اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• وعاد حامي الدار الى أحضان القوش

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

باسل شامايا

 

 مساهمات اخرى للكاتب

·        وعاد حامي الدار الى أحضان القوش

 

في الصباح الجميل ذي النسمات الباردة المعطرة برائحة الشوق واللهفة والحنين الى لقاء من غادرنا قبل عقد ونيف من السنين ،وبفرح عامر وحب غامر غمر قلوب أهالي القوش لاستقبال عودة الأسد الى العرين توجه رتلٌ من السيارات في 22/10/2010 الى دهوك / محلية الحزب الشيوعي الكردستاني ضم بعض رفاق ومحبي وعائلة القائد الأنصاري المقدام توما توماس ، وكانت المحلية قد استضافت نعشه قبل ليلة واحدة أي بعد إخراج رفاته من مقبرة الكلدان في دهوك والتي أشرفت عليها المنظمة ونجل الفقيد السيد صلاح توما توماس كما كانت قد استضافت في 20/10/2010 رفات المناضلة أم جوزيف التي كان قد وافاها الأجل في سوريا عام 1991 ، واحتضنت ارض دمشق جثمانها الطاهر سنة 1991 ودفنت هناك في مقبرة الكلدان أي قبل رحيل زوجها المناضل أبي جوزيف بخمسة أعوام .

