اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

رواية اكتشاف زقورة للدكتور فاتح عبد السلام// د. عدنان الظاهر

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. عدنان الظاهر

 

للذهاب الى صفحة الكاتب 

رواية اكتشاف زقورة للدكتور فاتح عبد السلام

د. عدنان الظاهر

سبتمبر - أكتوبر 2000

 

(رواية للدكتور فاتح عبد السلام. الطبعة الأولى. المؤسسة العربية للدراسات والنشر . بيروت , 2000 ).

 

لا أمدح الرجل , لكن من يجرؤ على الدنو من عالمه ؟؟؟

لقد أغنتني الملاحظات القيمة على غلاف الرواية (اكتشاف زقورة) وفتحت أمامي الطريق لاحبا مضاء كيما أحاول أن أقول بعض ما تستحق هذه الرواية.:-

((يتعشق السردي بالشعري)). أجل. وتساءلت لم لم يتخذ الدكتور فاتح عبد السلام من " ماركيز . ص 85 " مثلا فيكتب على غلاف روايته (( قصيدة نثر ))؟

بلى, هي بالفعل قصيدة نثر وشعر منثور وخروج على منطق (قوانين السرد) المعروفة . أهي الحرب اذ لا منطق للحرب ولا عقل, فكيف اذا ما أضيف الجوع والحصار الى الحروب خلالها وبعدها!!!

 

لم أقرأ شيئا للدكتور فاتح من قبل, ففوجئت به صوتا فردا متميزا عميق الثقافة كثير المعرفة بتأريخ بلده العراق قديمه (سومر وبابل وأكد وآشور نينوى) ثم حديثه حيث قضى نصف عمره في السياسة (ماذا كنت تعمل قبل الحرب؟ اشتغلت نصف عمري في السياسة ... ص 44 ) . فلا عجب اذا ان جاءت الرواية شديدة التركيز منوعة الأصوات مختلفة الألوان تطفح بالسار وبالمبكي من أحداث العراق على مر العصور منذ (نانا) و (انليل) أور وأوروك, (وسرجون الأكدي) و(آشور بانيبال) حتى خيول (نادر شاه) وحروب صدام حسين.

من (زناجيل) كربلاء و(العرقجينات والغتر والعقل- ص 19) و(الكليجة والسكنجبيل - ص 18) حتى المرأة اليزيدية التي عشقت مسلما (ص 30) وخادمة الفندق الآثورية التي راودها الأديب الموصلي عن نفسها في أحد فنادق بغداد (مجموعة قصص "حليب الثيران" ص 73 - 79 ) .

 

اية موسوعة أدبية - تأريخية - سياسية - اجتماعية في رأس هذا الشاب الخارج على تقاليد الموصل الحدباء المحافظة؟ أجل. لقد مس المحرمات وتجاوز خطوطها الحمر. أهي الحرب قلبت الموازين فأختلطت المقاييس لنظفر بفلتة أدبية وقطعة نادرة على رأس فضائلها جرأة واقدام مقاتل ودهاء وصبر عريف استخبارات ( ص 38 و ص 40 ) . هي الحرب اذا التي حركت ( تولستوي ) فأبدع "الحرب والسلام" و ( همنغواي ) فكتب "لمن تدق الأجراس" وكتب "ستشرق الشمس ثانية".

 

اذا ما غضضنا الطرف عن بعض صفحات الرواية (أقصد الصفحات 68 - 69-70 - تحديدا ومعظم الصفة 71 ) التي تفتقر الى ذلك النفس الرائع والمنولوج الرفيع والحوار الساحر الذي نلمسه في باقي صفحات الرواية ... , فان ما كتب د. فاتح لعالم ساحر غريب يأخذ بمجامع القلوب. عالم زاخر بالحكمة وبالسخرية الفاجعة خاصة ما يتعلق منها بعالم الجيوش وعالم ضباطه. فلنسمع ما يقول في حوار مع ضابط برتبة عقيد في ساعة استجواب جندي عراقي استطاع الفرار من الأسر ( الصفحات 63 - 64 - 65 - 66 ) :

(( ..., وحين أصبح الصباح لم يجد أثرا لكهف أو نفس أو حذاء . وأضاف: كنت أشرب البول حين أعطش وآكل الخراء حين أجوع كي أبقى حيا )) .

