اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

التحرش الجنسي في العالم والدول العربية (3 والاخير) -//- د. ناهدة محمد علي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتبة

التحرش الجنسي في العالم والدول العربية (3 والاخير)

د. ناهدة محمد علي

إن ضعف المرأة لا يدعو للإغتصاب بل يُشعِر الرجل بالقوة وليُأكد لنفسه قوته وذاته يقوم بتنفيذ الإغتصاب حيث يلغي الرجل أشياء كثيرة إبتداءً بالمقاييس والقيم الإجتماعية ثم يُلغي إنسانيته وينزل دون ذلك , ثم يلغي ذات المرأة وحريتها في إمتلاك جسدها ويدخل الى عالم ليس به مكان لأية حسابات منطقية أو علمية ويتساوى لديه  الحق والباطل والليل والنهار والجهل والعلم , ويتساوى ايضاً لديه الحب الرقيق مع اللذة الحيوانية المؤقته . وإذا ما دخلنا الى دماغ المُغتَصِب سنرى إن هذا الفرد كداخل الى بيت أُطفِأت كل أنواره ولم تبق إلا غرفة واحدة مضاءة لا يتعامل إلا معها ولا تحصل لديه  أي ردود أفعال إلا من خلال الصور والألوان الموجودة في هذه الغرفة , وهذه الغرفة هي الجزء الخاص من دماغه الذي تعمل فيه الغرائز فينشط فرز الهرمون لديه ويتصرف من خلاله فقط بعيداً عن كل المقاييس الأخرى وسيكون الجزء الأكبر من عقله مخدراً بإرادته ويبقى فاعلاً الجزء الخاص بالغرائز وهو يُنفذ بهذا أمر نفسه فيستخدم قوته العضلية لتنفيذ هذه الأوامر وهو مذنب قطعاً في هذا لأنه قرر ونفذ وقد تأمر عقلك فيتجه إتجاهاً محدداً إيجابياً كأن تكون فناناً أو أديباً أو عالماً أو أن تعمل عملاً إجتماعياً ناجحاً وخيّراً فيستجيب عقلك وجسمك لأوامرك , والذي حصل هنا إن هذا الفرد قد وجه إمكاناته الوجهه الخطأ إن عمل المجتمع والسلطة هو توعية النساء لمكانتهن الإجتماعية وتحفيز المرأة  لتحقيق ذاتها وتوفير الآليات اللازمة لحماية هذه الذات للإبلاغ عن المعتدين والتعاون مع القضاء للإقتصاص من الجناة وعدم التعامل مع المرأة كخارجة عن نطاق مجتمعها بل كضحية تستحق العون والمساعدة ولن يكون هذا سهلاً في مجتمعاتنا العرفية .

إن المُغتَصِب هو من أفراد المجتمع وله الحق في العلاج والتوجيه وفي الدول المتحضرة يلقى الجاني والضحية العلاج الكافي الجسدي والنفسي , ففي استراليا توجد مصحات خاصة ومراكز علاجية لمعالجة الضحايا والجناة لإرجاعهم للأوساط الإجتماعية أصحاء عقلياً ونفسياً . ولو نظرنا الى النساء الضحايا في الدول العربية لوجدنا بأنه لا مفر للضحية إلا الموت فهي أينما هربت يترصدها الموت والذي يحدث أنها ستطلبه هي في النهاية بممارسة الإنتحار وها نحن نسمع الكثير عن حالات الإنتحار في شمال العراق وجنوبه والذي يحدث ايضاً أنها تُدفع دفعاً لهذا الإنتحار ولا نعجب لهذا لأن قيمة حياة الفرد العراقي العادي أصبحت رخيصة جداً .

إن الشباب العربي الباحث عن القدوة قد يجدها في بيته أو بين أصدقائه أو في وسائل الإعلام حيث تُقدم للشباب بالصورة والصوت والألوان التجارب الحياتية الجاهزة والتي كثيراً ما تحوي تجارب جنسية مريضة ومحاطة برائحة الجريمة وإذا ما إستساغ الشاب التجربة فقد يُقلدها ولأن معظم هذه التجارب مبررة بطريقة جميلة ووجوه وسيمة وكثيراً ما لا تعرض العقاب بل توجِد المبررات في الغالب وكأنها تجارب طبيعية لممارسة الحب , وتُقدم هذه التجارب في الدراما الغربية والتركية , أما الدراما العربية فتُسقط اللوم والعقاب على الفتاة ويظل الشاب ملوماً لكنه ينفذ من العقاب مستمراً بحياته الطبيعية وهذا هو التصوير الحقيقي للواقع .

قد يقول قائل لما تحدث هذه التحرشات غرباً وشرقاً , والجواب إن الغرائز البشرية قد تُحفزها الظروف الموضوعية المحيطة كالتربية الأُسرية وجماعة الأقران ووسائل الإعلام , وتبقى وسائل الإعلام هي المتفوقة في التأثير على الشباب وقد أثبتت الكثير من التجارب العلمية على أن ممارسي العنف ومدمني الجنس هم من المدمنين ليس فقط للمخدرات بل لأفلام الجنس والجريمة وقد إنتشرت أخيراً في وسائل الإعلام الغربية بأن مُدمناً للجنس قد إستطاع إقتناص 130 طفلاً وطفلة وهو في الأربعين من عمره من خلال الإنترنيت , كذلك فعل الجناة في حوادث إطلاق النار في المدارس على الطلاب والمدرسين في أمركا والمانيا وغيرها وقد لوحظ بأنهم كانوا مدمنين لأفلام العنف والجريمة , وهناك الكثير من الشواهد على أن أحدى وسائل التدريب العسكري للجنود الأمريكان هو مشاهدتهم المتلازمة لأفلام العنف والجريمة لزرع سمات العنف والقوة فيهم . إن تأثير الصورة الإعلامية هو أقوى من الكلمة وقد يرفض العقل الإنساني أفعال العنف لكنه يتقمصها أحياناً إذا وجد البيئة المخصِبة لدوافع للفعل العنفي . إن تغييب الوعي يشجعه نقاط دفع كثيرة في الغرب تدفعه الى الحرية الجنسية وكل ما يخص أي فرد لا يخص الآخر , ومن الناحية الأخرى تنعدم خصوصية الفرد في الدول العربية وهو بؤرة مكشوفة أمام الجميع وخاصة حياة المرأة وأي فعل ذكوري أو عدوان يتجه نحوها سيسحقها لأنه كما ذكرت لا خصوصية للفرد العربي , وتستعلي في المجتمع العربي الرغبات الذكورية وكثيراً ما تُلغى رغبات المرأة وذاتها .

إن الفعل الإجرامي لا يختمر بلحظات أو بإثارة وقتية بل هو عملية تدريجية ليصل العقل الإنساني لفعل أو قناعات مثل هذه وعلى هذا الأساس تتساوى المجتمعات الغنية والفقيرة وعلى هذا الأساس ايضاً يجب أن ينسى العالم منطق القوة لأن العالم لم يعُد غابة ولم يُعد مبدأ البقاء للأقوى سائداً بل البقاء للأكثر تحضراً .

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.