اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الفلسطينيون يحتلون الضفة!؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

الفلسطينيون يحتلون الضفة!؟

«إسرائيل لا تحتل الضفة». هذا جوهر الاستخلاص الذي يخرج به من يطالع تقرير اللجنة الإسرائيلية المعنية بفحص مكانة البؤر الاستيطانية. وقد أصبح التقرير على طاولة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبل نحو أسبوعين ونقلت استنتاجاته وخلاصاته إلى المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية يهودا فينشتاين لإبداء الرأي رفضا أو قبولا، في الوقت الذي نشط فيه وزراء وأعضاء في الكنيست من أجل جمع تواقيع مؤيدة لتبني التقرير.

وتتمتع توصيات اللجنة بأثر رجعي في ما يخص وضع البؤر الاستيطانية «غير القانونية» في الضفة الفلسطينية، وتتجاوز هذه التوصيات جميع الخلاصات التي سبق أن خرجت بها لجان مماثلة شكلت لفحص مكانة البؤر الاستيطانية بتسمياتها المختلفة في قاموس الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وتختلف عنها في مسألة جوهرية تتعلق ليس فقط بمكانة الاستيطان. بل تصل إلى حد تعريف الفلسطينيين في الضفة بالغرباء الذي يقيمون على أرض إسرائيلية.

تشكلت اللجنة المذكورة برئاسة النائب السابق لرئيس المحكمة العليا في إسرائيل، القاضي المتقاعد ادموند ليفي وجاء تشكيلها استجابة للضغوط المتواصلة التي مارسها المستوطنون من أجل الخروج بتقرير «قانوني» مخالف للتقرير الذي صدر في العام 2005 على يد المحامية تاليا ساسون مسؤولة النيابة العامة سابقا، وقد ميز تقريرها ما بين البناء الاستيطاني بإذن من الحكومة الإسرائيلية وبين ما تم بناؤه من غير إذن وهو ما أطلق عليه توصيف البناء غير القانوني.

الجديد في تقرير ليفي حول هذه المسألة بالذات أنه يعتبر جميع ما تم بناؤه من استيطان يأتي في خانة البناء القانوني وفي تفسير ذلك يقول التقرير إن المستوطنين لمسوا تشجيعا مباشرا وواضحا من الحكومة دفعهم إلى المزيد من بناء الوحدات في إطار البؤر الاستيطانية. واعتبر التقرير بالخلاصة أن تشجيع الحكومة المعلن هذا يستند إلى وعود تعهدت بها أوساط حكومية معينة للمستوطنين بالحفاظ على استقرارهم في المكان الذي بنوا فيه، وأن هذا يعتبر بمثابة «الوعد الإداري» ولا ينبغي نكث هذا الوعد تحت أي ظروف مستجدة. ولذلك يوصي التقرير بتسويغ كل البؤر الاستيطانية، حتى بدون قرار حكومي وذلك من خلال أمر يحدد مساحة البلدة والأراضي الأخرى لأغراض الزيادة الطبيعية، وبالتوازي إلغاء الحاجة إلى تلقي الأذن من القيادة السياسية لكل مرحلة في إجراءات التخطيط وإلغاء أوامر الهدم السابقة.

الأخطر من ذلك أن اللجنة في سياق إعدادها للتقرير وضعت مجموعة من القواعد استندت إليها في بناء استنتاجاتها، أبرزها أن أراضي الضفة بمجموعها لا تعود في ملكيتها إلى أي جهة أخرى دولة كانت أم سكانا. وبالتالي لا وجود في القاموس الذي اعتمدته لمفردة الملكية الخاصة وهي لذلك أوصت بأن البناء الاستيطاني الذي تقرر هدمه بناء على تجاوزه على هذه الملكية يجب أن يبقى وتلغى قرارات الهدم. كما دعت اللجنة إلى إلغاء قرار المحكمة العليا في إسرائيل (1979) الذي يحظر استخدام الأراضي المصادرة لأغراض عسكرية في بناء المستوطنات.

وتتقدم اللجنة خطوات واسعة في انحيازها لمطالب المستوطنين فتوصي بإلغاء صلاحيات مجلس الإدارة المدنية التي كانت تسمح له بإزالة تعديات المستوطنين على أراضي مزارعين فلسطينيين حتى من دون تقديم شكوى. إذ اعتبرت اللجنة هذه الصلاحيات «تعسفية» بحق المستوطنين. والأهم من كل هذا أوصت اللجنة استئناف عملية تسوية الأراضي المسجلة بملكية أردنية على أن يسمح للمستوطنين الذين استقروا على هذه الأرض بتسجيل حقوقهم في غضون خمس سنوات.

