كـتـاب ألموقع
ميلانيا وإستعصاءات ترامب؟// جمال محمد تقي
- المجموعة: جمال محمد تقي
- تم إنشاءه بتاريخ الإثنين, 18 آب/أغسطس 2025 10:58
- كتب بواسطة: جمال محمد تقي
- الزيارات: 632
جمال محمد تقي
ميلانيا وإستعصاءات ترامب؟
جمال محمد تقي
إقحام ترامب لزوجته في رسم صورة مغايرة للسائدة، او على الاقل إضفاء لمسات عاطفية تدور الزوايا الحادة فيها، لا يخرج عن سياقات تعاطيه الطبيعي، والغالبة على طبعه في شخصنة القضايا، كل القضايا ليسهل على نفسه مهمة تأويل المواقف بخلط اوراقها وجعلها مطاطة لدرجة تمنحه القدرة المريحة على التقافز بينها والتملص من اي استحقاق قد يجعله محشورا بزاوية حرجة او تناقض صارخ بين ما يدعيه وما يحققه من اهداف وبين ما يواريه وما يظهره، ليلعب ولو قليلا بالالفاظ والمواقف لتسييلها وإقتناص هامش من الغموض الذي يمنحه نوع من الابهار لدى الاتباع، يغطي به على حقيقة هشاشته ودونيته، وهو المدرك بأن سيرته الذاتية تؤهله ليكون النسخة الأكثر تهافتا وإبتذالا وغطرسة، بين نسخ رؤساء امريكا ال 47، المفروزة تباعا من ماكينة مؤسسة الحكم الامريكي، الممثلة الفعلية لمصالح طغمة المال والاعمال ومجمعها الصناعي والعسكري المتغول كونيا!
بكل قساوة وتعسف وإستهتار، سبق لترامب ان طرح تصورا جهنميا كعلاج نهائي لحالة غزة، وما تسببه من صداع مستدام لإسرائيل، وبحسب رؤيته العقارية، فأن تهجير اهلها الى أي مكان آخر يصلح للعيش، وتحويل المكان لمنتجع عالمي تشع في ربوعه البغددة المتطبعة بالاستثمارات المختلطة، امريكيا وعربيا واسرائيليا، لتكون غزة ريفييرا الشرق الاوسط الجديد، بنسخته الابراهيمية التي تُذوب المكون الفلسطيني وتجعل من بقاياه مجرد اقلية ترضى بالقليل مقابل البقاء داخل اسرائيل الكبرى بتمددها العابر لكل الحدود، سيكون هو الأمر الواقع الذي تفرضه احكام فائض القوة المتوجة بصفقة العمر الترامبية، وعندما لم يجد إستجابة سوى من إسرائيل، خفف من لهجته، وراحت حاشيته ترقع ما فتقته رؤيته الصارخة بعدوانيتها، وكأنه حول رؤيته الى مناقصة بالباطن، يتم الوصول اليها تدحرجا بواسطة مقاولات، عربات جدعون ومؤسسة غزة الانسانية ثم المدينة الانسانية المقترحة في رفح، بعد التحكم الكلي بمصادر تمويل القطاع الغذائية والدوائية والمائية، لشل عمل كل الاعيان المدنية من مستشفيات ومراكز لمؤسسات الامم المتحدة، وإغلاق كل المعابر، ليكون بيد مؤسسة غزة الانسانية، الامريكية الاسرائيلية، المصير النهائي، حيث ساعة الصفر، للتهجير البري والبحري، والذي سيبدو طوعيا جدا جدا، وهو المطلوب!
لقد قالها ترامب لنتنياهو اكثر من مرة اثناء سجالات الحرب الابادية على غزة، أنهي الأمر، وإفعل مايجب فعله، وهي إشارات تحريضية واضحة للفتك بغزة واهلها، وبدعم مادي ومعنوي ودبلوماسي مفتوح، مع تكامل وتبادل مفضوح للادوار، أليس تهديد ترامب الصريح لسكان غزة بالجحيم، هو شروع معلن بعمليات الإبادة؟
ترامب يدرك تماما مايحصل في غزة وهو يعتبر حرب اسرائيل الابادية دفاعا صرفاعن النفس وما يقع نتاج ذلك هو عرضي، او غير مقصود او بسبب الغزيين انفسهم، وعندما تعلن الامم المتحدة هناك مجاعة وحرب ابادة على المدنيين ينكر معكسر ترامب نتنياهو ذلك ويعتبرون الامم المتحدة منحازة وفاسدة وغير متعاونة، اما صور المجاعة المحزنة، فهي سوء تغذية وسوء توزيع بسبب حماس وسرقتها للمساعدات، أما زيارة مبعوث ترامب لغزة، ويتكوف، فهي محاولة لذر الرماد بعيون العالم، بإعتبار ان الرئيس مهتم جدا بالموضوع، وسيعالجه على طريقته الجهنمية، وهكذا تكلم ويتكوف بمعية مايك هاكابي الذي اكتشف بأن اهالي غزة يحبون ترامب وجحيمه، وتوصل الاثنان الى أن الصور المعروضة هي عرضية فلا تجويع متعمد ولا مؤشرات على إبادة جماعية، كلها بروبوغاندا حمساوية، ومن يهمه الأمر لا عليه سوى الوثوق بترامب وقلبه الطيب!!
