اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• مبدعون في الخارج ملاحقون في الداخل

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

د. ناهدة محمد علي مبدعون في الخارج ملاحقون في الداخل

يعتبر العراق بلد المبدعين فهم علماء مكتشفون شعراء نوابغ والأسماء كُثر منذ عبد الجبار عبد الله الى الجواهري وجواد سليم ونزيهة سليم والدكتور علي الوردي والدكتور مصطفى جواد ومعظم هؤلاء لم يجدوا التقدير الذي يستحقونه في داخل الوطن .

ولو تحرينا المنطق لوجدنا إن الكثير من أبناء الشعب العراقي هم مبدعون سواء كانوا في المدن أو الأرياف رجالاً ونساءً , لكننا تعودنا أن ننظر الى كل شخص مختلف ومتميز نظرة خوف وشك من نواياه وقواه العقلية ومن إتجاهاته السياسية ومن قدراته التي يمكن أن تستعمل للتخريب بينما الخراب موجود أصلاً في التربية الأُسرية التي تخشى الأبناء المتميزين والمتميزات وتتم إحاطتهم بجدارِ من القسر والشك والريبة , أما قادة المجتمع فمحدد لديهم مسبقاً من هو العبقري ومن هو النابغة , إنه فقط من يمدحهم في قصيدة عصماء أو من يرسمهم وينحت لهم تمثالاً إلاهياً .

ذكرني بهذا الوجع الوسام الذي إستلمته مؤخراً المهندسة المبدعة العراقية ( زهاء حديد ) من الملكة ( اليزابيث الثانية ) وهو وسام الفارسة , وتمنيت أن تصمم المهندسة حديد جسوراً جديدة غير التي هُدمت في العراق وأبراجاً صناعية وسياحية غير التي نُسفت لكنها علمت وبدقة المصير الذي قد ينتظرها وهو على الأكثر الموت الخفي وبيد أُمي جاهل وبسعر لا يزيد عن ( 100 ) دولار لرأسها العبقري .

ذكرني هذا بطفل عراقي نابغة بزغ في نهاية الستينات في مدينة صغيرة وبعيدة من مدن العراق كان إسمه ( عادل شعلان ) وكان عبقرياً في مادة الرياضيات ويقوم بأعقد العمليات الحسابية بثواني معدودة وكان عقله يعمل كحاسبة ألكترونية متطورة جداً . كنا أطفالاً نتطلع إليه ونبتسم ويطمح كلُ منا أن يكون مثله , لكن هذا العقل إختفى فجأة بعد أن أُتُهم من البعض الجاهل بالجنون أو ( مخالطة الجن ) ولُعن من قِبل البعض في مدينته ولم يعُد له بعد ذلك ذكر أو وجود .

إن الماضي يتكرر وبأشكال مختلفة فلقد رأيت بالأمس القريب أحد الإعلانات في الإعلام العراقي وكان عن طفلة في العاشرة إسمها ( زهراء ) وهي طفلة ذكية لكنها طُردت من المدرسة لآنها لا تمتلك شهادة الجنسية العراقية فوالداها كانا قد قُتلا في حادث إرهابي وربتها وهي رضيعة إمرأة طيبة ولا تعلم الإثنتان الى أي سبيل يذهبا ليحصلا على الإنتماء العراقي , أتساءل ألم تولد الطفلة عراقية ؟ أولم يكن سوء الخُلق السياسي سبباً في موت والديها ! , أولم تكن دماء والديها كافية لتسجيلها في السجل العراقي , أوليس العراق بحاجة للأطفال المُبدعين وأن تكون تربة العراق مهداً لهم , يبدو أن كل هذا لم يعُد كافياً لأن الجميع قد أُصيب بـ ( الإستكماتزم ) فأصبح يرى اليمين يساراً واليسار يميناً .

إنما يوجع أي مواطن عراقي شريف أن يرى العقل العراقي المُبدع يخشى أن يُصرح بعبقريته حتى لا يُقتل في أحد الأزقة المظلمة كما حدث لأشهر أطبائنا وجراحينا وأساتذتنا ومهندسينا ومثقفينا ومبدعينا وإذا إستطاع الهرب الى النور تاركاً وراءه الظلام الدامس فهو كمن خرج من مقبرة الأحياء .

تذكرت ما يفعل العالم بأطفاله وشبابه العباقرة في علوم الكمبيوتر والتصميم الهندسي والصناعي والكيمياء والفيزياء والطب , وكيف يُخصص لهم مدارس داخلية أشبه (بالجِنان ) يحيطهم بكل ما يمكن أن يحفز عبقريتهم وينميها ويحافظ على قواهم العقلية والجسدية فيقدم لهم كامل الرعاية الصحية والنفسية , فمن هؤلاء العباقرة الشباب من يقوم بتصميم الطائرات أو يضع برامج معقدة جداً للكومبيوتر أو يواضب على مكتشفات علمية وصناعية وهو لن يتعدى السادسة عشر , ومنهم من يقوم بتدريس الأطفال المبدعين بنفس تخصصه ويتحول هؤلاء الى نجوم لامعة في مجتمعاتهم , أما نحن فنقوم بإلغاء عقول شبابنا ونشجعهم على نسخ تقاريرهم وبحوثهم من الكتب والإنترنت ليصبحو بعد هذا مجرد آلة ناسخة وأيضاً لصوص ثقافة لا مبدعين , لكن المبدعين رغم كل هذا يتواجدون في كل بيت عراقي إستطاع أن يحافظ على قيّمه النبيلة رغم الفساد القيّمي الحاصل .

 

http://www.youtube.com/watch?v=G9pWPzSEMss



للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.