اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الشيوعيون والحصاد الانتخابي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

لطيف روفائيل

الشيوعيون والحصاد الانتخابي

ليس من قبيل التجني على الاخرين عندما نتحدث على نزاهة الشيوعيين العراقيين منذ ان اجتمعوا تحت مظلة الحزب عدا بعض الخروقات الشخصية المتفرقة التي كانت بالضد من توجيهات الحزب وبقيت النزاهة جنبا الى جنب مع الشيوعيين الى يومنا هذا عندما تجلت مع الشيوعيين الذين كانوا في المواقع العليا من المسؤولية منهم في الوزارات او في البرلمان  وحتى في تعاملهم اليومي مع الناس ويكفي ان نستشهد بلجنة النزاهة التي ابعدت الشيوعيين عن الفساد الذي يضرب العراق طولا وعرضا اليوم .

 

الشيوعيون يبحثون عن الانسان عن سعادته وغاياته وحريته , يبحثون عن ذلك الانسان كيفما كان لونه وعرقه وجنسه .  ذلك هوعمل الشيوعي الذي يتفاني من اجله حتى ان كان هذا الانسان يرفضهم اليوم فهم يتركون ابواب المستقبل مفتوحة .. انه سيقتنع بهم يوما,  عندما تتوضح الصورة لديه .

الشيوعي لاينتظر ان يجني محصول حرثه اليوم فهو ليس اسير المرحلة بل يوجه منظاره الى المستقبل مجسدا نظرته تلك بالفكر الماركسي الذي يتم من خلاله  بناء المجتمع  وفق تطوره على مراحل   

لقد كانت استراتيجية الحزب منذ سقوط الصنم واحتلال العراق بمنتهى الواقعية في تعامله على الارض مع نتاج الاحداث بعد الاحتلال, رغم علو الاصوات النشازة من الماركسيين الارثذوكسيين التي وضعت الحزب في خانة التعاون مع الاحتلال دون ان تدرك ان لكل مرحلة خصوصيتها فهم من الذين سبقهم غبائهم  التكتيكي في التعامل مع الاحداث العاصفة. 

ليس على الشيوعيين العراقيين اسكات هذه الاصوات .. انهم من الثوريين المزيفيين.

ليس كل مايرفعه الماركسيون الفنطازيون  من شعارات واستشهادهم  بمقولات ماركسية دليل قوة حججهم .. فلقد ترك ماركس الباب امامنا مفتوحا كي نتعامل ونتفاعل مع الاحداث العاصفة والشائكة في ظرفها  شرط ان تلبي طموحات الجماهير.

لا يكون هناك تقدما ولو خطوة الى الامام بل تراجعا كبيرا الى الوراء مالم يتم تجاوز الجمود الفكري والقداسة الماركسية .

 

وهكذا كان على الحزب ان يختار مابين الاشتراك في العملية السياسية والسير قدما نحو بناء وطن مستقل حر او الوقوف ضدها والسقوط في خندق الارهاب , كما هم اليوم الماركسيون الطفيليون الذين لفهم اقصى اليسار وسقطوا في مستنقع التحالف مع الارهاب بحجة معاداة الامبريالية .  

من المؤكد ان العملية الديمقراطية في العراق  ولدت من رحم الاحتلال ويشوبها الكثير من الاوبئة واخطر الامراض كانت تلك الافرازات التعصبية سواء الدينية اوالمذهبية اوالقومية , ومع ذلك وقف الحزب الى جانب العملية الديمقراطية رغم الامراض التي تعاني منها كي لايخسر الاستراتيجي  في مساندته لطموحات الجماهيرالناشدة للتغيير .  

اعتقد على الماركسي ان يحشر نفسه كليا في جو الاحداث التي يفرزها العصر ويلجاء الى السؤال اللينيني الشهير ( مالعمل ) ؟

كان الحزب موفقا تماما في اجابته( للسؤال ) عندما استجاب للاحداث الجديدة وانخرط مع القوى الاخرى في بناء العملية السياسية وترسيخ اسس الديمقراطية  . 

ولكن هل كان الحزب موفقا هذه المرة  في الاجابة على السؤال( اللينيني ) عندما اتخذ قرارا بالمشاركة في الانتخابات الاخيرة ؟

 

ان اشتراك الحزب في الانتخابات بحد ذاتها ليس فيه مايعيب ولكن ان تشترك في انتخابات مسبقا ترى نتائجها  بمنظار صريح  فيه الكثير من التساؤل.

