اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

اوروبا لم تحفظ الدرس بعد, الدب الروسي ليس بسبات دائم!// جمال محمد تقي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

جمال محمد تقي

 

عرض صفحة الكاتب 

اوروبا لم تحفظ الدرس بعد

الدب الروسي ليس بسبات دائم!

جمال محمد تقي

 

على قاعدة خذ الحكمة من افواه المجربين، نحتكم لحكمة صانع الوحدة الالمانية الاولى، ورجل الدولة والسياسي المخضرم، على اصول، وفنون لعبة الامم، بطرازها المعتق، وثوابتها المهندسة على اعمدة الطوبوغرافيا والديموغرافيا والانثوغرافيا وعلى كل فروع الجغرافيا بما فيها السياسية، يقول بسمارك: "لا تتوقع انه بمجرد الاستفادة من ضعف روسيا ستحصل على ارباح الى الابد، الروس يأتون دائما لإستعادة اموالهم، وعندما يأتون، لا تعتمد على الاتفاقات اليسوعية التي تتوهم انها تبرر لك، انها لا تساوي قيمة ذلك الورق الذي كتبت عليه، لذلك مع الروس يتعين اما اللعب بشكل عادل، او عدم اللعب على الاطلاق". وقال ايضا: "ان الروس يستعدون طويلا لكنهم ينطلقون بسرعة"، وعن المانيا وروسيا تحديدا قال: "الحرب بين المانيا وروسيا غباء عظيم، ولهذا السبب تحديدا ستحدث بالتأكيد" وفعلا حدثت عندما هاجمت جيوش أدلوف هتلر ومحوره روسيا، عام 1941، بأكبر عملية غزو في التاريخ الحربي تحت مسمى عملية بربروسا التي اشترك بها اكثر من ثلاثة ونصف مليون جندي، والنتيجة معروفة!

 

من كارل الثاني عشر مرورا بنابليون الى هتلر!

اجتاح ملك السويد المتهور كارل الثاني عشر عمق اراضي الامبراطورية الروسية عام 1700 بعد ان نجح في بسط نفوذه على فنلندا واقاليم البلطيق، بهدف السيطرة على كل الارضي المطلة على حوض بحر البلطيق وحرمان الروس من اي اطلالة ولو من بعيد، لكنه إنكسر في معركة بولتوفا في اوكرانيا عام 1709 امام جيش القيصر الروسي بطرس الأكبر، وفر بمن تبقى من جيشه المهزوم الى اراضي الدولة العثمانية طلبا للحماية!

 

اما نابليون بونابرت امبراطور فرنسا واوروبا وفارس برها الاوحد، فبعد عجزه عن كسر بريطانيا بحرا، لجأ الى سياسة عزلها عن البر الاوروبي ومقاطعتها تجاريا، وعندما وجد ان روسيا لا تتجاوب مع حصاره التجاري لبريطانيا قاد حملة عسكرية كبرى عام 1812 بجيش جرار بلغ تعداده نحو 680.000 ألف جندي بينهم 300.000 ألف جندي فرنسي، هدفه تأديب قيصر روسيا، الكسندر الاول، وعرضيا تحرير بولندا من الروس وضمها لامبراطوريته بعد ضمان طاعة الروس له، وفعلا توغل نابليون في العمق الروسي حتى دخل موسكو، على امل ملاقاة الجيش الروسي بمعركة حاسمة، لكن الروس حرموه من الحسم وعلعلوه درجة الاستنزاف والإعياء فرجع ادراجه خائبا برفقة 27000 ألف من بقية جيشه المنكسر!

 

مقولة تشرشل المأثورة "في السياسة ليس هناك عدو دائم او صديق دائم، هناك مصالح دائمة" تنطبق كليا على حالة اوروبا قبل الحرب العالمية الاولى، فتعارض المصالح بين القوى الاوروبية الكبرى وقتها هو السبب الاول للتغيير الذي حصل لخرائط التحالفات الاوروبية، ومهد لإندلاع الحرب، لقد انسحبت روسيا القيصرية من تحالف الأباطرة الثلاث "روسيا والمانيا وامبراطورية النمسا والمجر"  1878 ثم دخولها لاحقا بحلف مع الفرنسيين والبريطانيين، بسبب تضارب مصالح روسيا القيصرية مع النمسا والمجر في منطقة البلقان وتحديدا مناطق الصرب لسلافيتهم وارثوذكسيتهم، وايضا بسبب صراعهم مع العثمانيين الذي توافق مع مصالح جماعة سايكس بيكو، لتقاسم تركة الرجل المريض، وفعلا حشدت روسيا ضد النمسا لتهديدها صربيا، واعلنت المانيا وقوفها مع النمسا واعلنت الحرب على روسيا وفرنسا عدوتها الاولى، وانضمت لجبهتهم بريطانيا بعد الهجوم الالماني على فرنسا عبر بلجيكا، وانضمت تركيا الى معكسر الالمان والنمسا والمجر، لكن المفاجئة كانت من روسيا حيث اندلاع الثورة البلشفية في اكتوبر 1917 وسقوط روسيا القيصرية، وقيام الجمهورية السوفيتية التي انسحبت من الحرب ووقعت على معاهدة صلح مع المانيا، وفضحت معاهدة سايكس بيكو، ووجه قائدها فلاديمير لينين نداءً تحريضيا لنهضة شعوب الشرق ضد المستعمرين، واعتبر الحرب صراع بين الامبرياليات الاوروبية لإعادة تقاسم العالم!