((توقفت عن الكتابة ورفعت عيني الى العقيد قائلا: سيدي أقترح حذف جملة أكل الخراء من حديثه. فرح العقيد: جيد يا عريف, انتبهت في الوقت المناسب, احذف هذه الجملة, واحذف أيضا الجملة التي قبلها.)) . انبهر العريف: أية جملة سيدي؟ العقيد: جملة شرب البول.

 

العريف: أرجو أن تسمح سيدي بأن نبقي هذه الجملة فهي دليل على مدى تحمله العطش وتغلبه عليه , وهذه ميزة بطولية تحسب له.

العقيد : وأكل الخراء ميزة أيضا لماذا نحذفها اذن؟

العريف : هذه ميزة جماعية سائدة , ليست ميزة بطولية لهذا الأنسان .

العقيد : ما تقصد ؟!

العريف : كلنا نفعل ذلك ولسنا أبطالا.

 

يا فاتح! أنت وحدك أمة تصفع وجه نظام كامل وتتحدى بأسم العراق وشعب العراق نظام السموم والحروب وجيشه بشخص عقيد من ضباطه . وما كنت سوى فرد مجند (عريف - كاتب قلم) . ألهذا لا تحب عقداء الجيش وقد خبرت بعضهم وسخرت منهم أبلغ سخرية ؟ ( ص 61 ) .

لا يهمني هل التزم د. فاتح بما كتب من نظريات السرد والحوار والمونولوج في كتابه القيم (الحوار القصصي : تقنياته وعلاقاته السردية - المؤسسة العربية للدراسات والنشر . بيروت 1999 ) , ذاك لأن النظرية تشتق من النصوص المكتوبة . فالنص هو الأسبق . أقصد قد يبدع كاتب شكلا جديدا غير مسبوق في الكتابة . وعلى النقاد استنباط النظريات . وهذا ما حصل فعلا في رواية ( اكتشاف زقورة ) . فلقد جمع د. فاتح معا ثلاثة أشكال من السرد ( ثلاثة أصوات - ص61)  : 1- حوار تلفوني مع ضابط  2- مونولوج - حوار داخلي - داخلي , ثم 3- حوار مع امرأة . لم يسبق الى حد علمي د. فاتح أحد قبلا في جمع أكثر من صوتين في آن واحد وعلى صفحة واحدة . لقد جسد في العمود الأول (الصوت الأول) تفاهة العقلية العسكرية لدى ضباط الجيش وبعدها عن واقع الأمور وقصورها عن تفهم وتقدير ما يجري على الأرض فعلا في مكان بعيد عنها:

 

- آلو سيدي . هل تسمعني , بقي جندي واحد معي . هل ننسحب؟

الضابط : الأوامر لم تصدر بعد .

- سيدي العدو احتل مواضع اللواء كلها وأنا مختبيء في حفرة .

الضابط : قاتل أيها الكذاب .

- ألو سيدي هل تسمعني أنا وحدي الآن بلا سلاح, أنسحب أم أسلم نفسي أسيرا.

الضابط : لا أعرف  لا أعرف ... قاتل ... لا أعرف .

سيدي بخاطر الله عندك جد لي حلا ...

الضابط : اخرس لا تقل شيئا غير عسكري ...

 

كم مرة قرأت هذا الحوار التلفوني بين جندي يواجه عدوه على جبهات القتال وضابط يقبع في سرداب مسلح محصن خلف الجبهات . كم مرة قرأته بين الدموع والذهول والمشهد شاخص أمامي لكأن الجندي واحد من أولادي يستعطف ماكنة من حديد بارد ترتدي الخاكي وتضع نجوما على الكتفين. ((سيدي)) ... تذكرني بتوجه البشر الى خالقهم متوسلين ضارعين: ((الهي)), ولا من يجيب في ساعة الشدة !!!

 

لقد خبر الروائي د. فاتح الحرب وعاش ويلاتها انسانا مثقفا وأديبا وراويا وليس مجرد عريف استخبارات (ضعيف العضلات - ص 38 ) , والذي يعيش أهوال الحرب ليس كمن يقرأ في الصحف أخبارها. ولقد قال الشاعر أبو الطيب المتنبيء يوما:

          ما الذي عنده تدار المنايا         كالذي عنده تدار الشمول

 

كان الأنسان في (فاتح) ولدى (فاتح) دوما هو الأقوى خلال سني الحرب , وكان الصرخة الكبرى والأكبر والبيان الأكثر نصوعا. فلقد رسم صورة عبقرية لمشهد تنفيذ حكم الأعدام بحق ثلاثين عسكريا لأنهم قد انسحبوا من ميدان احدى المعارك ( ص 38 ) :

((ربطوهم على ثلاثين عمودا..., هل تأكدتم أنهم شربوا الماء وتوضأوا بوجوه الرماة؟ لا ماء يكفي للوحدات الفعالة. عندما يبعج الرصاص الأجساد الممدودة على أعمدة الخشب تنصل الحبال. يتقوس القتلى وتهطل رؤوسهم في أحضانهم, في قعدة قرفصاء تعيدهم الى وضع الجنين وهو يمكث في بطن أمه)).

