باسل شامايا

مقالات اخرى للكاتب

كيف تتحرك على المسرح

ان حركة الممثل على المسرح لا تأتي اعتباطية أو عفوية بدون تدخل او توجيه بل وفق خطة يرسمها المخرج بعد الانتهاء من عملية تأسيس المراحل الأولية من رؤيته الإخراجية ..فالحركة هي عملية الانتقال بالجسم أو أي جزء من أجزائه سواء كان ذلك تقدمه او تأخره وفـــي الزمان والمكان المحددين وللحركة جانبين : احدهما ايجابي والآخر سلبي ، ولكل واحد منهما دلالاته ..فنقول في كلتا الحالتين هناك في دواخل الممثل حركة حينما يؤدي دوره على المسرح .. وليس هناك جمود لان هذا الجمود يؤدي إلى الشلل أو الموت ..الحركة بالضد مــن ذلك فمثلما يجب على المرء ان يتحرك في حياته اليومية هكذا يجب على الممثل تأدية الفعل أو الحركـة لكي يضيف الى دوره على المسرح جمالية ورشاقة وبنفس الوقت لكي تتوالى الأحداث بشكل سليم . وكما قلنا لا يجوز ان تكون الحركة اعتباطية لان لكل حركة تبريرها فلا يجوز الانتقال من موقع الى اخر دون إقناع المتلقي بتبرير ذلك الفعل تبريرا موضوعيا لا مزاجيا او كيفيا كما يفعل الكثير . وللحركة أسبابها المتعددة منها ملء الفراغ , توحيد العناصر البصرية والحركية , كما إنها لا تأخذ اتجاها واحدا فأما ان تكون مباشرة اي تأخذ مستوى واحد او تكون غير مباشرة , ولكل منها معنى ومدلول معين .  تقاس الحركة بالزمن المستغرق لانجازها حيث تكون سريعة تأخذ وقتا اقل وتكون بطيئة تأخذ وقتا أطول وخلال حركة الممثل نراه يمر بسلسلة من التوترات والاسترخاءات ففي الاولى تخزن الطاقة الحركية وفي الثانية تتحرر الطاقة الحركية , وهناك انواع عديدة للحركة كل نوع له أسبابه ومبرراته واتجاهه وأسلوب توظيفه خلال الفعل المسرحي ,فمثلا الحركة التي يقوم بها الممثل تكون إلزامية ، ففي حالة تخلفه عن القيام بها وتنفيذها يؤدي ذلك إلى توقف العرض المسرحي , حيث تفرض هذه الحركة من قبل المؤلف وتكون ضمن رؤيته التاليفية . ونضرب على ذلك مثال لإحدى المسرحيات العالمية كمسرحية (عطيل ) فمثلا يسقط المؤلف شكسبير المنديل من عطيل على الأرض مستهدفا من وراء ذلك التقاطه من قبل ايميليا حتى يصل بين متناول يد ياغو , الذي يساعده في تحقيق مؤامرته حينما يسلم المنديل إلى عطيل ، إذن ان التقاط المنديل هو إلزام من قبل المؤلف شكسبير على اميليا لكي يستمر الحدث الرئيسي للمسرحية بالتنامي . اما الحركة الشعورية فانها تكون نابعة عن شعور معين فأما ان تكون باتجاه الشخص الذي نحبه او نرغب به او عن الشخص الذي نكرهه ولا نريده وتكون نحو الشخص في حالة فرض راي معين او فكرة معينة . اما الحركة التقنية يقوم بها الممثل بإيعاز من المخرج للمساهمة في تكوين او تشكيل الصورة او لخلق التوازن في الصورة او التضاد فيها .وهذا النوع من الحركة يضيفها الممثل او المخرج لإعطاء المسرحية الصفة الحياتية ,بحيث لا يصبح التمثيل خطابي رتيب . ولهذه الحركة أشكال معينة كل شكل له مدلوله ..قوته وضعفه .. سرعته وبطئــه .. فمثلا الاستقامة فــي الحركة تدل على المباشرة والتصميم اما الانحناء فتدل على الالتواء وعدم الرضا والزوغان أما الانكسار أو الحركة المنكسرة فتدل على عدم الاستجابة وعدم المباشرة وجميع هذه الأشكال الحركية تكــون ثقيلة او خفيفة , تكون ثقيلة عندما تكون الطاقة مخزونة , وتكون خفيفة عندما تكون متحررة او تكون سريعة او خفيفة بمعنى كم تستغرق للزمن المعين , وهناك الحركة العمودية زائدا الحركة الأفقية فالأولى تدل على الشموخ والارتفاع والقوة والهيمنة والثانية عكسها . ويفضل هنا العمل بنظام المثلثات لان في ذلك عمق وهناك قيم كثيرة للحركة نذكـــر منها أنها تعبر عن المشاعر وعن بناء الجو الذي يساهم مساهمة كبيرة في تصعيد الحدث المسرحي , كذلك أنها تعبر عن الصبغة المحلية , وللحركة فوائد كثيرة نذكـــر منها أنها تسند الحوار وتحافظ على إيقاع المسرحية والجو العام لها . أخيرا أقول أن الشخصية الرئيسية في المسرحية تتحرك للوصول إلى الهدف المنشود حينما تصطدم في صراعها مع الشخصيات الأخرى فتضطر للتحرك سلبا وإيجابا ، ان المسرحية الناجحة يكون فيها الصراع بين قوتين متكافئتين مرة ينتصر فيها البطل ومؤيديه ومرة ينتصر الخصم وحلفاءه حتى تبلغ المسرحية مرحلة الذروة وهكذا لحين إعلان الستار انتهاء العرض المسرحي .