اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

وفي اللّيلةِ الظَّلْماءِ يُفْـتَقَدُ البَدْر// نبيل يونس دمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

اقرأ ايضا للكاتب

وفي اللّيلةِ الظَّلْماءِ يُفْـتَقَدُ البَدْر

نبيل يونس دمان

 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

   

  حقيقةً شَهِدناها للأسفِ في رحيلِ صديقٍ عزيزْ، عَرِفناهُ مِنذُ الصِبا ومراحِلَ الشبابِ وفي بلادِ الغُربةِ، كان من معدنٍ نادرٍ وثمينْ، عَميقٌ في إدراكِه، متعددٌ في مواهبِه، منها نُظمُ الشعرِ وإتقان لغةَ آبائه وأجداده، عمل بدأبٍ ونشاطٍ في شؤون الجالية، والوطن الحبيب، وأولى إهتماماً أكبرَ في قضية قومِه الذي أصبح صغيراً في العدد، نظراً لقساوةِ الزمن، ظل سعيد لصيقاً بتلك القضية وبمصيرِها، وقد شبَّ على ذلك الإهتمام منذ ان كان طالباً في الجامعة التكنلوجية التي تخرج منها مهندساً كهربائياً عام 1976.

     كنتُ في السبعينات اُصيخُ السَمعَ اليه وهو يُغني" يونه دشلاما فيرا، تناشِه دماثا ميرَه، لا قطلوتن يوناثا، ولا جنقي وخماثا. خرسي كل طوبواثه، ومبرتخي كل رمحاثا، دخاهي جنقه وخماثه" انطلقت حمامة السلام، اوصت اهالي القرى:لا تقتلوا الحمام ولا الشباب. لتخرسَ المدافع وتتكسّر الرِماح حتى يعيش الشباب" عندما دار القتال في القوش عام 1973 حيث تعرضت لهجوم كبير فأستبسل ابنائها في الدفاع عنها ولم يَدَعوا المعتدين ينالوا مِنها، شأنُها في كُلّ عادياتِ الزمن، كان سعيد آنذاك في بغداد وقلبَه يرنوا إليها، فأنشد يقول" مْپوخه د ألقوش ميثي يا يونه سامي" ايتها الحمامة هاتِ من هواء القوش حِصتي، ثم يواصل الشاعر" مباقيري گو كيفِد أني گبّارِة وبِشْ كبيرا پكيفِد طفلَح خَضارِه، مپلانِه فِشّگي مِن گارِه لگارِه" بلّغي تحياتي للابطال واخص سلامي الى ذلك الطفل الذي يُوَصّلُ الذخيرةَ من سَطحٍ لسَطح".

     كان يزورُني في جامعة الموصل بإستمرار وعَرّفته على اصدقائي ومنهم الفنان شاهين علي الذي أخذنا الى بيتِه في وادي حجر، وكان سعيد يسوق سيارةً جميلة من نوع رينو الفرنسية، في غمرةِ فرحِنا واهتمامِنا بتلك المنطقة الشعبية التي كانت تعُجّ بالاطفال والناس والحيوانات الداجنة، وفجأةً دهس سعيد بطةً من بَطّ تلك البيوت، فخرج اصحابه يطالبون بالثأر!! هنا تدخل الصديق شاهين وحُلَّ الإشكال بدفعِ ثمنٍ مضاعفٍ لهم، وسعيد مُنذهلٌ من ردّة فِعل هؤلاء البسطاء.

     بعد التخرج في عام 1976 التقينا مُجنّدينِ في الفرقة المدرعة العاشرة بمعسكر الرشيد، وافترقنا بعدها، وفي عقد الثمانينات اصبحنا نتواصل بالمراسلة وانا في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وحتى وصولي الى اميركا فصار اللقاء بيننا دائمياً.

     كان سعيد اجتماعياً الى اقصى الحدود، ونتيجة لذلك اصبح له عشرات الاصدقاء، اخلصَ لهم حتى النهاية ونال احترامهم جميعا وحاليا يتوزع هؤلاء في اقاصي المعمورة، من ارض الوطن، الى اوربا، استراليا، وهنا في الولايات المختلفة. في كاليفورنيا حيث قضى اكثر من نصف عمره، كان في مقدمة الناشطين في الحقلين القومي والوطني، بغض النظر عن تسميةٍ بعينها، يتحرك باتجاه الوحدة، ويمقت صراع التسميات الضار بقضية هذا الشعب المظلوم، وانا معه وغيرنا من المعتدلين كنا نتحاشى ان نسمي قوميتَنا بإسم معين، لئلّا تُثيرُ حَفيظةَ البعض من قُصارى النَظر، هكذا كُنّا نَنظرُ بِأخوةٍ ومحبةٍ الى الجميع، لا نَنفرِدُ ولا ننغلِقُ ولكن للاسف الذي نُقابله يوصِدُ ابوابَه أمامنا او لا يُريد ان يَفهمنا، تلك الامور كانت تؤثرُ على سعيد وحتى وهو في دوّامة مرضِه الخَبيث الذي داهمَهُ قبل ستةِ سنوات، ظلّ هو ذلك المدافعُ الامين عن قومِه ووطنِه.