هكذا ربط الكاتب - الراوي الموت اعداما بالرصاص بأصل الحياة: بدايتنا أجنة في بطون أمهاتنا. هل كانت زوجة د. فاتح حاملا أثناء أدائه الخدمة العسكرية؟

أكاد أقول نعم. لم ينس في خضم المعارك زوجه ولم ينس ما تحمل منه في أحشائها رمزا وتذكرة وتخليدا للحياة فأطفالنا هم امتدادنا الطبيعي في سفرة وجودنا.

 

لعلي لا أكشف سرا اذا ما وضعت اليد على بعض الرموز التأريخية وبعض الطقوس والأشارات والمجازات التي وظفها الروائي فاتح ببراعة نصف مستورة لأدانة المجرم الأكبر مخطط ومنفذ الهزائم والمآسي الذي توهم أنه صار الها بل هو الأله في بلاد ما بين النهرين. سأستعير البعض منها وأترك البقية لحسن تتبع قاريء رواية "اكتشاف زقورة" :

 

1- ... وانتصارات الأله ( مردوخ ) شمالا وجنوبا ( ص 20 ) .

2- ... أجل رأيته حقيقة لا يشبه صوره التلفزيونية أبدا ..., كاد الدم يطفر من عينيه , وتعجبت في سري : أهذا وحيد السيف وحيد الصبح وحيد الليل وحيد أور وحيد بابل ... ( ص 27 ) .

3- ... فر من جحافل الملك ( نرام - سن ) الذي سقط في حفرة مجادلة الفأل السيء ( ص 33 ) .

4- ... تشتهي لحظة العتق من نظرة سياف الزمن ( ص 37 ) .

5- ... وتمضغ أغنية النساء الحالمات برجل واحد لا يجيء الا اذا مات الرجال كلهم ( ص 42 ) .

6- ... وانليل يرفض كعادته تلبية استغاثات المدن المقهورة , يمتقع وجهه بطحين حصة تموينية ( ص 46 ) .

7- تدمع عين انليل المصلحجي ..., ويقرر تبديل مصائر المدن المداسة , فيدير الصاعقة الرمادية على بلاد الأعداء ( ص 46 - 47 ) .

8- علمك كونفشيوس أن دونيا واحدا قادر على اضطهاد جمهرة حكماء ( ص 48)

9- غازون الخرشودي ( ص 49 ) .

10- ... حتى يأتي سيل النار فيبث الصليل ... تحت أصوات المؤمنين ... لا اله

الا هو ... الا هو ... الا هو ... الا ... الا ... الا ... ( ص 53 ) .

11- ... الملك في بلاد النيل اله ؟ الملك في بلاد الفرات نائب اله ( ص 53 ) .

12- ... أسكت يا مفجوع , اذا سمعنا نشف شرايينا على حبل الغسيل , فربما كان ديكتاتورا ( ص 60 ) .

 

خاتمة واستدراك -

أولا : هذه ملاحظات قاريء عادي وليست دراسة ناقد متخصص في الفن الروائي.

وكم أتمنى أن يقرأ العراقيون, كل العراقيين, داخل العراق وخارجه هذا العمل الفني الرائع والرائد والمفعم بأصدق المشاعر والمواقف الأنسانية والثري بدقائق تأريخ بلاد ما بين النهرين . ف ( عروق دجلة والفرات تنز دما منذ ذلك الزمان-

ص 34 ) حسب تعبير الروائي د. فاتح وكان صادق النبؤة والأستنتاج .

 

عمل روائي كهذا خليق بأن يوحد صفوف العراقيين قاطبة اذ يكشف عورات الجميع ويمنحهم الفرصة الذهبية أن يعيدوا النظر في الكثير من الأمور والمسلمات, بل وحتى بعض المقدسات. وأن يفكروا كثيرا قبل أن يتخذوا القرار بدخول المسجد ( حزب البعث أو أي حزب آخر ) ( ص 49-50-52 ) .

