كـتـاب ألموقع
ماذا تريد إسرائيل من سوريا؟// جمال محمد تقي
- المجموعة: جمال محمد تقي
- تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 27 تموز/يوليو 2025 12:27
- كتب بواسطة: جمال محمد تقي
- الزيارات: 702
جمال محمد تقي
ماذا تريد إسرائيل من سوريا؟
جمال محمد تقي
تغير النظام في سوريا، ومعه تغيرت الاولويات والاهتمامات السورية، فالنظام الجديد ذاهب لانقاذ ما يمكن انقاذه من حطام الدولة المنهارة، وبالتالي انقاذ نفسه من الفشل، البنى التحتية بمجملها خربة، والاقتصاد شبه مشلول، والوضع الأمني والأداري تتقاذفه انقسامات الأمر الواقع، ونصف الشعب ما بين مهجر ومهاجر، والباقي محروم من مستلزمات النمو الطبيعي، نظام لا تراكم لديه غير المعضلات، لقد جاء قبل الصفر بقليل، وما زاد الطين بلة، هو التخريب الاسرائيلي الممنهج لمساعي النظام الجديد، لإعادة بناء المقدرات السورية وخاصة في مجال الامن والدفاع وإعادة تأهيل الكيان السوري داخليا وخارجيا، على الرغم من اعلان سعيه لبناء علاقات حسن جوار وسلام مع كل جيرانه، بما فيهم اسرائيل، خاصة وان عملية التطبيع السياسي والميداني مع الامريكان والاوروبيين قد اثمرت عن نتائج ملموسة، كان اهمها الرفع التدريجي للعقوبات القاسية المفروضة على سوريا.
تصرفات اسرائيل تشي بسقوف عالية تتجاوز قضية انتزاع الجولان نهائيا ضمن سياق تطبيعي مناسب مع سوريا، وقضية عدم ثقة اسرائيل بنظام احمد الشرع التي اثارها وزير الدفاع الاسرائيلي كاتس اثناء زيارته للبنتاغون مؤخرا، تؤكد ان اسرائيل ازاء وجبة دسمة لا غنى عنها في رسم الموائد غير المستديرة للشرق الاوسط الجديد الذي لطالما تغنى به نتنياهو، ومن ثم تناغمه غير المباشر مع الإيحاءات الامريكية الناقدة لسايكس بيكو والتي وردت على لسان توماس باراك وضمنا في ثرثرات ترامب المتعلقة بمشاكل الشرق الاوسط، فمن يستسهل تهجير اهل غزة واقامة ريفييرا على ارضهم، لا يستصعب تقبل فكرة اقامة كيان درزي يتدرج من فدرلة منطقة الجنوب السوري منزوع السلاح ليحقق عدة اهداف وبضربة واحدة ، منها اولا خلخلة التركيبة الديموغرافية لمصلحة غلبة المكون الدرزي في الجنوب الغربي من سوريا " المنطقة المنزوعة السلاح" والتي تضم القنيطرة ودرعا والسويداء على حساب العشائر العربية المتواجدة ، ثانيا تجهيز مقدمات لبلورة كانتون درزي جامع بصيغة مطاطة ، تضم الجولان السوري والسويداء وما بينهما، بتخادم مع شيوخ العقل الدرزي المتصهينين من امثال موفق طريف وحكمت الهجري ، ثالثا طرح مشروع للحكم الذاتي الاسرائيلي للدروز في كل اماكن تواجدهم في الجليل او الجولان لينسجم مع كانتون السويداء، وفي جبل لبنان ان تحرك دروزه، وكل هذا بحماية امنية اسرائيلية، رابعا جعل موضوع دروز السويداء مقدمة لسلوك مماثل من قبل الادارة الذاتية الكردية في شرق سوريا لتقزيم مشروع الدولة الموحدة وجعلها تتقبل فكرة الفدرلة كمخرج مؤقت لساعة صفر جديدة متعلقة هذه المرة بتركيا ودورها في الشرق الاوسط ، من خلال اثقالها واشغالها بالاحاطة الكردية المقلقة عن لعب دور المترصد للمشروع الاسرائيلي للتسيد على مفاصل الشرق الاوسط!