 

بعد مرور اقل من عقدين اندلعت شرارة الحرب العالمية الثانية، بين دول المحور بقيادة المانيا وايطاليا واليابان، وبين دول الحلفاء بقيادة بريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتي ثم امريكا، وبرغم اختلاف اهداف دول الحلفاء في خوض غمار هذه الحرب، إلا انه كان اضطراريا، تحالف الامر الواقع، فالاتحاد السوفيتي وجيشه الاحمر، لم يكن من طينة امريكا وبريطانيا وفرنسا، فهو كما يقرون بأنفسهم، يشكل تحديا وجوديا لقيادتهم دفة العالم، لذلك لم يدعموه باخلاص اثناء الحرب وتمنوا لو انشغل هتلر به لينهار، ولا تقوم قائمة للجيشين النازي والاحمر معا، لكن الرياح تسير بما لا تشتهي السفن، فالروس وجيشهم الاحمر طارد النازيين حتى عقر دارهم، ورفعوا العلم الاحمر على مبنى الرايخ في قلب برلين، واصبح الاتحاد السوفيتي قوة عظمى يمتد نفوذه على كل اوروبا الشرقية، وصارت الحرب البارده بين الطرفين على اشدها، حتى اصبح تضخم الاتحاد السوفيتي عبء على ذاته  وعلى جذره الايديولوجي الماركسي، الذي لا يقر بوجود نظام عالمي اشتراكي في ظل تسيد الراسمالية كتشكيلة اجتماعية اقتصادية على العالم بحكم مداها الذي لم يصل ذروته بعد، وعليه اما ان يتحول الاتحاد السوفيتي الى راسمالية دولة امبريالية شكلا ومضمونا، او ينهار، فلا طائل له في منافسة اقتصاد السوق بإقتصاد مقفص، فكان الانهيار دراماتيكيا، ومن الداخل لاسباب موضوعية وذاتية، الصين حلت الاشكال القائم بطريقة مخاتلة، دولة بنظامين، والحقيقة هو نظام واحد راسمالي سوقي ببناء فوقي يدعي الشيوعية!

 

روسيا ورثت التركة لتعود من جديد كقوة عظمى ببنية تحتية وفوقية راسمالية، وهي تريد تعددية الاقطاب، فليس من العدل ان يكون الغرب وحده الخصم والحكم في عالم لا يحتكم الا لمنطق القوة والمصالح!

 

عسكرة الغرب تهديد للعالم وتحديدا للشرق وبلدان الجنوب!

عسكرة اوروبا لتتولى محاصرة روسيا حتى تتفرغ امريكا لترويض التنين الصيني، هو نهج استراتيجي امريكي متدرج ويزداد تدرجه كلما مالت كفة "المنافسة الحرة" لمصلحة القوى الصاعدة من شرق وجنوب العالم الصين وروسيا والهند وربما البرازيل وجنوب افريقيا، على ايام باراك اوباما كانت هناك تفاصيل في مفاصل التوجهات الامريكية تشي بهذا التدرج، في تعاطيه مع ازمة القرم، في تعاطيه مع الحلفاء الاوروبيين والناتو، في تعاطيه مع الصين واسرائيل وايران، مثله كمثل ترامب، بفارق في اللغة ودرجة التدرج او الانحدار الامريكي، دماثة لغة اوباما ونعومة شعاراته لا تعني شيئا ازاء ذات السياسات وتحديدا علاقات الهيمنة على مفاصل العالم، وجه ترامب ليس كوجه اوباما، انه سافر وبلا اقنعة وهو بذلك لا يمارس الخداع!

يقول ترامب: سنبني الحضارة الاكثر حرية والاكثر تقدما والاكثر ديناميكية والاكثر هيمنة في العالم، سنقود البشرية الى الفضاء ونغرس العلم الامريكي على كوكب المريخ..!

الاكثر حرية في فرض الهيمنة على العالم، والاخطر هو الاصرار على تلويث ليس الارض ومع عليها فقط وانما الكون كله بلوثة جنون العظمة الامريكية!

 

 سوق اوروبية شاملة وأمن جماعي!

بعد زوال الاتحاد السوفيتي ومعسكره الاشتراكي وحلف وارسو، ما مبرر بقاء حلف الناتو الذي تأسس خصيصا لمواجة التحدي السوفيتي وحلفه؟ توسع الناتو توريط امريكي لاوروبا في استفزاز روسيا وجعل اوروبا بالوعة لتصريف السلاح الامريكي، وعلى العكس من ذلك فأن نسج علاقات المصالح المشتركة وخاصة الاقتصادية والامنية على قاعدة التكامل والاحترام المتبادل سيبدد كل الهواجس ويكبح اي تمادي محتمل!

 

اوروبا ترفض دخول تركيا للاتحاد الاوروبي لكنها تشترك معها في عضوية الناتو، وعندما تفجرت الازمة القبرصية وتقسمت قبرص لم يستطع الناتو حل المشكلة، مع ان كل اطراف الازمة هم من اعضاء الناتو، بريطانيا مازالت تحتل اقليم جبل طارق الاسباني والطرفين اعضاء في الناتو، وهناك العديد من الدول الاوروبية ليست عضوة في الاتحاد الاوروبي الذي يعاني من افتقاره لسياسة خارجية وامنية موحدة وفاعلة، بسبب اختلافات سياسات الدول الاعضاء، بريطانيا خرجت من الاتحاد الاوروبي بتشجيع امريكي، كل ذلك يحتم اعادة النظر بما هو قائم لمصلحة احتواء الجميع بسوق اوروبية مشتركة وببناء امني جماعي ومجلس أمن اوروبي، حل وعقد من دون، حق للنقض، يكفل السلام القاري من الاورال حتى  النورماندي، اما مشاكل رسم الحدود بين روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، فهي متوقعة، لاسباب جيوسياسية وتاريخية كثيرة ومن الحكمة عدم استغلالها لإضعاف روسيا ، بل حلها عبر تفاهمات متقابلة!

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.