اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

بيت الشعب أم بيت حزب وتيار سياسي واحد؟// عادل حبه

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

بيت الشعب أم بيت حزب وتيار سياسي واحد؟

عادل حبه

 

البرلمان الحديث هو بيت وحاضنة لكل التيارات والأحزاب السياسية التي تؤمن بالديمقراطية وبالصراع السياسي السلمي وبالتعددية، وبالطبع لا يتم الحظر على المشاركة في الانتخابات والجلوس على مقاعد البرلمانات الحديثة سوى المنظمات الإرهابية الأحزاب والتيارات السياسية التي تسلك جادة العنف وتمتلك الميليشيات المسلحة. ويمكن ملاحظة كل هذه الميزات في غالبية الدول الديمقراطية الحقة، ولكن لا يمكن أن توجد في الدول المشوّهة للديمقراطية والدول الاستبدادية، التي لا ييسمح باختيار "ممثلي الشعب" للجلوس على مقاعد البرلمان أو مقاعد مجالس الشورى إن وجدت سوى ممثلي لون واحد من "ممثلي الشعب" موال للحكام والسلطات التنفيذية، حيث يجري اختيارهم أما من قبل الحاكم المطلق أو من قبل لجان وهيئات غير منتخبة "تغربل" وتحرم من عضوية البرلمان الشكلي أو خوض الانتخابات كل من يشتبه بعدم ولائه "للزعيم" أو "المرشد" غير المنتخب من قبل الشعب إن مورست هذه الانتخابات. وهذا ما يجري الآن على سبيل المثال في غالبية دول مجلس التعاون الخليجي والجمهورية الإسلامية الإيرانية، فلا يتم انتخاب من يمثل الشعب ومن مختلف التيارات السياسية كما هو الحال في الدول الديمقراطية الحديثة.

أورد هذه المقدمة بالتزامن مع الاستعدادات لخوض انتخابات مجلس الشورى الإسلامي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وانتخاب أعضاء بعض الهيئات التي نص عليها الدستور الاسلامي الإيراني، كأعضاء مجلس الرقابة أو الحراسة "شوراى نڱهبان". وتجري هذه الانتخابات، كما هو حال سابقاتها، في ظل دستور ملتبس جرى إقراره على عجل بعيد انتصار الثورة الإيرانية في ربيع عام 1979. فالدستور، من ناحية، ينص على مواد تبيح للمواطن الإيراني حرية االفكر والعقيدة وانتخاب ممثليه والمشاركة في إدارة شؤون البلاد. فتنص المادة 6 من الدستور على أنه "يجب إدارة شؤون الجمهورية الإسلامية الإيرانية على آراء الشعب عن طريق الانتخابات: انتخاب رئيس الجمهورية وممثلي مجلس الشورى الإسلامي وأعضاء المجالس المحلية وغيرها، أو الاستفتاء في مناسبات أخرى ضمن قانون محدد ينبغي سنّه". كما تنص المادة 3 وفي البنود 6،7،8 على ما يلي: " إلغاء أي نوع من الاستبداد واحتكار السلطة..، و تأمين الحريات السياسية والاجتماعية...، والمساهمة العامة للشعب في تقرير مصيره السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي..". وتتماشى كل هذه البنود مع المعايير الديمقراطية المعمول بها في الأنظمة المدنية الديمقراطية والقائمة على فصل الدين عن الدولة.

إلاّ أن كل هذه النقاط الإيجابية تُضرب عرض الحائط عندما ينص نفس الدستور على هوية النظام الحقيقية باعتباره نظام ثيوقراطي مذهبي يعطي صلاحيات لأشخاص وهيئات غير منتخبة، وسن مواد وبنود تكرس الاستبداد المذهبي واحتكار السلطة وعدم الفصل بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية. فقد ورد في المادة 2 وفي البنود من 1-6 من القانون الأساسي مايلي: الحكم والتشريع الهي ودور الوحي الالهي في التشريع، والإمامة والزعامة الدائمة والأساسية في استمرار الثورة والاجتهاد المذهبي للفقهاء على أساس الكتاب والمعصومين. وعلى هذا الخيار الثيوقراطي أقر القانون الأساسي مبدأ"ولاية الفقيه" و مقام " المرشد" للثورة ليتحكم بكل صلاحيات السلطات الثلاث، ويناقض نفسه حين يهمش دور الشعب في التشريع والتنفيذ والقضاء. ففي المادة 110 من الدستور المتعلقة بوظائف وصلاحيات المرشد، يشار إلى ما يلي حول صلاحياته:" تعيين السياسات الكلية لنظام الجمهورية الاسلامية... والرقابة على تنفيذها واصدار الأوامر حول الاستفتاء وقيادة القوات المسلحة واعلان الحرب والسلام ونصب وعزل فقهاء مجلس الحراسة والمناصب العليا في السلطة القضائية، ورئاسة أجهزة الراديو والتلفزة وقيادة الحرس الثوري وقيادة القوات المسلحة!!". كما تنص هذه المادة "على البت في انتخاب رئيس الجمهورية أو عزله وقرارات العفو عن السجناء". ولا ندري ماذا بقي من صلاحيات للهيئات المنتخبة من قبل الشعب سواء رئيس الجمهورية أو مجلس الشورى الاسلامي أو السلطتين القضائية والتشريعية.

