اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

في عيد المرأة: (يا ذكوريون) رفقا بالحمائم .. ولاتكسروا القوارير// حسين باجي الغزي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

 

في عيد المرأة: (يا ذكوريون) رفقا بالحمائم .. ولاتكسروا القوارير

حسين باجي الغزي

 

مرت ثلاثة عقود على سفر حياتي. ولا زلت أتذكر منظر إلفه كل ساكني منطقتنا البسطاء. منظر جيراننا أم جميل وأبو جميل العجوزين وهو يتشابكان الأيادي في ذهابهما وأيابهما ويتناغمان كحمامتين عاشقتين. كان هذا المشهد الجميل مثار استغراب ولغط الكثير ممن يشاهدهما. فما الذي جعل عجوزين قاربا السبعين، بإن يعمّر ويتجدد حبهما العفوي ويتصرفا بسجيتهما دوما كعاشقين.

منظر أم وأبو جميل كان يثير الحنق والبغضاء للفاشلين من الأزواج التعساء. إما الذين تكللت زيجاتهم بالسعادة والهناء، فكانوا لهم مثلا تمنوه. فلو أطلت عليهم مطالع السعود فنالوا نزرا يسيرا من أيكة السعادة والوئام والتي استظل بها هاذين الآدميين.

ولأشد مايثير حنق نساء الحي ويشعل فضولهن وقوف أم جميل في عز الظهيرة أو في زمهرير الشتاء تتوارى خلف ستارة الباب لتطل بنظرات خاطفه لامتداد الشارع الطويل تترقب شريك عمرها وهو يعود من مشاويره أليوميه البسيطة. وقد يطول بها الوقوف ساعات وساعات إلى إن تكتحل عينيها لرؤياة. أو يدلف عليها الدار فجأة بسعاله الحاد ومشيته المتثاقلة وأجمل تعابير الحب والهيام تتراقص على شفتيه الذابلتين. فتستكين روحها وتهدأ ظنونها التي اقضها غياب أبو جميل القصير. وكم تذمر أبو جميل من جلسائه ورفقته وهم يسردون قصص باهته عن القطيعة والنفور والتجني على حلائلهم فكانت وصيته لهم (رفقا بالقوارير).. ردا يسيرا وناجعا لهم وعلى من اسمعوه همزا ولمزا. وتندروا على هذه الصبابة الدائمة والحممية المتجددة مع رفيقة عمره ..

لم تطل الأيام إلا وشجرة الحياة تسقط منها ورقة أبو جميل اليانعة، ليلبي نداء ربه ويخطف داعي الحتوف روحه وهو على كرسيه يناجي وجه محبوبته، وجه القارورة السبعينية التي لم تطق حياة يابسة بعده، حياة لاطعم فيها ولابهجه. لتثبت في موتها في اليوم الرابع من جنازته .. بان خصلة الوفاء ليست عصية ولا مستحيلة على القلوب الكبيرة.

أسوق هذة الملحمة الخالدة للحب والهيام وكنت قبل أيام في زيارة لمدينة قريبه، دعاني لكي أكون شاهدا لزواج ابنته في محكمة الأحوال الشخصية ،أثار انتباهي مع المنتظرين إمام باب القاضي امرأة  خمسينيه، تسندها ابنتها. وتساءل الجميع عن تواجد هذه ألسيده في مثل هذا المكان.؟؟؟ عرفنا لاحقا من إن زوجها وهي في أرذل العمر يضربها!!! وأقام دعوى تفريق بينهما لأنها لأسباب واهية.

تذكرت حينها حكاية القوارير.. وأسفت من إن لون الحياة سيكون رماديا. وتستحيل نظارتها الى هشيم يابس ،إن جفت ينابيع الرحمة، وتقطعت أوصال المودة، وانأ على يقين بان تعاليم السماء ورقي المدنية ويد الانسانيه سترفع وتعلي القوارير التي استضعفت. وان أنموذجا على غرار أم جميل وبعلها جديرة بان ثلثم وتقبل كروح مطهره او كصرح قاروري مقدس. وأيها الذكوريون رفقا بالحمائم ولاتكسروا القوارير.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.