اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• إسرائيل «أولا»!

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

إسرائيل «أولا»!

يجب على الجانب الفلسطيني أن يستفيد من التجارب السابقة ويبتعد عن الرهان على دور أميركي منصف في موضوعة التسوية، وإحالة القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة

كان من الطبيعي أن تصدر إدانات فلسطينية لما صرح به المرشح «الجمهوري» ميت رومني خلال زيارته لإسرائيل وخاصة بما يتصل بمدينة القدس التي اعتبرها عاصمة لدولة الاحتلال، في حين أصدر البيت الأبيض بيانا رأى فيه أن تصريح رومني يصب في خانة اتخاذ خطوات أحادية الجانب ينبغي أن يتقرر المصير بشأنها خلال المفاوضات، في وقت كان فيه الرئيس الأميركي «الديمقراطي» قد فرغ للتو من توقيع اتفاق يجدد فيه منح إسرائيل امتيازات إستراتيجية تمكنها من حيث النتيجة من إدامة احتلال الأراضي الفلسطينية، وتدعيم تهديداتها ضد دول المنطقة وشعوبها.

ما يتفق حوله تماما رومني وأوباما هو دعم إسرائيل وهو أمر لا ينحصر فقط في مسعى كسب أصوات اللوبي اليهودي في الانتخابات الرئاسية الأميركية المزمع إجراؤها أوائل تشرين الثاني/نوفمبر القادم. وقد كانت لأوباما في ولايته الرئاسية الأولى مواقف «مشهودة» قد لا يتسع المجال لذكرها جميعها.

ففي خطابه الشهير بالقاهرة أوائل شهر حزيران/يونيو من العام 2009، أوحى باراك أوباما بأن تبدلا جوهريا قد أصاب السياسة الأميركية في المنطقة، وخاصة تجاه الصراع العربي ـ الفلسطيني/الإسرائيلي. وقد ركز في خطابه على ضرورة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعدم جواز الاستمرار في الاستيطان داعيا إلى تجميده. وإذا كانت العلاقات الإسرائيلية ـ الأميركية قد شهدت تجاذبات حادة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2010 على خلفية الموقف من الاستيطان، إلا أن هذه العلاقات عادت واستقرت وفق أساسها الإستراتيجي وجوهره التقاطع الواسع في المصالح بين تل أبيب وواشنطن.

ولم يتأخر أوباما وإدارته عن إثبات أولوية المصالح الإسرائيلية في الحسابات الأميركية تجاه المنطقة, فاستدارت ضغوطه نحو الجانب الفلسطيني بما يخص عملية التسوية متراجعا بالكامل عن تصريحاته بشأن الاستيطان ومطالبا الجانب الفلسطيني بتفهم الاعتبارات الإسرائيلية التي سوقها بنيامين نتنياهو تحت حجة حماية الاستقرار الحكومي في إسرائيل. كما تجاوب مع الاعتبارات التي طرحها نتنياهو بشأن أجندة المفاوضات وآلياتها وأولوية المواضيع التي ينبغي تناولها منحازا للشروط الأمنية التي طرحتها تل أبيب كناظم أساسي لعملية التسوية.

وفي إطار المقايضات حول تجميد جزئي ومؤقت للاستيطان، قدمت واشنطن عروضا سخية إلى تل أبيب من بينها ما هو خارج بنود التسوية عندما استقبلت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون رئيس الوزراء الإسرائيلي وعقدت معه صفقة في 11/11/2010، تمنح فيها واشنطن تل أبيب امتيازات أمنية وعسكرية ضخمة، في الوقت الذي كانت فيه تمارس ضغوطا هائلة على الجانب الفلسطيني وصلت إلى حد التهديد بعقوبات سياسية ومالية إن أصر على موقفه في مقاطعة المفاوضات المباشرة التي لم تستمر سوى نصف شهر تقريبا، بعد أن اتضح لها أن الجانب الإسرائيلي لن يتراجع عن موقفه تجاه عملية التسوية.

