اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الأقليات القومية والدينية في الواقع العربي والاسلامي (الآشوريين نموذجاً) ج2// وليم أشعيا عوديشو

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الأقليات القومية والدينية في الواقع العربي والاسلامي (الآشوريين نموذجاً)

( الجزء الثاني )

وليم أشعيا عوديشو

 

(الفصل الثاني)

المبحث الأول / الدور الأوروبي في تفاقم المظالم ضد الاشوريين:

وبالعودة الى إشكالية المظالم التي تعرض لها الآشوريون خلال حكم الامبراطورية العثمانية ، وكانت أقساها المذابح التي رافقت الحرب الكونية الاولى والتي بلغت ذروتها في الرابع والعشرون من شهر نيسان عام (1915م) حيث بلغ عدد الشهداء حوالي (300) ألف آشوري ، وهنا لا بد من الاشارة الى الدور السلبي الذي لعبته أوروبا الغربية في إضطهاد الاشوريين منذ بداية ارسالياتها التبشيرية (1550م) مستغلة بذلك ضعف السلطات العثمانية لتحقيق مكاسب سياسية وأقتصادية في الشرق متذرعة بحماية رعاياها المسيحيين ، وحصلت بذلك على فرمانات تخولها نشر مذاهبها الدينية بين الآشوريين ، وكانت السبب الذي أحدث إنقسامات مذهبية عميقة بين الآشوريين والتي تحولت بمرور الزمن الى مسميات تحمل طابع قومي ولتصبح ممارسة السياسات الطائفية والمذهبية ضدهم وطرح قضيتهم من خلال إنتماء مذهبي محدد دون غيره كثوابت حتى يومنا هذا.

 

المبحث الثاني / المسألة ألاشورية في العصر الحديث:

