اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• ماذا اضافت فرقة مسرح شيرا للمسرح السرياني

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

باسل شامايا

 مقالات اخرى للكاتب

ماذا اضافت فرقة مسرح شيرا للمسرح السرياني

 

كانت الانطلاقة الفعلية لوضع النواة الأولى لتأسيس فرقة مسرح شيرا للناطقين بالسريانية في بداية التسعينيات وتحديدا بين عامي ( 1992 – 1993) وفي منزل الأخ موفق ساوا الكائن في منطقة الزيونة حيث كانت الصدفة قد جمعت مجموعة من الأصدقاء القدامى والذين كانت تربطهم روابط فنية ثقافية ولهم باع طويل في هذه النشاطات في تلك الفترة الذهبية التي مر بها العراق أي في بداية السبعينيات من القرن الماضي حينما كانت تجمعهم اللجنة الفنية لنادي بابل الكلداني في بغداد ،تلك اللجنة التي أغنت المسرح السرياني بأعمال عديدة ومنها ثلاثة منجزات مسرحية عملاقة عرضت على مسرح بغداد وباللغة السريانية وبفترات تاريخية مختلفة:( الأرض والحب والإنسان عام 1972، الحصاد عام 1973 ، كشرا دلالي عام 1976)  فقد كان هذا النادي العريق يشكل  أرضية خصبة لاحتضان  الطاقات الشابة بمختلف مواهبها وتلوناتها الثقافية ويعمل على صقلها ثم تهذيبها باتجاه خدمة الحركة الثقافية عموما في العراق وخصوصا في بلدتنا العزيزة القوش .. وتوالت اللقاءات في أماكن أخرى لدعم وكسب المزيد من المؤيدين للأهمية القصوى في تأسيس مثل هذه الفرقة والاتفاق على صيغة جماعية لانبثاقها لتأخذ مكانها كمنبر أو كواجهة ثقافية تنصهر في بوتقتها كل المواهب والإبداعات التي بعثرتها الظروف السياسية القاهرة التي مرت بوطننا العزيز بل وأنتجت تلك الظروف سباتا وشللا في0. كافة النشاطات المسرحية التي كان الهدف منها تنشيط الحركة الفنية في بلدنا العزيز  .. وكان قد حضر هذا اللقاء الذي اقترح فيه موضوع التأسيس ونوقش بموضوعية وعناية تامة كل من السادة :  ( سعيد شامايا ، موفق ساوا ، عماد شامايا ، صباح يلدكو ، نهاد شامايا ،الأخت ابتسام وكاتب هذه السطور باسل شامايا ) ولم تتوقف اللقاءات بل تكررت وفي أماكن أخرى..وتم طرح هذه الفكرة على البعض من زملائنا وأصدقاءنا القدامى فاتفقوا معنا على كل تم مناقشته من افكار ومقترحات  أمثال  الإخوة :(جرجيس قلو وسمير خوشو وفرج حلبي).. هؤلاء الذين كانوا مواكبين للحركة المسرحية قبل أكثر من 40 سنة .. وبعد حصول الموافقة الجماعية لإحياء تراثنا السرياني الأصيل من خلال الاتفاق على الصيغة النهائية لهذه الواجهة الثقافية ، تحرك أصحاب الشأن وسط الخريجين من كلية ومعهد الفنون الجميلة لاختيار العناصر الشابة ذات الاختصاص ليأخذوا مكانهم كأعضاء مؤسسين في الفرقة .. لأن شروط التأسيس كانت تقتضي وجود عناصر أكاديمية حاصلة على شهادات فنية خصوصا في مجال المسرح  ، وبالفعل تمكنا من تشخيص بعض العناصر من الأخوة الأكاديميين وحصلنا على موافقتهم ليكونوا أعضاء مؤسسين في الفرقة ، وبعد اكتمال النصاب أعلن عن تأسيسها  رسميا وبموافقة وزارة الثقافة والإعلام عام 1993وبخمسة مؤسسين وهم :         1// سعيد شامايا 2// موفق ساوا 3// فريد عقراوي 4// هيثم أبونا 5// عادل دنو .   