لكن المتابع لتوصيات التقرير يلاحظ أن جميع ما سبق من نتائج بني على تعريف جديد ومستحدث من قبل اللجنة للمكانة القانونية لإسرائيل في الضفة الفلسطينية عندما قررت اللجنة أن إسرائيل ليست قوة احتلال. وبناء على ذلك وفي حال المصادقة على التقرير فإن هذا يعني إلغاء جميع القوانين والمواثيق التي صدرت منذ العام 1967 وتتصل بإدارة الأرض المحتلة.

وبغض النظر عما إذا كان المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية فينشتاين سيقر هذه التوصيات أو يرفضها فإن مجرد وصول اللجنة إلى مثل هذه الاستخلاصات يدل أو يفتح على ملاحظات متعددة.

* أصبحت مسألة الاستيطان والمستوطنين القضية التي باتت أوساط الحكومة الإسرائيلية ومختلف الجهات القضائية ذات الصلة تعمل بنشاط وسرعة من أجل تأطيرها من الناحية القانونية بما يحصنها من أية مستجدات سياسية على جبهتي الصراع.. والتسوية السياسية.

* ويدل التقرير على النفوذ الواسع والمضطرد للمستوطنين داخل الأحزاب الصهيونية. ومن الواضح أنه وبعد توسيع الحكومة مؤخراً، باتت جميع الأحزاب تتسابق على إرضاء المستوطنين ويدل على ذلك أن نواب الكنيست الذين ينشطون في تجميع التواقيع للضغط من أجل ترسيم التقرير ينتمون إلى عدد من الأحزاب ولا ينحصر عددهم في الليكود فقط. كما دخل على هذا الخط وزراء من الائتلاف الحكومي الموسع من أجل إقرار التقرير في اللجنة الوزارية المعنية بالاستيطان.

* ومن الواضح أيضا، أن حكومة نتنياهو تستثمر حال انشغال الأطراف الرئيسية في المجتمع الدولي بالملفات الإقليمية المشتعلة في المنطقة وغيرها من أجل قطع خطوات أخرى في مجال تشريع الاستيطان وتحصينه وخاصة أن إدارة أوباما باتت على مسافة قريبة من استحقاقات الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في الأسبوع الأول من شهر تشرين الثاني/نوفمبر القادم. كما أنها تستثمر حالة الارتباك والتردد والانقسام التي لا تزال تعيشها الحالة الفلسطينية منذ فترة ليست بالقصيرة في ظل غياب العمل بالخيارات الوطنية المتاحة.

* كما أن الحكومة الإسرائيلية، تستند في تشجيع خطوات تشريع الاستيطان، إلى القواعد والأسس الخاطئة التي انطلقت وفقها عملية التسوية قبيل الوصول إلى اتفاق أوسلو وما تلاه من اتفاقات وفق ذات القواعد. وخاصة في ما يتعلق توصيف الأراضي المحتلة بالأراضي المتنازع عليها والتعامل مع أصحابها كسكان ينظر إلى إقامتهم عليها من موقع الفحص ضمن الاعتبارات الأمنية والسياسية المرتبطة بالمصلحة الإسرائيلية حصرا.

يأتي كل هذا مع مرور الذكرى الثامنة لإصدار فتوى لاهاي بشأن جدار الفصل التوسعي والذي لم يتم استثمار قرار المحكمة كما ينبغي وكما أقر على المستوى الوطني وغياب الحملة السياسية والدبلوماسية المفترضة من أجل تثمير القرار وإنزال إسرائيل عند قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

كما يأتي في ظل الحديث الذي تم تداوله مرارا من قبل منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية عن ضرورة إحالة ملف الاستيطان برمته إلى مجلس الأمن الدولي لاتخاذ ما يلزم، ربطا بقرارات المجتمع الدولي بما يكفل تجريم الاستيطان والدعوة الحازمة لإزالته والتعويض على الفلسطينيين جراء ما لحق بهم بسببه من أضرار اقتصادية وسياسية واجتماعية لا تزال آثارها تتفاقم مع استمرار الاستيطان وتعديات المستوطنين على حياة الفلسطينيين وأملاكهم.

قضية كبرى مفترض أن تكون على أجندة المتابعة اليومية لجميع مكونات الحالة الفلسطينية...

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.