  وصلنا إلى دهوك مبكرا وكان مبنى المحلية محطة انتظار واستقبال الوفود ، وبدأت الشخصيات السياسية والثقافية والوطنية وممثلو الأحزاب الكردستانية  والأحزاب الوطنية والقومية والحركات الديمقراطية والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري تتهافت الواحدة تلو الأخرى للمشاركة في عملية تشييع رفات المناضل الكبير أبو جوزيف ، كما حضر السيد نائب محافظ دهوك وقائمقام قضاء دهوك .  وبعد انجاز جميع التحضيرات للتوجه إلى القوش انطلق الموكب الجنائزي تتقدمه سيارة شرطة المرور والإسعاف وسيارة قوات الطوارئ التي أشرفت على امن الموكب وتتبعها سيارتان مكشوفتان تحمل إحداها نعش الفقيد توما توماس والأخرى نعش الفقيدة الماس حسقيال زلفا( أم جوزيف ) وقد أحاط النعشين مجموعتان من محبي القائد الرمز إحداها تتكون من المقاتلين الأنصار يحتضنون نعش قائدهم الخالد،ترتسم على محياهم إمارات الحزن والفرح ، والمجموعة الثانية شباب من اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي في القوش يزدانون جاذبية ورونقا بقمصانهم الحمراء ،  تتبعهما سيارتان لعائلة الفقيدين وتتبعها العشرات من السيارات الأخرى، وكانت قوات الطوارئ والمرور قد هيأت الشارع العام في دهوك لتسهيل عملية سير القافلة دون أن يتخللها أية عوائق للمرور وضمان وصولها بأمان إلى حيث تنتظر آلاف من محبي هذا الإنسان الحر الشريف بلهفة وظمأ ، فكانت أول محطة انتظار قرية بدرية التي تفاجئنا بالعدد الهائل من الجماهير وهي تنتظر وصول الموكب فانضمت بسياراتهم إلى الموكب وأكملنا المسير حتى وصلنا إلى المحطة الثانية مفرق القوش ،الذي كان زاخرا بالحضور الجماهيري المكثف، ينتظرون عن كثب وصول الموكب ،  فانضموا إليه حتى أكملنا المسير إلى مقر منظمة الحزب في القوش، حيث تشكل رتلان من السيارات وسارا بانسيابية حتى توقفا أمام الشارع المؤدي إلى المقر . وهناك كانت بلدة القوش قد أغلقت متاجرها ، وأرجأت نشاطاتها وتوقفت حركة السوق فيها تماما ، بسبب تهافت أهاليها من النساء والرجال والفتيان والفتيات والصغار ،  واحتشدوا على جانبي الشارع المؤدي إلى المقر، قسم منهم يحملون الزهور والقسم الآخر يحتضنون صور المناضل أبي جوزيف والفرحة تغمر قلوبهم وكأنه حاضر بينهم ، وآخرين يرفعون رايات حمراء ولافتات يمجدون فيها المناضل ، ويحيون عودة الفقيدين إلى أحضان القوش، وكانت هناك مجموعة من النسوة تنثرن الحلوى والورد وتطلقن العنان لحناجرهن بالهلاهل والهتافات ، وإضافة إلى أهالي البلدة كانت قد وصلت مجاميع أخرى إلى القوش جاءت من مختلف مناطق العراق والعالم ليحظون بشرف المشاركة في التشييع . وسار الأنصار والشبيبة بالنعشين محمولين على الأكتاف وسط تلك الحشود الجماهيرية الغفيرة التي استقبلت الموكب بدموع الفرح والحزن وألهب ذلك المشهد هواجس المشيعين فتعالت أصواتهم بالهتاف والتصفيق ، وادخل النعشان إلى المنظمة وفي تلك الإثناء تزاحمت الفضائيات وهي تهرع مسرعة للحصول على موطئ قدم تنطلق من خلاله في تصوير هذا الحدث التاريخي الهام والذي كان محبو توما توماس ينتظرونه بفارغ الصبر لأنه بات أشبه بالحلم يراود قلوب الجميع خصوصا أبناء بلدته التي افتقدته منذ أن وري الثرى بعيدا عنها عام 1996 .. ولم تمض أكثر من دقائق حتى خرج حاملو النعشين وعلى أنغام فرقة الكشافة السريان التابعة لمركز السريان للثقافة والفنون في بغديدا / قره قوش تتبعهم الشخصيات والوفود ثم الجموع الغفيرة من المشيعين وسار الموكب أكثر من خمسمائة متر باتجاه منزل الفقيد وكان المشيعون يرددون بين حين وآخر بعض الشعارات والأناشيد التي كان لها وقعا خاصا عند الوطنيين الأحرار في الماضي والحاضر والمستقبل مثل : ( سنمضي سنمضي إلى ما نريد ) وأغنية سالم حزبنا التي كانت ترددها حناجر الشبيبة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي ،وبعد هذه المسافة التي قطعها الموكب في المسير وصلوا إلى دار الفقيد وبصعوبة بالغة ادخل النعشان إلى الداخل وأحاطت عائلة الفقيدين بالنعشين وهم في منتهى الحزن فراحوا يذرفون الدمع وكأن الفراق الأبدي قد بدأ في ذلك الحين وبعد حضور الأب آرام روميل والأب جبرائيل رئيس دير السيدة ومجموعة من الأخوة الشمامسة أقيمت مراسيم للطقوس الكنسية داخل دار الفقيد ثم حمل النعشان إلى حيث وريا الثرى في ضريح يجمعهما بعد أن قضيا العمر والملاحقات السلطوية والظروف القاهرة التي فرضت عليهما تحول دون لقائهم كعائلة واحدة . وبعد الانتهاء من مراسيم الدفن ارتقى الفنان باسل شامايا منصة الاحتفال ليعلن عن إقامة احتفالية خاصة بالمناسبة أمام ضريح الفقيدين فتقدم الأستاذ حميد مجيد موسى وبمشقة بالغة شق طريقه حتى وصل الى حيث المنصة فاستهل عريف الاحتفالية المنهاج بكلمة ترحيبية بالحضور ثم وضعت أكاليل من الزهور على الضريح وقرأت كلمات جسدت خصاله وسجاياه وأشادت بدوره البطولي وصولاته وجولاته في مقارعة الدكتاتورية المقيتة كما أشادوا بمواقف زوجته المناضلة أم جوزيف التي وقفت دوما الى جانب زوجها في نصرة قضيته العادلة ضد النظام الدكتاتوري الأرعن وبعد ذلك قرأ الشاعر لطيف بولا بصوته الثوري المعبر قصيدة بعنوان ( أما كفى الرقاد )  أما مسك الختام لهذه الاحتفالية فكان كلمة ذوي الفقيدين قراها نجلهما السيد صلاح توما توماس وفي الأخير دعا العريف جميع الضيوف والحضور لتلبية دعوة المنظمة لتناول وجبة الغداء التي أعدتها على شرف المناضلين وذلك في قاعة منتدى شباب القوش . وكانت آخر فعالية في هذا اليوم التاريخي تقديم التعازي لعائلة الفقيدين في قاعة مار قرداغ للتعازي فتوجهت الجموع الغفيرة من أهالي القوش والمناطق المجاورة، إلى القاعة لتقديم التعازي لذوي الفقيدين .  وأخيرا أقول وعبرة الفرح والحزن تكاد تخنقني : حياك يا القوش يا أم الشهداء والمناضلين الأحرار .. حياك يا بلدة الأبطال على ما أنجبته  للإنسانية  من المضحين والأبرار.. هنيئا لك فقد عاد ابنك الى أحضانك الظمأى شامخا منتصبا ليزرع الحب كما اعتاد في  ارض الآباء والأجداد العظام .. فانك حقا تستحقين كل الحب والاحترام لأنك أنجبت توما توماس .. بورك ثراك الطاهر الذي اغتنى اليوم باحتضان هذا البار العفيف ، الذي صهر عنفوان العمر عطاء في عطاء .. فنم قرير العين بين أحضان أمك الحنون التي ما فتئ اسمك يطرق حضورها ( اليوم والبارحة وغدا ) .. ارقد بسلام الى جوار من أنت امتدادا لهم وستبقى طيرا سماويا تحلق في سماء القوش كما كنت دوما لتحميها من شر الطامعين والزناة .. المجد والخلود للنشامى أبطال الحرية .. المجد والخلود لشهداء الحركة الوطنية العراقية ... المجد والخلود لشهداء القوش الباسلة

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.