وهكذا اختمرت الفكرة بعد بذل قصارى الجهود الحثيثة لولادة شيرا في بغداد ، وبعد أن استبشرنا خيرا بموافقة وزارة الثقافة ودائرة السينما والمسرح على تأسيس هذه الفرقة  الناطقة بالسريانية ، بادرت الهيئة التأسيسية في مقترحها أن يكون أول نشاط للفرقة إقامة حفل أو افتتاحية بمناسبة التأسيس وبالفعل تم ذلك عام 1993 وبجهود هذه الهيئة وتعاون أول كوكبة انضمت لعضوية الهيئة العامة للفرقة وكذلك بجهود وتعاون محبي الثقافة والفنون ، واختيرت قاعة نادي النفط ببغداد لإقامة هذا الحفل الفني الساهر وبدعم بعض الأخوة الميسورين الذين تبرعوا بتغطية كافة نفقات الحفل والذي تم استثمار ريعه في إنتاج أعمال مسرحية ناجحة ، وكانت باكورة أعمال شيرا التي قدمت خلال الحفل  (اوبريت شيرا ) تأليف ( الأستاذ سعيد شامايا ) وإخراج ( الفنان فريد عقراوي ) حيث كان له صدى كبير بين الجمهور.. وتوالت الأعمال المسرحية من (مسرحيات .. اوبريتات ..احتفالات) وغيرها من النشاطات التي زخر بها أرشيف الفرقة .. وهكذا سطع نجم شيرا وشقت طريقها بالاعتماد على كوادرها الذين وظفوا كافة إمكانياتهم ناكرين ذاتهم من اجل تطويرهذه الفرقة الفتية  وتألقها .. وبالرغم من العراقيل التي كانت في بعض الأحيان تقف حجر عثرة أمام إبداعات الفرقة إلا أنها لم تثنها عن التواصل في عطاءاتها بل تحدت تلك الظروف القاهرة بالمثابرة والتواصل والتعاون المثمر والتآلف والانصهار الجماعي في بوتقتها ، وكانت ثمرة تلك الجهود إنتاج أعمال فنية كثيرة عرضت بسقوف زمنية محددة وبمعالجات ( تراجيكوميدية ) .. مع مرور السنين أصبح لشيرا رصيدا ثرا بحيث بات كل متابع للمسرح يعرف إن هذه الفرقة الفتية جاءت لتحمل بين حناياها تراثنا وفولكلورنا الشعبي وتعمل دءوبة من اجل خدمة الحركة المسرحية في عموم العراق . تواصلت الفرقة في منجزاتها دون توقف بحيث لم تمض سنة واحدة إلا ويضاف إلى رصيدها عملين أو ثلاث من الأعمال المسرحية ، حتى تألق  اسمها محليا وعالميا  وتركت عروضها المسرحية بصماتها على جميع المسارح العراقية في بغداد وكذلك في القوش وبغديدا وبرطلة وعينكاوا وباطنايا ودهوك وكرمليس وكذلك خارج الوطن حينما عرضت مونودراما  ( شوخلابا) على مسارح ولاية مشيكن ونجحت نجاحا كبيرا          ( جماهيريا وفنيا ) .. كما كان للفرقة مساهمات ومشاركات عديدة في المهرجانات الثقافية الفنية التي أقيمت في العراق والتي عرضت فيها أعمالا مسرحية باللغة العربية منها مهرجانات مسرح الطفل ومهرجانات المسرح العراقي وكذلك مشاركاتها الفعالة في المهرجانات السريانية التي كانت تقام كل عام في بغداد ومحافظات أخرى كمهرجان ( آشور وبابل والإبداع السرياني والقوش ونوهدرا وعينكاوا ) وكانت تمتاز معظم أعمالها بالرصانة والجودة والالتزام بقواعد المسرح أما النصوص التي كانت تعتمدها في عروضها فكانت اغلبها محلية ومن تأليف الاستاذ ( سعيد شامايا ) كما كتب الفنان موفق ساوا ايضا بعضا من النصوص المحلية تأليفا ، جميعها عالجت في ثيمها ظواهر سلبية كان يعاني منها مجتمعنا العراقي عموما والمحلي خصوصا ، ومن بين تلك الأعمال التي تركت آثارا لا تنسى عند الجمهور مسرحية  ( العميان يعودون /العودة / سارة والبيك  / الأنبا جبرائيل دنبو /لعبة مركو/ أطلاقة واحدة / ثمن الحرية وعشرات الأعمال الأخرى ) ولم تقتصر أعمالها على اللغة السريانية فقط بل قدمت عدة أعمال باللغة العربية مثل ( الأميرة الآشورية .. العقد .. جراح المجد .. طبول تحت الوسادة .. عاصفة من المجد وغيرها ) أما الذين أبدعوا في إخراج هذه الأعمال فهم المخرجون : ( هيثم أبونا .. الدكتور عصام بتو .. موفق ساوا .. باسل شامايا .. ليون سمسون ) ومن ابرز الممثلين الذين شاركوا في معظم أعمالها هم : ( جرجيس قلو .. باسل شامايا .. صباح يلدكو .. سلمى عبدالاحد .. سمير خوشو .. لونا بولص ..