ولم تقتصر مواد القانون الأساسي على هذه التناقضات التي تتعارض مع حق الشعب في إدارة شؤونه، فراحت بعض مواد الدستور تبيح تشكيل هيئات غير منتخبة ذات صلاحيات واسعة في الرقابة على الانتخابات، بما فيها نقض القوانين التي تصدرها الهيئات المنتخبة أو حذف أسماء المرشحين للانتخابات أو حتى نقض نتائح انتخابهم تحت يافطة عدم صلاحيتهم لاشغال مناصبهم. والمثل على ذلك "مجلس الحراسة" أو "هيئة تشخيص مصلخة النظام". فالمادة 99 من الدستور تنص على:"يتولى مجلس الحراسة على انتخاب رئيس الجمهورية وانتخابات مجلس الشورى الاسلامي والرجوع إلى آراء الرأي العام والاستفتاء". كما تنص نفس المادة على أن :" مجلس الشورى ليس لديه أي اعتبار قانوني إلاّ غي حالة الموافقة على انتخاب 6 حقوقيين لعضوية مجلس الحراسة". كما تنص المادة 94 على: وجوب إرسال كل قرارات مجلس الشورى الاسلامي إلى مجلس الحراسة للتدقيق في مدى تطابقها مع المعايير الاسلامية". وهكذا لم يبق لمجلس الشورى المنتخب أي اعتبار ودور حقيقي في إدارة شؤون البلاد، كما نص القانون الأساسي على فقرات أخرى. ومن المعلوم إن مجلس الحراسة هو هيئة غير منتخبة من قبل الشعب، حيث يتم اختيار نصف أعضاء الهيئة من رجال الدين بتزكية من قبل المرشد، ويتم اختيار الستة الآخرين من قبل مجلس الشورى الإسلامي!!.

وعلى أساس هذه القواعد تسير الآن التحضيرات للانتخابات القادمة. فقد بدأت "ماكنة" مجلس الحراسة بالدوران لمنع وصول أية شخصية لا تتبنى المشروع المتطرف المعادي للديمقراطية في إدارة شؤون البلاد، خاصة بعد انتعاش واضح للتيارات المعتدلة والإصلاحية المناوئة للاستبداد المذهبي بعد التوصل إلى الاتفاق النووي بين إيران و دول 5+1، والشروع بفك العزلة عن إيران دولياً. وشرعت هذه الماكنة بحذف عشرات المرشحين مما أثار نقمة الناخبين الإيرانيين، وبمن فيهم رئيس الجمهورية المنتخب السيد حسن روحاني.

وكرد فعل على هذه الإجراءات المناوئه لحق الشعب الايراني في اختيار ممثليه، توجّه الرئيس روحاني بخطاب إلى "المرشد" جاء فيه:" إذا كان الهدف أن يحتل طيف واحد مقاعد المجلس، فما هي الضرورة في إجراء الانتخابات. إن أسم المجلس هو بيت الأمة، وليس بيت طيف وتيار واحد، ومن حق الشعب انتخاب أفضل المرشحين. ولا يمكن أن يكتسب أي فرد مشروعية منصبه دون أن يختاره الشعب في انتخابات المجلس القادمة التي ستجري في 26 من شباط القادم". ويستطرد روحاني في خطابه:" كحكومة معتدلة ، فإن قلوبنا مع انتخاب نواب معتدلين... لقد نص القانون الاساسي على أن يكون لليهود وللزرادشتيين والأرمن والآثوريين ممثليهم في مجلس الشورى، ولذا فإن من حق التيار الذي يبلغ أنصاره 7-10  مليون مواطن إيراني أن يكون هناك من يمثله في مجلس الشورى الاسلامي أيضاً. كما يجب اتباع الحياد في الانتخابات القادمة، وأن ندع بيت الأمة يشكل مرآة حقيقية لتركيبة الشعب، وليس بيت لطيف وتيار وحيد. كما يجب أن ندرك بأن الشعب هو صاحب القرار في إدارة البلاد وهو ولي نعمتنا. وإن الشعب هو الذي يمتلك صلاحية حذف هذا المرشح أو ذاك، وأن يختار من يمثله في المجلس القادم..الخ.

إن الضغط الشعبي المتزايد ضد محتكري السلطة في ايران، والخطاب الهام الذي وجهه الرئيس روحاني إلى المرشد ترك أثراً كبيراً، بحيث بادر المرشد بسرعة إلى إعلان انتقاده للتصرفات مجلس الحراسة وإقدامه على رد صلاحية المرشحين من التيار المعتدل. فالمعركة الانتخابية القادمة ستشهد نزالاً حاداً بين أنصار التطرف والاستبداد وبين أنصار الاعتدال واحترام رأي الشعب، هذا الصراع ما هو إلاّ امتداد لللصراع الذي دار ويدور خلال كل مراحل التاريخ الايراني الحديث منذ ثورة المشروطة الديمقراطية في عام 1905 وحتى الآن.

22/1/ 2016

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.