اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

الجسد والروح.. هل في صراع؟// د. عامر ملوكا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. عامر ملوكا

 

الجسد والروح.. هل في صراع؟

د. عامر ملوكا

 

يتجه العالم نحو المادية والاهتمام كثيرا بكل ما يخص الجسد مبتعدا يوما بعد يوم عن البعد الروحي في الحياة والاهتمام به وجعل الروح والجسد في حالة تكامل. ولهذا نجد عالمنا اليوم قد كثرت فيه المشاكل النفسية والامراض الناجمة عن هذه المشاكل وليس غريبا ان يصبح الأطباء النفسيون ومتخصصو العلوم النفسية ذوي أهمية لا تقل أهمية وعددا، ان لم نقل تتفوق على متخصصي الطب العام، خلال العقود القادمة.

 

المجتمعات الغربية ذاهبة نحو النظرية التي تؤمن بان الاستجابة الى الغرائز والرغبات والشهوات بكل أبعاد الحرية الفردية والى اقصى الحدود خلال السنين التي يقضيها الجسد على الأرض ومن وجهة نظرهم الأرضية الضيقة. وبالمقابل هناك من يركزون على الحياة الروحية، وإن كانوا قلة، يحرمون الجسد ويتركون كل الأمور المادية وكل ما يتعلق بحاجات الجسد الا ما يبقي على الحياة. الكتب المقدسة بشكل عام ركزت على الاهتمام بالجسد ومتطلباته مع الاهتمام بالحياة الروحية ليصبح الاثنان في علاقة تكاملية. في المسيحية الاثنان لهما أهمية، وإن أعطيت الأولوية للحياة الروحية. ولهذا لابد للجسد ان يتبع الروح لان اتباع الجسد سوف يوقع الانسان في الموت، اما اتباع الروح فسوف يوصل الانسان الى البر (الحياة) حسب مفهوم الكتاب المقدس والايمان المسيحي.

 

لهذا قال الرسول بولس "الذين هم حسب الجسد، فبما للجسد يهتمون. ولكن الذين حسب الروح، فبما للروح يهتمون. لأن اهتمام الجسد هو موت. ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام. لأن اهتمام الجسد هو عداوة لله" (رو 8: 5-7). الرسول بولس يحاول في هذه الآية ان يميز بين من يهتم بالجسد ومتطلباته وغرائزه وهو اهتمام يقترب جدا من الاهتمامات الغرائزية لبقية الكائنات الحية وكلما ابتعد الانسان عن الاهتمام بالجسد ليقترب اكثر من الاهتمام بالروح (على ان لا يهمل الجسد كما ستبين آيات أخرى في الكتاب المقدس)، كلما اقترب الانسان من الله وكلما ارتقى بإنسانيته اكثر وكلما كانت حياته على الأرض اكثر امانا واستقرارا ومحبة . وكما جاء في الكتب المقدسة فان الانسان مخلوق من التراب والماء ولهذا فان كل متطلبات الجسد هي أرضية واما روحه التي وهبها الله له فلابد ان تجد متطلباتها عند الله. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل يجب على المؤمن او الانسان ان يهمل جسده الذي خلقه الله ويهتم بالحياة الروحية فقط؟ الجواب بالتأكيد سوف يكون بكلا. والجسد حسب الكتاب المقدس ليس شرا، إذ "رأى الله كل ما عمله، فإذا هو حسن جدًا" (تك 1: 31).

 

ولان الجسد هو بمثابة الهيكل الذي يحمل ارواحنا فاذا تعب هذا الجسد ومرض وهلك فسوف لا يستطيع او ان يكون مؤهلا لحمل الروح او الروح المؤمنة. ولان الجسد يستطيع ان يشارك الروح في الاعمال الروحية من خلال الركوع والسجود والصوم والتعب في الخدمة، فهو أيضا "إناء مقدس"، فلقد قال بولس الرسول "إن أجسادكم هي هياكل للروح القدس". إذا الجسد في ذاته ليس شرا كما بينت الكثير من الآيات ولو كان الجسد شرًا في ذاته، ما كان السيد المسيح قد تجسد، ولبس جسدًا مثلنا. وقيل عنه" والكلمة صار جسدًا" (يو 14:1).

 

ولكن لان الجسد مخلوق من المادة فينجذب نحوها ولان الشبيه ينجذب لشبيهه وهنا سوف ينفصل عن سيطرة الروح بدلا من ان يتجاوب معها في علاقة تكاملية وهنا الجسد والروح يعيشان الصراع، والجسد إذن في ذاته ليس شرًا، وتكون تلبية احتياجات الجسد ضمن الطبيعي لا ان تتجاوز الى دورها . فالله خلق الإنسان من روح وجسد كي يعيش الإنسان في تناغم وتوازن ويخرج عن ذاته لأسعاد الأخر.

 

وكما يهتم الانسان بجسده ومتطلباته ويذهب للطبيب عند المرض ويحتاج الجسد الى الرياضة فهكذا هي الروح عندما تهمل فأنها تمرض فلابد من الرياضة الروحية والتوجه الى الله الذي يشفي من خلال الالتصاق بالله وتعاليمه في الكتاب المقدس وفي كتاب الحياة مع الغير.

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.