فرج حلبي .. عماد شامايا .. كادح زرا .. بشرى.. خالد بلو وآخرون كثيرون ) وأود أن أشير إلى مسألة مهمة جدا وهي افتقار الفرقة إلى أي دعم مادي من دائرة السينما والمسرح لتعتمده في إنتاج أعمالها ومشاريعها الفنية ، علما كان يخصص لبقية الفرق المسرحية مبالغ لا يستهان بها حين مبادرتها للقيام بانجاز أعمال مسرحية كبيرة ، وذلك كان احد أسباب ديمومتها وتواصلها دون أن يصيبها خلل أو ضمور ، والدعم المادي للفرق المسرحية ليس إلا حق طبيعي تتمتع به كل فرقة مسرحية خصوصا بعد أن كانت لجنة المسرح العراقي  حينذاك قد منحت لكل فرقة أو لكل عمل مسرحي يقدم على مسارحنا مبلغ من المال لدعمه .   لا أريد أن أسهب في هذا الموضوع كثيرا لأنه يأخذنا إلى متاهات أخرى لا تستوعبها صفحات مقالي هذا ، فقط أود أن أقول إن لعملية تخصيص ميزانية تعتمدها الفرقة في إنتاج أعمالها المسرحية ضرورة ملحة لكي تتواصل وتواكب الحركة المسرحية في عموم البلد  وخلاف ذلك ستتعرض إلى إخفاقات وخلل في الأداء والإبداع . أن فرقة مسرح شيرا و بالرغم من معاناتها المزمنة في هذا الجانب الحيوي المهم إلا إنها لم تتوقف في عطاءاتها ومشاركاتها ولكن المشكلة المستعصية التي جعلتها تتلكأ بعض الشيء وأخذت تسير بسببها على عكازتين  هو الوضع الأمني الذي جاءت به إفرازات النظام السابق ، علما إننا كنا قد استبشرنا خيرا بالتغيير الذي حصل ، ولكن رياح التغيير هبت بما لا تشتهي السفن فتعرض هذا الشعب الأبي إلى شتى صنوف الاضطهاد والقمع ومصادرة الحقوق ، وبسبب الحروب والاقتتال الطائفي وحقن الدماء البريئة والتناحر السياسي الذي فرض علينا بعد 9/4/2003 اضطر الكثير من الناس إلى مغادرة الوطن والبحث عن ملاذ آمن ليمارسوا حياتهم بشكل طبيعي بعيد عن هذه الظواهر السلبية التي تحول دون العيش الآمن السعيد .. ولهذا السبب القاهر اختار أبناء شيرا الهجرة مكرهين  تاركين زورقها يتهاوى وهو محملا بثمار يانعة نذرت نفسها للمسرح متجاهلة كل الصعاب من اجل تألقها .. نعم فتحت أبواب الهجرة على مصراعيها وابتلعت مبدعينا الذين حملوا شيرا بين حدقات عيونهم ولم يبق لها من أعضائها إلا أشخاص معدودين ، ومع ذلك مازلنا نتواصل حاملين اسمها في أعمال مسرحية بالتعاون مع بعض الشباب والشابات في القوش الحبيبة .. صحيح إن أغلب عناصر شيرا غادرت الوطن ولكن ذلك لا يعني أنها باتت في خبر كان ...! لا بل مع تشتتهم وتبعثرهم هنا وهناك إلا إن قلوبهم  ما زالت مع هذه الخيمة المكتنزة بالحب والعطاء ، وهناك في ارض الغربة انتهزوا الفرص لتقديم ما يرفع من شأنها فتجددت بجهود المخلصين من أبنائها الغيارى في كافة أصقاع الأرض  حيث بادر المخلصون منهم إلى تأسيس فروع لها في كل من دولة الدانمرك وأمريكا في ولايتي    ( مشيكن وساندياكو) وقدموا باسمها خلال فترة قصيرة عدة أعمال مسرحية ناجحة وهذا اكبر دليل على بقائها متألقة دوما .. وستبقى هكذا طالما هناك من يحافظ على ذلك الاسم الذي تلألأ في سماء الوطن .. اذن ستبقى شيرا ويبقى معها ذلك الرصيد الثر من الأعمال المسرحية الرائعة .. ولا يمكن أن تنطفئ شمعتها مهما قست الظروف .. وفي الأخير اختم موضوعي هذا قائلا وبكل اعتزاز: إن شيرا ولدت من نطفة العراق ونمت كزنبقة على شواطئه وستبقى زاهية تنمو وتتألق بعطاءاتها ما دام هناك إصرار وتواصل مما تبقى لها من مخلصين لها  سهروا ويسهرون الليالي لإبقائها ابنة للمسرح السرياني العتيد .  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.