اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

كلمات في رحيل يوسف ناظر -//- نبيل يونس دمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

نبيل يونس دمان

ـ كاليفورنيا

كلمات في رحيل يوسف ناظر

رحل عنا قبل ايام الاديب، الكاتب، والشاعر المعروف يوسف ناظر، عن عمر تجاوز التسعين عاما قضاها مواكبا المطالعة والتطلع نحو حياة ادبية ثرة في مساهماته وكتاباته التي كانت تزين صحافة المهجر لعقود من الزمن، في الاساس كان منذ ايام الوطن اديبا وقد نال هوية نقابة الصحفيين العراقيين منذ الخمسينات، ففي حفل تأبين الجواهري الكبير في مشيكان عام 1997 وبينما هو يلقي قصيدته العصماء، ابرز هويته الموقعة من رئيس النقابة انذاك محمد مهدي الجواهري.

وصلت اميركا عام 1990 ولم يطل بي المقام كثيرا حتى اصبحت اطلع على ما كان قلمه يسطره في صحافة المهجر، وكنت اسمع انه كان يصدر مجلة الرواد طوال ثمانينات القرن الماضي، وطالما شاهدته امامي وسمعته متحدثا من على منابر الجالية ولن انسى ما كان يرويه بتفاصيل مشوقة عن معرفته وعلاقته بالقومي التلكيفي الكبير المرحوم يوسف مالك، ماثلة امامي كلمته في مهرجان ذكرى الملفان نعوم فائق، وقد قدم شابين الى الجمهور بانهم احفاد يوسف مالك مؤلف كتاب( فواجع الانتداب البريطاني).

عندما وضعت مسودات كتابي( الرئاسة في بلدة القوش) في عام 2001 بدا لي ان تقديمه يكون مشرفاً لو تفضل بكتابته هذا الاديب، فاخذت المسودات معي الى نادي ساوث فيلد مانر، وهناك ولاول مرة اتكلم معه، فقدمت نفسي بتواضع وقلت: هذه اوراقي لو تفضلت بمطالعتها وتنقيحها وبيان صلاحيتها للطبع في كتاب، فلو سار كل شيء على ما يرام ارجو ان تكتب تقديمه للجمهور. لم يتكلم كثيراً بل اخذها معه الى البيت. وانتظرت قلقا وكأنني اديت امتحانا عسيراً امام استاذ صارم، ثم جاءت مخابرته بعد حوالي اسبوع بان كل شيء جاهز بما في ذلك المقدمة، ففرحت كثيرا والى تلك المقدمة التي سطرها اديبنا الراحل يوسف ناظر:

الكتاب بحد ذاته سجل مد وجزر حافل لمعاناة القرى والبلدات المسيحية في شمال الوطن، في لغة سلسة سليمة وسرد مسلسل متواتر الاحداث في حقبات متواصلة من تاريخ البلدة القوش ومن شانه ان يكون موضع درس وتمحيص لجيل المستقبل .. يمكن تقسيم الكتاب على وجه العموم الى اربعة فصول متلازمة:-

1- فصل الرؤساء اي رؤساء البلدة وهو الأهم:

لقد كان هؤلاء الرؤساء بمثابة حكومة محلية تتصف في الغالب بالعدل والحكمة والحزم والشجاعة ودرء الاخطار عن البلدة في الخارج وتمثيلها على الوجه الاكمل لدى السلطات العليا. وبالاختصار كانوا وجها مشرقا يمثل السكان ويعكس مشاربهم وقيمهم واخلاقيتهم ومثلهم الادبية والاجتماعية.

2- فصل رجال الدين:

لا يقل هذا الفصل اهمية وخطورة عن فصل الرؤساء، فلقد كان الشعور الديني والايمان بالقيم المسيحية الروحية العطرة جزءً لا يتجزأ من صميم وجدان القروي المسيحي عبر الاجيال منذ فجر المسيحية في ربوع بيث نهرين اي منذ عهد المبشرين العظام مار توما ومار ماري ورفاقهم الميامين، هذا رغم الانشقاقات الطائفية التي لا تزال آثارها ماثلة للعيان حتى اليوم مع الأسف الشديد. وكان دور الكاهن على مختلف درجاته الكهنوتية، دورا رئيسا في حياة الشعب المسيحي في المنطقة خاصة فيما يتعلق بالرباط العائلي المقدس كما كان كاهن البلدة مرجعا روحيا واجتماعيا لحسم الكثير من المنازعات العائلية والشخصية التي يستعصى حلها على الرؤساء.

