدي إلى حل شامل ومتوازن.

 

  • ·       فالإدارة الأميركية دخلت عام الانتخابات الرئاسية ويهمها أن يكون مشهد المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مواكبا لجوقة ترشيح أوباما لولاية جديدة بدلا من حالة الجمود السياسي التي يمكن أن تلقي بظلالها على تقييم دور هذه الإدارة وفشلها في دفع العملية السياسية نحو الأمام.
  • ·       ويرى نتنياهو في الاعتبارات الأميركية ومساحات التقاطع في المواقف بين تل أبيب وواشنطن أرضية مناسبة كي يخوض المفاوضات وفقا لشروطه، بشكل حصري، بما يقطع الطريق على الأصوات الإسرائيلية التي ترتفع وتتهمه بالافتقاد إلى خطة سياسية تخرج العملية السياسية من جمودها. وهي تحذر بأن مثل هذه الحالة ستشجع الفلسطينيين على انتهاج خيارات بديلة تضع تل أبيب أمام استحقاقات صعبة، وينحون باللائمة على مواقف نتنياهو التي دفعت الجانب الفلسطيني باللجوء إلى الأمم المتحدة وكسب المزيد من المؤيدين لهذا التحرك في مقابل العزلة التي تشهدها إسرائيل على أكثر من صعيد.

 

وهناك حسابات إقليمية لا تسترخي أمام فتح الخيارات الوطنية الفلسطينية نحو أفقها الواسع، إن كان على جبهة النشاط السياسي والديبلوماسي بشأن عضوية دولة فلسطين، أو إن كان على جبهة المقاومة الشعبية للاحتلال التي من السهولة رصد بدايتها ولكن من الصعب التحكم بمنسوب تطورها واتساعها لتشمل جميع المظاهر الاحتلالية في الضفة الفلسطينية. أي باختصار احتدام الصراع في أوسع مداياته ومظاهره.

 

  • ·       ولا يبدو من خلال خطوة المفاوضات الأخيرة هذه أن المفاوض الفلسطيني قد امتلك الإرادة السياسية للخوض في الخيارات المتاحة بديلا عن التفاوض بالشروط القائمة. ولا يزال يراهن على الخروج بـ «تقدير» جديد في امتحان الرباعية التي ستنعقد في السادس والعشرين من هذا الشهر، وبثناء على حسن الأداء وفسح المجال أمام أطراف الرباعية وغيرها للخروج بتقييم موضوعي لمجريات مهلة الثلاثة أشهر التي حددتها اللجنة للحكم على مدى تقارب المواقف بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

 

لكن المصادر واسعة الإطلاع على جانبي الصراع تجمع على أن اللجنة الرباعية قد أعدت مسبقا بيان الترحيب بالجهود المبذولة من قبل الطرفين وسوف تحثهما مجددا على بذل المزيد من الجهود من أجل إيجاد حل مشترك لقضايا الصراع المطروحة عل التفاوض منذ نحو عشرين عاما ولم تجد لها حلا يستجيب لهدف إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، بل تؤكد كل الوقائع أن الحلول التي تنفذ على الأرض هي ما يكفل لإسرائيل توسيع الاستيطان وتهويد القدس وتقليص حضور الدولة الفلسطينية إلى أقصى حد تستطيعه.

في القسم الآخر من ظلال المشهد الفلسطيني بداية هذا العام، عودة التجاذبات الحادة بين حركتي فتح وحماس. وإذا كان منع وفد حركة فتح من دخول قطاع غزة هو الحدث الذي جرى حوله تبادل الاتهامات وتحميل المسؤولية، إلا أن الأساس الحقيقي لعودة التجاذبات المعلنة يتعلق بعدم حسم مسألة المصالحة واستحقاقاتها لدى كل من الحركتين، إن كان على صعيد إطلاق سراح المعتقلين بينهما أو في ملفات أخرى معلقة.

المشكلة الرئيسية في تجدد مثل هذه التجاذبات بأنها تنعكس سلبا وبشكل مباشر على تنفيذ قرارات الاجتماعات الوطنية الموسعة ومن بينها اجتماع الهيئة الوطنية العليا المعنية ببلورة إستراتيجية فلسطينية جديدة، إلى جانب النهوض بأوضاع منظمة التحرير، كما تؤثر سلبا على العناوين الرئيسية التي خرج بها اجتماع 20/12 الماضي والتي تتعلق بإجراءات المصالحة ولجنة الانتخابات.

وفيما كانت الحالة الفلسطينية تنتظر نتائج إيجابية أخرى على الصعيدين السياسي والتنظيمي، تعود التوقعات إلى المربع الأول في محاولة محاصرة آثار ما وقع مجددا من تجاذبات وخلافات.

مجددا، يتكرر الحديث عن الوقت الفلسطيني الحرج الذي لا يحتمل هذه التراجعات والتقلبات لا على الصعيد السياسي ولا على الصعيد التنظيمي. فالقرارات والتوجهات التي اتخذت في ختام العام الماضي تنتظر التنفيذ.. وإلا عدنا إلى المربع الأول.. وربما في هذه المرة يصعب علينا مغادرته.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.