     اتذكر في عام 2002 تمرض في مشيكان فزرته في مستشفى( وليم بومانت) الذي رقد فيها، كانت معنوياته كالعادة عالية، وابدى تأسفه وخوفه من ان يُداهمه الموت قبل سقوط حاكم بغداد، ولكن القدر امدّه بالعمر الذي رأى وفرح بسقوط أعتى دكتاتورية عرفتها البشرية، ذهب الى بغداد بعد السقوط وشارك في المؤتمر القومي الذي انعقد في بغداد، كما وزار بلدته في نفس تلك الرحلة، وتبقى زيارته الاخيرة ربيع عام 2012 والتي كنت معه الأكثر تأثيراً ووقعاً طيباً في نفسه، في تلك السفرة زرنا دهوك، اربيل، عنكاوا، دوكان والسليمانية، كانت سفرة رائعة في كل المقاييس، استمتعنا في احاديث الناس الذين التقيناهم في الوطن، وأعْجِبنا بكل شيء فيه وكما تركناه منذ عقود من السنين وكان طوالها نُصبَ أعيننا وفي أحلامِنا، كانت تلك بحق بهجَةُ ايامِّنا.

     للاسف اختطفَ الموتُ هذا الصديق من بيننا وسيبقى في بالنا لن ننساه مدى الايام، لقد ترك في رحيله إسما متألقاً، ومكتبة زاخرة بالكتبِ، واشعاراً دخلتْ العديد من نصوصِها في اغاني المطربين، وترك ايضا عائلةً محترمة: من زوجة، بنت، حفيدتين، وولدين احسن في تربيتهم، وانا اشبههم بشبلي أسَدْ او جناحي نِسرْ، لا اطيلُ فيهم الكلام، لانَّ امامَهُم الكثيرُ ليختطوا طريقهم في الحياة نحو ذُرى المستقبلِ السعيد، واثقٌ كل الثقة انهم سيبلغون ما يصبونَ اليه، يُطورّوا ما بدأهُ والدُهم، ويُحققوا ما لم يسعِفَه الزمنُ في تحقيقِه.

 اختتمُ كلمتي ببيتِ شعرٍ لأبي فراس الحمداني هو لسانُ حال الفقيد الغالي:

سَـيَذْكُرُني قومي إذا جَدَّ جِدُّهُمْ .......... وفي اللّيلةِ الظَّلْماءِ يُفْتَقَدُ البَدْرُ

 

                        پوش بشلامه خوره دزونه

مِن زْونِه وشِنِّه بْنيلَن خوروثَه         آنا وأث مْسَقْلَه بْهونَه ورَبوثَه    

گو كَشّيروثَه وْرخَشْتَه بنيخوثَه         مْطيلِه لْمَدْ بئيلِه ولا پسانيوثَه

پْرقْلِه أَثْ طاوَه پْريشَه پْصِبيوثَه        كْليلِه لْتَنيثِحْ وِلْ خَرَيوثَه

لَزِلَّهْ مْبالِحْ أُمْثَنايوثَه                   وأثْرَدْبيثْ نَهرِن دْماطِه لْحيروثَه

أثْ مَرَه ثيلِه مْقُرصْفَه ويلِه            شُعباذَه مِنِّحْ ما قَدَّه غْزيلِه

مْنَهْواثَه دِيِّحْ وِلْ كْيپَه پْخيلِه           گو كْيوِحْ ومَرِحْ ليثْ خا دْلَ شْميله   

زلِّه بشلاما خورَه دناشوثه            دوكِح بِتهويَه پَلْگه دمَلكوثَه

وإن پَغْرِحْ لوِشلَه أُپرِدْ گالوثَه          گيانِحْ بِدْ فيرَه لْدوكَه دْزوروثَه

كلمات ألقيت في سان دييغو بكاليفورنيا، يوم الاربعاء المصادف 9 تشرين اول 2013، على قبر الصديق الراحل والمهندس الشاعر سعيد يوسف سيبو.

 

 

U.S.A Nov. 14, 2013

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.