اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• وداعا أستاذنا الفاضل ومربينا الجليل نوئيل قيا بلو

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

باسل شامايا

 مقالات اخرى للكاتب

وداعا أستاذنا الفاضل ومربينا الجليل نوئيل قيا بلو

 

حينما تفقد شيئا ما ينتابك إحساسا بالألم على فقدانه ، وحينما تفقد شخصا ما  يحتويك الحزن والأسى بفقدانك عطاءا حياتيا متواصلا ، ولكن حينما تفقد إنسانا عزيزا ومربيا فاضلا وأديبا فنانا وصحفيا ،  تتوشح جلباب الهم والألم لأنك فقدت قيمة حياتية عالية ، وها هو ارشيف القوش المعطاء زاخر برموز رحلوا بعد ان تركوا بصماتهم حية ستتذكرها الاجيال على مدى السنين ، ورغم انه لا احد يريد أن يموت لأنه ولد لكي يعيش فيأخذ نصيبه من هذه الدنيا الفانية سواء كان فيها سعيدا أم مهموما حتى تحين ساعة رحيله فيرحل مخلفا وراءه ثماره التي تكون امتداده في حياة الدنيا ليكملوا طريقه ويحققوا طموحاته ويأخذوا دورهم الفاعل في عملية البناء ، ورغم إننا جميعا نؤمن إيمانا كاملا بأن الموت حق على كل كائن حي فقد فوجعنا برحيل كوكب من كواكب القوش المضيئة الذي أضاء بكلماته ونتاجاته المتنوعة دروب الثقافة والمعرفة . في هذه الأيام الأليمة رحل عنا معلما مقتدرا ومربيا فاضلا ( نوئيل قيا بلو) بعد أن صارع المرض سنين طوال حتى توقف قلبه الموغل بالطيبة والإنسانية عن الخفقان ، فتوقفت تلك المشاعر والعطاءات والتي لم تتوقف في أحلك الظروف ، لقد فقدت القوش كنزا أدبيا / فنيا / لغويا / تعليميا مبدعا سرقه الموت من بيننا وأطفأ شمعته التي بقيت موقدة 77 عام . بدأ حياته مربيا فوهب من عنفوان شبابه  أحلى سنينه من اجل تربية وتعليم وإنشاء أجيال من الطلبة يفتخر بها البلد والقوش والناس ، وأشعل في أذهانهم دروب الحياة ، علمهم كيف يكونوا مواظبين دءوبين لكي يرتقوا إلى مستوى الطموح فيخدمون وطنهم وشعبهم  ، فاخذوا دورهم الفاعل في عملية بناء المجتمع وكانوا جديرين بها .. ثم ولج الى عالم الأدب والفن ليكتب عن اللغة السريانية وللمسرح السرياني أعمالا ونتاجات عالج فيها  تلك الظواهر السلبية التي كان يعاني منها مجتمعنا في ذلك الوقت  وقد جسدت كتاباته على خشبات المسرح في القوش وبغداد وقره قوش ودهوك و بمعالجات كوميدية او تراجيدية ، وراحت النجاحات تتوالى الواحدة تلو الأخرى دون أن يتوقف في عطائه بل كان يسعى دوما لتحقيق هدفه الذي كان يرسم من خلاله مع زملائه وأقرانه الصورة المشرقة لبلدته القوش الغالية .. وهكذا عمل أيضا في مجال الرياضة من خلال النادي الرياضي في القوش والذي كان احد اركانه ، حتى بات وجها متألقا من الوجوه المعروفة ، حيث طرق جميع الأبواب هادفا تقديم  ما هو مفيد لبلدته وأهلها الطيبين  .. عرفناه جميعا منذ أن كان في بداية طريقه ، طالبا مواظبا في مدرسة الحياة ومربيا دءوبا وكاتبا معروفا وفنانا مقتدرا يجسد بكتاباته رسالته الإنسانية التي كرّس جلّ وقته في إيصال محتوياتها الهادفة إلى كل الناس و التي كان يهدف فيها التعريف بالمعنى الحقيقي أن يكون الإنسان ذات مكانة مؤثرة في المجتمع .. ومن خصاله أيضا كان هادئا متواضعا تواقا لأغتراف المعرفة والثقافة ، طيبا في معشره شفافا في تعامله ، يمتلك صدرا رحبا وقدرة فائقة للتعاون بكل شفافية وتودد وخيردليل على ذلك تلك المهرجانات الثقافية والاماسي الشعرية التي كان يغنيها بمشاركاته ، ولم يمض نشاط من هذا القبيل إلا وكان الراحل احد البارزين فيه ، حتى وان أقيم في بغداد أو محافظات اخرى ، حيث كان  يحضر متجشما عناء الطريق ليسجل حضوره في سجل الإبداع .. كان الشأن الثقافي همه الاول لذلك اجتمعت فيه مواهب عديدة (( أدب / فن / شعر / كتابة / مسرح / صحافة )) سخرها جميعها من اجل بناء مجتمع يتميز بالثقافة والمعرفة . ولكن شاء القدر اللعين أن يداهمه المرض بغتة فأقعده عن الحركة وتحقيق طموحاته وحال بينه وبين نتاجه الذي اعتاد أن يكون معطاءا على الدوام فترة من الزمن حتى غادر الوطن للمعالجة من وضعه الجديد الذي اقتحم حياته ، وهناك راح يكتب بالرغم من المرض الذي كبله سنين طوال فكان يجد في الكتابة ذريعة لكي لا يغرق في عالم التشاؤم التي كانت عنوانا مجسدا للغربة .. وبعد أن عاش في قلب الأحداث الأخيرة لبلده الجريح وهجمات وتكالب الأشرار على خيراته وذلك من خلال مشاعره الجياشة وهو في ارض الغربة ، أخذت تجتاحه  الرغبة الجامحة لكي يكتب بقلمه الحر حكاية الوطن الذي غادرته السعادة وراح يرفل بالفرح المقتول . رحل فقيدنا العزيز دون أن يودع أولاده وأشقاءه وزملاءه وبلدته التي أحبها وأحبته وأرضعته المحبة والوفاء منذ الصغر .. رحل ابن القوش البار وهو يعاني من الم الحنين إلى الوطن لكن وضعه الصحي كان يحول دون قطع آلاف الأميال للارتواء وإرواء تلك اللهفة وذلك الشوق بلقائها ..                   وداعا أيها الغائب الحاضر في ذاكرتنا .. وداعا أيها المتوج بنفحات ذكرياتك المطرزة بظلك البهي ، ستبقى كلماتك ونتاجاتك نفحات عطر تذيب الشؤم وثقل الأيام . وداعا ثم وداعا وأخيرا من بلدة الفقيد العزيز أشاطر عائلته وذويه مشاعر الحزن العميق بفقدان هذا الإرث الثقافي الثر وأتمنى للراحل العزيز الراحة الأبدية والذكر الطيب دائما وأبدا .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.