اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

التزوير -//- محمد السهلي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

التزوير

محمد السهلي

ما تدفع باتجاه تحقيقه لجنة المتابعة العربية أمر بالغ الخطورة على الحقوق الوطنية الفلسطينية. وهي بـ «تفاعلها» مع الدعوات الأميركية والإسرائيلية لـ «تعديل» المبادرة العربية إنما أفقدت الفلسطينيين الدعم المفترض من مثل هذه اللجنة لمطالبهم المحقة في تغير أسس التسوية المطروحة منذ نحو عشرين عاما باتجاه إرسائها على قواعد تضمن الوصول إلى حل متوازن وشامل للصراع.

ومنذ أن بدأ وزير الخارجة الأميركية جون كيري جولاته الحكومية إلى المنطقة حذرنا من السيناريو الذي تعد له الإدارة الأميركية بالتوافق مع حكومة نتنياهو وسربت معالمه الأساسية الصحافة العبرية بعنوانه الرئيسي «تزخيم» الدور العربي في التسوية عبر استعادة المبادرة العربية لكن بعد تعديلها في النقاط التي سبق أن رفضتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.

وقبل طرح أي نقطة من المبادرة العربية للتعديل «بادرت» الإدارة الأميركية على لسان مسؤولين كبار فيها إلى التشديد على «متطلبات» التسوية التي برأيهم تبدأ أولا من عند أصحاب المبادرة العربية وطالبوهم بإبداء قدر عال من المرونة في تفهم ضرورات التعديلات المطروحة. ووفق هذه المرونة ينبغي أن تقبل لجنة المتابعة العربية بتغيير النص على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 كجغرافيا محددة لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وتلاعبوا بالألفاظ لتمرير ذلك من خلال نص بديل يقول بإقامة الدولة الفلسطينية «ضمن حدود العام 1967» وليس وفقها مطابقة. ويأتي الحديث هنا من أطراف في لجنة المتابعة ليتقبل هذا التعديل الخطير ويضيف بأنه يؤيد اللجوء إلى تبادل الأراضي وهو ما يصب في تشريع الاحتلال على مناطق فلسطينية احتلت في العام 1967.

لكن الأخطر في كل ذلك أن لجنة المتابعة العربية وبدلا من أن تلتزم القرار الدولي الذي اعترف بحدود الدولة الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال واعتمد حضور هذه الدولة في الأمم المتحدة، بدلا من ذلك، نسفت هذا الإنجاز، وتعاملت مع مسألة التسوية وفق القواعد المجحفة التي رفضها الفلسطينيون بمن فيهم الجانب الرسمي، الذي خاض فريقه متاهات تلك التسوية عبر ماراثون جديد من المفاوضات التي لم تؤد إلى مزيد من التعنت الإسرائيلي والمزيد من الاستيطان ونهب الأراضي وهدم المنازل وتهويد القدس.

لقد ناقضت لجنة المتابعة العربية الكثير من البيانات التي صدرت عنها في مسار التسوية السابق، وأكدت فيها على ضرورة تلبية المطالب الفلسطينية في وقف الاستيطان وتحديد مرجعية المفاوضات وتكريس مبدأ قيام الدولة على حدود الرابع من حزيران /يونيو 1967.

وبذلك فإن الضغوط الأميركية والإسرائيلية وجدت بوابة واسعة لتمرير هذه الشروط على الفلسطينيين، بل وتنضم إليها ضغوط عربية على الجانب الفلسطيني لإرغامه على القبول بجولة أخرى من المفاوضات دون أن يتغير أي من أسسها المجحفة؛ إن التنازل الخطير بموضوعة حدود الرابع من حزيران يشكل مدخلا لتنازلات أخرى خطيرة ضغطت سابقا الإدارة الأميركية وتل أبيب من أجل تمريرها. وخاصة فيما يتعلق بحقوق اللاجئين الفلسطينيين وفي مقدمها حق عودتهم إلى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا منها.

وماذا تعني مشاركة وزير خارجية حكومة السلطة الفلسطينية في الاجتماع مع كيري الذي بحث فيه كل هذه التنازلات، وهي الحكومة المستقيلة أساسا وتجاوزت حتى عمرها الافتراضي بحسب القانون الأساس للسلطة ، كحكومة تصريف أعمال ولا يحق لها في هذه الحالة أن تتخد أي من القرارات المفصلية على صعيد إدارة الشأن العام في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فكيف يكون الأمر إذن مع مشاركة وزير الخارجية «السابق» في هذا الاجتماع الذي بحث في مسائل خطيرة تمس الحقوق الوطنية الفلسطينية في الصميم. ويحق للرأي العام الفلسطيني أن يضع ذلك كله في دائرة استفهام كبيرة. والتساؤل عن جدية الحديث عن قيام حكومة توافق وطني والخوف المشروع من العودة إلى الحلقة المفرغة التي عانتها الحالة الفلسطينية سنوات طويلة وماتأتي به من أنصاف حلول تعتمد تسكين الأزمات وتعويم ملفاتها دون اللجوء إلى حلول حاسمة وجدية تصوب كل ما سبق من سياسات تمس مسار العمل الوطني الفلسطيني إلى جانب ما تأتي به من ويلات على حياة المواطنين وأحوالهم المعاشية.

لهذا، فإن ما ينبغي التأكيد عليه في هذا الأمر، هو أن الطريق الوحيد أمام الحالة الفلسطينية هو أن يمضى قدما باتجاه البناء على الانجاز الذي تم في الأمم المتحدة والتقدم بطلبات العضوية إلى مؤسساتها المتاحة وخاصة تلك التي تختص بمحاكمة الاحتلال على جراتمه وفي المقدمة منها الاستيطان.

وبدلا من العودة إلى مسلسل الرهانات الفاشلة على السياسة الأميركية ، ينبغي الالتفات الجدي إلى الوضع الداخلي ووضع اتفاق المصالحة فيد التطبيق الفعلي، وهو ما يفترض وجود ضغط شعبي على طرفي الانقسام كي يستجيبا إلى إرادة الشعب الفلسطيني في استعادة الوحدة، بعيدا عن الحسابات الذاتية والسياسات الفئوية التي أضرت بالقضية الفلسطينية وفتحت الباب واسعا على التدخلات السلبية التي تضع الحقوق الفلسطينية في مهب التصفية.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.