اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الكلام المباح ـ (16)

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوسف أبو الفوز

مقالات اخرى للكاتب

الكلام المباح ـ (16)

أصابع من حجر !

قبيل عقد مؤتمر القمة في بغداد ، سألتني زوجتي : (هل تعتقد ان أعمال ونتائج القمة ستحظى بمتابعة ومشاهدة بمستوى برنامج "محبوب العرب " الغنائي ؟!) ، قادنا السؤال الى نقاش عن أهمية مؤتمر القمة والاحوال المتفجرة في عموم المنطقة وأحوال مختلف شرائح المجتمع التي طالما عانت من التهميش وانتشار الفساد والركود الاقتصاديّ وسوء الأحوال المَعيشية، إضافة إلى التضييق السياسيّ والأمني وعدم نزاهة الانتخابات في معظم البلاد العربية . مع وصول أبو سكينة ، انتقل النقاش الى مستويات اخرى، تخللتها تعليقاته الساخرة وساعده تأخر أبو جليل عن موعد لقائنا فتسيّد الجلسة بدون منازع . لامنا على كوننا إذ ننشغل بالحديث عن اوضاع المنطقة ونستذكر احداث سقوط زعامات عربية ، وننظر بعين الحذر الى سياسات "حلف الناتو" وتصالحه مع حركات الاسلام السياسي في المنطقة ، فأننا نكاد ننسى المصائب التي تدور في وطننا العراق والاحباط الذي يسود نفوس المواطنين و ... ورن جرس الباب فأنقلبت سحنة أبو سكينه وهو يرى أبو جليل قادما وأبتسامته الملغزة تسبقه ! كانت زوجتي، التي فتحت الباب ، تكتم ضحكتها ولم ينتظر أبو جليل كثيرا ، فقال:(سألتها: كم أنتقاد سمعتم من "أبو سكينة" ؟!). الجميع يعرف شغفي بهذين الرجلين ، وحرصي على استمرار علاقتي بهما ، ليس فقط لكونها شخصيات متميزة يضيف حضورهما للجلسات حبورا وحيوية وايضا لكونهما اصحاب مواقف انسانية وتاريخ نظيف في التصدي للحكام الظالمين . ما أن جلس أبو جليل حتى سأل: (أكيد حكيتوا عن القمة العربية ، وأخبار القوى السياسية، شتعتقدون؟) ودار ببصره بيننا ، وكنا ننتظر توضيحا أكثر لنفهم طبيعة سؤاله. فقال أبو سكينة : (يعني قصدك شعورنا كمواطنين وشراح نسوي؟!)، تبادل أبو سكينة وأبو جليل نظرات خاصة ، وهما يبتسمان بشكل غامض ثم راحت أبتسامتهما تتسع وسرعان مع غرقا في ضحكة عميقة عكست عمق الصداقة بينهما!

كانت ايام مظلمة من اواخر سبعينات القرن الماضي ، حين شنت اجهزة النظام المقبور، هجمة بوليسية شرسة على القوى السياسية التي عارضت سياسة التبعيث ، وكان ان داهم ضباع البعث الصدامي فجرا، بيت أبو سكينة ، واعتقلوا ابنه البكر ، الطالب الجامعي، واخذوه بالبيجاما من فراش النوم . ظل أبو سكينة هادئا بشكل غريب جالسا في مكانه يدخن سيجارته بصمت ، مستذكرا مع نفسه ما حصل معه ايام انقلاب 8 شباط 1963. كانت زوجته ، هائجة تدور من زاوية الى اخرى في البيت، تضرب كفيها ببعضهما وتخمش بوجهها وتلطم صدرها مستغربة هدوء زوجها وبرودة أعصابه ، وتردد بشكل هستيري: ( أش أسوي؟) ــ بالعربي الفصيح هذا يعني "ماذا افعل ؟"ــ . التفتت الام المكلومة غاضبة الى زوجها الغارق في صمته وحيرته وافكاره وصاحت به مكررة: (ليش ساكت . قول شيء. ساعدني. قول لي أش أسوي؟) أبتعدت وعادت وصرخت بوجهه : (يا أبو سكينة ؟ قول لي أش أسوي ؟ ). أبو سكينة وهو يغالب مصيبته واصابع من حجر تعصر قلبه ، قال لها بكل برود : ( سوينا شاي !!) .

طريق الشعب العدد 161 الأحد 15 نيسان‏ 2012

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.