في كتاب( مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية ) ينتقد لينين اليسار الالماني وبعض من اليسار الاوربي المعاديين للبرلمانية , حيث يقول ( أن لايعبر المرء عن ثوريته سوى بتوجيه الشتائم الى الانتهازية البرلمانية , وبمعاداة البرلمالنية , هو امر سهل ولكن بما انه امر سهل فانه لايحل المشكلة العسيرة والعسيرة جدا ... ).

 

لم يدعي لينين انه من مؤسسي الماركسية او مطورا لها  كما يراه البعض ولكنه كان الاكثر ثقة في شرحه للماركسيسة واخضاعها للاختبار وشارحا سلسا لها وكان يرى الامور اكثر صحيحا عند ما يستخدم النهج الماركسي , فلقد كان ماركسيا صريحا .

اذا وجود فئة  ثورية في البرلمان هي في غاية الاهمية كما يؤكد لينين  لكي تتمكن من انتزاع حقوق الجماهيرالكادحة من العمال والفلاحين والمسحوقيين والنضال من داخل القبة البرلمانية في سن قوانيين اجتماعية عادلة  . 

ومن هذا المنطلق انا لست بالمطلق ان لا يدخل الحزب الانتخابات وان يكون له برلمانيين بل هي من اقصى الضرورات ولكن الاكثر اهمية ان تسلك الانتخابات اتجاها يمكننا من اقتناص عدد المقاعد.

يجب ان لاتكون المشاركة في الانتخابات هو الهدف وانما ان يكون الهدف هو حجز المقاعد البرلمانية لانها تسمح في الدفاع عن مصالح الجماهير من منبر اعلى مؤسسة في البلد . 

اذا هل كانت مشاركة الحزب في الانتخابات هدفه حجز المقاعد؟

 

انني اشك في ذلك . فالحزب كان هدفه الاستراتيجي هو المشاركة وحسب وهو بكل المقايسس هدف منقوص اثر سلبا على مسيرة الحزب الجماهيرية ولو لفترة .

 

 رسم الحزب خطا متينا يربط بين الانتخابات والعملية السياسية , بمعنى انه لو انسحب الحزب من الانتخابات سيكون خارج العملية السياسية . لايمكن مطلقا الاقتناع بهذه الفرضية ولايمكن القبول بفكرة مقاطعة الانتخابات بان الشيوعيين اصبحوا  ضد العملية السياسية .

 

كانت نظرة استعلائية على الواقع عندما رفع الحزب شعار ( التحدي ). بغية المشاركة في الانتخابات.وكل المعطيات تشير بانه سيجد صعوبة في حجز ولو مقعد واحد .

لم يكن قانون الانتخابات في صالح الحزب ابتدا من جعل العراق عدة دوائرانتخابية ومنح اصوات القاسم الانتخابي للقوائم الخاسرة وتحويلها الى القوائم الفائزة.

هل حدث تقييم صحيح للاصابع الخارجية التي ستتلاعب في مصير الانتخابات؟

يحضرني هنا قول انجلز..  ( ان يرتبط المرء مسبقا ويقول بصوت عالي لعدو افضل منه تسليحا , سنقاتلك في لحظة معينة هو شيء سخيف وليس حماسا ثوريا . الموافقة على المعركة  عندما لاتكون مناسبة سوى للعدو , جريمة , ...... ).

 

لو سمح لنا انجلز ان نرفع كلمة ( عدو ). من مقولته كون ان القوى الداعمة للعملية السياسية هم شركاء وليسوا اعداء .

 

 استشهدت بهذه المقولة لانني وجدت ان الحزب رفع شعار( التحدي) في غير محله . والانتخابات هي في حقيقتها معركة , ولكنها ليست معركة سلاح بل معركة كلام وافكار وبرامج .  اذا الحزب دخل معركة انتخابية خاسرة منذ البداية لم تكن مناسبة له  اطلاقا ضد قوائم افضل منه تسليحا في كل شيء حتى في امكانية تزوير الانتخابات .

 

  - القانون الانتخابي والذي اتهمه الحزب قبل غيره وهو محق باللاديمقراطي .

 

  - دور مفوضية الانتخابات البعيد كليا عن النزاهة والاستقامة .

  - تلاعب قوى خارجية وفي مقدمتها الامريكان في نتائج الانتخابات لخلق توازنات على الساحة السياسية تخدم الاهداف الامريكية التي من اجلها قطعت الالاف الاميال لاسقاط صدام وبناء نظام سياسي عراقي يلائم توجهاتها في المنطقة.

 

  - التزوير باشكاله المتنوعة ومنها الترهيب بالفتاوي الدينية  .