فالتحزب في العراق أيمان أعمى لا يقود الا للخراب والدمار. وعراق اليوم أكبر شاهد على ذلك . عراق الغزو والحروب الداخلية والخارجية .

 

ثانيا: لا أدعي أني أحطت بجميع جوانب الفن الروائي للأستاذ الدكتور فاتح عبد السلام , فانه بحر معقد وعميق . والكتاب انسكلوبيديا وبانوراما جميلة الألوان . كما أني لا أجرؤ على الأدعاء بأني كنت مصيبا في قراءاتي وأستنتاجاتي وادراكي للرموز الواردة في رواية ( اكتشاف زقورة ) . كما أعترف أني لم أمنح نفسي الوقت الكافي لأعادة دراسة الرواية مرات أخر , اذ تقول لي خبرتي في هذا المضمار أن مع كل قراءة جديدة لاحقة يكتشف المرء أمورا جديدة وعالما آخر.

وبعيدا عن الدراسة والموقف النقدي المتأزم أجد في قراءة هذه الرواية متعة وسحرا وقوة جبارة تشدني لسومر وبابل ونينوى آشور , بل وحتى الى المتحف البريطاني في لندن حيث أدمنت زيارة الجناح السومري والبابلي والآشوري فيه

والتقاط المزيد من الصور لآثارها الرائعة .

 

ملحق =

ما الذي يقلق هدوء نومي في رواية "اكتشاف زقورة" ؟

بعض الأخطاء المطبعية و ((سواها)). أشير اليها كيما يتفادى الناشر وقوعها في الطبعات اللاحقة:-

 

الخطأ            الصفحة        السطر                الصواب

 

انها                5            1                أنها ( الهمزة فوق الألف )

دماغ تلم           5            5                دماغ يلم( الدماغ مذكر)

أطباء المشرحة     5            8               أطباء التشريح

ما لبث             9            8               ما لبثت

بحر مظهر        12          15              بحر ظاهر

يأست             13          6                يئست

سوى جزء ظلاليا  14          6                سوى جزء ظلالي

غير انه           15          1           غير أنه (الهمزة فوق حرف الألف)

على وفق شريعته  17          5                وفق شريعته

رقاقات شرائع     19          2                رقائق شرائع

ألك أمنيات سرية فتلبها  19     السطر الأخير     فتلبيها

رقيمات المسلات   20          3                رقم ...الأفضل

الأوفاق            21           1                ما معناها ؟؟؟

سنا النيازك        25          9            سنى النيازك(السنا=الشرف والمجد)

الموؤود           27          6         المؤود(لا تعرف العربية ثلاثة واوات)

بريء             32          6                 برؤ ... يبرأ

تشتوي            32          11                تنضج

يخز( بتشديد الزاي)  33        6                 يخز ( بدون تشديد )

لماذا لم            38          17                لم لم( لا تدخل لماذا على لم)

يبدو انك          44         السطر الأخير       يبدو أنك (الهمزة فوق الألف)

قال أنه           45          12                قال انه( الهمزة تحت الألف)

يتقدمهم نساء      46          9                  تتقدمهم نساء

انسللت اليه        50          8                  تسللت اليه( انسللت منه ..)

حقل الغلة يأخذ    50          آخر الصفحة        كي أو ليأخذ ...

اناس             51           2                  أناس ( الهمزة فوق الألف)

اعطيه            52          17                 اعطه ( فعل أمر, والمخاطب

                                                    رجل ... )

والموؤودة         52          20                 والمؤودة

يملئون            53          11                  يملأون

والمكن            53          19                  ما معنى " مكن ؟ "

لماذا لا يظهر      54          10                  لم لا يظهر

يقولون أن     55   16       يقولون أن(الهمزة تحت                                                                           حرف الألف  ) 

قلاشة             56          2                    ما معنى قلاشة ؟؟؟

احدى أسراره      57          9                    أحد أسراره

من ينبأني         61      آخر سطر في الحقل       من ينبئني

يتقدمهم صلبان     64         20                   تتقدمهم صلبان

آن وقد تنافس      72         16                   آن وقت تنافس ...

ليس من المنصف   72        19                    ليس من الأنصاف

تسأليه              73        11                    تسألينه

لماذا لا             75         8                     لم لا ...

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.