اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• قصة قصيرة : أدلـِـر ْ والقمر

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

عبد الرضا المادح

مساهمات اخرى للكاتب 

 

 2010 03 18

البصرة

أدلـِـر ْ والقمر

 

في ساحة الرقص المكشوفة على الاشجار والازهار العبقة ، تمايلت الاجساد على انغام الموسيقى الصاخبة .

التقت عيناهما الودودتان مع ابتسامة جريئة ، اقتربا من بعضهما .. تعارفا .. واندفعا بين الاجساد المتلاطمة ، أرخت الموسيقى اوتارها لتشيع فى المكان لحنا ً هادِئا ً عذبا ً، التصق جسداهما وتشابكت ايديهما ، ليذوبا مع اللحن الممزوج بالعطر والانوار المتكسرة على الاكسسوارات العارية.

إنسحبا بعيدا ً عن حلقة الرقص ، تبادلا الحديث في ممرات الحديقة واقدامهما ترسم ببطء اثرها على البلاط الملون بندى العشب الاخضر على الجنبين ، تواعدا ان لايتفارقا سوى ساعة واحدة .

توجه كل منهما الى مبنى الفندق الذي ينزل فيه ، ستّ بنايات كبيرة تطل على البحر الاسود ، متشابهة متوازية تفصل بينها جنائن تجري من تحتها السواقي العذبة . انه موسم الفرح ، آلاف السواح من كل الاجناس ، طلبة ، موظفون ، روس ، افارقة ، لاتينيون ، اسيويون .... تختلط اللغات مع مشاعر المودة والصداقة والعلاقات الانسانية الشفافة ، دلفَ الى مطعم الفندق ،عشرات الطاولات الناصعة البياض وكأنها ألبستْ فستان عروس ، تنتشر في قاعة تزينها الزخارف الخشبية والديكورات الفسيفسائية الأخـّاذة ، جلس الى احدى الطاولات المنتشية بأريج الازهار ، امامه تتسابق حوريات المطعم يحملن مالذ ّمن الاطباق في عربات نيكل مزججة انيقة ، مع ابتسامات وكلمات رقيقة ينشرن طيبتهن على الموائد المكتظة بألوان القارّات المرسومة على القمصان.

ارتقى المصعد الكهربائي للفندق الذي تسكنه ، اشارت لوحة الارقام الضوئية الى الطابق الخامس ، توقف المصعد وقال مع نفسه ( افتح ياسمسم ) فأنفلق الباب بهدوء ، السجاد الاحمر يكتم انفاس الاحذية ، ممر طويل ، ثريات زهرية جانبية ترسل اشعتها الصفراء الباهته بتناسق على الجدران ، ابواب صنوبرية اسطفّـت كجند حرس الشرف في قصور الامراء .

قرأ الرقم النحاسي ، طرق الباب بسبابته ، تردد الصدى كصوت نقار الخشب بين سكون الابواب .

فتحت الباب بوجهٍ باسم ، حلقات شعرها الذهبي تطوق بحنان عينيها الزرقاوين ، طبع قبلة على خدها المتورّد الناعم ، مسكت بيده وسحبته برفق الى الصالة .

ـ " بريفيت " مرحبا ً...

قالها بالروسية و بلكنة تعبر عن شرقيته السومرية ، فردّوا عليه بالترحاب والتعارف المتبادل.

رفعوا كؤوسهم الاربع ، رنين الاقداح امتزج مع الموسيقى الهادئة لجايكوفسكي المنبعثة من جهاز صغير ثبت على الحائط ، طعم الفودكا اللاذع المستحب نشر دفئه ورعشته في خلايا الاجساد الشبقة .

نداء الطبيعة الساحرة دفعهم الى الحدائق الغنـّاء من جديد، تترنح اضواء مصابيح زهرة اللوتس في مقلتيهم ، نقيق الضفادع يلهب المكان ، اريج الورود يُسكر الفراشات المتكأة على وريقاتها ، اتخذوا من مسطبة خشبية مكانا ً لسمرهم ، ضيق المكان دفعهما لينسحبا بأتجاه الشاطيء الممتد كجناحي طائر عملاق يحتضن البحر ، شهوة الروح الطرية امتزجت مع النسمات العليلة ، بياض القمر يشع بين فخذيها متحديا ً انكسارات ظله على الاحجار البازلتية السوداء المتراصة كجدار على طول الشاطيء ، الرمال الناعمة تدغدغ جسديهما العاريين ، نسيم البحر يحمل صدى تأوهات الشاطيء ،على الامواج الفضية انزلقا بجسديهما الدبقين الى عمق البحر الدافيء ليغوصا في ذكرياتهم الخالدة .

فَـَـز ّ من نومه غارقا ً بعرق جسده على إثر انقطاع الكهرباء في عز ّ الصيف الحارق ، اختنق برطوبة الجو الساخن ، خرجت زفرة من اعماق روحه على شكل صرخة مكتومة :

ـ  اعيدوني الى الجنة .

............................

 

* أدلِرْ : مدينة روسية ومصيف تقع على البحر الاسود .

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.