مع ظهور المسألة الآشورية سياسياً منذ اوائل القرن العشرين وما حملته من معاني انسانية لشعب ساهم في بناء الحضارة الانسانية منذ القدم يحاول نيل حريته وفق الأحكام الدولية ، وبدأت الحركات السياسية الآشورية نضالها حول أفكار أساسية من اجل وحدة الشعب الآشوري ، وطرح مشكلة تهديد وجوده القومي ، غير أن السلطات المتعاقبة في العراق لم تنصفهم بل قامت بتغييب هويتهم القومية وحتى الاحزاب السياسية الوطنية في العراق التي نشأت بعد نهاية الحربين الكونيتين لم تأخذ بنظر الاعتبار المسألة الآشورية وما عاناه ابناء ذلك الشعب خلال تأريخهم الصعب من مذابح ومآسي ودورهم المتميز في المشاركة وتأسيس الاحزاب الوطنية والتقدمية والاستشهاد في سبيل استقلال الدول التي تواجدوا فيها وتحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية ، والتي أدت بالتالي الى شعورهم الدائم بالاحباط واليأس وفقدان الثقة من الأكثرية المحيطة بهم بسبب استمرار الاعتداءات والمظالم ضدهم والذي ساهم في بداية موجات الهجرة من الوطن وتشتتهم في المهاجر والمنافي البعيدة ولتصبح الهجرة أحد آخر المجازر المعنوية التي تتعرض لها القضية الاشورية والتي تدخل ضمن مخطط يرمي الى إفراغ الشرق الاوسط من الاقليات القومية التي تختلف عن الاكثرية في عامل الدين والذي لعبت فيه الدول الغربية دوراً كبيراً منذ العقود الاولى من القرن الماضي ، وكان دخول الآشوريون الحرب العالمية الاولى الى جانب الحلفاء أملاً قي التخلص من الاضطهاد الذي كانت تمارسه ضدهم الدولة العثمانية قد جلب عليهم سلسلة من الكوارث وكانت من أقسى الفترات التي مروا بها ليفقدوا الكثير من اراضيهم ومئات الالوف من الشهداء ، وبحلول العقد الثاني من القرن الماضي أصبحت المسألة الآشورية تتصدر القضايا المطروحة في أروقة مجلس عصبة الامم ، إلا أن بريطانيا حالت دون إنصاف الآشوريين باعتبارهم أصغر الحلفاء المشاركون في الحرب وذلك عبر التخطيط لمذبحة سميل بتأريخ السابع من آب(1933م) والتي أرادت منها بريطانيا الدولة المحتلة للعراق آنذاك إسدال الستار على المسألة الآشورية وفرض سيطرتها الكاملة على العراق بعد حل مشكلة ولاية الموصل وضمها الى العراق في كانون أول(1925م) مقابل ضمان حصة العشرة في المائة من نفط الموصل الى تركيا والتنازل عن المطالبة بالأراضي الآشورية في ولاية هكاري(جنوب شرق تركيا) التي نزح منها ألاشوريون بسبب الحرب بعد المصادقة على خط بروكسل الحدودي (1926) الذي أفرز الحدود بين العراق وتركيا ، وكانت تطورات القضية الآشورية عسكرياً وسياسياً قد أثرت إيجابياً على الاسراع في حسم ضم ولاية الموصل الى العراق حيث تجلى دورهم عسكرياً عندما كانت القوات الآشورية المحلية(الليفي) تقوم بحماية الحدود العراقية بعد موافقة الطرفين على خط بروكسل ، وسياسياً في مطالبة الآشوريين بالحاق ولاية هكاري الى العراق عندما برزت الى الوجود مشكلة المهجرين الآشوريين بعد الحرب العالمية الاولى حيث رفضت تركيا عودة آشوريو جبال هكاري الى اراضيهم شمال خط بروكسل والذي دفع مجلس عصبة الامم بالتعجيل في ضم الموصل الى العراق واسكان المهجرين جنوب خط بروكسل الى جانب أبناء جلدتهم من الآشوريين سكنة ولاية الموصل واطرافها آنذاك ، ومن غير المنصف أن يتناول المؤرخين العراقيين والعرب القضية الآشورية في العراق والتي طغت على الاحداث السياسية في العراق خلال العقود الثلاثة الاولى من القرن الماضي ضمن سياق فكري متناغم مع المنهج الدكتاتوري للنخب التي تعاقبت على حكم العراق في تعاملها مع الحقوق القومية المشروعة للقوميات العراقية ، ومن كل تلك الحقيقة نلاحظ أن الدماء الآشورية كانت ثمنها حل النزاع حول ولاية الموصل مقابل تشتتهم في كافة انحاء المعمورة بعد مذبحة سميل(1933) والتي راح ضحيتها حوالي أربعة آلاف آشوري وتدمير أكثر من(66) قرية ، وليصبحوا الضحية الاكبر للمصالح البريطانية في العراق وعملية ترسيخ معالم العراق الجيوسياسية ، وانسياقاً وراء حقيقة أن التاريخ يصنعه المنتصرون وسياسياً يكتبه الحكام ومن ينفذ أوامرهم ، فقد ذاق الآشوريون علقم السياسات الشوفينية للأنظمة العراقية منذ تأسيس الدولة العراقية (1921) ليستمر مسلسل التهميش والإضطهاد بعد إحتلال العراق في التاسع من نيسان 2003 ، حيث تعرّض الآشوريون في سهل نينوى إلى التهجير القسري من مناطقهم بعد استيلاء تنظيم داعش الإرهابي على بلداتهم وقراهم في منتصف آب/ 2014، وبعد تحرير سهل نينوى في 23/10/2016 بدأوا يعانون من التهميش والإقصاء من الوظائف والخدمات الإدارية ، بالإضافة إلى مواجهتهم مشكلة التغيير الديموغرافي التي تفاقمت مؤخراً بسبب إهمال الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق لهم ولمناطقهم، فتعرضوا ولازالوا إلى الكثير من المشاكل الأمنية من عمليات خطف وقتل وابتزاز. وبالرغم من إعلان البرلمان العراقي عن كون سهل نينوى منطقة منكوبة، إلا أنه لم يتم ترجمة هذا الإعلان على أرض الواقع من حيث إعادة الإعمار، وعودة المهجرين والنازحين لتستمر معاناة الآشوريين في مشهد مؤلم شكلت تفاصيله دماء كثيرة ودموع امهات لم تجف بعد وأطلال قرى وأديرة آشورية تحكي خرائبها عقوداً طويلة من المعاناة من ارهاب أفراد وجماعات وارهاب منظم.

