اخر الاخبار:
حماس: نحتاج وقتاً لدراسة خطة ترامب بشأن غزة - الجمعة, 03 تشرين1/أكتوير 2025 10:15
أسماء المرشحين علی مقاعد الکوتا المسيحية - الجمعة, 03 تشرين1/أكتوير 2025 10:10
مصابون بحادث طعن خارج كنيس يهودي في مانشستر - الخميس, 02 تشرين1/أكتوير 2025 10:26
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

صادق باقر.. شاعر يسكنه القلق وتضيئه الكلمات// محمد علي محيي الدين

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد علي محيي الدين

 

للذهاب الى صفحة الكاتب 

صادق باقر.. شاعر يسكنه القلق وتضيئه الكلمات

محمد علي محيي الدين

 

في مدينة الحلة، حيث تنبجس من ضفاف الفرات حكايات الماء والطين، وتتهجّى القباب لغة السحر البابلي، وُلد الشاعر صادق الشيخ باقر اليوسف في الرابع عشر من حزيران عام 1964. ومنذ صباه، بدأ ينهل من ينابيع اللغة وأطياف الفن، فكان الشعر رفيقه، والكتابة ظله الذي لا يفارقه، وهو بعدُ على مقاعد الدراسة.

 

تخرّج صادق باقر من كلية الفنون الجميلة في بغداد في العام الدراسي 1989-1990، ولم تبتعد خطاه عن عوالم الجمال، إذ اختار أن يعلّم ويربي، فعمل مدرسًا في المدارس العراقية، حاملاً في قلبه ما لم تسعه سبورات الصفوف: الوجد، والتأمل، وقلق الشاعر.

 

ينتمي صادق باقر إلى الجيل الذي عايش تحولات العراق العاصفة، فكان لشعره أن يكون مرآة لتلك التحولات، وتجلّياً لتجارب روحية وشعورية تتراوح بين الانكسار والتماسك، بين الحنين والاحتراق. وقد صدرت له ست مجموعات شعرية حتى الآن، هي: "تلاوات الأشرعة" و"ملاذات قلقة" (2022)، و"بها ملكتُ اليقين" و"وشوم على أشفار العباءات" (2023)، فيما يقف القارئ على أعتاب ثلاث مجموعات أخرى لا تزال تنتظر ولادتها.

 

في قصائده، يتهادى القارئ في عوالم تنبض بالإيقاع الداخلي العميق، حيث الكلمة ليست زينة بل كشف، والعبارة ليست حيلة بل اشتعال. هو شاعر القلق النبيل، كما وصفه الشاعر ناهض الخياط في دراسته حول مجموعته "ملاذات قلقة"، إذ يرى أن صادق باقر يعيد إنتاج الوجود عبر مجازات مشبعة بالرمز والإيحاء، متكئًا على رهافة حس ودربة فنية يندر نظيرها.

 

أما الناقد رجب الشيخ فقد اقترب من شعره عبر عدسة تحليلية، مؤكداً أن "شعر صادق باقر لا يُقرأ من جهة واحدة، بل هو بناء طبقي من الرؤى والدلالات، تنفتح فيه اللغة على حقول تأويل متعددة"، مشيرًا إلى مقدرته على الجمع بين الحس البصري العميق كخريج للفنون الجميلة، والحدس الروحي كابن للبيئة العراقية المتخمة بالتجارب.

 

ويضيف الناقد عبد الحسين الشيخ علي في قراءته لأحد نصوصه أن "صادق باقر يكتب القصيدة كمن يكتب وصيته الأخيرة، يراهن على البقاء بالكلمة، ويحتمي بها من تشظي العالم". وهو، بذلك، شاعر وجودي وإن لم يصرّح، شاعر يسائل العالم ولا يهادنه، شاعر يرى في الشعر خلاصًا لا مجرد قولٍ جميل.

 

لم يكن صادق باقر غائبًا عن ساحات الشعر، فقد شارك في مهرجان بابل للثقافات والفنون في دورات متعددة، وكان صوته حاضراً في أمسيات اتحاد أدباء وكتاب بابل، واتحاد أدباء النجف والهاشمية، حاملاً معه نصوصاً لا تخجل من الألم، ولا تستحي من العاطفة، بل تتخذ من كليهما مدخلاً للحقيقة.

 

ولأنه لم يكن طارئًا على الحراك الثقافي، فهو عضو في اتحاد أدباء وكتاب بابل منذ 2022، وعضو نقابة الفنانين العراقيين منذ 1993، وقد نشرت قصائده في صحف ومجلات مرموقة كـطريق الشعب، الصباح الجديد، سطور، والشرارة، لتتسع رقعة حضوره وتتنوع قراءاته.

 

إن شعر صادق باقر ليس ترفًا لغويًا، بل تجربة حارقة، تكتب عن الإنسان حين يكون هشًا ومتمردًا في آن، عن الوطن حين يكون حبلاً سريًا وجرحًا مفتوحًا، عن الحياة حين تنزف من المسافة بين اليقين والتوق.

 

هكذا يمضي صادق باقر في دربه، شاعرًا لا يطمئن للسكون، ولا يتنازل عن غواية الشعر، يواصل ترحاله بين القصيدة والقلق، بين الضوء وظله، وكأنه يؤمن – كما آمن المتنبي قبله – أن الشاعر لا يُعرف بجنس ما كتب، بل بوهج ما تبقّى من كلماته في أرواح من قرأوه.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.