اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الناشرون يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية !

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوسف أبو الفوز

مقالات اخرى للكاتب

الناشرون يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية !

عالم الجوائز الادبية ، بدءا من أرفعها شأنا ، وحتى اصغر جائزة تمنحها جمعية خيرية مجهولة ، تتدخل فيها عوامل عديدة ، كثيرا ما تدفع بعامل الابداع لأن يتنحى جانبا ، لتدخل عوامل أخرى يختلط فيها السياسي بألاجندة الحكومية، مرورا بالمصالح الخاصة وليس انتهاء بالعلاقات الخاصة ، والا من غير المعقول ان جائزة مثل البوكر العربية ، في " ابو ظبي " ، لم تنجح أيا من الروايات العراقية التي صدرت خلال السنوات الاخيرة ، ولاسماء لامعة في حرفة الادب ، لان تأخذ مكانها المناسب ، ليس اعني هنا الفوز فقط ، ولكن أيضا ان تكون على الاقل في القائمة القصيرة !

لا يوجد كاتب ، في العالم العربي ، وفي العراق خصوصا، وسط الاجواء الحالية المتلبدة فكريا وسياسيا، لا يطمح لأن تنال روايته اهتماما تساعد على انتشارها وتسويقها ، فكيف اذا كان من ضمن امتيازات الفوز بجائزة البوكر العربية امكانية ترجمتها الى عدد من اللغات العالمية ؟! . دع عنك الامتيازات المالية ، التي ربما يحتاجها الكثير من مبدعينا ، ففي عالمنا العربي نادرا ما تكون الكتابة مصدر معيشة مناسبة للمثقف المبتلي بالركض خلف لقمة العيش في امتهان حرف بعيدة عن عالم الثقافة .

الكاتب العراقي المبدع ، والملتزم ، يقوم عادة بمهمته على اكمل وجه ، بغض النظر عن مستوى منتجه وعمله الابداعي ، فهو يبذل جهده ويقدم عصارة فكره لانتاج عمل يمنحه من وقته ـ ووقت عائلته ـ ويظل لفترة يطرق ابواب الناشرين ، بوسائل مختلفة ـ فيها احيانا الكثير مما يؤلم ـ حتى يستطيع نشر روايته ، ثم يكون محظوظا اذا منّ عليه ناقد او صحفي بمقال عابر اشار فيه الى عمله سلبا أو ايجابا !

ان مهمة تسويق الكتاب وايصاله الى القاريء ، وبالتالي الى النقاد وثم الى منصات الفوز هي مهمة الناشر قبل ان تكون مهمة الكاتب . الكاتب يقوم بمهمته على اكمل وجه عند انتهاء الكتابة ، وعلى الناشر ان يقوم بالمهمة التي تسوق للكتاب ، فبسبب من أليات عمل ناشرينا تكاد تضيع وتموت اعمال مهمة ولا تنال الاهتمام الكافي، عليه وبغض النظر عما اشرنا اليه من عوامل ترافق أليات منح الجوائز، فأن الناشرين يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية فيما يواجه الرواية العراقية من أجحاف ، وانا اتحدث هنا عن الاعمال الروائية الجادة والمتميزة، لكتاب ذو خبرة ودربة في الكتابة .

عن دور الناشر في الاخذ بيد الكتاب ، دعوني اتحدث لكم عن تجربة عايشتها بشكل ما . لا اريد من هذا ان نقفز دفعة واحدة لنكون مثل بلد اوربي متحضر كفنلندا التي اود ان انقل تجربتها ، لكن دعونا نتعرف على تجربتهم . في هلسنكي ، في الخامس من شباط هذا العام ، فازت الكاتبة كاتيا كيتو ، من بين خمسة مرشحين للقائمة القصيرة ، بجائزة رونيبيرغ للأدب ، وهي من ارفع الجوائز الادبية في فنلندا ، عن روايتها "القابلة" الصادرة خريف 2011 ، بالاضافة الى الجائزة المالية ، عشرة الاف يورو ، فأن الرواية الفائزة ستترجم الى اثنا عشر لغة ، وأيضا سينتج عنها فيلم سينمائي فنلندي . في تشرين الثاني 2011 دعيت شخصيا ومعي زوجتي الى حفل توقيع هذا الكتاب ، كانت دار النشر هي من أشترت فستانا جميلا لصديقتنا الكاتبة التي بدت في الحفل مثل عروس ، فأنا اعرفها فقيرة ، فحالها ليس احسن من حالي. في حفل التوقيع الذي نظمه الناشر ودعيت له وسائل الاعلام المختلفة ، صحافة وتلفزيونا ، كانت هناك فرق موسيقية ، وعازفون منفردون ، وقراءات شعرية ووجبة طعام خفيفة للحضور الذي جاء وفق دعوات خاصة . كانت هناك بين الحضور كوكبة متميزة من النقاد الذين حصلوا على نسخهم المجانية من الرواية ، وفي اللقاء المفتوح ، الذي شهده جمهور الحفل ، خاضوا حوارا ساخنا مع الكاتبة ، حول روايتها وعوالمها الفكرية . بعد تلك الامسية الساحرة ولايام ، لم تخل الصحافة الثقافية الفنلندية من مقال عن الرواية ، سلبا او ايجابا . بعد اسابيع من الحفل اعلن ان دار النشر ، وبناء على توصيات من لجان قراءة خاصة لاصداراتها ، اخذت على عاتقها ترشيح اصدارين للجائزة الرفيعة المستوى في البلاد ، ومن ضمنهما كانت رواية "القابلة" . بعد فوز الرواية بدأ برعاية دار النشر مسلسل الاتفاقات لترجمتها الى لغات اوربية مختلفة ، فبلغت حتى كتابة هذه السطور اثنا عشر لغة حية ، ثم نظمت دار النشر لقاءا خاصا بين الكاتبة ومجموعة من شركات الانتاج السينمائية وتابعت عملية الاتفاق لبيع حقوق الانتاج بمفاوضات اخذت اياما للتوصل الى صيغ ترضي الكاتبة.

كيف بعد هذا ، لا يطمح كتاب اخرون للإجتهاد لتقديم اعمال روائية أفضل تنجح في الوصول الى ساحات المنافسة ؟ وكيف لا تتطور الرواية والحياة الثقافية في بلد يمنح الكاتب المبدع حقه وفقا لنشاطه وابداعه ؟

* عن طريق الشعب العدد 158 الثلاثاء 10 نيسان‏ 2012

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.