اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• لفتات..غير طيبة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

مقالات اخرى للكاتب

لفتات..غير طيبة

 

عندما تتعلق اللفتات الطيبة بخطوات تمس مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن تل أبيب تخرجها من التداول وتحيلها إلى المفاوضات المباشرة

حتى عشية اجتماع الرباعية الدولية ذائع الصيت في 26/1، بلغ عدد جلسات التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بالعاصمة الأردنية، عمان خمس جلسات، وهذا هو الإحصاء الوحيد المتاح في عدَّاد اللقاءات التفاوضية هذه لأن أيا من الجانبين لا يستطيع تعداد نتائج ملموسة من هذه اللقاءات.

الصوت المرتفع على الدوام هو صوت أطراف الرباعية من خلال الحديث عن ممارسة ضغوط عل الجانب الإسرائيلي كي يقدم «لفتات طيبة» إلى المفاوض الفلسطيني تجعل بقاءه في حلبة التفاوض أمرا نافذا. وفي كل مرة تتغير عناوين الإجراءات في اللفتات الطيبة وربما أيضا ترتيبها في سلم الاقتراحات إن اجتمعت معا في عرض واحد. وجميعها تم النص عليها قبل سنوات فيما أسمي بالتزامات الجانبين في المرحلة الأولى من خطة «خارطة الطريق» البائدة. في الوقت الذي «يعتصم» فيه نتنياهو خلف المحددات الإسرائيلية التي استطاع طيلة الفترة الماضية أن يرسمها أمام أطراف الرباعية.. باللون الأحمر.

جميع العروض من فئة اللفتات الطيبة تأتي وفق مبدأ المقايضة، وهو أمر يتناقض مع توصيفها الدائم «مبادرات زرع الثقة»، كما أنها مقايضات تقوم على التبادل من طرف واحد «بموافقة» الطرف الأقوى الذي يمثله الاحتلال.

أولى حلقات هذا المسلسل «الطيب» بدأت إثر تداول خطة خارطة الطريق فاعتبر «المراقب» الأميركي أن أي حاجز يتم رفعه من الطرق بين التجمعات الفلسطينية إنجازا مهما في هذا الصدد. وعندما تم الاقتراب من القضايا الحساسة ذات الاهتمام السياسي والاجتماعي الفلسطيني كقضية الأسرى والمعتقلين أطلقت سلطات الاحتلال بضعة مئات من الأسرى ذوي الأحكام التي شارفت على نهايتها واستبعدت نهائيا قدامى الأسرى وما أطلقت عليهم تهمة «الملوثة أيديهم بالدم اليهودي»، ومع ذلك استخدمت في هذه العملية سياسة الباب الدوار التي بمقتضاها تفرج عن مئات وتعتقل في فترة قصيرة أضعافهم.

ولكن عندما يتعلق الأمر بإجراءات وخطوات «تمس» مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن هذه المسألة تدخل في معادلة مختلفة تماما، حيث يجري الحديث هنا عن صلاحيات حصرية للاحتلال. وإذا ما تم فتح الباب تحت ضغوط مختلفة لمناقشة الأمر فإن تل أبيب توجه الأنظار باتجاه رغبتها الممكنة في أن تمنح السلطة الفلسطينية صلاحيات إضافية ولكن ضمن حدود ولايتها التي يمكن أن يتم توسيع وظائف معينة فيها مثل الأعمال الشرطية المحدودة وإن كانت تأتي تحت مسمى توسيع الصلاحيات الأمنية المفقودة أساسا في جميع الأراضي المفترض أن تكون تحت الولاية الكاملة للسلطة بحسب ما ورد في اتفاقات أوسلو. ويضاف لذلك إعادة تسليم بعض المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية ولكن هذا العرض تحديدا حذف من التداول في قائمة اللفتات الطيبة منذ مجيء بنيامين نتنياهو إلى سدة الحكم في تل أبيب.

وتجتمع كل أنواع الإجراءات المصنفة تحت عنوان اللفتات الطيبة في أنها إجراءات مؤقتة بمكن للاحتلال بسهولة أن يقوم بالتراجع عنها تحت دعاوى مختلفة وفي المقدمة منها الاعتبارات الأمنية. فقد تم اجتياح مناطق السلطة مرات ومرات، وتم اعتقال المئات من كوادر وأبناء الشعب الفلسطيني ونوابه وحتى مسؤولين في السلطة التي يتفاوضون معها. ومع ذلك فإن كل هذه الإجراءات لا توضع قيد التنفيذ مجانا، فدائما هناك ثمن سياسي مقابل على الجانب الفلسطيني أن يدفعه وبسخاء. وقد تنوعت الأثمان بحسب المرحلة السياسية. فعندما خرج المفاوض الفلسطيني من المفاوضات المباشرة احتجاجا على عدم تجميد الاستيطان، أصبح كل إجراء «طيب» يقتضي بالمقابل أن يعلن المفاوض توبته عن عصيان مجريات التسوية بالشروط القائمة ويعود صاغرا إلى طاولة التفاوض.