 

  -الانسان العراقي الذي لم يستطع الى اليوم الانسلاخ من تراثه المتجمد الرافض للمواطنة والمتمسك حد الطاعة العمياء في القداسة الدينية بل في القداسة الطائفية والقومية ولايمكن ان يكون للحزب حظوظا قوية طالما لم يبارح الفرد العراقي ذلك الجمود الفكري. 

هذه النقاط تاخذ اهميتها حسب تسلسلها , ولوجرت الانتخابات ضمن القانون القديم على اقل تقدير لمنحنا له كل الحق في رفع شعار التحدي  .

 

فالحزب بتقديري المتواضع لم يحسن التصرف عندما لم ينسحب من المعركة الانتخابية وهو مدرك تماما انه الخاسر في هذا الصراع مما أدى الى اهتزازموقعه الرصين الذي كان يتمتع به بين الجماهير فخسر جزءا من الرصيد الجماهيري الذي يملكه . 

لقد هددت القوى الكردية بمقاطعة الانتخابات لمجرد رفض طلبها باضافة  مقعد واحد لكل محافظة كردستانية حسب الزيادة السكانية , فمابالك وهم في كل الاحوال حاصدون لاكثر من اربعين مقعدا وتمت الموافقة على طلبهم  .

 

لقد انكوى الحزب في انتخابات مجالس المحافظات ولم يقيم الذي حدث حينها واصر على خوض الانتخابات البرلمانية  تحت نفس مظلة المفوضية وقانونها اللاديمقراطي . لعله على حق ماركس عندما قال ( في المرة الاولى مأساة وفي المرة الثانية مهزلة ).

يحز في نفسي ان اقول ان الحزب قد افتقر الى التكتيك مع ان التكتيك له بالغ الاهمية في القاموس الماركسي وللتكتيك عدة وسائل في الوضع العراقي اليوم . يقول لينين ( يجب على الاحزاب الثورية ان تستكمل تثقيفها .لقد تعلمت ان تهاجم وعليها ان تفهم الان ضرورة اتمام هذا الفهم باستيعاب طرق الانسحاب الاكثر ملائمة ).

 

انه التركيز على التكتيك الذي افتقر له الحزب في هذه الواقعة , كان من الممكن الانسحاب بطرق ملائمة لاتضر بسمعة الحزب ولايتناقض دعمه للعملية السياسية  وتحشيد قوى سياسية اخرى اصابها الضرر نفسه من القانون الانتخابي ومن ثم تحشيد الشارع وتثقيف المواطن بان هناك خلالا متقصدا في المسير الديمقراطي .وهذا لن يكون قطعا ضرب العملية السياسية بل جزء من المعارضة الذي هو حق مشروع عندما يحاول الاخريين تهميشك . 

ان المقاطعة الانتخابية كما اسلفت لاتعني بالمطلق الوقوف بوجه العملية السياسية .ورغم اهمية النضال من داخل قبة البرلمان كما يؤكد لينين الا ان الشارع يكتسب اهمية كبرى في النضال وتحقيق مطالب الجماهير والتصدي للتجاوزات على حقوق الناس .

 

الشارع هو الذي يجعل الحزب يحافظ على نفسه ويدعم موقفه الرافض للمحاصصة والتعصب ويحارب الفساد والاستغلال وكل التجاوزات على حق المواطن .

 

الشارع هو النقطة الحساسة التي يلتمس منها الحزب معاناة الانسان كما كان دائما منذ تأسيسه  ومن خلاله يفعل محاولاته التعبوية للجماهير لترفض وتصد الفساد والطائفية والتعصب والسلوك اللااخلاقي للسياسيين المنتفعين والانتهازين المتسلقين على اكتاف الديمقراطية .

 

الشارع يمتلك طاقات خلاقة للضغط والتغيير .. كم من حكومات اسقطت من الشارع وكم من القوانيين الغيت واستبدلت  بالضغط من الشارع .

 

بعيدا عن الشارع ستبقى كل محاولات الحزب راكدة وبطيئة وغير مشجعة ومع اننا ندرك بان التطور الحاصل في الشارع لايقارن بالخمسينيات من القرن الماضي وندرك بان الشارع اليوم يتطور ببطىء وان تصاعد روح المواطنة لاتقارن بما هي عليه الطائفية فاننا نثق بحركة تغيير المجتمع,  والشارع يلزمنا بالصبردائما ,  كما كتب انجلز في رده على الذين يريدون حرق المراحل للوصل الى النصرفي مناقضتهم للتطور التاريخي ( ماهذه السخافة الطفولية في جعل عدم الصبر الخاص حجة تاريخية ).

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.