 

المبحث الثالث / معاناة الآشوريون إلى جانب مكونات الشعب العراقي:

ورغم أن العراقيين شعباً موحداً على الصعيد الوطني إلا أنهم ينقسمون فيما بينهم على صعيد الواقع القومي والسوسيولوجي ، وفي فترات معينة من تأريخ العراق ظهر الانقسام بشكل سلبي على مستوى الإنتماء المذهبي ووفق تصنيف عمودي عصبوي الذي خلق حالة أخذت تعمل على إضعاف بعض المشاعر الوطنية الموحدة التي كانت تجمعهم أيام المحن ، والذي يعود سببه الى الشعور المستمر بالأحباط نتيجة الفترة الزمنية الطويلة من الاضطهاد والقهر الداخلي المتمثل بتعاقب أنظمة دكتاتورية والذي يظهر واضحاً في بكائيات الخطاب العراقي في المنافي والوطن ، وما يتصف به من طابع تراجيدي قائم على حالة من التيئيس النفسي والمعنوي لينعكس ذلك على الشخصية العراقية المعاصرة والتي باتت تعيش حالة من الانفصام بين حب الوطن والرغبة بالموت فيه ، وبين الهروب الى المجهول لتعيش مثالياتها الانسانية في اليوتوبيا مؤدية الى ظهور جدلية لا مفر منها يطغي عليها حالة من التنافر والتنازع بين التعددية القومية التي عرف بها العراق منذ القدم وبين المخاطر الخارجية المتمثلة بالارهاب الوافد من خارج حدود العراق واستغلال الوضع الصعب الذي يعود الى تراتبية عصبوية كلاسيكية والمترسبة بقوة في القاع المجتمعي العراقي نتيجة الممارسات الخاطئة للأنظمة السابقة التي ابتلي بها العراق ، وإذا ما سلمنا جدلاً بأن التعدديات هي حالة طبيعية في كافة التجمعات السكانية فأن المنعطف الذي يجب التوقف عنده هو جنوح تلك التعدديات الى العنف وتصفية الآخر، وهذه العوامل مجتمعة لا يمكنها تبرير ظهور الدولة العراقية خلال كافة الفترات كسلطة مركزية رادعة وشمولية من أجل كبح جماح التعدديات المتنافرة ، بل كان يتوجب العمل على إيجاد منهج وطروحات غير مؤدلجة تعمل على إعادة صياغة تلك التعدديات الى بنى إيجابية متوافقة في إطار وطني قادر على الفعل وتذويب التعددية العصبوية والمتطرفة في بوتقة مجتمع مدني حديث يسهم في إبداع فكري ، ويعمل على تجاوز النموذج المتنافر للتكوين العراقي الذي يراهن ويروج له البعض.

 

المبحث الرابع / استخدام العنف في حل مشكلة الأقليات:

مع تفاقم مسألة الاقليات في الشرق الوسط شهدت العقود الماضية تصاعداً في أعمال العنف الأمر الذي جعل من العنف السياسي وعدم الاستقرار واحدة من أهم المشكلات التي تواجهها ألانظمة في الشرق الأوسط ، لا سيما في ظل تنامي التيارات المنادية بحقوق الانسان وبناء المجتمعات المدنية ، وفي الغالب يعود سبب تفجر العنف السياسي الى فشل الحكومات في تقديم حلولاً فعالة لمشكلة الاقليات وتجاهلها للأسباب الكامنة لتلك المشاكل ومحاولة إحتوائها والذي يدفعها للظهور بين فترة وأخرى وبشكل أخطر من ذي قبل كما هو حاصل الآن في بعض الدول ، وبمعنى آخر أنه يمكن تجاوز الإشكالية الناجمة من النزاع بين الأقلية والأكثرية المتمثلة بالسلطة وذلك في التعامل مبدئياً وقبل كل شيء من زاوية الحقوق القومية المشروعة لها إذا كان للأكثرية تأكيد طابعها الأنساني وتحرير الفكر القومي المشرقي عموماً من هاجس الشعور بالمؤامرة. إن مسألة الأقليات مرشحة للأستمرار وليس ثمة إتجاه نحو استيعابها رغم مرور عقوداً طويلة على قيام الدول الحديثة التي ما زالت تعاني من صراعات قومية تشغل أجزاءً كثيرة من العالم ، وعند تحليل تلك الصراعات ومعرفة أبعادها نراها تتباين فيما بينها فبعضها سببه يعود إلى محاولة الأكثرية للسيطرة على الشعوب الأقل عدداً رغم حقها التأريخي المشروع في الأرض ، وبعضها الآخر يعود الى محاولة بعض القوميات في المحافظة على هويتها وثقافتها وخصوصيتها وهي رغبة تتقاطع مع سياسة الأنظمة المتسلطة على تلك الشعوب كما هي الحالة لدى الآشوريين والتوركمان وبقية الطيف العراقي قبل سقوط النظام السابق في العراق ، وهذه حالة متكررة في دول عربية اخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.