بعد كل هذا ، هل فعلا هزت صور المجاعة والموت في غزة ترامب وزوجته ميلانيا، أم انه اراد مجاراة موجة السخط بمسحة مخملية تستحضر الإنوثة كمعادل للرحمة مقابل قسوة القلب واحتكار القوة الغالب على ذكورية ترامب وطفحه البطريركي؟
لم تكن سيدة امريكا الاولى، ميلانيا، برفقة ترامب اثناء زيارته الى أسكتلندا، وبالتالي لم تتبادل معه اطراف الحديث حول ما يجري، وهو المشغول بمقابلاته المشحونة بحسابات ونسب الرسوم الجمركية مع رئيسة مفوضية الاتحاد الاوروبي، وتفاصيل مباحثاته مع ستارمر حول غزة والاوضاع المريعة فيها، ولم تكن معه وهو تحت ضغوط الاستنكار العالمي، وصدى مؤتمر حل الدولتين المنعقد بنيويورك آخذ بالاتساع، حيث اعلن تعهدا بأعتراف دولي وازن بالدولة الفلسطينية، فرنسا وبريطانيا وكندا، ولم تسمع ميلانيا بتهديد السيد الاول، لكندا بزيادة حصتها من نسبة الرسوم الجمركية، في حالة اعترافها بالدولة الفلسطينية، ولم يكن خافيا حينها إستياء ماركو روبيو ووزارته من التحرك الدبلوماسي المضاد ، لذلك حث مجموعة كبيرة من دول العالم على عدم المشاركة، ولقد سبق لترامب ان حشر ميلانيا بشكل علاقته ببوتين، على كونها معجبة به، ورغم ذلك اشار الى انها قد نبهته لضرورة تزويد كييف بصواريخ باتريوت للحفاظ على التوازن، لاسيما وان ميلانيا قد شاهدت صورا للقصف الروسي المتواتر على كييف!!
غزة تستنزف الجميع والعبرة في النهاية!
إسرائيل منبوذة دوليا وامميا ومأزومة داخليا، وامريكا على نفس الخط، تجد نفسها في مواجهة مع كل الاطراف، وترامب الذي يمني نفسه بالقدرة الفائقة على حلحلة الازمات وايقاف الحروب، حتى انه طالب بجائزة نوبل للسلام كعربون لسعيه، وجد نفسه بواد غير ذي سلام، واد نتنياهو سيء السمعة، والمطلوب للجنائية الدولية، وفوق كل هذا انه الوحيد الذي رشحه لنيل الجائزة!
في الداخل الاسرائيلي يتحرك اصحاب القيم الاخلاقية والانسانية لينقذوا انفسهم من الدرك اللااخلاقي الذي يدفعهم اليه النازيون الجدد في اسرائيل، وهي شهادة من اهلها على ان مطاولة المقاومة الفلسطينية وصمودها الاعجازي قد فضح حقيقة النظام العنصري في اسرائيل، وحط من جبروت الطغمة الامريكية المتلاعبة بمصائر الشعوب خدمة لاجندتها الانانية ومنطلقاتها الطاغوتية، فهذه منظمة، بتسيلم، الحقوقية والمعنية بحقوق الانسان في الاراضي المحتلة، وكذلك منظمة اطباء من اجل حقوق الانسان، مع قائمة طويلة من الاكاديميين والصحفيين والمؤرخين وحتى السياسيين الاسرائيليين، يقرون جمعيا بسياسة التجويع الاسرائيلية، وبالتالي استفحال المجاعة، بقصد التهجير والابادة، ما يعزز الحراك العالمي نحو ممارسة المزيد والمزيد من الضغوط الفاعلة، لتكون نهاية الحرب على غزة، ولادة جديدة، لمشروع الدولة الفلسطينية المستقلة، وليست النهاية التي يريدها، نتنياهو وترامب وسموترتش وبن غفيرومن لف لفهم في اسرائيل وامريكا، حيث ابادة وتهجيراهل غزة واستيطان ارضهم، وضم الضفة الغربية، بعد محاصرة المتبقين من الفلسطينيين بكانتونات لا يربطها رابط!
المتواجون الان
612 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع