اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

هل تنهض عنقاء إقلیم کوردستان من الرماد الإقتصادي؟// د. سامان سوراني

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

هل تنهض عنقاء إقلیم کوردستان من الرماد الإقتصادي؟

د. سامان سوراني

 

بما أن الإصلاح الإقتصادي أو مايسمی بـ "Economic Reform" هو مجموعة أو حزمة من السياسات، التي تستهدف إزالة الاختلالات الاقتصادية الداخلية والخارجية بالإضافة الی إتباع مجموعة من السياسات التي تستهدف الى إعادة تخصيص الموارد لرفع الكفاءة الانتاجية، في إطار تحرير الاقتصاد المحلي وإعتماده على آليات السوق والحد من دور الدولة في الحياة الاقتصادية، يمکن القل بأن الإصلاح يتکون من جناحين:

الجناح الأول هو عملية التثبيت الإقتصادي "Economic Stabilization Policies" الهادف الی إنجاز شروط حالة الاستقرار الاقتصادي في الأمد الزمني القصير، أي أقل من سنتين، مع البدء بخفض عجز كل من ميزان المدفوعات والموازنة العامة، وخفض الانفاق العام وكبح معدلات نموه، وخفض معدلات التضخم بتقييد التوسع في حجم الائتمان المحلي.

 الجناح الثاني يتمثل بعملية التكييف الهيكلي للاقتصاد "Structural Adjustment Policies" الهادف الی إعادة تخصيص الموارد الاقتصادية لانجاز النمو المستدام أزاء بيئة خارجية أكثر سلبية، وهي ترتبط بالأمد الزمني الطويل المتراوح بين ثلاث الی خمس سنوات. وهذه العملية تشمل أيضاً تعزيز ميزان المدفوعات وإستقرار الأسعار وأداء النمو السليم، وإعادة التوازن العام الداخلي والخارجي في غضون مدة زمنية معينة لتأهيل الاقتصاد المحلي في نهاية المطاف الى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

لقد تناول واضعي السياسات الاقتصادية والباحثين موضوع الإصلاح الإقتصادي بإعتباره إجراء لازم للوصول الی مستوى مرتفع من الكفاءة والتنافسية من خلال تحقيق علاقة متوازنة بين الموارد المتاحة للمجتمع ومتطلباته في سبيل تصحيح الاختلالات الأساسية في الأقتصاد وإستعادة التوازن الاقتصادي العام.

ما يشهده إقتصاد اقليم كوردستان اليوم من من قصور في الإيرادات وزيادة في النفقات العامة وجمود إقتصادي وحالة قلق وتململ من تدهور الأوضاع الإقتصادية وهبوط القوی الشرائية وتراجع أجور موظفي القطاع الخاص وتأخير صرف رواتب منتسبي القطاع العام لأشهر بسبب قطع حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية العامة وإنخفاض أسعار البترول وإستضافة الإقليم مايقارب مليوني نازح عراقي، بالإضافة الی مصاريف الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامیة" الإرهابي، کل هذا ولّد لدی عدد غير قليل من رجال الأعمال والمستثمرين المحليين في القطاعين السياحي والتجاري نوع من التشاؤم من المستقبل وحالة من اللايقين لدی المجتمع، مما جعل الكثير منهم يتخلون عن العقلانية ويتصرفون بشكل عاطفي بإتخاذهم العديد من القرارات اللاعقلانية من دون التفكير في العواقب.

من يدرس الجانب الإقتصادي في الإقليم بشكل منهجي يری بکل سهولة ظاهرة التخلف الإقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي المتميز بسبب السياسات التي كانت تنتهج من قبل الأنظمة القمعية الحاکمة في العراق. فبنية الإقتصاد في الإقليم إعتمدت كما في العراق بشكل أساسي علی موارد النفط الخام كإقتصاد إستخراجي ريعي وإنتهجت سياسة الباب المفتوح أمام إستيراد بضائع إستهلاکية ذات نوعية هابطة وسلع زراعية تؤثر بشكل سلبي علی ضرورة التصنيع وتحديث الزراعة من أجل تنمية الدخل القومي.

