اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

المصالحة.. كمادة لخبر في الاعلام// صبحى ساله يى

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

المصالحة.. كمادة لخبر في الاعلام

صبحى ساله يى

 

المصالحة، مفردة سامية جامعة كبيرة المعاني، عديمة التطبيق وكثيرة الاستعمال من قبل السياسيين العراقيين المنغمسين في نهج التنافر السياسي والمذهبي والقومي، يستعملونها في الاجتماعات والاحتفاليات البروتوكولية الشكلية والاستعراضية كمادة للاستهلاك المحلي كي يقال عنهم إنهم يؤيدونها ويعملون من أجلها، كما يستغلونها في الايام التي لاخبر لهم في وسائل الاعلام، كخبر، دون أن يلتزموا بأبسط مبادئها الانسانية، لأنهم في الاساس لايعترفون بالآخر المختلف عنهم في العرق واللون والجنس والاعتقاد الديني والسياسي، ولايقبلون بالتعددية والمساواة في الحقوق والعدالة الاجتماعية.

هؤلاء، الباحثون عن ذكر اسمائهم في الاعلام، يعتقدون ان المصالحة وتجسيدها عملياً يبنيان وفق الاسس والآليات والطرق التي يطرحونها في وسائل الاعلام، أو من خلال عقد مؤتمرات تخصص لها الملايين من الدنانير، يصرف ربعها ويسرق ثلاثة ارباعها، ويحضرها أناس متصالحين ظاهريا ومتخاصمين في الحقيقة والأساس.

مرت إثنتا عشرة سنة على اسقاط البعث، سقط خلالها عشرات الالاف من القتلى، تم تهجير ملايين المواطنين من بيوتهم، ووتيرة معاناة البلاد والعباد من حوادث الرعب والتدهور الاقتصادي والاجتماعي والأمني والفساد في تصاعد، ومازال البعض يغني على ليلاه ويردد ويؤكد على ضرورة إجراء المصالحة، دون ان يعرف الفرق بين المصالحتين الوطنية والسياسية. وهم حتى الان في حالة صراع مستميت على السلطة، الصراع لايقتصر على صراع الشيعة مع السنة او الكورد مع العرب، بل موجود وبقوة داخل الكتل السياسية وبين شخصياتها المؤثرة..

العراقيون يعيشون في المشهد المنزوي الذي لايكترث له أحد في أجواء التجاذبات الاقليمية والحسابات والمصالح الدولية، لم يجتازوا نفق الإنقسام الذي يضر بكل المشاريع الوطنية، وما زال ابواب الإنتقام والثأر مفتوحة على مصاريعها أمام الذين يراهنون على الإنقسام والتشتت كي يستغلوا المستجدات من أجل مآربهم الخاصة ومصالحهم الشخصية والطائفية والمذهبية على حساب الأجندة الوطنية.

 الذين يسخرون المصالحة من أجل خبر في الاعلام لايعرفون أنها (المصالحة) لايمكنها ان تأتي قبل ازالة العوامل والاسباب الكابحة لها في ذهنيات الجميع، وقبل الاتفاق الشامل على تعريف المواطنة والمساواة وحقوق الإنسان ومفاهيم المجتمع المدني، وتحديد الاطراف التي تشملها عملية التصالح وتوفير متطلباتها وتوفير الحد المعقول من الدعائم اللازمة لإنجاحها، كي تتجاوز العقبات والتحديات التي تواجهها، وقبل سن حزمة من القوانين التي تكرس التسامح والتعايش والعفو والتي تجرم العنف الفردي والجماعي لاي سبب كان، ولاتأتي قبل المبادرة بإنتقاد الذات قبل الآخرين وقراءة المشهد السياسي بعقلانية واضحة ورصينة والإسهام في إصلاح ما أفسده الدهر في العلاقات التي دفع ضريبتها الناس البسطاء، والتي تعني إظهار الرغبة الجدية بالتصالح في التوقيت المناسب، على أن لا تستغل لحظة التنفيذ لإغراض دعائية، كي لاتكون تأثيراتها السياسية مرافقة لمنافع ذاتية لطرف دون آخر، ولا تأتي قبل خلق قنوات اتصال وتواصل تسهم في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة وتخفف الاحتقان الطائفي وتفعل الحراك السياسي في المجتمع، ولا تأتي قبل رفع الوعي السياسي لدى المواطن العادي وبالذات في المناطق الرخوة والساخنة، كي تكون القواسم المشتركة قاعدة أساسية لبرنامج سياسي توافقي، ولايمكنها ان تأتي قبل توفير الثقة المتبادلة بين أطراف الخلاف. بخلاف كل ذلك ستبقى (المصالحة) منتكسة ومتعثرة وعرجاء ومتناثرة لا تحكمها رؤية سياسية واضحة، وتكون في الاعلام مادة خبرية عن هذا المسؤول أو ذاك..

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.