وعلى امتداد العام 2010 وإثر تراجع الموقف الأميركي بشأن الاستيطان مارست الولايات المتحدة ضغوطا على أطراف الرباعية الدولية، لتخلو بياناتها الصادرة عنها منذ آب/أغسطس من ذلك العام من أية إشارة لموضوعة الاستيطان والتهويد وهدم المنازل الفلسطينية كما ورد في بيانها الشهير الصادر في 19/3/2010 والذي دعا صراحة إلى ضرورة تجميد الاستيطان ووقف حملات التهويد والإقلاع عن هدم منازل الفلسطينيين، مما أثار حفيظة تل أبيب وانتقاداتها الشديدة.

والأكثر من ذلك استخدمت الولايات المتحدة حق النقض الفيتو في مجلس الأمن ضد مشروع قرار عربي يدين الاستيطان ويعتبره إجراء غير شرعي في موقف يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة التي كان ينبغي على مجلس الأمن والولايات المتحدة أن تحترمها، باعتبارها عضوا دائما في هذا المجلس، وهو يتناقض أيضا مع جوهر الخطاب الذي ألقاه أوباما في القاهرة، بما يؤكد أن الثابت بالسياسة الأميركية هو الانحياز لإسرائيل ومصالحها وأن المتحرك والمؤقت يتصل بمصالح الشعب الفلسطيني ومستقبله الوطني.

وعندما يئس الجانب الفلسطيني من إمكانية الوصول إلى حل متوازن وشامل في إطار التسوية، لجأ إلى خيار التوجه إلى الأمم المتحدة من أجل الاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، استنفرت وزارة الخارجية الأميركية طاقاتها من أجل الضغط على أطراف المجتمع الدولي كي لا تقف إلى جانب المسعى الفلسطيني، وكررت تهديداتها بوقف المساعدات للسلطة الفلسطينية وأنذرتها بأنها ستستخدم كل نفوذها السياسي داخل مجلس الأمن وخارجه لإفشال هذا المسعى، وهو ما حصل في مجلس الأمن.

وفي العام الماضي وقفت الولايات المتحدة في وجه عدة مبادرات أوروبية من أجل إعادة عملية التسوية إلى الواجهة، فقط لأن هذه المبادرات كانت تبحث عن حل وسط بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، مع ملاحظاتنا على جوهر هذه المبادرات وعدم اقترابها الفعلي من أسس الحل المتوازن والشامل للصراع. وفي الوقت نفسه واصلت واشنطن دعواتها المكروهة لإحياء المفاوضات بالشروط السابقة المنحازة إلى إسرائيل، إلى أن نجحت في عقد جلسات تفاوضية في العاصمة الأردنية عمان لكنها كسابقاتها لم تصل إلى نتيجة ربطا بالأسس التي انطلقت بها عملية التسوية قبل نحو عقدين.

ومنذ أشهر وضعت واشنطن الملف الفلسطيني ومسألة التسوية في ثلاجة انتظار، وأعطت الأولوية إلى ملفات إقليمية أخرى، كما بدأت الإدارة الأميركية تنخرط بالإعداد لانتخابات رئاسية على أمل تجديد الولاية لباراك أوباما. ومن الخطأ الاعتقاد أن أوباما حتى في حال تجديد ولايته الرئاسية سيكون أمام تصويب لموقفه وموقف إدارته من عملية التسوية السياسية، لأن هذا الموضوع يتصل بجوهر الإستراتيجية الأميركية في المنطقة ولا يتعلق بأداء رئيس بعينه، وهذا ما أثبتته الإدارات الأميركية منذ اشتعال الصراع في المنطقة إلى اليوم.

تبقى المسألة مرهونة من حيث المبدأ بأداء الجانب الفلسطيني ومدى استفادته من التجارب السابقة التي أكدت أن لا جدوى وطنية من الرهان على دور أميركي قيادي في موضوعة التسوية، إن هذه المسألة يجب أن تكون برسم الأمم المتحدة من بوابة تطبيق قراراتها ذات الصلة، والتي أكدت في الجوهر على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وبحق لاجئيه في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا منها، وإلى أن يتحقق تصويب المسار ينبغي أن تبتعد الحالة الفلسطينية عن جو الانتظار الذي تعيشه، وتنهض العامل الوطني الذاتي في مقارعة الاحتلال بدءا من مقاومة الاحتلال وإجراءاته التوسعية.. ومن غير ذلك تبقى حالة المراوحة والتراجع سمة الوضع الفلسطيني.. ويبقى التآكل والتلاشي هو الخطر الذي يتهدد قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.