3- الفصل الفولكلوري:

وهو الفصل الخاص بالبطولات والمجازفات الشخصية لافراد او مجموعات البلدة ايجابا وفي بعض الاحيان سلبا كمحاولة البعض اعتناق الاسلام مثلا. وهو فصل  شيق استوقفتني فيه اسماء لامعة في ذهني مثل ميخا زراكا، الياس شلي، اسرائيل يعقو تومكا، يونس تيزي، ممو( الحكيم) وغيرهم من الشجعان الميامين الذين كانوا يدا يمنى لوالدي ججو دادا بطل ادنة الذي انتخبوه قائدا لحملتهم الانتقامية من الاتراك الذين كانوا قد قتلوا ابن عمه الشاب زيا ناظر وابن حميه حنا عربو والذي طبقت شهرته الآفاق في كل من تلكيف والقوش وقد اصبحت دارنا بعد عودته من ادنة في مطلع العشرينات من القرن الماضي محجا لقوافل زملائه الألقوشيين هؤلاء، الحاملة للتبوغ والعرق( المحظور رسميا) لتصريفها من دارنا لاهالي تلكيف بما في ذلك من مخاطر.

4- فصل نكبة الاثوريين:

ان القلم يقطر دما عندما يحاول المرء حتى تذكر تلك الحقبة المأساوية الدامية من كفاح هذا الشعب المشرد من صميم ارض اجداده. وموقف القوش البطولي المشرف في حماية من التجأ اليها ايام النكبة موقف تاريخي يعرفه القاصي والداني وهو مغامرة جريئة كاد يذهب ضحيتها اهالي بلدة القوش بأسرهم لولا العناية الربانية، وإذ انك فتحت بابا في مقدمة الكتاب للمعلقين فيحضرني الحادث التالي اسرده للتاريخ والعبرة.

روى ابن عمتي رزوق شمامي المتوفي هنا في العام الماضي والذي كان مأمورا للبريد في دهوك ابان النكبة" تلقى موظفوا الدولة امرا من القائمقام باغلاق دوائرهم والخروج الى مشارف دهوك لمشاهدة مسرحية هامة، وكان الرعب يسود حميع المسيحيين في شمال الوطن، وعند خروجنا شاهدنا، ويا لهول ما شاهدنا، زرافات من الاثوريين ومسيحيي المنطقة بينهم رجال الدين مرصوفين في صفوف متناسقة بمواجهة جنود مسلحين بالبنادق والرشاشات. وما ان التأم جميع( المتفرجين) حتى صدر الامر للجنود باطلاق النار عليهم وسط تصفيق وزغاريد الشامتين فامتلات الساحة في لحظات بالأشلاء البشرية البريئة تشكو الى ربها وحشية الانسان تجاه اخيه الانسان" ( يوسف ناظر8/8/ 2001).

بحوزتي تسجيل صوتي لقصيدة شعر انشدها يوسف ناظر في سان دييغو عام 1987، وكان في ضيافة المحامي الراحل نجيب سيسي، يقول في مقدمة التسجيل: قبل عام ونصف تقرر اقامة امسية كلدانية( عاصرته كلذيثه) فطلب مني المعلم القس( مطران فيما بعد) مار سرهد يوسف جمو ان اكتب شعرا للامسية بالسريانية، فاجبته باني اجيد كتابة الشعر بالعربية، فرد مار سرهد قائلا: الذي يكتب الشعر بامكانه كتابتة حتى بالصينية، وبما اني لا اعرف اللغة الصينية بل اجيد لغة ابائي واجدادي، فكانت لي هذه القصيدة بعنوان: ذلك الكلداني الاول الذي وصل اميركا( أو كلذايه قمايه) وهي قصيدة جميلة وطويلة اقتطف منها بعض الابيات:

كِمْ سَهذيلَن شُلطانِـه         مْمَدِنحا وِل مَعِروه

وعَسكراثَنْ بْدولاثـه         بْيرَقَي قْرمْتَه خْأيوَه

&&&&&&&&&&

إتّي إسَّر صوباثـه         مِليِه مْكُلا صَناثه

مشولَهْ لكْ تورَه أيْنِ         كْسهذيلِ ناشِه دْماثه

&&&&&&&&&&

مَكِرْ يانَه أصلايَه        زوئَه تْكوذنِه وخمارَه

كجيقِنِّه طورَه جْياقـه        وآنَه ركيوَهْ لخَبارَه

&&&&&&&&&&

كُد كْطأنِن ﭙَطيحا        كمْفَرجي يِمَّه وبْراتَه

خَمشاسَر وزنِه تْقيلِه        كمَسْقنّه بّي دَرواثَه

&&&&&&&&&&

في خاتمة المطاف رحل عن دنيانا الى دار البقاء، وعليه ينطبق قول الشاعر:

حكم المنية في البرية جارِ       ما هذه الدنيا بدار قرارِ

اوجّه التعازي والمواساة الى عائلة الاستاذ يوسف ناظر( ابو سعد) والى كل اصدقائه ومحبيه في ارض الوطن والشتات، بالغ الصبر والسلوان لهم جميعاً.

 

كاليفورنيا في 21- 9- 2013


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.