أما فيما يخص البطالة المقنعة المكشوفة، المتراوح عددها تخمينياً بين ٥٠ الی ٦٠ في المئة، فإن إقليم كوردستان لم يسعی في السابق حل هذه المعضلة الإقتصادية بوضع حلول وبرامج إقتصادية تقلل من بروز هذه الظاهرة، التي تستنزف الدخل القومي وخزينة الإقليم بشكل واضح. وهي نتيجة لسياسة التدخل الحزبي في شؤون توظيف المنتسبين في القطاع العام، مما أنتجت عدم تطبيق فلسفة "الشخص المناسب في المكان المناسب". وما شهده الإقليم في السنوات الماضية هو عدم سعي القطاع الخاص نحو الإستثمار في القطاعين الصناعي والزراعي وفي الخدمات الإنتاجية والدراسات الفنية والمهنية والبحث العلمي، رغم وضع حکومة الإقليم شکلياً الإهتمام بالصناعة والزراعة والسياحة من أولويات أجندة عملها، کإستراتيجية تنمية غير دقيقة الی حد ما.

إن تبني حکومة الإقليم سياسة التقشف المالي بهدف معالجة العجز في الموازنة العامة وتخفيض معدلات التضخم أمر ضروري. وهي ترتبط بشكل مباشر بتخفيض النفقات العامة ذات الطابع الاجتماعي، مثل نفقات الدعم للسلع التموينية وتعيين الخريجين والتعليم والصحة ومحاولة تحصيل رسوم عن هذه الخدمات وهذه السياسة يجب أن يتضمن رفع أسعار خدمات المرافق العامة كالمياه والكهرباء وذلك من أجل زيادة الإيرادات العامة بالرغم من أن الخطوة الأخير سوف تضرّ بفئات واسعة من الشعب الكوردستاني، لأنه يقلل من الإنفاق الإستثماري والإستهلاکي  ويؤدي بالنتيجة الی مزيد من البطالة ويقلل من حصة الفئات ذات الدخل المحدود من الحاجات الأساسية.

الحکومة قامت بإعادة النظر في الأجور والرواتب من أجل رفع كفاءة إنتاجية النفقة العامة و خفض الأجور الحقيقية للعاملين.

لابد في هذه الظروف الإقتصادية الصعبة من تقليص دور القطاع العام أيضاً وبيع بعض أجزائه الی القطاع الخاص، لان عملية الخصخصة هي جزء أصيل من برامج الإصلاح الاقتصادي، فهي تمثل تغييراً جذرياً للسياسات الاقتصادية من اجل المشاركة في تعبئة الموارد المحلية اللازمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. إن السير نحو سياسة زيادة الطاقة الإنتاجية في الأمد الطويل في القطاع الخاص وإضعاف العوامل المعيقة لنشاط هذا القطاع وتشجيع الإستثمار الأجنبي الخاص والدعاية لە من خلال المزايا والإعفاءات والتيسيرات الضريبية والجمركية بالتزامن مع تطوير السياسات الضريبية وتوسيع الوعاء الضريبي، والحد من الإعفاءات الضريبية أمر ضروري أيضاً.

ولکي تنهض عنقاء إقليم کوردستان من الرماد الإقتصادي علی حکومة الإقليم السعي الجدي في التخفيف من الاعباء التي تتحملها ميزانية حکومة الإقليم نتيجة استمرار دعمها للمشاريع والشركات التي اثبتت التجربة عدم جدواها اقتصادياً، وتوجيه الإنفاق العام نحو دعم البنى الاساسية والمنشآت الاقتصادية ذات الاهمية الاستراتيجية. عليه تمويل برامج العمل العامة لخلق فرص عمل للشباب وتعزيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتقديم الدعم المالي لها وتدريب وتأهيل الشباب للعمل في القطاع الخاص.

ولابد للإصلاح أن يشمل القطاع المالي والمصرفي بهدف إيجاد انظمة مالية ومصرفية سليمة وتنافسية من اجل تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي والاسراع في وتيرة النمو الاقتصادي وتمكين الاقتصاد من التكيف مع الصدمات الخارجية. لابد من تقدير العواقب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من جراء الإصلاحات الإقتصادية بصورة دقيقة لأن الوضع العام في الإقليم مازال مثقل باعباء ومخاطر سياسية وأمنية واقتصادية.

وختاماً علی حکومة الإقليم أن تتعامل وفق إستراتيجية مدروسة وذکية مع ثروة كوردستان لإستخدامها كأداة فاعلة من أجل الوصول الی الأهداف المرجوة كالإستقلال ، فالثروة كما يقال تأتي كالسلحفاة وتذهب كالغزال.

الدکتور سامان سوراني

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.