وبالطبع، فإن الدفع من جعبة الفلسطينيين يجب أن يكون مقدما بخصوص إعلان الموقف السياسي الذي تشترط تل أبيب صوره حتى تفكر في وضع آلية لتنفيذ لفتاتها الطيبة وبشكل متدرج ومتزامن مع السلوك العملي للمفاوض الفلسطيني في تنفيذ ما أعلن عنه.

لاحقا، أتخذ قرار فلسطيني جماعي بقلب طاولة المفاوضات والخروج من أسر الثنائية الأميركية ـ الإسرائيلية، وتم التوجه فعليا نحو الأمم المتحدة لنيل عضوية دولة فلسطين في المنتدى الدولي، وشكل هذا القرار بالنسبة لواشنطن كسر عصا الطاعة التي بقيت «مؤثرة» طيلة العقدين الأخيرين في وجه المفاوض الفلسطيني. أما بالنسبة لتل أبيب فقد اعتبرت هذا التوجه بمثابة تأكيد على عدم وجود شريك فلسطيني في التسوية السياسية التي ينادي بها المجتمع الدولي ويسعى لإنجاحها. ورأت أن من حقها اتخاذ إجراءات عقابية سياسية واقتصادية ونفذت فعلا بعض هذه العقوبات من نمط احتجاز إيرادات السلطة المالية المتوجب دفعها من قبل تل أبيب.

وعندما أدت الضغوط الأميركية وغيرها إلى تجميد المسعى الفلسطيني نحو الأمم المتحدة، رفعت تل أبيب شرطا جديدا لقبولها التفاوض مع الجانب الفلسطيني وهو أن يعلن «توبته» عن مسعاه وأن يتعهد بأن لا يعود إلى مثل التوجه مجددا. عمليا، ودود أن يعلن الجانب الفلسطيني ذلك فإن هذا التوجه خرج حتى اللحظة عن أجندة المتابعة في العمل الوطني الفلسطيني، وبذلك فإن استمرار هذا التجميد يعتبر بنظر أطراف الرباعية بمثابة التزام كاف من قبل الفلسطينيين ينبغي التعامل معه من قبل تل أبيب بإيجابية. ومن هذه الزاوية تمت إعادة نغمة ضرورة قيام إسرائيل بإجراءات تحت عنوان اللفتات الطيبة.

هذه المرة دخلت قضية الأسرى على خط المقايضة مقابل إحياء المفاوضات بشكل رسمي وبترسيم الأطراف ذات الصلة. المؤسف أن مروجي هذه الصفقة يستغلون حساسية هذه القضية بالنسبة للشعب الفلسطيني حتى أنهم خاضوا بقوائم أسماء فشلت صفقات تبادل سابقة في إطلاقهم حتى يبدوا أن إنجاز هذا الأمر يرقى إلى معادل للثمن السياسي المطلوب وهو العودة إلى المفاوضات من غير تحديد مرجعيتها ووقف الاستيطان. وحتى تبدو العملية محكمة أكثر، تسرب الصحافة العبرية أنباء عن تشدد بنيامين نتنياهو ورفضه إطلاق سراح عدد من الشخصيات الفلسطينية القيادية من قوى وفصائل مختلفة حتى تظهر مع مرور الوقت أن التقدم في عملية إطلاق أي من هؤلاء الأسرى هو إنجاز كبير يغطي على الثمن السياسي الذي ينبغي دفعه.

يجري ذلك على الرغم من أن المفاوضات واللقاءات التفاوضية التي حصلت سابقا وتحصل الآن لم تظهر أن تل أبيب بوارد التعامل مع مسألة حدود الدولة الفلسطينية بشكل واضح ومستقل بل تربطها وتقدم عليها ملف الأمن وتطلب حسمه باتفاق مبرم قبل فتح ملف الحدود. مع أن أجندة المفاوضات التي اعتمدتها الرباعية الدولية ووافقت عليها تل أبيب تربط بين هذين الملفين بل وتقدم ملف الحدود على الأمن.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.