اسرائيل اكثر من معنية بتغذية مشاعر الانفصال الكردي في العراق وايران وسوريا وكذلك في اختراق الحالة الكردية في تركيا والاستثمار في تطوراتها، لرسم خرائط جديدة للشرق الاوسط الذي تريد!
اسرائيل لا توفر وسيلة!
لتحقيق اهدافها التوسعية في سوريا ومحيطها لا توفر اسرائيل جهدا او تكلفة ولا وسيلة إلا وجربتها، وهي تستثمر حثيثا بالتناقضات الداخلية لدرجة انها تبدو متناقضة مع نفسها في مسعاها للتطبيع مع محيطها، فالفوضى الميليشاوية على حساب الدولة الضامنة في سوريا لا تخدم اسرائيل، إلا اذا كانت على يقين بانها "فوضى خلاقة" حصيلتها مضمونة النتائج ولمصلحة اسرائيل حصرا وبالضد من مصالح كل الآخرين في الشرق الاوسط. اعتمدت اسرائيل في اعاقة النظام الجديد على منحيين متخادمين، الاول : التدخل العسكري المباشر من خلال قصف وتدمير البنى العسكرية القائمة، واضعافها بما يكفي ، لتكون أقل قدرة من ميليشيات الأمر الواقع، اضافة للانتقاص من سيادتها وهيبتها وبما يحفز المنافسين على عصيانها، وهذا ما تجسد وبشكل شبه يومي خلال الاشهر الستة من عمر الحكم الجديد، قصف الاعيان العسكرية في دمشق والساحل ، احتلال المنطقة العازلة على طول حدود هضبة الجولان والغاء اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 واعتبار منطقة جنوب غرب سوريا من جبل الشيخ والقنيطرة الى جبل العرب في السويداء منطقة منزوعة السلاح ، بقرار اسرائيلي ترجمته العملية، تعني، منع تواجد الجيش وقوات الامن السوري في ثلاثة محافظات سورية هي القنيطرة ودرعا والسويداء، وفعلا يجري تنفيذ هذا القرار من خلال قصف اي مظاهر عسكرية وامنية للنظام الجديد في هذه المناطق بذريعة حماية أمن اسرائيل، والثاني: التدخل غير المباشر بذريعة حماية الاقليات ودعم الانشطة الانعزالية لاي حراك محلي مضاد داخل سوريا يعارض الدولة السورية المركزية!
لا يكفي اسرائيل استيفاء سوريا للشروط الامريكية!
قطع الطريق على ايران ومحاربة اي نشاط لها في سوريا وملاحقة انشطة حزب الله، ومنع اي نشاط سياسي وعسكري فلسطيني داخل سوريا، والعمل المشترك مع الامريكان في محاربة تنظيم الدولة، وإطلاع الامريكان على كل صغيرة وكبيرة بخصوص البناء العسكري والاقتصادي والسياسي الجديد، وبضمانات تركية وسعودية واماراتية ، جرى فتح صفحة جديدة بين النظام الجديد والادارة الامريكية ، بنفس الوقت جرى ابلاغ الاسرائيليين بحسن نوايا حكومة احمد الشرع وعدم ممانعتها لإقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل، وجرت تسريبات عن لقاءات مباشرة بين الجانبين بوساطة طرف ثالث، كل هذه التطورات لم تثني إسرائيل عن عزمها بجعل الحالة السورية نموذجا وعبرة للاخرين في شرق اوسطها الجديد، ومن خلال سوريا ستنطلق اسرائيل للنيل من العراق وتركيا مرورا بلبنان، وبالتزامن تجري عمليات تصفية الحساب مع غزة والضفة مع الاستمرار بتضخيم مخاطر البعبع الايراني لمزيد من الابتزاز لدول الخليج ومزيد من التواطوء الاردني والمصري ، لاسرائيل وامريكا استيعاب متبادل لما يجري وللوهلة الاولى يبدو ان لكلاهما اجندة مختلفة يعززها بعض عمليات تبادل الادوار، لكن اختصاص اسرائيل الحصري هو الشرق الاوسط وعدم التطابق بين الاختصاصات يحسم عادة لمصلحة اسرائيل، إلا اذا كان الامعان بالتخصص يفضي لانكسار شمولي للمصلحة الامريكية وهذا ما لا يحدث غالبا!
المتواجون الان
609 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع